هشام السروجي يكتب: كيف أدار الإخوان التنظيمات في سيناء؟ (١-٤)
الجمعة، 08 مايو 2020 09:51 م
منذ اللحظات الأولى التي لاحت فيها بشائر ثورة ٢٥ يناير، كان مكتب الإرشاد كأي جماعة دولية أو تنظيم سياسي يسعى للحكم، يستعد بوضع سيناريوهات متعددة بناء على تقديرات الموقف التي تأتيه من مكاتبها الإدارية في المحافظات، ولا يغيب على أحد حالة السخط الشعبي حينها على نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، لأسباب كثيرة غنية عن أن نتناولها حاليًا.
السيناريوهات كانت مبنيه على فرضيتين لا ثالث لهما، الأول كان نجاح الحراك الشعبي المتزامن مع رياح ما سُمي بالربيع العربي، الذي ضرب من قبل تونس، ونجح في إزاحة خيمة بن على من سدة الحكم، إضافة للمعلومات التي كانت في حوزة الجماعة فيما يخص الرغبة الأمريكية في تغيير أنظمة الحكم بالمنطقة، بناء على تقارير قنوات الاتصال الحاصلة بين الجماعة وبين الإدارة الأمريكية ومؤسساتها.
أما الفرضية الثانية، كانت حدوث حالة حراك شعبي محدود، يكون له تأثير على النظام الحاكم، لأنه يمر من نفس المعطيات السابقة، حالة ارتباك شديد في المنطقة، شعوب يحركها العقل الجمعي، بلسان واحد ينادي "الشعب يريد اسقاط النظام"، وفي كلا الفرضيتين كانت الفرصة سانحة للجماعة بأن تقتنص مكاسب لم تكن تحلم بها، سواء سقط النظام أم لم يسقط.
لهذا كان القرار المُعلن للجماعة بعدم المشاركة في الدعوات التي أطلقها الشباب للتظاهر يوم ٢٥ يناير ومن بعده دعوات جمعة الغضب، لتضمن لها مقعداً في مدرجات المستفيدين من استمرار الحكم، لكن في الخفاء كانت الجماعة على موعد من القدر بأن تتهيأ لها الأسباب في الوصول إلى حكم مصر، وأن تنفذ خطة محكمه لإدارة أدواتها المتوفرة في امتلاك زمام الميادين وغيرها من الأدوات التي تمثل الجانب المظلم من العمل السياسي للجماعات المتأسلمة.
كان الهدف الأول في حالة اجتياح التحركات الشعبية هو تهريب القيادات من داخل السجون لتكتمل مقاعد مكتب الإرشاد برجاله، ويديرون المراحل القادمة من العمل السياسي والجماهيري وتعميق التواصل فيما بين الجماعة والمجتمع الدولي، بخلاف توجيه طاقة العنف وأدوات خلق الخوف في تعزيز وصولها لأهدافها، ولأن الجماعة كانت كعادتها التاريخية تخشى أن تتصدر المواجهة، اعتمدت في خطوة تهريب القيادات على التواصل مع تنظيمات أخرى لها نفس الهدف في تهريب عناصرها من السجون المصرية كتنظيم حزب الله وحركة حماس، وكلاهما كانا في هذه الفترة بمثابة التوأم المدلل للأم طهران.
حزب الله كان لديه خلية استخباراتية هي الأهم في منظومة العمل السري لديه، بقيادة "سامي شهاب" الضابط في الوحدة «١٨٠٠» المكلفة بدعم القضية الفلسطينية والتي تتلقى تعليماتها من زعيم التنظيم نفسه، بناء على التوجهات الإيرانية، ولا تتعجب عندما تعلم أن سامي شهاب كان المنسق الفعلي والمسؤول عن تهريب السلاح الإيراني إلى قطاع غزة عن طريق سيناء.
لذا نجده في جملة اعترافاته في أوراق القضية بـ(تلقيت تكليفات بشراء قطعة أرض بمنطقة رفح لاستغلالها في أعمال الرصد، ويمكن حفر أنفاق فيها إلى داخل الأراضي الفلسطينية يمكن استغلالها في تهريب الأشخاص والأسلحة إلى داخل فلسطين ودعمها ماديًا، وأيضًا شراء سيارة نقل تستغل فى نقل الأسلحة والمتفجرات».. هكذا يروي «شهاب» في التحقيقات.
هنا تلاقت المصالح بين الإخوان وحزب والله وحماس، على ضرورة تنفيذ مهمة تهريب رجالها وقيادات الجماعة من السجون المصرية، لكن الغريب في الأمر كان التوليفة التي نفذت هذه المهمة والمكونة من عناصر حمساوية وإخوانية وأخيرًا تكفيرية ستكون هي النواة التي تؤسس جماعة أكناف بيت المقدس وتتطور إلي ولاية سيناء مرورًا بأنصار بيت المقدس.