أزمة القانون 145.. معاينة مسرح الجريمة دون وجود محامي مع المتهم يبطل الحكم
الإثنين، 09 مارس 2020 05:59 م
يعد «مسرح الجريمة»، هو المكان الذي اقتحمه فاعل الجريمة، ومكث فيه فترة من الوقت مكنه من ارتكاب جريمته، وخلف ورائه أثارا تدل عليه، وهنا تتضح أهمية الطب الشرعي في قضايا النفس من قتل أو الشروع فيه أو ضرب أو عاهة، لمحاولة الكشف عن الجناة الأصليين.
بالرجوع إلى قضايا النفس الخطرة، ليس أمام جهات التحقيق وخبراء الطب الشرعي إلا روايتين فقط، الأولى رواية المجني عليه إذا كان حيا، والثانية رواية المتهم الذي يحاول الدفاع عن نفسه للإفلات بجريمته، بالإضافة إلى تحريات الشرطة التي قد تميل إلى إحدى الروايتين، فلا تستطيع جهات التحقيق الكشف عن الحقيقة فعليا، إلا بعد صدور التقرير الفني لخبراء مصلحة الأدلة الجنائية أو الطب الشرعي، من خلال فحص مكان وقوع الجريمة بشكل صحيح وسليم، وهو ما يؤدي إلى التوصل لأي من الروايتين أقرب للحقيقة بحيادية كاملة اعتمادا على علم لا يقبل التأويل.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل عدم وجود محامي المتهم أثناء إجراء معاينة لمسرح الجريمة، يبطل الحكم؟
ظهرت خلال الفترة الماضية، إشكالية قانونية خطيرة بينها سؤال «هل تؤدي عملية قيام النيابة العامة بإجراء المعاينة التصويرية وتمثيل الجريمة دون وجود محامي مع المتهم إلى بطلان الحكم في قضايا القتل؟» وهو الأمر الذي حدث بالفعل في عدد من القضايا الجنائية مؤخرا، بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد على شليل.
وقال شليل، يجب أن نعلم بشكل صريح وواضح أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 الصادر في 28/6/2006 والمعمول به اعتباراً من 15/7/2006 نصت على أنه: «لا يجوز للمحقق في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو أن يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب محامياً».
حالات استثناها المشرع
وأوضح الخبير القانوني والمحامي محمد على شليل، مفاد هذا النص، أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً، هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامي المتهم، تحقيقاً لهذه الضمانة الهامة يجب على المتهم أن يعلن أسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو مأمور السجن، أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان، مشيرا أنه لم يتطلب القانون لهذه الدعوة شكلاً معيناً، فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو أحد رجال السلطة العامة، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه معه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن ينتدب له محامياً.
وتابع: ولذلك فإنه وفقا لهذا الدفع فإنه يبطل الحكم في قضايا القتل إذا قامت النيابة العامة بإجراء المعاينة التصويرية وتمثيل الجريمة دون وجود محامى مع المتهم.
كيف تصدت محكمة النقض للأزمة
سبق لمحكمة النقض المصرية تصديها لمثل هذه الأزمة في الطعن رقم 5762 لسنة 82 جلسة 2013/12/01، حيث قالت أنه: «لما كان البيّن من مطالعة المفردات أن وكيل النيابة المحقق أجرى المعاينة التصويرية بتاريخ 23 من يونيه لسنة 2010 واعترفت المتهمة في محضرها بقتل المجني عليها ومثلت كيفية ارتكابها للجريمة، وتمت هذه المعاينة دون انتداب النيابة العامة محاميا لها،ً رغم عدم وجود محامٍ معها .
ولما كان ذلك - وكان البين من المفردات وعلى السياق المار ذكره أن المحكوم عليها لم يكن معها محام وقت إجراء المعاينة التصويرية والثابت بمحضرها اعترافها بقتل المجني عليها وتمثيلها لكيفية ارتكاب الواقعة، كما لم يندب لها المحقق محامياً تطبيقاً للأثر الفوري للقانون رقم 145 لسنة 2006، وهو ما يترتب عليه بطلان المعاينة.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة ضمن ما استند إليه من أدلة إلى المعاينة التصويرية، فإنه يكون معيباً بما يبطله، ولا يغنى بشأن ما تقدم ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية ضمائن متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.