عام القيامة
السبت، 14 مارس 2020 07:22 م
تصريحات من شخصيات تنتمى للمؤسسة الدينية بأن القيامة قد أوشكت، يعود بى إلى مقالى السابق الذى تناول قياس جميع الأمور بما فيها تقييم الأشخاص بمعيار الجنة والنار «العقلية الأخروية».
منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا قال الرسول (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ) ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، هذا بخلاف الآيات والأحاديث التى تحدثت عن أشراط الساعة وعلاماتها التى تحقق منها الكثير والكثير ولم تقم حتى الآن، كان الأولى بمشايخنا الانشغال بطمأنة النفوس والعباد بدلًا من إرعابهم وتحكيم عقولهم الأخروية، وأن يفسحوا المجال لعلماء الأمراض والأوبئة للحديث، فالناس لن تجرى وراءهم فى الشوارع منادين «هؤلاء لم يتحدثوا عن كورونا».
يذكر التاريخ الإسلامى وقائع كثيرة انتشرت فيها الأوبئة وحصدت الأرواح، حينها خرج أيضًا علماء الدين محذرين من أن الوباء هذا علامة على قيام الساعة، ومرت القرون ولم تقم الساعة، واليوم نقرأ حوادثهم ونتعجب على ما قالوه حينها، ومن ثم علينا أن نفكر كيف سيذكر التاريخ فى يوم من الأيام ما قلناه قبل أن ننطق به، كى لا نبتذل معانى روحانية ووعودا ربانية كالقيامة للتعبير عن مخاوفنا الذاتية.
حالة الذعر التى تصاحب انتشار فيروس كورونا تذكرنى بمشهد سينمائى لخص نظريات السيطرة على الحشود من خلال زرع الخوف، أو ما يعرف بـ«الإدارة بالخوف»، حين يتحدث مستطاع دكتور الفلسفة الذى احترف الدجل، مع صديقه عن تأثير الخوف على النفس البشرية فى تقبل الإيحاء «خوف الناس من المستقبل بيسبب لهم قلق والقلق بيخلق استعداد لتقبل الإيحاء وفى ظل الإيحاء الناس بتصدق أى حاجة» فى حين أن إحصائيات ضحايا حوادث الطرق، وعدد الموتى من الأمراض المزمنة مثل السكرى والقلب وضغط الدم والأنفلونزا، يتخطاه بعشرات الأضعاف، الخوف الحقيقى من كورونا كونه مجهولا حتى الآن.
ما يستحق الخوف هو تبعات كورونا على الوضع الاقتصادى، ليس وقت انتشاره فحسب، لكن حديث الاقتصاديين عن التبعات التى ستتبعه وتأثيرها ومداها، قد يتخطى حاجز الأزمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨، وهو ما يلزم الاستعداد لها جيدًا، آجلا أم عاجلا سيتلاشى شبح كورونا وتبقى بصمته على خريطة العالم الاقتصادية.
كما يقول المثل الشعبى المصرى «دود المش منه فيه»، ينهش جنون العظمة والسيطرة أوصال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الرجل يقود حربا مفتوحة الجبهات بطريقة تخالف المنطق إذا نظرنا لإمكانيات الدولة التركية عسكريًا واقتصاديًا وعلاقاتها مع جيرانها ومحيطها الإقليمى.
بعيدًا عن الاتهامات المرسلة أو المعارك المؤدلجة، بنظرة عابرة على إدارة الوضع السياسى التركى فى الداخل والخارج، نجد أن العداء ضد الرئيس التركى فى الداخل يتصاعد، رجال الحزب الحاكم الداعم الرئيسى له ينشقون من حوله مؤسسين قوى حزبية صاعدة تهدد استمرار الكتلة المؤدية وتفتتها، حالة الغضب عليه من القوى المدنية والمعارضة السياسية والإعلام والصحافة والتيار العلمانى وهو كتلة حرجة، والقوميون الرافضون لوجود المهاجرين الذين يستخدمهم النظام التركى كفزاعة ضد أوروبا، وبالفعل استخدمها مؤخرًا حين فتح الحدود للمهاجرين، بعدما فشل فى الحصول على غطاء سياسى أوروبى فى عدوانه على سوريا، ولأن اللعب أصبح على المكشوف بـ«بجاحة» قال المستشار النمساوى سيباستيان كورتس إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يستغل معاناة المهاجرين ويستخدمهم كسلاح ضد الاتحاد الأوروبى، وأعتقد أن دول القارة العجوز لن تجعل الأمر يمر بلا حساب.
يذكرنى أردوغان بنزوات الأباطرة الرومانيين، التى كلفتهم حكمهم وحياتهم، ووضعت مصير الإمبراطورية الرومانية على المحك فى أوقات ومواضع كثيرة، خاصة أن العالم يشهد حالة احتراب وصراع نفوذ، شديد الشبه ويكاد يكون إعادة تاريخ لفترة صراع الإمبراطوريات للسيطرة على العالم من خلال التوسع الجغرافى، إلا أن الأسلوب تغير الآن بعض الشىء، لينصب على السيطرة الاقتصادية والسياسية والحروب بالوكالة، مستخدمين ميليشيات مؤدلجة ومسيسة.