متي بدأت مصر الاقتراض من صندوق النقد الدولي؟ وما هي أدوات الاستدانة؟
الإثنين، 08 يونيو 2020 03:00 صهبة جعفر
عقدت مصر مؤخرا اتفاقتين جدد مع صندوق النقد الدولي من أجل السيطرة على الأوضاع الاقتصادية بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وتسبب فى إهدار الكثير من الأموال وتهديد الاقتصادات الدولية وتراجع المؤشرات.
وخلال الثلاث سنوات الماضية تمكنت مصر من تحقيق معدلات نمو واستقرار اقتصادي ظهرت نتائجه خلال نهاية عام 2019، حتى حلت أزمة كورونا وتسببت في تراجع بعض المؤشرات ليس بمصر فحسب ولكن بالعالم، ما دفع الدولة إلى تسخير كافة جهودها من أجل الحفاظ على المكتسبات، وأيضا تحقيق التوازن بالحفاظ على صحة المواطنين من انتشار الوباء العالمي.. ونرصد من خلال هذا التقرير أبرز مراحل التعاون بين الصندوق ومصر وطرق الاستدانة.
في البداية، يقول الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي: أولا لا يمكن أن نقيس أي مرحلة سابقة على الفترة والأزمة الحالية، فمصر لها تجربة ناجحة مع الصندوق خلال 2016، لكن المرحلة الحالية ليست برنامج شامل لكنه تمويل من حصة القاهرة لعبور هذه الأزمة، ومصادر التمويل كثرة منها القروض ومنها السندات وغيرها،ومؤخرا الحكومة قلصت الكميات المقبولة من عطاءات الأذون والسندات على الخزانة العامة، المصدرة بالعملة المحلية حتى نهاية العام المالي الحالي 2019/ 2020، وهو إجراء من وزارة المالية لإدارة والتعامل مع العطاءات واذون وسندات الخزانة المصدرة لسد عجز الموازنة العامة للدولة وليس لها ميزات أو عيوب فهو أسلوب إدارة لكيفية الطرح الخاص بالسندات والاذون المقومة بالعمل المحلية.
ويضيف الخبير الاقتصادى، أنه إن كان الهدف منه تنويع مصادر التمويل لتخفيض تكلفة الاقتراض، بمعني أن هناك اتجاه لتقليل الاستدانة الداخلية والاعتماد بصورة أوسع على طرق استدانة أقل في تكلفتها من الاستدانة من السوق المحلية ومن ثم اللجوء إلى الاستدانة من خلال طروحات سندات مقومة بالعملات الأجنبية لتوفير احتياجات الموازنة العامة وسد العجز المزمن فيها، وهذا يفسر لنا الاتجاه للحصول على 2.7 مليار دولار من صندوق النقد الدولى الذى يُمثل قيمة التمويل الائتماني السريع الممنوح للحكومة المصرية، ثم قرض آخر 5.2 مليار دولار، بما يُترجم إشادة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية والمالية المصرية المتبعة، وبما انعكس على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى، وهو ما يعكس ثقة المؤسسات المالية فى قدرة مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية رغم التداعيات السلبية لأزمة تفشى فيروس كورونا المستجد.
ويستطرد قائلا: التمويل الجديد فى احتواء الأثر الاقتصادى والمالى لجائحة كورونا، والتى تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية.وحزمة التمويل المالية الجديدة تدعم جهود الدولة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد ولمساعدة الاقتصاد المصرى فى الحفاظ على مكتسبات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى رفع معدلات النمو إلى 5.5%، وخفض معدل البطالة إلى 7.5%، ولابد التأكيد على أنه لا يمكن قياس اثر إجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا الآن، فنحن لا نزال في الآزمة وربما نجد ظهور قرارات أخري خلال الفترة المقبلة، فنتائج هذه الخطوات لن تظر الآن بأي حال من الأحوال، فالاقتصاد لا يقاس بالاسابيع، الأمر يحتاج الي شهور ربما في نهاية 2020، فاجراءات وزارة المالية وقرارات الحكومة ستظهر لاحقا.
لكن السؤال الأهم هو ما هذه الآثار التي يمكن أن تظهر، كلها إجراءات تهدف لمواجهة التداعيات وعلي رأسها عدم الاستغناء عن العمالة وحتى الآن هذه خطوة ناجحة، ثانيا خفض الفائدة هدفه دفع الأنشطة والاستثمارات لكن هذه الخطوة تحتاج شهور طويلة وليس أسابيع.
ربما نجد الفترة القادمة إجراءات تقشفية بالحد أو خفض الإنفاق الحكومي، عبر وزارة المالية التي تمتلك كافة الأرقام الخاصة بالانفاق العام ومن خلال الدراسات المتاحة لديها يمكن تقديم رؤية لمجلس الوزراء لسبل وطرق التقشف، خطط التقشف قد يعقبها أيضا طلب مصر مساندة جديدة من مؤسسات التمويل الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، ومحاولة لدعم قوة الاقتصاد المصرى لمواجهة تداعيات الفيروس واستمرار عجلة الإنتاج.
وفي 1945 انضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولى، والذي تأسيس بموجب معاهدة دولية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي، كمنظمة تابعة للأمم المتحدة، ليضم في عضويته 188 بلدا، وجاء أول تعاون مع الصندوق في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952، عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، استهداف مصر بناء السد العالي، حيث قامت مصر بالتفاوض مع رئيس الصندوق “يوجين بلاك”، وانتهت المفاوضات بإعلان الصندوق الموافقة على تمويل مشروع السد العالي مناصفة مع أنجلترا وأمريكا، إلا أن الموافقة كانت مرهونة بشروط تعجيزية لمصر، وهو ما قوبل بالرفض.
وفي حكومة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بدات الدولة مفاوضاتمع الصندوق عام 1987-1988، للحصول علي قرض بقيمة 185.7 مليون دولار، وذلك من أجل حل مشكلة الديون الخارجية المتأخرة ووقف زيادة التضخم، حيث حصلت مصر في 15 مايو 1987 على موافقة صندوق النقد الدولي على تمويل بنحو 250 مليون وحدة حقوق سحب، تم سحب نحو 116 مليون وحدة من قبل مصر، وفى حكومة الرئيس الراحل حسني مبارك اقترضت الحكومة وقتها 375.2 مليون دولار، ونجحت الحكومة من خلال هذه القرض في عمل إصلاح اقتصادي، حيث قامت بتحرير سعر الصرف وفتح الباب لمشاركة القطاع الخاص.
وعاودت الحكومة طلب الاقتراض مرة أخرى من الصندوق في عهد مبارك من خلال الحصول علي قرض بقيمة 434.4 مليون دولار، ولكن لم تقم بسحب قيمة القرض واعتبر لاغيا، حيث حصلت على اتفاق تمويل بنحو 400 مليون وحدة حقوق سحب في عام 1993 وبالتحديد شهر سبتمبر، إلا أن الحكومة المصرية لم تتجه إلى استخدام التمويل، كما قامت في أكتوبر من عام 1996 بالحصول على موافقة الصندوق لتمويل بنحو 271.4 مليون وحدة حقوق سحب لم تنفذ أيضا.
وفي نوفمبر 2016 وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على تقديم مساعدة مالية لمصر من خلال اتفاق للاستفادة من «تسهيل الصندوق الممدد» (EFF) بقيمة 12 مليار دولار، وتضمن الاتفاق 5 مراجعات لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كان أولها في 13 يوليو 2017، ثم المراجعة الثانية في 20 ديسمبر 2017، والمراجعة الثالثة في 29 يونيو 2018، والمراجعة الرابعة في 4 فبراير 2019، والمراجعة الخامسة والأخيرة في 24 يوليو 2019.
وفي 2020 حصلت مصر في نهاية شهر أبريل على تمويل بقيمة 2.77 مليار دولار بواسطة أداة التمويل السريع لتخفيف الأعباء الناتجة عن كورونا وتمويل ميزان المدفوعات من خلال القرض علي أن يتم سداده على مدار عام كما حصلت في بدايات الشهر الجاري على موافقة بالحصول على قرض أخري بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة 12شهرا لاستمرار عملية الإصلاح الاقتصادي.