تصارع حكومة لبنان المثقل بشدة بالديون أزمة اقتصادية أججت احتجاجات عنيفة، ويتعين عليها اتخاذ قرار على وجه السرعة بشأن كيفية التعامل مع مدفوعات ديون يقترب موعد استحقاقها بشدة، بما فى ذلك سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار تستحق فى التاسع من مارس.
ويواجه لبنان أزمة ربما الأكبر في تاريخ اقتصادها، حيث وصل الدولار لدرجة غير مسبوقة من الشح، وارتفاع باهظ فى سعره بالسوق السوداء، وأمام الوضع الاقتصادى المتردى قررت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب الاستعانة بصندوق النقد الدولى.
ومن جانبه قال متحدث باسم صندوق النقد الدولى، جيرى رايس، إن لبنان يحتاج إلى إجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية لزيادة الثقة واحتواء التضخم فى الوقت الذى يتحرك فيه لدعم اقتصاده.
وقال جيرى رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولى للصحفيين إن لبنان كان قد طلب مساعدة فنية من الصندوق، لكنه لم يطلب أى مساعدة مالية.
وقال إنه سيتوجب أن يكون اتخاذ الحكومة اللبنانية أى قرارات بشأن إعادة هيكلة الدين بالتشاور مع الدائنين، لكن صندوق النقد الدولى ليس له دور فى ذلك.
وقال رايس إن صندوق النقد الدولى على استعداد لمساعدة السلطات اللبنانية فى عملها على حزمة مطلوبة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الضرورية للتعامل مع مشكلة ثقة الجمهور.
وقال رايس فى مؤتمر صحفى دورى لصندوق النقد الدولى: "شعورنا حيال (ما) تحتاج السلطات اللبنانية القيام به...هو حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية".
وقال: "فى هذه المرحلة، ما طلبته سلطات لبنان هو مساعدتنا ومشورتنا الفنية لمساعدتها فى الإصلاحات التى تريد تطبيقها لاستعادة الاستقرار والنمو".
وقال:"هناك بعض المشكلات الهيكلية القائمة منذ فترة طويلة فى الكثير من قطاعات الاقتصاد التى يلزم التعامل معها، ونعتقد أن تلك الخطوات ستساعد فى تحسين الأوضاع بالنسبة للجميع، وعلى الأخص الطبقة الفقيرة والمتوسطة"
وحول مساهمة الصناعيين في حل الأزمة، قال رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، إن الصناعة وغيرها من القطاعات الإنتاجية تمثل ضرورة كبرى للبنان، وأن الصناعيين سيساهمون بشكل كبير فى مسار إنقاذ البلاد.
وأشار دياب – خلال استقباله وفدا من جمعية الصناعيين – إلى أنه يعلم أن الصناعة فى لبنان تواجه صعوبات جمّة، وأن معاناة القطاع الصناعى أصبحت مزمنة، وقد زادت فى الفترة الأخيرة، خاصة فى ظل الوضع الاستثنائى الذى يعيشه لبنان.
وأضاف: "بكل أسف ارتكزت معظم السياسات الاقتصادية فى لبنان على قواعد الاقتصاد الريعي، وهو أحد أهم الأسباب التى أدت إلى وصولنا اليوم إلى هذا الوضع الصعب، والذى نحاول معالجة نتائجه"، مشيرا إلى أن لبنان بإمكانه أن يحمل أكثر من هوية اقتصادية ما بين سياحية وتجارية وزراعية وخدمية ومصرفية، غير أنه بالتأكيد لا يستطيع أن يتخلى عن الصناعة.
ودعا رئيس الوزراء اللبنانى ، القائمين على القطاع الصناعى إلى الاستمرار فى الوقوف إلى جانب الدولة، حتى يمكن تجاوز هذه المرحلة الاستثنائية من عمر لبنان.
من جانبه، قال رئيس جمعية الصناعيين فادى الجميل، إن القطاع الصناعى الذى يرتبط به 195 ألف شخص فى لبنان، أصبح مهددا وأنه ما لم يحصل على 300 مليون دولار لاستئناف استيراد المواد الأولية للتصنيع فى أسرع وقت، فإن القطاع سيتوقف عن العمل.
ولفت إلى أن القطاع الصناعى ينتج السلع الضرورية للأمن الغذائى فى لبنان، وأن توفير المواد الأولية للإنتاج أمر بالغ الضرورة للاستمرار، مشيرا إلى أن القطاع الصناعى هو بمثابة مدخل للحل للاقتصاد اللبنانى ككل وليس فقط لبعض الصناعيين.
وقال وزير المالية اللبنانى غازى وزنى بعد اجتماع مع الرئيس وحاكم مصرف لبنان اليوم الخميس، إن الحكومة ستواصل بحث خياراتها للتعامل مع استحقاقات السندات الدولية الوشيكة بما فى ذلك ما إذا كنت ستفي بالمدفوعات أم لا.
وأضاف وزني أن لدى لبنان خيارات عديدة جرى بحث كل منها بعمق خلال الاجتماع، قائلا إن القرار مهم وليس سهلا.
وتابع أن تعميما سيصدر خلال الأيام القليلة القادمة بخصوص تنظيم القيود غير الرسمية على حركة رؤوس الأموال المفروضة من البنوك التجارية، وذلك من أجل مزيد من الوضوح وحماية المودعين.