الدراما VS الإرهاب.. «الاختيار» يجنن الإخوان
الأحد، 03 مايو 2020 07:00 صأيمن عبدالتواب
◄ هجوم إخوانى على المسلسل.. ومحاولات خسيسة للنيل من المنسى ورفاقه
◄ الأحداث توثق الإرهاب في سيناء.. والشماتة تثبت حقارة «أبناء البنا«
» ◄ الاختيار» تاج حلقات الدراما لفضح مخططات الجماعة الإرهابية
بينما حشد تنظيم الإخوان الإرهابي آلياته الإعلامية، والسوشيال ميديا؛ للترويج للمسلسل التركي «قيامة أرطغرل»، والحث على مشاهدته، نجده يهاجم المسلسل المصرى «الاختيار»، ويحذر أتباعه ومواليه من مشاهدته، ومطالبتهم بالنيل منه ومن أبطاله، سواء أبطاله الحقيقيين، أو المشاركين في العمل الفني.. فلماذا كل هذا الانزعاج الإخواني من «الاختيار»؟ ولماذا كل هذه الضجة حول هذا المسلسل تحديدًا؟ وهل هي أول مرة يحشد الإخوان ضد عمل درامي، أم سبقه أعمال أخرى؟
أحد تعريفات «الدراما» أنها حكاية تعرض بعضًا من جوانب حياتنا الإنسانية، وهي تعكس قضايا المجتمع بأحداثه المختلفة، وأدرك المسئولون أهمية الفن «القوة الناعمة» في إيصال رسائل معينة، إما رسائل توعوية تنويرية، أو دفع شبهة أو اتهام، أو تحسين صورة، أو تسليط الضوء على بطولات، أو بيان حقيقة الأكاذيب أو المزاعم التي يروجها أعداء الوطن، من خلال حوار درامي يعكس الواقع.
مسلسل الجماعة
على الرغم من أن إنتاج مسلسل «الجماعة» كان قبل ثورة 25 يناير، وتحديدًا في العام 2010، إلا أنه يعتبر من أبرز الأعمال الفنية التي قوبلت بهجوم إخواني كاسح، خاصة على مؤلف المسلسل الكاتب «وحيد حامد»، ووصفوه بأنه «مؤلف في خدمة السلطة»، وأنه تابع لـ«الحزب الوطني»، آنذاك؛ لأن العمل الدرامي تناول- صراحة- جماعة الإخوان، ومؤسسها حسن البنا، وكشف جوانب عدة من الجماعة الإرهابية، وبعد أن يئس الإخوان في إيقاف المسلسل، روّجوا بأنه «أفاد الجماعة، وأتى بنتيجة عكسية، وأدخل الإخوان في كل بيت»، ونشر موقع الإخوان قصيدة وجه فيها الشكر لمسلسل «الجماعة»، وأنه زادهم حبًا واقتناعًا بدعوة وأفكار حسن البنا.. كما أشاعت دور نشر إخوانية أن المسلسل ساهم في زيادة مبيعات كتاب رسائل حسن البنا.
»الداعية» و«اسم مؤقت«
ومثلما كان عام 2013 شاهدًا على إزاحة الإخوان عن الحكم، كانت دراما هذا العام شاهدة على عنف الجماعة، وتفضح فسادها، وانحراف قادتها؛ فرأينا مسلسل «الداعية» يفضح الفكر المتطرف للإخوان، وسياسة التقية التي ينتهجونها، كما تناول أنماطًا مختلفة من فساد قيادات الجماعة، وانتفاضة الشعب ضدهم، من خلال مشاهد لمسيرات شعبية مصحوبة بهتافات ضد حكم المرشد وتطالب بإسقاطه.
وفضح مسلسل «اسم مؤقت» تزييف الإخوان، و«التيارات الإسلامية» الإرادة الشعبية، وتأثيرهم على الناخبين باسم الإسلام، واستغلال الدين لتحقيق أغراضهم، وخدمة أهدافهم، والوصول إلى كرسي الحكم، وذلك من خلال الصراع بين ثلاثة مرشحين للرئاسة، أحدهم تابع للنظام القديم، وآخر ليبرالي، وثالث يمثل «التيار الإسلامي»، في إشارة واضحة إلى انتخابات 2012، والتي فاز بها الرئيس المعزول محمد مرسي.
هذان المسلسلان قوبلا بهجوم إخواني يمكن وصفه بـ«الواهي»؛ لأن الإخوان ومواليهم لم يكونوا نظموا صفوفهم، في أعقاب هروبهم بعد ثورة 30 يونيو.
»عد تنازلي» و«إمبراطورية مين«
ولم تكن دراما 2014 بعيدة عن فضح الإخوان و«الفصائل المتأسلمة»، فأحداث مسلسل «عد تنازلي» دارت حول مطاردة ضابط أمن دولة لشاب تورط في عملية نفذتها «جماعة إرهابية» لاغتيال مساعد وزير الداخلية.
بينما تناول مسلسل «إمبراطورية مين» بعض التغيرات التي طرأت على مصر عقب ثورة 25 يناير، وحتى 30 يونيو، وممارسات الإخوان، واستخدامهم التخويف، والترهيب للنساء، وتأثير الخطاب الديني على الشارع كما حدث في الاستفتاء على دستور2012، وأن «نعم» إرضاءً لله ورسوله.
في حين سلط مسلسل «تفاحة آدم» الضوء على محاولات الإخوان فرض سيطرتهم على وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية للوصول إلى أدق ملفاتها الخطيرة، إضافة إلى جهاد النجاح، ومحاولات اغتيال رجال الشرطة.
»كلبش» و«ممالك النار«
وبينما هدأت الدراما قليلًا في فضح الإخوان والتنظيمات الإرهابية بعد مسلسل «كلبش» الذي عرضت أجزاؤه الثلاثة أعوام 2017، و18، و2019، أصيب قادة الجماعة الإرهابية بحالة من الهلع بسبب عرض الدراما العربية «ممالك النار» نهاية العام الماضي، وهو مسلسل يكشف المسكوت عنه في تاريخ الدولة العثمانية بين 1512 و1520، فأصدروا الأوامر لإعلامهم وكتائبهم الإلكترونية بالنيل من المسلسل، ومن أبطاله، ومن جهات إنتاجه، زاعمين أن العمل يشوه «الغزو العثماني» المرتمين في أحضانه.
ولجأ الإخوان في هجومهم على المسلسل إلى «النقد المعلب»، وخلط الأوراق، والتصوير بأن العباسيين والمماليك أيضًا كانوا محتلين مصر، وبينما دافعت قناة الجزيرة القطرية عن الدولة العثمانية، هاجمت المسلسل، وادعت أن الشركة الإماراتية المنتجة «تشوه تاريخ تركيا«
»الاختيار» وجنون الإخوان
ما إن انتهت الحلقة الأولى من مسلسل الاختيار، الذي يتناول سيرة الشهيد أحمد المنسى، وبطولات قواتنا ضد الإرهابيين في سيناء، إلا وجن جنون الإخوان.. وأعطوا الضوء الأخضر لأذنابهم بمهاجمة المسلسل، والنيل من أبطاله الحقيقيين، بأسلوب خسيس ودنيء يتناسب مع وضاعتهم.
هذا الجنون الإخواني ربما يعود إلى الالتفاف الشعبي حول «الاختيار»، في مشهد يذكرنا بالالتفاف أمام التليفزيون لمشاهدة «رأفت الهجان»، أو فيلم «الممر».. وكلها أعمال تعرض بطولات حقيقية، وتوضح اتجاه بوصلة الشعب، والتفافه حول أبطاله «الحقيقيقين» وقياداتهم، بعدما توهم التنظيم الإرهابي أنه غسل مخ المصريين بالأكاذيب، وسيطر على عقولهم بمفاهيم مغلوطة، وإعلام «جوبلز«
وقد يعود جنون الإخوان إلى إدراكهم جيدًا أن عاصفة «الاختيار» سوف تقتلع بذور الكراهية والعنف والتطرف والإرهاب التي زرعوها وغرسوها في عقول المصريين خلال عقود، وأنفقوا عليها المليارات الحرام ليحصدوا ثمارها.
وربما يرجع التخوف الإخواني من المسلسل لأنه يعرض أحداثًا حقيقية، ومعظم المصريين، خاصة أبناء شمال سيناء، كانوا شهودًا عليها، وتأثروا بها.. فمن ينسى أبطال وشهداء كمين البرث؟ ومَنْ ينسى الكمائن التي فجرها الإرهابيون في جنودنا.. واستشهاد أبطالنا برصاص الغدر وهم صائمون؟ ومَنْ ينسى شماتة الإخوان في استشهاد جنودنا في معاركهم ضد الإرهابيين في سيناء؟
نهاية أحلام الجماعة الإرهابية
وربما يكون رعب الإخوان من مسلسل الاختيار، والدراما التي تدور في فلكه، لأنه قد يعجل بنهاية أحلامهم، خاصة أنه يستخدم «السلاح الفكري»، وهو السلاح الذي تخشاه الجماعة الإرهابية، التي استماتت- على مدى عقود- لغرس بذور التشكيك في قيادات مصر، وتشويه المؤسسات العسكرية والأمنية، والتقليل من بطولاتهم وانتصاراتهم.. وهجومهم الدائم على رموز الجيش والشرطة.. بينما يرون المصريين- الآن- يتخندقون خلف قيادتهم وقواتهم بمنتهى الحب والانتماء والوطنية.
الإخوان يدركون أن الفكر، والثقافة، والفن أقوىمن طلقات الرصاص، وأقوى من طائرات الرافال، والأباتشي، والميسترال.. ومن أقوى الدفاعات والتصدي لكل مخططات التفرقة بين الشعب وجيشه وشرطته.. الإخوان يخشون بطولات شهدائنا الذين تصدوا لمخططاتهم الإرهابية وهم أحياء، ويؤرقونهم، وينغصون عليهم حياتهم وهم أحياء عن ربهم يرزقون.
الإخوان يدركون أن تأثير مسلسل مثل الاختيار على عقول ووجدان المصريين أقوى وأمضى من مليون برنامج «توك شو».. ويخشون من تقديم أعمال أخرى تفضح خستهم، وحقارتهم، وخيانتهم، وتبرز بعض بطولات شهدائنا الذين تصدوا لإرهابهم، أمثال «نبيل فراج، وعادل رجائي، ومحمد أبو شقرة، وخالد مغربي.. وغيرهم» من الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، لا من أجل جماعة وتنظيم إرهابي.