«هيدروكسي» عقار أدار العالم له ظهره.. ومصر تكسب رهان «الدواء السحري»
السبت، 06 يونيو 2020 08:00 ممحمد فزاع
يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان محقًا في الدفاع المستميت عن استخدام العقار الخاص بعلاج الملاريا لمواجهة فيروس كورونا المستجد، على الرغم من التحذيرات الطبية في استخدامه الفترة الماضية.
وقال ترامب للصحفيين، خلال زيارته للكونجرس الأمريكي، مايو الماضي، إنه يعتقد أن عقار هيدروكسي كلوروكين «يعطيك مستوى إضافيا من الأمان»، موضحا أنه «سيتعين على الناس أن يتخذوا قرارهم بأنفسهم».
في 29 مايو ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حالة «ممتازة» بعد تناوله دواء هيدروكسي كلوروكين، المضاد للملاريا، كإجراء وقائي لحماية نفسه من فيروس كورونا.
وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كيلي ماكيناني، في مؤتمر صحفي «عندما سألته حول هذا الأمر، وأخبرني بأنه يشعر في حالة جيدة جدا وممتازة بعد تناول هذا الدواء»، مضيفة أن ترامب سيعود إلى تناول العقار حال اعتباره أنه كان على اتصال مع شخص مصاب بفيروس كورونا، وقد يتعرض له.
وأجرى أطباء تجارب عدة في محاولة لإيجاد علاج لفيروس كورونا الغامض، فأصبحت الصحة العالمية والمؤسسات الطبية في العالم تغير من نتائجها بين ليلة وضحاها، وبعد أن أوقفت منظمة الصحة العالمية استخدام عقار هيدروكسي كلوروكين بسبب ما أسمته «يضر الصحة» أعلنت أمس معادوته تجاربها عليه من جديد.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها ستستأنف التجارب السريرية المتعلقة بعقار الملاريا، الهيدروكسي كلوروكين، كعلاج لفيروس كورونا بعد 9 أيام على تعليقها لاستخدامه بعد دراسة نشرتها مجلة «ذي لانسيت» الطبية العريقة.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها ستستأنف التجارب السريرية المتعلقة بعقار الملاريا، الهيدروكسي كلوروكين، كعلاج لفيروس كورونا بعد 9 أيام على تعليقها لاستخدامه بعد دراسة نشرتها مجلة «ذي لانسيت» الطبية العريقة.
ارتباك ذي لانسيت
وفي دراسة نشرتها مجلة «ذي لانسيت» العريقة أوضحت أنها تنأى بنفسها عن دراسة نشرتها عن عقار الهيدروكسي كلوروكين ومرض كوفيد-19 بعد أن تعرضت لانتقادات كثيرة، مضيفة في تنبيه رسمي بأن «أسئلة علمية كثيرة» تحيط بها.
وحرصت مجلة «ذي لانسيت» على تحذير القراء من أنه تم لفت انتباهها إلى تساؤلات علمية جدية بشأن هذه الدراسة، حيث خلصت إلى أن الهيدروكسي كلوروكين غير مفيد لمرضى كوفيد-19 الذين أدخلوا المستشفيات لا بل قد يكون مضرًا.
وبسبب الدراسة التي لاقت صدى عالميًا وعواقب لافتة، دفعت منظمة الصحة العالمية إلى تعليق التجارب السريرية على الهيدروكسي كلوروكين في مكافحة كوفيد-19، وكذلك قررت فرنسا حظر هذا العلاج.
ونشرت الدراسة في 22 مايو في مجلة «ذي لانسيت» وهي تستند إلى بيانات من 96 ألف مريض ادخلوا المستشفى بين ديسمبر وأبريل في 671 مستشفى، وهي قارنت بين حالة الذين تلقوا العلاج بوضع المرضى الذين لم يحصلوا عليه.
وبعد نشر الدراسة، أعرب الكثير من الباحثين عن شكوكهم حيالها من بينهم علماء يشككون في الأساس بفعالية الهيدروكسي كلوروكين في مكافحة كوفيد-19.
وفي رسالة مفتوحة نشرت في 28 مايو، شدد عشرات العلماء من أنحاء العالم على أن التحليل الدقيق لدراسة «ذي لانسيت» يثير «قلقا مرتبطا بالمنهجية المعتمدة وصدقية البيانات».
ووضع هؤلاء قائمة طويلة بالنقاط التي تطرح مشكلات، من التفاوت في الجرعات المعطاة في بعض الدول إلى مسائل أخلاقية حول جمع البيانات مرورا برفض الكشف عن البيانات الخام.
وهذه البيانات صادرة عن «سورجيسفير» التي تقدم نفسها على أنها شركة تحليل للبيانات الصحية مقرها في الولايات المتحدة.
وقال الأستاذ الجامعي ستيفن إيفانز، من كلية لندن للطب المداري: «تحوم شكوك حول مصداقية دراسة ذي لانسيت، ويبدو أن الكثير من صناع القرار السياسيين اعتمدوا كثيرا على هذه الدراسة».
وقبل الجدل بشأن هذه الدراسة، كانت أعمال أخرى على نطاق أضيق توصلت إلى النتيجة نفسها من دون أن تتعرض المنهجية المعتمدة في إطارها لانتقادات.
وقد تعرضت دراسة «ذي لانسيت» أيضا لحملة لاذعة من المدافعين عن الهيدروكسي كلوروكين في مقدم هؤلاء الباحث الفرنسي دييديه راولت.
وقد غرد هذا الخبير قائلا: «القصر الورقي ينهار» في إشارة إلى التحذير الصادر عن «ذي لانسيت» في ما سبق له أن وصف الدراسة على أنها فاشلة.
مصر وموقفها من العلاج
وبدورها اطلعت اللجنة العلمية لفيروس كورونا، على بيان منظمة الصحة العالمية والذي أعلنت فيه تعليق استخدام دواء الهيدروكسي كلوروكين في علاج فيروس كورونا، وذلك حتى التأكد من آثاره عند الاستخدام كعلاج للفيروس، استنادًا لنصيحة لجنة التوجيه المؤلفة من خبراء مستقلين والذين سيقومون بالنظر في البيانات الواردة في أثاره.
لكن في أواخر مايو ذكر رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة المصرية، حسام حسني، أن السلطات الصحية قررت إبقاء بروتوكول علاج المصابين بالمرض بدواء هيدروكسي كلوروكين، موضحا أنه تم الإبقاء على استخدام العقار، و«لم نسر خلف الدول التي أزالت هذا الدواء من بروتوكول العلاج».
وتابع حسني موضحا: «هيدروكسي كلوروكين دواء أثبت فعاليته في معظم الحالات المصابة بفيروس كورونا، وخلال أسبوع من الآن ستعود دول العالم لاستخدامه مجددا، وهذا الدواء فعال ويعطي نتائج مبشرة ولكن لا بد من استخدامه مبكرا عند بداية أعراض فيروس كورونا».
وذكر المسؤول الصحي: "الدراسات الطبية التي نجريها أثبتت فعالية هيدروكسي كلوروكين في علاج الحالات البسيطة والمتوسطة"، مضيفا: «نخالف تعليمات منظمة الصحة العالمية ونستخدم هذا الدواء لأن فعاليته عالية».
مواصلة التجارب عالميًا
وفي تأكيد لما نفذته مصر، أكد المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنه بعد تحليل «البيانات المتوافرة بشأن الوفيات»، رأى أعضاء لجنة السلامة والمتابعة في المنظمة «عدم وجود أي سبب لتعديل بروتوكول» التجارب السريرية للعقار.
وأضاف أن المجموعة التنفيذية لتجربة العقار والتي يطلق عليها اسم «تضامن» وتمثل الدول المشاركة تلقت هذه التوصية وأقرت مواصلة التجارب بكل أبعادها بما في ذلك الهيدروكسي كلوروكين، على ما أضاف المدير العام.
وبعد نشر دراسة بحثية تقول إن عقار هيدروكسي كلوروكين، الذي يستخدم في علاج الملاريا، يزيد من احتمال الوفاة عند تناوله لعلاج فيروس كورونا، خروجت بعض المخاوف بشأن دقة بيانات الدراسة ودفعت باحثين إلى سحبها.
وقال ثلاثة من الباحثين القائمين على الدراسة إنه لم يعد في مقدورهم الدفاع عن دقتها، لأن شركة سيرجيسفير التي تقف وراء بيانات الدراسة، لم تسمح بعمل مراجعة مستقلة لتلك البيانات.