أوهام أردوغان تتبخر.. اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين إيطاليا واليونان تقطع الطريق أمام تركيا
الخميس، 11 يونيو 2020 09:00 ص
خطوة مهمة قامت بها إيطاليا واليونان غيرت الخريطة في منطقة البحر المتوسط وتسببت في ضياع حلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن قاما بالتوقيع على اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما وهو ما سيكون لها تداعيات هامة على منطقة شرق البحر المتوسط، التي يسعى أردوغان للسيطرة عليها بالقوة طمعا في حقول النفط والغاز.
ويشمل الاتفاق بين الدولتين أن يكون للجزر اليونانية في البحر المتوسط مناطق اقتصادية خالصة، وهذا يعني قطع الطريق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي حاول ابتلاع مناطق هذه الجزر في الاتفاق الذي أبرمه مع رئيس حكومة الوفاق في طرابلس الليبية فائز السراج، في نوفمبر 2019، لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة تمتد من ساحل تركيا الجنوبي على المتوسط إلى الساحل الشمالي الشرقي الليبي.
هذا الاتفاق يكتسب أهمية بالنسبة إلى أثينا التي تواجه أنقرة الطامعة في حقول النفط بالمنطقة، وخصوصاً حق قبرص في القيام بأي عملية استكشاف للموارد النفطية في المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية.
الجدير بالكر أن أنقرة تقوم منذ العام الماضي بعرض قوة عبر إرسالها سفن تنقيب إلى المياه القبرصية، رغم تحذيرات واشنطن والاتحاد الأوروبي ومصر.
من ناحيته قال أيمن سلامة الخبير في القانون الدولي إن "الاتفاقية بين الجديدة قطعت الطريق على تركيا في شرق البحر المتوسط، لأن هذه الاتفاقية تؤكد يونانية الجزر في المناطق البحرية التي تخضع لسيادة اليونان"، بحسب "سكاي نيوز عربية".
كما تعد الاتفاقية رد فعل حاسم من جانب الدولتين على "الاتفاق الشاذ والغريب الذي لا يستند إلى أسس قانونية بين تركيا وحكومة السراج في ليبيا".
وأضاف أن الاتفافية المزعومة بين أردوغان والسراج لم تقرها دولة في المتوسط ولا الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة ولا منتدى الغاز في البحر المتوسط".
وقال وزير الخارجية اليوناني في تصريحات صحفية إن الاتفاقية المبرمة مع إيطاليا التزمت بمبادئ القانون الدولي للبحار واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي أبرمت عام 1982.
ولم تنضم إلى هذه الاتفاقية الدولية كل من إسرائيل أو تركيا أو سوريا، وهي دول تطل على دول حوض شرق المتوسط، بحسب سلامة.
وأضاف سلامة: "بات أردوغان يفكر مرتين قبل أن يقدم على أي مغامرة جديدة في شرق المتوسط، بعد الواقع القانوني والمادي الذي تمثل في إحدى صوره بالاتفاقية الجديدة بين إيطاليا واليونان".
وأشار إلى أن أردوغان"الذي أخذ دول شرق متوسط على حين غرة في نوفمبر، بات في مأزق لم يستطيع مجرد التعقيب عليه فورا".
كما أكد الأكاديمي اليوناني كليانثيس كيرياكيديس الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالإمارات، في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، ن هناك تداعيات سياسية كبيرة للاتفاقية، ولا سيما التوقيت.
وأوضح أن الاتفاقية تظهر أن أثينا تبني علاقات تعاون بين دول البحر المتوسط التي تحترم الوضع الراهن والقانون الدولي، كما تبني علاقات مع الدول التي تدين السلوك التركي في شرق المتوسط، مثل مصر وقبرص وفرنسا وإسرائيل.
ولفت إلى أن الخطوة الجديدة أضافت دولة جديدة إلى القائمة وهي إيطاليا، التي تكتسب أهمية كبيرة لكونها قريبة من ليبيا، مشيرا إلى "أهمية التصدي للسلوك العدواني التركي في المنطقة، الذي لا يشمل النفط والغاز في المتوسط فحسب، بل يمتد إلى دعم جماعات إرهابية مثل تنظيم الإخوان والتدخلات العسكرية في سوريا وليبيا، وهو الأمر الذي يجب التعامل معه".
ورأى كيرياكيديس أن الاتفاقية اليونانية الإيطالية تبعث رسالة مفادها أن السياسات غير المسؤولة وغير المنطقية والتعسفية لم يتم التسامح معها من جانب تحالف يضم دولا قوية.
ولفت إلى أن "الاتفاقية تسعى لكبح جماح أنقرة، التي أصبحت عدوانية في عهد أدوغان المتغطرس بشكل متزايد"، مشيرا إلى سلوك تركيا التي تحاول في السنوات الأخيرة إلغاء معاهدات دولية وتوسعت بشكل علني في تدخلاتها العسكرية، ودعمت جماعات إرهابية.
وقال إنه "من الواضح أن تركيا تحاول الابتزاز والتهديد أو حتى استخدام القوة بأن تصبح القوة الإقليمية المهيمنة في الشرق الأوسط، فهذا حلم أردوغان".
ورأى الأكاديمي اليوناني أن هناك حاجة إلى رد فعل منظم من الدول التي تعارض سياسة أردوغان، "فهو السبيل لعزلة تركيا.
ووصف يرياكيديس الاتفاق المبرم بين أردوغان والسراج بالغير قانوني الذي تجاهل اليونان، وحاول عمليا سرقة مواردها من خلال اغتصاب المنطقة الاقتصادية الخاصة بها، بما يشكل تهديدا مباشرا للسيادة اليونانية، وذلك بتجريد جزر كبيرة من حقوقها، مثل جزيرة كريت (خامس أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط).
وتابع : "من الواضح أن اليونان والمجتمع الدولي لن يقبلوا باتفاقية السراج وأردوغان".
ويعتبر سلامة أن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين إيطاليا واليونان هي ولادة لمخاض عسير دام 4 عقود من المفاوضات والمشاورات الفنية لم تفلح في تحقيق نتيجة إلا اليوم، مشيرا إلي أن أهمية تعيين الحدود البحرية بين الدول تكمن في تحديد الخط الفاصل بين سيادة الدول المتجاورة، سواء أكانت دول متقابلة مثل مصر وقبرص أو دول متجاورة جوار ساحلي مثل ليبيا ومصر.
وقال إن اتفاقيات تعيين الحدود البحرية تحدد أيضا وتؤطر المسؤوليات المختلفة لحماية السيادة والمصلحة الوطنية من النواحي السياسية والاقتصادية وغيرها، مثل تحديد المناطق التي يمكن فيها لكل دول من التنقيب عن الغاز والبترول والثروات الطبيعية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.