المؤشر العالمي للفتوى يكشف سبل استغلال التنظيمات الإرهابية لتفشى كورونا.. ماذا قال؟
السبت، 09 مايو 2020 09:00 صمنال القاضي
في إطار استنكار المؤشر العالمي للفتوى ( GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الست الإفتاء في العالم ، للعمل الإرهابي في بئر العبد الذي استهدف عددًا من جنود الجيش المصري ، قدَّم تحليلًا وتفسيرًا لهذا الحدث المشين الذي وإن كان معتدًا من هذه التنظيمات الإرهابية ؛ توفر التمثيل العملي للفكر الذي نتج عن هذه التنظيمات منذ تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد -19) والقائم على النظر للجدول باعتبارها "منحة إلهية" من وضع عدد من الأهداف المحددة التي تسمح لها باستغلال الانشغال العالمي بالتصدي للوباء والهلع الشعبي من التفشي لتعويض خسائرها على مدار سنوات ، سواء بالعودة للأراضي التي خسرتها أو حشد الأتباع تعويضًا عن قتلاها أو تهريب سجنائها أو الإيحاء بقوتها الوهمية من خلال التفجيرات المتفرقة.
وقد تتبع مؤشر الفتوى أهداف وخطوات هذه التنظيمات بتحليل خطابها الإفتائي بشأن جنة كورونا كاشفًا أنها في ثلاثة أهداف رئيسية تحركها الفتوى ، وهي: هدف تعويض الخسائر المادية والبشرية لهذه التنظيمات واستعادة المناطق التي خسرتها بنسبة (٤٥ ٪). ثم هدف حشد الأتباع والتأثير الفكري والعقائدي الذي يشمل المسلمين وغير المسلمين والذي جاء بنسبة (٣٥ ٪). وأخيرًا هدف السعي لإطلاق سراح معتقليها بنسبة (٢٠ ٪) من إجمالي خطابها بشأن الوباء.
"داعش" يلجأ للتفجيرات والعمليات المتفرقة للإيحاء بالقوة
"نوصيكم بمضاعفة العمل وتكثيف الضربات ، فارسموا الأهداف وضع الخطط ، وفخخوا الطرقات ، وأحكموا العبوات وانشروا القناصات .. مرغوا أنوفهم بالتراب ، وافتحوا عليهم بغزواتكم وعملياتكم ألف باب ، وتقربوا إلى المولى الكريم بدمائهم وأشلائهم".
بكلمات المتحدث الرسمي لتنظيم داعش "أبو حمزة القرشي" هذه ؛ كشف المؤشر العالمي للفتوى أن (٤٥ ٪) من خطاب التنظيم المرتبط بجدول كورونا روَّجت لمحاولتها تعويض خسائرها وإعادة إنعاش وجودها من خلال السعي لاستعادة الأراضي التي خسرتها أو الاستيلاء على المزيد من الأراضي أو الترويج لقوتها الوهمية من خلال عمليات التفجير والتفخيخ في أكثر من دولة بصورة متفرقة.
مؤكدًا أن تنظيم "داعش" كان أكثر التنظيمات اهتمامًا بتحقيق هذا الهدف ، فقد أخذ التنظيم على عاتقه منذ تفشي وباء كورونا توسيع نطاق عملياته الإرهابية في أكثر من دولة ، فكثف عملياته في القارة الإفريقية من خلال جماعة "بوكو حرام" التابعة له فاستهدفت الجيوش الوطنية في موزمبيق والنيجر ونيجريا ومالي والكونغو ؛ بالاغتيالات والكمائن والتفخيخ والإحراق وإعطاب الآليات.
كما أشار المؤشر لاستغلال التنظيم الانشغال العالمي بالتصدي لفيروس كورونا وتقليص الوجود العسكري الأمريكي في العراق للبحث عن المناطق الهشة التي يمكن من خلالها اختراق أمن الدولة العراقية ، حيث أكد مؤشر الفتوى تراوح معدلات العمليات التي يقوم بها التنظيم خلال الأسبوع (بين ٢٠ و ٣٠ عملية) مستهدفة الجيش العراقي وقوات الحشد العشائري والصحوات.
وتقدم مؤشر الفتوى أن نشاط التنظيم في قارة آسيا برز من خلال جماعة "أبو سياف" الموالية له والتحريض على تكثيف العمليات بالتزامن مع تفشي الوباء في عدد من الدول الخاصة الفلبين وإندونيسيا ، وهو الأمر الذي عكسه الواقع باندلاع معارك بين الجماعة والقوات الفلبينية مؤدية لمقتل ١١ جنديًّا فلبينيًّا فى مقاطعة سولو جنوب الفلبين منتصف إبريل ٢٠٢٠. كما أورد المؤشر محاولة التنظيم عن وجود في دولة المالديف المسلمة بتبنيه هجومًا إبراابيًّا في إبريل ٢٠٢٠ تضمن إحراق ٥ زوارق للحكومة والشرطة المالديفية بعد تكفيرهم ووصفهم بالمرتدين ورعاة الديمقراطية الكفرية وخدامها.
كما أكد مؤشر الفتوى أن تحريض "داعش" وعملياته الإرهابية أيضًا لقارة أوروبا حيث أعلنت ألمانيا خلال شهر إبريل تفكيك خلية إرهابية مكونة من خمسة طاجيكين منتمين للتنظيم يخططون لضرب مواقع أمريكية ، ويؤكد مؤشر الفتوى أن هذه العمليات كانت انعكاسًا لخطاب إفتائي متطرف دأب في الفترة الزمنية على ترسيخ القتل والتوسع.
ابتهاج "القاعدة" بتفشي كورونا ومساعيها لترسيخ وجودها في إفريقيا:
كما أكد مؤشر الفتوى أن تنظيم "القاعدة" خاصة أفرعه تلك في قارة إفريقيا ممثلة في "حركة الشباب المجاهدين" في شرق إفريقيا ، و "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" في منطقة الساحل انتهى نفس نهج تنظيم "داعش" الإرهابي من حيث اعتبار الجائحة نصرًا إلهيًّا من الضروري الاستبشار والابتهاج به واستغلاله بتكثيف العمليات الإرهابية.
مشيرًا إلى تحريض "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" في أكثر من إصدار لأتباعها بتكثيف العمليات الإرهابية ، وكذلك ما تضمنه بيان بعنوان "ملة الكفر بين مطرقة المسلمين وسندان الكورونا ضربة جديدة يتلقاها الكفر في مالي" إبريل ٢٠٢٠: "وتتوالى الضربات على ملة الكفر الغازية لبلاد المسلمين وأتباعهم في ظل غزو فيروس كورونا لمناطقهم وفتكه في شعوبهم ليصبحوا بين مطرقة المسلمين وسندان الكورونا ".
وهذا المؤشر أن هذا الخطاب التحريضي من قِبل التنظيم لتقديم لكثافة العمليات خلال شهري مارس وإبريل الخاصة بقواعد الجيش في مالي وبوركينافاسو وعمليات الهجوم على الثكنات العسكرية وتفجير المركبات ونهب الذخائر والأسلحة.
كما أورد المؤشر تحريض المتحدث الرسمي لحركة الشباب المجاهدين "علي محمود راجي" لأتباعه بالابتهاج بتفشي وباء كورونا واستغلال هذه "المنحة الإلهية" بتكثيف العمليات ، على نحو ما جاء في كلمته التي نُشرت باللغة الصومالية ، متضمنة: "المسلمين المسلمين إذا سمعوا أن أوبئة قاتلة أصابت الكفار أن يفرحوا بأن الله انتقم لهم من أعدائهم وسامهم سوء العذاب مثل الذي ساموه المسلمين .. على المسلمين أن لا يشفقوا على الكفار بما أصابهم الله من عقاب ، فهم أيضًا لم يشفقوا على المسلمين الذين قتلواوهم ".
وعليه تتبع مؤشر الفتوى عمليات الحركة ليكشف أنها بلغت خلال شهر مارس ٢٠٢٠ في دولتي الصومال وكينيا فقط ١٣٧ عملية ، وعدد من العمليات في دولة الصومال خلال الأسبوع الأول من إبريل ٢٠٢٠ حوالي ٥٠ عملية.
تنفيذًا لوصية "البغدادي" واستغلالًا للوباء .. محاولات داعش لتهريب سجنائه
هذا المؤشر العالمي للفتوى أن الهدف الآخر الذي وضعته التنظيمات الإرهابية لاستغلال تفشي وباء كورونا تمثل في السعي لإطلاق سراح معتقليها ، مشيرًا إلى أن نسبة تحريض التنظيم على هذا الفعل بلغت (٢٠ ٪) من إجمالي خطابها بشأن وباء كورونا ، معولة على انشغال الحكومات بالتصدي للوباء للسعي لتهريب سجنائها أو محاولة السجناء وهم الفرار.
أكد مؤشر الفتوى أن تنظيم "داعش" كان الأكثر اهتمامًا بهذا الهدف بعد اعتقال عدد كبير من أتباعه عقب الهزائم المتتالية التي تم خلال عام ٢٠١٩ ، إلى جانب سعي التنظيم لتنفيذ وصية زعيمه السابق "أبو بكر البغدادي" في آخر كلمة صوتية له قبل مقتله بعنوان "وقل اعملوا" ، بقوله: "وأما أشد النوازل فالسجون السجون يا جنود الخلافة إخوانكم وأخواتكم! جِدُّوا في إنقاذهم ودك الأسوار المكبلة لهم ، فكوا العاني وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم فلا تقصروا في فدائهم إذا عز عليكم كسر قيدهم بالقوة ، واقعدوا لجزاريهم من المحققين وقضاة التحقيق ومن أذاهم من السفلة المعتدين كل رصد "، وهذه الدعوة تلاقت مع دعوة الإخوان الإرهابية في بداية تفشي الفيروس لإخراج أتباعهم من السجون.
وعلى ذلك أوضح مؤشر الفتوى أن هدف التنظيم بالتحريض على تهريب سجنائه كان من أول الموضوعات التي اهتم بها منذ تفشي الوباء ، على نحو ما ورد في العدد ٢٢٦ لشهر مارس تحت عنوان "أسوأ كوابيس الصليبيين" ، متضمنًا: "فالواجب على المسلمين اليوم مع سعيهم في حماية هؤلاء وأهليهم من الداء المنتشر ، السعي أيضًا لفكاك أسرى المسلمين في سجون المشركين ".
وبتطبيق هذه الدعوات على أرض الواقع كشف المؤشر تكرار محاولات تهريب معتقلي التنظيم الذي كان أبرزها هروب عدد من السجناء التابعين له في الحسكة على نحو ما أعلنه المتحدث الإعلامي باسم قوات سوريا الديمقراطية "مصطفى بالي" في ٣٠ مارس ٢٠٢٠.
أكد لتنظيم "القاعدة" أكد مؤشر الفتوى أن هدف تهريب السجناء جاء في خطابه بصورة محدودة إلى حد كبير وببعض العبارات غير المباشرة ، ومن ذلك ما ورد في إصدار بعنوان " السبيل لخروج البشرية من بطن الحوت (وصايا ومكاشفات بشأن وباء كورونا) " بقوله: " ولئن نزل هذا البلاء الآن بالجميع ؛ فلقد عانى منه من قبل مجموعات من أهل الصلاح والإصلاح ، فحرموا حينًا من الدهر من المساجد وصلاة الجماعة فيها ، في الوقت الحاضر من العمرة وزيارة المساجد الثلاثة .. المسلمين أن يجعلوا من هذا البلاء تذكرة لهم ليسعوا سعيًا جادًّا في فكاك أسرهم "، وبهذا اتفقت دعوة الإخوان الإرهابية لإخراج السج اء مع دعوتي القاعدة وداعش لتؤكد أن الجميع ينطلق من هدف واحد وغاية واحدة .
الإقناع العقلي والانتشار الإلكتروني أدوات "القاعدة" و "داعش" لاستغلال الوباء لحشد الأتباع
ويصل المؤشر العالمي للفتوى للهدف الثالث والمكمل للهدفين السابقين ؛ تكثيف العمليات الإرهابية وتهريب السجناء ، وهو هدف تجنيد المزيد من الأتباع ؛ كاشفًا أن (٣٥ ٪) من خطاب التنظيمات الإرهابية وباء كورونا هدفت إلى ترويج فكرة "أهل الحق" وهي التنظيمات الإرهابية و "أهل الباطل "وهم كل من يعادي هذه التنظيمات ، لتخلص في النهاية لتأييد الله لها ونصره بتفشي هذا الوباء بين" الكفار "وكل أعداء التنظيمات سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين بشر وجوب إيمان الجميع بها.
وأكد المؤشر العالمي للفتوى أن تنظيم "القاعدة" وكما هو معتاد اهتم بشكل ملحوظ بالتوسع في التفسير العقائدي للجدول الذي يعد في أكثر من إصدار ، أورد مؤشر الفتوى منها ما تضمنته الحلقة الأولى من برنامج "جنود الله" الرمضاني بعنوان "هكذا استسلم العالم" ، لشخص يدعى "عبد الله المحيسني" ، بقوله: "العالم لم يترك شيئًا مما يجعله حرمه الله لم يفعله وحارب الله ورسوله ، حاربوا أولياء الله في الأرض ، قتلوا المصلحين ، أسروا المصلحين ، ظلموا المصلحين ، لم يتحركوا في ظل إبادة ثورات المسلمين ، بورما تصرخ ، الإيغور يبكي ، تم تعويم الربا في العالم ، أكل القمار في كل مكان ، امتلأت كل ديار ال الم حتى ديار المسلمين بمراقص اللهو والمجون، وانتشر الزنا ".
ويتم المؤشر أن خطاب تنظيم "القاعدة" العقائدي وكما هو معتاد منذ عهد زعيمه السابق "أسامة بن لادن" كان موجهًا بشكل غير معروف لغير المسلمين في الغرب ، هادفًا لنزع ثقة الشعوب الغربية من حكوماتها من خلال الترويج لعدم إنسانية الأنظمة الغربية وزيفها ، ودعوة هذه الشعوب التي على الإسلام من خلال القراءة في أدبيات هذه التنظيمات. وحذر المؤشر من أن هذه تعتبر أكثر الوسائل الاستقطابية التي تعتمدها التنظيمات الإرهابية ، مشيرًا لما تضمنه موضوع بمجلة "ابنة الإسلام" عدد إبريل: "ها هو كورونا يسقط قناع الرأسمالية والشيوعية وكل أنظمة الكفر العالمية ويظهر وجهها القذر الذي يدوس على الإنسانية الأساسية المصالح والذاتية ، وسيبقى الإسلام الدين العدل والحق الذي يستحق أن يقود الأمم للريادة والسمو ".
كما حذر مؤشر الفتوى من خطورة هذه التفسيرات العقائدية لجدول كورونا ، لدى تنظيم "القاعدة" و "داعش" في ظل اعتماد شعوب العالم على شبكات الإنترنت ، إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي ، وهو ما استغلته التنظيمات الإرهابية بتكثيف نشاطها الإلكتروني منذ تفشي الوباء ، حيث كشف المؤشر عن إعلان جماعة تابعة لتنظيم "داعش" تعرف "كتيبة الزرقاوي" توزيعها ما يزيد عن ١٠٠٠ حساب لمواقع تواصل اجتماعي ومراسلة لمؤيدين للتنظيم تتوقع استخدامه في توسيع عمليات الاستقطاب والتجنيد.
وفي ختام التقرير حذر المؤشر العالمي للفتوى من حالة الابتهاج والحماس الذي تعيشه التنظيمات الإرهابية وشعورها بتفتح الآمال بالعودة وتعويض الخسائر ، وما قد يترتب عليه من ارتفاع الروح المعنوية لأتباعها أو استقطاب المزيد من الأتباع في ظل حالة الهلع والخوف الشعبي العالمي. مع تأكيد المؤشر ثقته في قدرة الحكومات عالميًّا على معالجة عمليات التنظيمات الإرهابية.