صحابيات الهدى.. أم كلثوم بنت عقبة.. صدقت في هجرتها فكانت أقوى نساء المسلمين

الإثنين، 27 أبريل 2020 09:05 م
صحابيات الهدى.. أم كلثوم بنت عقبة.. صدقت في هجرتها فكانت أقوى نساء المسلمين
صحابيات الهدى
ولاء عكاشة

 
تعلق قلبها بالاسلام، وبدعوة رسول الله، فكان الإيمان بالله وحده، لا شريك له، عقيدتها الراسخة، التي حاربت من أجلها، فحين أردات الهجرة من مكة إلى المدينة لتلحق بنبيها، ولو مشيا على الأقدام، كانت هجرتها خيرا وبركة على نفسها وعلى المهاجرات من بعدها.
 
إنها الصحابية الجليلة، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأمها كانت أروى بنت كريز بن ربيعة، وأخيها لامها، هو أحد الخلفاء الراشدين، عثمان بن عفان، فقد كانت أروى بنت كريز، زوجة عفان بن أبي العاصوالد عثمان، فلما مات عفان، تزوجها عقبة بن أبي معيط.
 
كان حب الله ورسوله، يسري في وجدانها، رغم نشأتها في أسرة شديدة العداء والكره للإسلام والنبي، وزادت كراهية أخواتها الثلاث "عمارة"، "الوليد" و"خالد"، أكثر بعد مقتل أبيهم في غزوة "بدر"، حين خرج للقتال مع المشركين، وكانت هزيمتهم، على أيد المسلمين يومها، مريرة.
 
كل هذه الصعاب التي واجهتها أجبرتها على إخفاء إسلامها، عن أخواتها، واهلها، لفترة من الزمن، لكن كل يوم كان تعلقها بالسلام، يزداد أكثر فأكثر، وأدركت أن استمرارها في مثل هذه الأسرة، المعادية للإسلام، سيكون أشد خطوره عليها وعلى دينها، فأخذت وقتها القرار الأصعب، والذي كان فاتحة خير على كل المهاجرات من بعدها، وهو الهجرة الي المدينة والأنضمان الى المسلمين هناك في رحاب رسول الله.
 
الفترة التي قررت فيها أم كلثوم الهجرة إلى المدينة، كان هناك أتفاق مبرم بين الملسمين والمشركين وهو "صلح الحديبية"، فكانت تتضمن شرطا على النبي، بأن يرد إليهم أي شخص مهاجرا من مكة حتى لو كان مسلما.
 
لم تكترث الصحابية الجليلة، لهذا، أو حتى لكونها فتاة صغيرة تخرج لتقطع طريق طويل من مكة إلى المدينة دون حماية أو ونس، فقد عقدت النية، وعزمت على الرحيل، متوكله على ربها.
 
وروت أم كلثوم قصة هجرتها، قائلة" كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي، فأقيم فيها الثلاث والأربع ثم أرجع إليهم فلا يُنكرون ذهابى للبادية، حتى أجمعت المسير، فخرجت يومًا من مكة كأنى أريد البادية، فلما رجع من تبعني، إذ رجل من خزاعة، قال: أين تريدين؟ قلت: ما مسألتك؟ ومن أنت؟ قال: رجل من خزاعة.
 
فلما ذكر خزاعة اطمأننت إليه لدخول خزاعة فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده. فقلت: إنى امرأة من قريش، وإنى أريد اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا علم لى بالطريق، قال: أنا صاحبك حتى أوردك المدينة. ثم جاءنى ببعير فركبته حتى قدمنا المدينة، وكان خير صاحب، فجزاه الله خيرًا"
 
ثم وصلت لبيت النبوة، وهناك أستقبلتها، أم سلمةزوجة رسول الله، ولما عرفتها أم سلمة عانقتها وقالت لها، "هاجرتي إلى الله وروسله؟"، فردت أم كلثوم بـ "نعم وأنا أخاف أن يردني رسول الله، إلى المشركين"، إلتزما بشرط صلح الحديبية" فدخل رسول الله على أم سلمة، فأخبرته، بشأن أم كلثوم، فرحب بها النبي. 
 
وقالت أم كلثوم "يا رسول الله، إني فررت بديني إليك، فامنعني ولا تردني إليهم يفتنوني ويعذبوني، فلا سبر لي على العذاب، إنما أنا أمرأة وضعف النساء إلى ماتعرف".
 
فقال لها رسول الله "إن الله نقض العهد في النساء"، وأنزل الله في ذلك الآيات الأخيرة من سورة الممتحنة "يا أيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ الله أعلم بإيمانهنّ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفار لا هنّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهنّ وءاتوهم ما أنفقوا ولا جُناح عليكم أن تنكحوهن إذا ءاتيتموهن أجورهنّ ولا تُمسكوا بعصَم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم".
 
 
مرت الوقت ولاحظ اهل البيت غيابها غير المعتاد، فخرجوا ليبحثوا عنها، وحينها أخبرتهم واحدة من النساء، أنها رأتها وهي في طريقها إلى المدينة.
 
عندما علم أخواها "عمارة" و"الوليد"، ذهبا للمدينة لمقابلة رسول الله، وأخذ أم كلثوم، بحسب ما هو منصوص به في شروط صلح الحديبة، وعندما وصلا في اليوم الثاني لوصولها، قال لهما النبي، قد أبى الله ذلك"، فأنسرفا.
 
وبعدها، جاز لأي امرأة الهجرة من مكة الي المدينة دون اللتزام بشروط صلح الحدبيبة، حيث جاءت المدينة بعد أم كلثوم نساء كثيرات أسلمن وتركن مكة وهاجرن منها، فرارا من أذى الكفار.
 
هاجرت أم كلثوم إلى المدينة، وهي فتاة صغيرة السن لم تتزوج بعد، ولقوة موقفها وشجاعتها، أعجب بها كثير من الصحابة ، وتقدم لخطبتها، الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاس، فأستشارت، أخاها لأمها، عثمان بن عفان، فأشار عليها أن تأتي لرسول الله، وتستشيره، فعندما أتته أشار عليها بزيد بن حارثة، فتزوجتها وعاشا في سعادة، وولدت لها أبنا وأبنه، لكنهما ماتا صغيرين.
 
وعندما قتل زوجها زيد بن حارثة يوم غزوة "مؤتة"، تزوجها الزبير بن العوام، فولدت له زينب، ولانه كان غليظا في معاملته مع النساء، لم يستمر الزواج كثيرا، وطلقها، لتتزوج من عبد الرحمن بن عوف، وتلد له أولادا، ومات عنها فتزوجها عمرو بن العاص، لكنها ماتت بعد زواجها منه بشهر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق