تجديد الخطاب الديني.. والفوضى الجنسية!!
الأربعاء، 04 مارس 2020 07:20 م
"إنَّ الذين يحبون أنْ تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ".. وبعض "غُلاة العلمانية" و"غلمان التنوير" يتخذون من إشكالية "تجديد الفكر الدينى" باباً للترويج لأفكارهم الشيطانية التى لا يقرها دينٌ سماوىٌّ ولا عُرفٌ أخلاقىٌّ، ومن بين هذه الأفكار العملُ بإخلاصٍ ودأبٍ ويقينٍ على كسر الثوابت الدينية والضوابط الحاكمة للعلاقات الجنسية بين المسلمين، حتى تبسط الفوضى الأخلاقية سيطرتها على نفوس الأجيال الناشئة، وتصنع منهم مجتمعاً مفككاً أخلاقياً ومُنحرفاً إنسانياً، وما يؤكد هذا أنه من "المستحيل" وليس "النادر" أن تضبط أحدهم مُتلبساً بالدفاع عن "قيمة أخلاقية" أو "فضيلة دينية"، وكأن التنوير لن يكون تنويراً إلا إذا انسلخ المسلمون من دينهم انسلاخاً، أو خرجوا من إسلامهم أفواجاً!
التفكير الجنسى حاضرٌ بقوة فى كتابات وسجالات المحسوبين على التيار التنويرى، لا يختلفون فى ذلك عن التيار السلفى، ولا أدرى ما علاقة ذلك بتجديد الخطاب أو الفكر الإسلامى من قريب أو بعيد!
فى جديد هذا التهافت المُتهافت، والتردى المُتردى.. كتبت "إحداهن"، الأسبوع الماضى، مقالاً بصحيفة قومية عنوانه: "لا تجديد للخطاب الدينى بدون إقرار الزواج المدنى". المقال -فى مُجمله- يركز على كسر قاعدة إسلامية ثابتة وشهيرة وهى إباحة زواج المسلمة من غير المسلم.
فقهاء المسلمين، قديمهم وجديدهم، أجمعوا على أنه لا يجوز زواج المسلمة من غير المسلم، مُستندين إلى أدلة نقلية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية، لا تقبل تأويلاً أو تحريفاً.. ويبقى السؤال المنطقى: ما علاقة هذه الإشكالية بتجديد الخطاب أو الفكر الإسلامى؟! ولا يخفى على كل ذى بصيرة.. ما تنادى به صاحبة هذا المقال من دعوات، وما تطرحه من أفكار تتصادم مع أبجديات الشريعة الإسلامية الراسخة، على مدى عمرها الممتد، ربما يكون أدناها أن يُنسبَ الأبناء لأمهاتهم، وليس لأبائهم!
وغيرَ بعيدٍ من "سيدة التنوير الأولى".. يدافع حاملو ألوية التنوير فى مصر عن سلوكيات شاذة وطارئة على المجتمع المصرى فى السنوات الأخيرة، وسعوا إلى التمكين لها، عبر مظاهرات صحفية و تليفزيونية أو فيسبوكية وتويترية، مثل: "سنجل مازر" أو "السكن الجامعى المختلط"، أو الأنواع المستحدثة من الزواج التى لا تتحقق فيها الأركان الشرعية والمتعارف عليها، بإجماع أهل العلم والاختصاص.
قبل أيام قليلة.. نشرت إحدى المنصات الإخبارية تقريراً عن ظاهرة "السكن المختلط"، وحذرت من آثاره الأخلاقية، فما كان من "أحدهم" إلا أن اندفع غاضباً، مدافعاً عن الظاهرة، واصفاً إياها بـ"المتحضرة"، ومتهماً من يرفضونها بـ "الرجعية والجمود والتخلف"، واعتبر ذلك "نتيجة طبيبعية" لما وصفه بـ "التصدى لتجديد الخطاب والفكر الإسلامى"!
وعندما شرعتْ فضائية عربية قبل سنوات فى حذف المشاهد غير اللائقة من الأفلام السينمائية؛ حفاظاً على الذوق العام، انبرى فريقٌ من "مرتزقة ومرتزقات التنوير" ساخرين من القناة ومن إدارتها، وطالبوا بعدم حذف هذه المشاهد تحت أى ظرف من الظروف وتجنيب الأعمال الفنية أى اعتبارات دينية أو أخلاقية أو مقاطعة القناة، إلا إنَّ مسؤولى الأخيرة أصروا على موقفهم . وهم أيضاً من يهتفون لأية فنانة إذا تعرَّتْ، ويطالبون بمنحها "الأوسكار"، وهم أيضاً سوف يرجمونها بمدادهم الأسود إذا قررت الاحتشام أو الاعتزال!
وعلى منصَّة الفيديوهات المصورة.. هناك فيديو مُطوَّل يستنكر فيه "أحدهم" التجريم الإسلامى لـ "الزنا"، وتشدُّد القرآن الكريم فى تحريمه فى غير موضع، لعل أشهرها: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً"، زاعماً أن "الزنا" لم يكن مُحرماً ولا مُجرَّماً حتى وقت متأخر من البعثة النبوية، وأن الرسول هو من "دسَّ" هذه الآيات فى القرآن الكريم، مستطرداً فى كلام خبيث لا يصحُّ إعادة نشره ..
وفى حوار مُطوَّل.. طالب إحداهم بإلحاح مطالباً بإباحة "تعدد الزوجات"، على غرار "تعدد الأزواج"، وعندما قاطعه المحاور بسذاجة: ولمن يُنسب الأولاد؟ فأجاب بكل وقاحة: "تحليل "دى إن إيه" يفصل فى تحديد هوية الأب"!
قبل سنوات غير قليلة.. دافع "أحدهم" أمام الراحل الشيخ "محمد الغزالى" عن "زواج المتعة"، مستنكراً تحريمه، فما كان من العالم الجليل – رحمه الله- إلا أن سأله: وهل ترضى ذلك لابنتك؟ فبُهتَ التنويرى الألمعى، وانصرف مرتبكاً مهزوماً مدحوراً.. الشواهد فى ذلك كثيرة ومتعددة ومتراكمة وتقودنا إلى نتيجة حتمية ومنطقية مفادها: أن "شلة الأنس" من الذين يخدعون الرأي العام بأنهم "دعاة تجديد"، ليسوا كذلك بل "دعاة تخريب وتدمير"، يحرفون الكلم عن مواضعه، ويدمرون البنية الأخلاقية والدينية للمصريين، وصدق الله العظيم إذ يقول: "يحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ".