ننشر خريطة «الحدود الملتهبة» لمحافظات مصر..«البنجر وأبيس» تصارع من أجل الإنضمام للإسكندرية..قرى تبحث عن مياه «كفر الشيخ»..«الإسكندرية الجديدة» أرقام قومية تائهة فى الدقهلية..والبريجات تستغيث
الأربعاء، 13 يناير 2016 01:49 م
يظل ملف صراع الحدود بين المحافظات المصرية من أهم الملفات الإجتماعية الشائكة خلال السنوات الماضية وربما المقبلة فمن غير المتوقع أن يكون هناك حل لهذا الملف الإنسانى خلال السنوات المقبلة فى ظل سعى الدولة لإعادة تقسيم المحافظات، فى ظل تجاهل آلام قرى منسية تصارع لتحديد هويتها، التى طالما تشتت بين محافظتين.
ويحاول هذا التقرير الوقوف على مشكلة الصراعات الحدودية بين المحافظات المصرية وما نتج عنها من ضياع حقوق أكثر من 15 مليون سكان هذة المناطق فى مصر.
قرى "البدون" فى الإسكندرية وأزمة الهوية
أكثر من 80 قرية ما زالت حائرة بين محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح، بعد أن تم نقل تبعية هذه القرى للإسكندرية ومطروح على مدى سنوات القرن الماضي، وهذه القرى على الحدود بين تلك المحافظات من بينها أكثر من 13 قرية، منها قرى بنجر السكر غرب الإسكندرية، وأبيس شرق المدينة، والعزة بالطريق الصحراوي.
وتعاني هذه القرى من نقص الخدمات الشديد فيها وانعدامها بسبب عدم وجود ميزانيات لها بتلك المحافظات التي لا تعترف بها.
«أبيس» رفض سكندرى وترحيب بحراوى
فقرية المسيري التابعة لقرى أبيس تعاني أشد المعاناة منذ عشرات السنوات، وتائهون بين الإسكندرية والبحيرة، بعد نقلنا لتبعية الإسكندرية، فمثلا الكهرباء نتبع فيها البحيرة والمياه نتبع الإسكندرية، وكذلك الخدمات الأمنية.
أما قرية العزة بالكيلو43 بالطريق الصحرواي فهي تائهة منذ السبعينيات، فلا خدمات ولا اهتمام، وليس لمواطنيها حق التصويت، فالمياه من البحيرة والكهرباء من الإسكندرية والتعليم إسكندرية.
ويحمل البعض داخل القرية بطاقة رقم قومي تابعة لمركز أبو المطامير البحيرة، ويحمل البعض الآخر بنفس العنوان تابعة لقسم العامرية بالإسكندرية، والبعض استخرج بطاقتين بالمحافظتين لتسهيل أموره في الخدمات التابعة للبحيرة والأخرى للإسكندرية.
أما نجع عون أحد نجوع أبيس هى القنبلة الموقوتة التى يجهلها المسئولين، أرضا زراعية تملكها الدولة تم الإستيلاء عليها وإعمارها وإنتفاع العديد منها منذ قديم الأذل نتيجة رفض الإسكندرية والبحيرة تحمل مسئولياتها تجاهه.
«قرى البنجر» عائلات حائرة بين مطروح والإسكندرية
فيما لا تزال 13 قرية من قرى بنجر السكر، تعاني بين الإسكندرية ومطروح، فقري البنجر، التى تضم قرى عبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، والتكامل، و10 قرى أخرى لقسم العامرية، لقربها من محافظة الإسكندرية، ولكن لا زالت هناك معاناة حقيقة في إدخال المرافق بين الإسكندرية ومطروح، وترتب عليه حرمان بعض التجمعات السكنية من الخدمات والمرافق، وانقسام بعض العائلات إلى نصفين، أحدها يتبع مطروح، وتوصيل المرافق له، والنصف الآخر يتبع الإسكندرية لمدينة برج العرب.
نجوع حائرة
«الإسكندرية الجديدة» أرقام قومية تائهة بين الدقهلية ودمياط
قرية الاسكندرية الجديدة الواقعة على أطراف محافظتى الدقهلية ودمياط لن يستطيع أحد تحديد هويته الجغرافية، البيوت متجاورة فى حى واحد قد لا يفصله سوى كوبرى او ترعة لكنها مبعثرة بين محافظتين، والأبناء من أسرة واحدة لكن أرقامهم القومية بعضها صادر من الدقهلية والأخرى من دمياط، وتراخيص البناء وموافقات الخدمات والمدارس والغاز والخبز وغيرها مشتتة بسبب فوضى وارتباك المحليات لسنوات طويلة،وكل محافظة تشدهم اليها اذا تعلق الأمر بمنافع، وتتبرأ منهم اذا طلب منها خدمات.
وهكذا يعيش أبناء »الاسكندرية الجديدة« وهى التسمية الحديثة لعدة عزب على اطراف تفتيش السرو التابع اداريا لمركز فارسكور دمياط حالة من الازدواجية الغريبة فى الأوراق الرسمية وعلى أرض الواقع.. باختصار يشعرون بأنهم غرباء وغير مستقرين وكأنهم فئة «بدون» داخل وطنهم ويبحثون عن هوية ومحافظة ينتسبون اليها.
فتعانى القرية من مشكلة حدودية حيث تطل القرية على أربعة مراكز هى: فارسكور والمنزلة وميت سلسيل والجمالية، رغم أن الزمام الزراعى يتبع مركز المنزلة دقهلية، فدمياط تنفق على هذه القرية من تعليم وصحة وأمن وجميع المرافق التابعة لها وفى النهاية العوائد تذهب الى الدقهلية والخدمات الموجودة مثل جمعية تنمية المجتمع ومكتب البريد والشئون الاجتماعية والوحدة الصحية والمطافئ ونقطة الشرطة ومركز الشباب والمعهد الأزهرى كلها تابعة لمحافظة دمياط.
«جزيرة العزبى» دمياطية بمدارس دقهلية
جزيرة فى قلب بحيرة المنزلة، تبعد حوالى 40 كيلومتر عن محافظة دمياط و6 كيلومترات عن مركز الجمالية، التابعة لمحافظة الدقهلية.
هى جزيرة العزبى الحائرة بين المحافظتين منذ ولادتها، فأهالى هذه القرية تكسوهم البشرة السمراء بسبب حرارة الشمس، يحصلون على مياه الشرب والسلع التموينية وكذلك الرعاية الصحية من دمياط، فى حين تتبع مدرستها الابتدائية المتواضعة محافظة الدقهلية، كما أنها لا تشهد أى نوع من المتابعة، والمدرسون يهربون من العمل بها، لصعوبة الوصول إليها.
«أبو النجا» بين «ميه» الغربية وكفر الشيخ
و تدفع قرية «أبوالنجاة» بالمحلة الكبرى ثمن وقوعها على الحدود بين محافظتى الغربية وكفر الشيخ، فمسؤولو المحافظتين يتعاملون مع القرية باعتبارها غير موجودة أصلًا.
أهالى قرية أبوالنجاة التابعة للوحدة المحلية ببشبيش وعزب البهوت ولطفى، البالغ عددها أكثر من ١٠ آلاف مواطن، يستخدمون مياه الترع وعربات الكارو لملء الجراكن من القرى المجاورة، منذ سنوات عديدة، وعندما توجهوا للمسؤولين بكفر الشيخ قالوا: «نوفر لكم ميه منين وإنتوا فى محافظة تانية وماعندناش ميه روحوا بلدكم واشربوا منها».
المنوفية البحيرة: صراع «البريجات»
بالرغم من مرور أكثر من25 عاما علي صدور القرار الجمهوري بتعديل الحدود الإدارية بين محافظتي المنوفية والبحيرة بإنشاء مدينة السادات وضمها للمنوفية.
فقد أحدثت مطالب تحويل مدينة السادات عاصمة لمحافظة جديدة مستقلة تمامًا عن المنوفية، لغط كبير لبُعدها عن محافظة المنوفية وعاصمتها وعدم ارتباطها إقليميًا وخدميًا بها، على أن تضم مركز وادي النطرون وقسم غرب النوبارية ومديرية التحرير ومركز كوم حمادة، وذلك بجانب تصاعد وتيرة مطالب قديمة من سكان البحيرة لعودتها كما كانت سابقًا لتبعية محافظة البحيرة وأعادت مشكلة الحدود الإدارية بين المحافظتين للمربع الأول ولم يتم حسم تعديل الحد الفاصل بينهما حتى الأن.
هذا القرار أحدث صراعا بين القرى المتاخمة للحدود بقرى البريجات وكفر داوود وطملات التى رفضت الإنضمام لمحافظة المنوفية وكذلك رفض محلي البحيرة بالإجماع إعادة ترسيم الحدود لضم قرية البريجات وعزبة الخفوج إلي محافظة المنوفية، والذي يبلغ زمامهما ٣٢ ألف فدان، وتابعتين لمركز كوم حمادة، وتبين من المناقشات أن القرار الجمهوري رقم ٣٣٣ لسنة ١٩٩١ عين الحدود الإدارية الجنوبية لـ«البحيرة» مع المنوفية بحيث تنتهي عند كوبري طملاي، ثم الطريق المؤدية من البريجات إلي مدينة السادات، وتنتهي عند الحدود الشمالية لمحافظة الجيزة، وتبين أيضا صدور القرار الجمهوري رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بضم قرية البريجات لمحافظة البحيرة.
"أبوصالح" حكاية جزيرة حائرة بين بني سويف والجيزة
تعانى قرية «جزيرة أبوصالح» التابعة لمركز ناصر، شرق النيل ببني سويف، والتي تقع بين محافظتى بني سويف والجيزة، فهى تبعد عن مدينة بني سويف 50 كيلو متر وتفصلها نفس المسافة عن مدينة الصف التابعة لمحافظة الجيزة.
القرية الفقيرة التي تقع بين بنى سويف والجيزة، الأمر الذي جعلها حائرة بين إدارات المحافظتين، حيث يتبع مرفق الكهرباء فيها شركة كهرباء الجيزة، فيما تتبع القرية محافظة بنى سويف في المياه والصرف الصحي.
«الحرش» بورسعيدية بأموال إسماعيلاوية
منطقة «الحرش» تقع على الحدود ما بين محافظتي الإسماعيلية وبور سعيد وهى عبارة عن منطقة سكنية يقطنها ما يقرب من 300 أسرة يعيشون تحت خط الفقر وهي محل خلاف على تبعيتها بين المحافظتين.
الحرش على الرغم من أنها طبقا لقانون الحدود الإدارية بين المحافظتين تابعة لمحافظة بورسعيد في حين أن مركز القنطرة غرب التابع لمحافظة الإسماعيلية هو من يمد المنطقة بالخدمات والمرافق من كهرباء ومياه شرب، وخلافه قبل وبعد التقسيم وذلك "فضا للنزاعات حتى لا يصطدم المواطن بالمسئول " خاصة أن الأهالي اعتادوا على ذلك قبل التقسيم.
أهالي المنطقة في حيرة من أمرهم لا يعلمون أهم تابعين للإسماعيلية أم بورسعيد ولهذا يطالبون بتحديد هويتهم حتى يتثنى لهم الحصول على كافة حقوقهم الإنسانية.
سيناء.. صراع العزازمة التياها
المجتمع في وسط سيناء قبلي وبدوي من كل الوجوه تتقاسمه قبائل الترابين والعبابدة والحويطات والتياها والإحيوات والنخالوة والعزازمة وكل قبيلة منهم تعرف موقعها علي خريطة سيناء وتعرف مواقع القبائل الأخري وحدودها، ورغم أنه تم تقسيم الوسط إلي قري محلية بلغت 30 قرية و160 تجمعًا تابعًا، إلا أن هذه التقسيمات القروية والمحلية تظل أمرًا نظريًا وحبرًا علي ورق حيث لايزال المجتمع البدوي هو الأساس.
الحدود لا تحددها الخرائط ونطاقها المكاني لا يعرفه سوي القبائل ويبدو هذا جليًا في مشكلة عشيرة العزازمة الذين قامت بينهم وبين قبيلة التياها مشكلة ضخمة وكان من نتيجتها عدم قدرة العزازمة مغادرة نطاقهم المحدود جدًا علي الحدود الشرقية مما أدي إلي اجتيازهم الحدود الدولية مع إسرائيل إلي أن تم حل النزاع بين الطرفين.