إصابات بمئات الآلاف ووفيات بالآلاف، كانت هذه حصيلة ضحايا فيروس كورونا، خلال أسابيع قليلة من انتشاره على مستوى العالم، خاصة أن هذا الفيروس سهل الانتشار والانتقال من مواطن إلى عشرات المواطنين فى آن واحد، وهو ما جعل الأنظمة الصحية على مستوى العالم عاجزة فى مواجهته، خاصة مع كثرة الإصابات فى وقت قصير.
خلال الأيام الماضية، خرجت منظمة الصحة العالية لتعتبر أن فيروس كورونا أسوأ أزمة تواجه العالم، واعتقد الكثيرون أن هذا الوباء الذى يشكل تهديدا لكل الدول على كوكب الأرض، خاصة أنه لم يتم اكتشاف علاج له حتى الآن، أنه لم يسبقه أوبئة أخرى شكلت تهديد للبشرية، وطالت أرواح الملايين، حيث سلط موقع "الحرة" الأمريكية، الضوء على أسوأ 4 أوبئة ضربت دول العالم وتسببت فى وفاة الملايين.
طاعون جستنيان
أبرز تلك الأوبئة وأقدمها كان طاعون جستنيان، وهو وباء أصاب الإمبراطورية البيزنطية وخاصة عاصمتها القسطنطينية، والمدن الساحلية حول البحر الأبيض المتوسط وأوروبا وآسيا وتسبب في وفاة بين 30 و50 مليون شخص، وهو ما قد يعادل نصف سكان العالم في ذلك الوقت، وكان المسئول عنه بكتريا تسمى "اليرسينيا الطاعونية" وهى المسئولة عن ثلاث من أكثر الأوبئة فكتًا بالبشرية على مدار تاريخها.
وتشير الدراسات الوراثية للحمض النووي الحديث والقديم ليرسينيا الطاعونية إلى أن أصل الطاعون كان في آسيا الوسطى. تم العثور على أكثر السلالات الموجودة على المستوى القاعدي أو الجذري من اليرسينيا الطاعونية كنوع في تشينجهاي، الصين، بعد أن تم عزل عينات من الحمض النووي لليرسينيا من الهياكل العظمية لضحايا طاعون جستنيان في ألمانيا، وجد أن السلالات الحديثة الموجودة حاليًا في سلسلة جبال تيان شان هي الأكثر قاعدية مقارنة بسلالة طاعون جستنيان، بالإضافة إلى ذلك تم العثور على هيكل عظمي في تيان شان يرجع تاريخه إلى حوالي عام 180 بعد الميلاد وتم تحديده على أنه "هون مبكر" يحتوي على حمض نووي ليرسينيا الطاعونية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بعينات طاعون جستنيان الألمانية
ويعتبر طاعون جستنيان عمومًا أول وباء يرسينيا طاعونية يسجل تاريخياً، ويستند هذا الاستنتاج إلى الأوصاف التاريخية للأعراض السريرية للمرض والكشف عن الحمض النووي فى البقايا البشرية في مواقع المقابر القديمة التي يرجع تاريخها إلى تلك الفترة.
ونقل الموقع الأمريكي عن أستاذ التاريخ بجامعة دي بول، توماس موكايتيس، تأكيده أن الناس حينها لم يعرفوا كيفية محاربة المرض باستثناء محاولة تجنب الاختلاط بالمرضى، موضحًا أن هذا الطاعون انتهى ببقاء غالبية الناس على قيد الحياة بطريقة أو بأخرى، وأولئك الذين بقوا على قيد الحياة كان لديهم مناعة من المرض.
الطاعون الأسودوذكر الموقع الأمريكي، أن مرض الطاعون الأسود ظهر فى القرن الرابع عشر أدى إلى وفاة ما يصل إلى 200 مليون شخص في شمال أفريقيا وآسيا وأوروبا، كما أن من 30 إلى 6% من سكان أوروبا لقوا حتفهم، حيث لا يعرف على وجه الدقة كيفية انتهاء المرض، إلا أنه مع ظهور المرض بدأت فكرة العزل، ففى مدينة راجوسا الساحلية الخاضعة لسيطرة البندقية كان يتم إبقاء البحارة الواصلين حديثا في العزل حتى يتمكنوا من إثبات أنهم ليسوا مرضى.
وابتدى انتشار وباء الطاعون في وسط آسيا، لكن الدلائل على ذلك ليست واضحة تماما على الرغم من إشارة عديدة من المؤرخين إلى أن بدأ انتشار وباء الطاعون في القرن الرابع عشر كان في تلك المناطق، تفيد النظرية الأكثر تداولا بأن الحالات الأولى للمرض وقعت في سهول آسيا الوسطى، على الرغم من أن بعض التكهنات الأخرى افادت بأن نشأة الوباء وبداية انتشاره وقعت في أنحاء شمال الهند مثل ما ذكر المؤرخ "مايكل ووكر دولز"، فيما تؤكد الأدلة التاريخية حول الأوبئة أنه ظهر في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
طاعون لندن العظيمموقع الحرة، أكد أن الطاعون الأسود ظهر على فترات متقطعة بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر، حيث ظهر ما يقرب من 40 مرة خلال 300 عام، وأدى إلى وفاة 20% من سكان لندن في كل مرة، وطاعون لندن العظيم ظهر في الفترة من 1665 و1666 وكان آخر أسوأ موجة من موجات الطعون، وأسفر عن مقتل 100 ألف من سكان لندن في سبعة أشهر فقط، تم حظر جميع وسائل الترفيه العامة وإخضاع المرضى بالقوة للبقاء في منازلهم لمنع انتشار المرض، وجرى دفن الموتى في المقابر الجماعية وكانت تلك الطريقة الوحيدة لإنهاء آخر تفشي لوباء طاعون كبير.
ويسمى أيضا الطاعون الكبير أو العظيم وهو أخر طاعون دبلي حدث في بريطانيا، وحدث ذلك في عدة قرون من زمن الوباء الثاني، الممتد من أوبئة الطاعون الدبلي المتقطعة التي بدأت في أوروبا عام 1347، في السنة الأولى من الموت الأسود تفشي ووتحول إلى أشكال أخرى مثل الطاعون الرئوى، واستمر حتى 1750.
الجدري
وأشار الموقع الأمريكي، إلى أن مرض الجدرى اجتاح أوروبا وآسيا وشبه الجزيرة العربية لعدة قرون، حيث قتل 3 من كل 10 أشخاص، لكنه قتل أكثر السكان الأًصلين في العالم الجديد مع اكتشافه في القرن الخامس عشر، كما أن نحو 90 إلى 95% من السكان الأصليين في الأمريكيتين تم محوهم من على وجه الأرض بسبب هذا المرض، وبعد قرون، أصبح الجدري أول وباء فيروسي يتم التخلص منه بواسطة لقاح، والفضل يعود إلى الطبيب البريطاني إدوارد جينر الذي عاش في أواخر القرن الثامن عشر بعد أن اكتشف أن فيروس جدري البقر يمكن أن سكون لقاحا ضد الجدري.
ولقح الطبيب البريطاني ابنه البالغ من العمر تسع سنوات بجدري البقر، ثم عرّضه لفيروس الجدري ولم تحدث نتائج سيئة على الطفل، وفي ذلك الوقت توقع الطبيب أن يتم التخلص من المرض نهائيا، لكن الأمر استغرق ما يقرب من قرنين آخرين، ففي عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه تم القضاء كليا على الجدرى.
ويعد الجدرى أول مرض ينتصر عليه البشر، حيث فتك مرض الجدرى وشوه وسبب العمى لملايين الضحايا عبر تاريخه الطويل، ونشأ نتيجة للعدوى بفيروس ينتقل من المصابين إلى الأصحاء، وظهر طفح يشبه البثور على جلد المريض، ثم تتكون قشرة على البثور ما تلبث أن تسقط تاركة ندبة في مكانها، وليس للجدري علاج، كما يموت 20% من ضحاياه، ويصاب الباقي بتشوهات مستديمة.