3 مشكلات تواجه تطبيق قانون الخلع.. أباحه المشرع ولم يعالج ثغراته
الإثنين، 17 فبراير 2020 09:00 ص
لم تعد العلاقة الزوجية التي حثت عليها الأديان السماوية ذات القدسية والحصانة كما كانت، فلم تعد مودة ورحمة، بفعل أمور تدفع نحو انتهاءها، وتصير الحياة جحيماً لا يطاق درجة أن تفشل كل مساعي الإصلاح.
إذا كان الكره أو الشقاق بين الزوجين من جانب الرجل فقد خوله الشرع بإمكانية إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، ويكون ملزماً بكل ما يترتب على هذا الزواج، أما إذا كان الكره أو الشقاق من جانب المرأة، فقد خولها الشرع إمكانية الخلع ومقتضاها أنها تفتدى نفسها وخلاصها، بأن تؤدى للزوج ما دفعه من مقدم مهر وأن تتنازل له عن جميع حقوقها الشرعية والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة، فلا ضرر ولا ضرار.
وفي ظل دعوات الخلع المتزايدة أمام ساحات المحكاكم باتت هناك إشكالية ناجمة عن التطبيق العملي لقانون الخلع، حيث أن الخلع يؤدى إلى تطليق يسترد به الزوج ما دفعه، ويرفع عن كاهله عبء أداء أي من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك، فيزول عنه بذلك أي ضرر، ما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخالعته إضراراً خالصاً بها، والقاعدة الشرعية «لا ضرر ولا ضرار».
الخلع في حقيقة الأمر يعفى الزوجة إن ضاق بها الحال من إشاعة أسرار حياتها الزوجية فقد يحول الحياء بينهما وبين أن تفعل وقد تكون قادرة على أن تفعل ولكنها تأبى لأنها ترى في هذه الأسرار ما يؤذى أولادها في أبيهم، وخاصة حين يسجل ما تبوح به فى أحكام قضائية وكل ذلك مع تقرير الأصل الشرعي فى الخلع وهو التراضي عليه بين الزوجين طبقاً لأحكام المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بحسب أن الحكم بالخلع نوع من الطلاق بعد إقرار الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة الزوجية، وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وذلك هو ظاهر الآية الكريمة يقول تعالى: "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيم حدود الله، فإن خفتم ألا يقيم حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به.
ورغم مرور أعوام على بدء قانون الخلع في مصر، وصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بدستوريته وموافقته للشريعة الإسلامية إلا أن التطبيق العملي لهذا القانون كشف عن وجود بعض الثغرات، ولكنه لا يخلو من ثمة ميزة حيث يرى البعض أن للخلع خسائر نفسية في نظرة المجتمع وأنه لم يساهم بأي حال من الأحوال في حل المشاكل الأسرية، وفي ضوء ذلك يطالبون بضرورة إلغاء قانون الخلع الذي يعد من وجهة نظرهم غير ذي نفع لمصلحة الأبناء أو الأزواج.
ويرى المطالبون بوقف قانون الخلع، أن تطبيق الخُلع من الناحية العلمية يسبب نظرة سلبية للرجل المخلوع أو الزوجة المخلوعة، فينظر إليهم المجتمع نظرة استهزاء وسخرية، والبعض يرى أن هناك انحراف في استخدامه من بعض الزوجات ممن اتخذنه بديل لمواجهة المشكلات، وأن الطلاق والخلع والتفريق الذي يتم أمام محاكم مدنية تتدخل فيها الأهواء وتكييف المحامي للقضية مع عمل المحاضر الكيدية وإحضار شهود الزور.
ويرى البعض أن الخلع طوق النجاة لصاحبات المعاناة، وأنه أعاد التوازن المفتقد للعلاقة بين الزوجين، فقد أعطى للمرأة الحق في خلع الزوج بسبب غضها له وخشيتها ألا تقيم شرع الله، في مقابل حق الزوج الشرعي في إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة.
ومن أهم المشكلات الناجمة عن التطبيق العملي لقانون الخلع، مشكلة المهر، حيث يتفق الزوجان على مقدم الصداق بمبلغ معين إلا أنهما في وثيقة الزواج يضعان مبلغاً أقل مما اتفقا عليه، بقصد التهرب من سداد رسوم عالية للمأذون.
وتعد هذه القضية الأكثر جدلاً في تطبيقات الخلع وهي أيضاً العامل الأساسي في طول أمد التقاضي، خاصة أن القانون لم يحسمها مما أدى إلى كثير من التحايلات، فكثير من الأزواج يتمسكون بأنهم دفعوا لزوجاتهم مقدم صداق أو مهراً أكبر من المدون في وثيقة الزواج فضلاً عن أن بعض الأزواج عندما يقدرون قيمة المهر يحسبون الهدايا والشبكة وقائمة المنقولات ويعتبرونه هو المهر الحقيقي.
وطرحت هذه القضية على بعض علماء الدين وخبراء القانون الذين أكدوا على ضرورة معالجة بعض الثغرات التي جاءت في قانون الخلع لتحقيق جدواه وأهدافه، وقد تم رصد بعض الدوائر القضائية تصدر الحكم بما هو ثابت في العقد، وتعطي الزوج الفرصة للمطالبة بما يدعيه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة ويرى البعض أن في ذلك ظلم للزوج، ويتساءل البعض هل من العدل أن يحكم للزوجة بالخلع على مبلغ صوري سواء كان جنيهاً واحدا أو أقل من جنيه ثم يثبت الزوج حقه بعد وقوع الخلع.
ومن المشكلات أيضًا طول أمد التقاضي، فقد تمتد القضية لبضع سنوات وهو عيب في المنظومة القضائية بوجه عام وفي دعوى الخُلع بوجه خاص، وهذه المشكلة مرتبطة بالمشكلة السابقة.
ويشير البعض إلى وجود ثغرة أخرى في قانون الخلع، وهي أن الحكم الصادر بالتطليق خلعاً، حكم غير قابل للطعن وهو ما نصت عليه المادة 20 من القانون، ويؤكدون أن هذا عيب يجب تلافيه، فالقضاة بشر وقد يقع خطأ من القاضي كأن تقوم بعض الزوجات برفع دعوى خلع أثناء سفر زوجها ويحكم لها بالخلع دون أن يعلم، فلا بد من درجة تقاضي أعلى لتلافي هذه السلبيات، ومن جانبنا نرى أن تلك الحالة يعالجها طريق التماس إعادة النظر الذي لا يعد طعناً على الحكم، ولكنه عودة لذات المحكمة التي أصدرته عند ثبوت حالة من حالات الالتماس، وأهمها وجود غش وتدليس من الزوجة .