صدامات الصحافة والكنيسة.. ماذا بين «صاحبة الجلالة» والكاتدرائية؟
السبت، 13 يونيو 2020 04:55 م
يظل الصحفي المكلف بتغطية الملف القبطى كالسائر على الأشواك، نظرا لحساسية الملف الدينى بصفة عامة، وليس المسيحي فقط، فهو يسير بالفعل فى حقل الغام!
ربما لا يعلم البعض أن المتنيح البابا شنودة "مثلث الرحمات" كان عضوا بنقابة الصحفيين المصرية، وكان يحمل كارنيه النقابة، وتقديرا لمكانته كانت النقابة تشكل كل عام وفدا للذهاب إلى قداسته بمقر الكاتدرائية بالعباسية لتسليمه الكارنيه الجديد.
وبالرغم من تقدير قداسة البابا الراحل لدور الصحافة وحبه لها وشغفه بها إلا أنه دائما ما كان يثار العديد من الخلافات التى قد تصل أحيانا إلى درجة الصدام بين الكنيسة ،وإن لم تظهر بشكل مباشرة، فالصدامات كانت دائما ما تندلع بين أقطاب بالكنيسة، وبعض الصحفيين، والمفارقة أن غالبية صحفيين الملف القبطى من الزملاء الصحفيين الأقباط، فنادرا ما تجد صحفى غير قبطى مهتم بهذا الملف، ربما لكونه ملف متخصص ،وعند تناوله يصطدم غير القبطى بمصطلحات دينية، وعبارات تتطلب منه جهدا خرافيا كى يفهمها فيذهب الزميل الصحفى إلى الكتابة عن موضوعات أخرى بعيدا عن تعقيدات وتشابكات الملفات الكنسية.
عقب تفجر الأزمة غيرت روزاليوسف غلافها مثار الجدل ليتضمن الغلاف الجديد صورة محمد بديع مرشد الإخوان فقط وعليها عبارة "الجهل المقدس.. وصايا حمل السلاح من تنظيم الإرهاب الدولي.. ٥ أهداف إخوانية لصناعة قنابل بشرية".
غلاف روزاليوسف الجديد بعد تغييره
وأشاد "سريا" بمواقف البابا شنودة خصوصا رفض سفر المسيحيين للقدس للصلاة وتأكيده أنه لن يدخلها مسيحي إلا مع أخيه المسلم ، وأنتقد ما اسماه وجود "مؤامرات خارجية وبقايا قبلية دينية لاتزال تعمل بيننا, تشعل فتيل الأزمات كلما أصابها الرشاد والعقل" ووصف مقالة عبد الناصر سلامه بأن "كلماتها حملت تجاوزات جاءت من باب الاجتهاد والخوف أن تتكرر الأخطاء وتشتعل الأزمات ".
وتابعت أن باباوات الكنيسة ضربوا دوما المثل في الولاء للوطن سواء برفض الحماية الأجنبية مثل البابا بطرس الجاولي أو مدرسة حب الوطن التي رسخ دعائمها البابا شنودة الثالث أو إعلاء مصلحة الوطن مثل البابا تواضروس الثاني، ففي الوقت الذي ارتعشت فيه الأيدي وساد الخوف، امتلكت الكنيسة شجاعة القرار ممثلة في البابا تواضروس بمشاركته دون تردد في خارطة الطريق في لحظة فارقة في تاريخ مصر وهو يعلم أنه سيدفع ثمناً غالياً إزاء هذا الموقف، وحتي بعد تدمير أكثر من 65 كنيسة أخذ قداسة البابا قراراً أكثر شجاعة بإعلاء مصلحة الوطن ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقرأ توجهات وتحركات وتصرفات الكنيسة القبطية، ونأخذ هنا علي سبيل المثال الذهاب إلى القدس، لماذا ذهب قداسة البابا تواضروس الثاني.
المستشار الحقوقى نجيب جبرائيل كتب عن الأزمة الأخيرة التى اندلعت بين روز اليوسف التاريخ الأسود لـ"روزاليوسف" ضد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مقالا نشره موقع " أقباط متحدون" بعنوان "التاريخ الأسود لروز اليوسف ضد الكنيسة القبطية الارثوذكسية".
استعرض "جبرائيل" ما وصفه بجزء من كراهية "روز اليوسف" للأقباط وخاصة مثلث الطوبي البابا شنودة الثالث خاصة رئيسها أحمد باشا فقد حاولت أن تزرع الفتنه والوقيعه بين أساقفة المجمع المقدس حسب قوله.
قال "جبرائيل":" فى 2- 7-2011 كانت المجلة تهاجم البابا شنودة وتصفه بالمتخاذل لأنه لم يأخذ موقفا من القمص مرقص عزيز الخاين علي حد وصفها المشين وكذا أقباط المهجر الذين يستقوون بأمريكا".
نجيب جبرائيل
وأيضا موقفه من القمص زكريا بطرس وفي مقال آخر هجوم بشع علي مثلث الطوبي الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقداس آنذاك ونعته بانه يهاجم البورستانت وانه رجل الخلافات مع المطارنة والأساقفة.
وفي مقال بتاريخ 16-6-2018 كتبت روز اليوسف تهاجم البابا شنوده المتنيح في ذكري نياحة أبونا متي المسكين وأن البابا كان يصفه بالهرطوقي وأنه خاين.
وفي مقال أخر كتبت المجله تهاجم المسيحيين وتقول لا يوجد في الكتاب المقدسات إبن الطاعه تحل عليه البركة وأن الطاعه تكون لله فقط وفي مقال آخر تهاجم فيه الكنيسه القبطيه تصفها بالتكفير في مصر.
تابع " جبرائيل" وفي مقال آخر تصف الأنبا بيشوي بانه رجل الكنيسة الذي أثار عداوة الجميع، كما هاجمت المجلة موقف البابا من تحريمه للزواج الثاني وإنه لا طلاق إلا لعلة الزنا".
يقول المستشار الحقوقى:" لم يسلم نجيب جبراييل من مقال كتبه أحمد باشا الرئيس الحالي للمجلة وكان آنذاك محر عند دفاع جبراييل عن الأقباط أيام عهد مبارك حيث قال إن جبراييل يريد أن يستقوي بأمريكا وسوف نواليكم بموقف عداء روز اليوسف للكنيسه القبطية ليس اليوم ولا أمس وإنما منذ زمن طويل".
أما زمن المتنيح الأنبا بيشوى فقد اندلعت العديد من المعارك الصحفية كان طرفها سكرتير المجمع المقدس الراحل والتى لم يشارك فيها بشكل مباشر.
المفكر العلمانى كمال زاخر كان قد تقدم بدعوى قضائية ضد الأنبا بيشوى بتهمة السب والقذف، بعد تصريحات طعن في عقيدته واتهامه بمعاداة المسيحية وفق قوله.
يذكر أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كانت قد أبدت استنكارها الشديد، لما أسمته تطاول من إحدى المجلات القومية المملوكة للدولة - روز اليوسف- على الكنيسة الوطنية في شخص أحد أساقفتها ووضع صورته على غلافها أسوة بصورة أحد خائني الوطن وفق بيان لها.
وقالت الكنيسة في البيان الذى نشر على حسابها الرسمي بموقع "فيسبوك": "لا يعتبر هذا تحت مجال حرية التعبير، بل هو إساءة بالغة وتجاوز يجب أن لا يمر، دون حساب من الجهة المسؤولة عن هذه المجلة، كما أن مثل هذه الأفعال غير المسؤولة ستجرح السلام المجتمعي في وقت نحتاج فيه للتعاون والتكاتف في ظل الظروف الراهنة".
واختتم بيان الكنيسة: "تنتظر الكنيسة، رد الاعتبار الكامل مع احتفاظها بالحق القانوني، في مقاضاة المسؤول عن ذلك".
كما أعلن القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الكنيسة ستخاطب نقابة الصحفيين والهيئة الوطنية للصحافة، بخصوص واقعه غلاف إحدى المجلات القومية والتي وضعت أحد الأساقفة أسوة بصورة أحد خائني الوطن.
من جانبها قررت الهيئة الوطنية للصحافة إحالة رئيس تحرير مجلة روزاليوسف للتحقيق، بسبب ما تضمنه غلاف العدد الأخير للمجلة من إساءة للكنيسة، ووقف المحرر المسؤول عن الملف القبطي إلى حين الانتهاء من التحقيقات.
وقررت الهيئة تقديم اعتذار للكنيسة، وأن تقوم المجلة في العدد القادم بالاعتذار عن الإساءة، في ظل العلاقات الطيبة التي تربط الهيئة والصحافة والإعلام بقداسة البابا والأخوة الأقباط، وحفاظا على التاريخ العريق لمجلة روزاليوسف في الدفاع عن قضايا الوحدة الوطنية، وفتح صفحاتها وقلبها وعقلها منذ نشأتها لشركاء الوطن.
فيما قال البعض تعليقا على الأزمة عبر وسائل التواصل الإجتماعى أنها مفتعلة فتعبير "الجهل المقدس" ليس بجديد، فهو عنوان كتاب للباحث "أوليفيه روا" يشرح خلاله كيف تفسر النصوص المقدسة علي نحو يضر بالإنسانية، فرفض منع طقس التناول أو "الماستير ينشر عدوي كورونا فالبابا تواضروس رفض استمرار هذا الطقس إلا أن بعض الكهنة ضربوا عرض الحائط بتعليمات البابا فالسؤال الذى يظل مطروحا للمناقشة هو " هل تتربص صاحبة الجلالة بالكائدرائية؟".