عقوبات ودوافع.. لماذا تترصد أمريكا لـ «السيل» الروسي التركي؟
الثلاثاء، 11 فبراير 2020 08:38 م
في عام 2016 أعلنت شركة «غازبروم» الروسية أنها حصلت على أول تصريح من السلطات التركية لبناء القسم البحري من خط «السيل التركي» لنقل الغاز، وذلك في إطار إجراءات استئناف المشروع.
ومشروع "السيل التركي" يهدف لنقل الغاز الروسي عبر قاع البحر الأسود إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.، ويتضمن مد أنبوبين بسعة إجمالية تصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، احداهما مخصص للسوق التركية، والآخر للمستهلكين الأوروبيين، وذلك في ظل ما يشهده السوق التنافسية في العالم من خطورة متصاعدة، مع تسريبات تتعلق بخطوات أمريكية جديدة تضاف لحركة سابقة تتعلق بتمديد الغاز إلى أوروبا، فالغاز الذي شكل دومًا ورقة موسكو الرابحة ضد أوروبا الخائفة من موسم الشتاء، فتلوح به روسيا ضد الأوروبيين لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في ملفات مختلفة
أوكرانيا وهي حليفة الغرب ضد روسيا، تستخدم خطوط الغاز الروسية العابرة عبر أراضيها، كورقة ضغط على موسكو، لذا خططت روسيا لإنشاء "سيل" لتجاوز أوكرانيا، ولكن اليوم تبدو واشنطن في نيّة المضي بشوط الحرمان وعرقلة الخطط الروسية والأوربية – من ورقة الغاز حتى النهاية؛ الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى احتمالية الصدامات بين أوروبا وأمريكا، ومن المتوقع أن يقرر الكونجرس الأمريكي حزمة عقوبات جديدة تستهدف خط السيل الشمالي " 2 " والذي من المقرر أن ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا فأوربا، عبر بحر البلطيق في الشمال.
وقد يتبني الكونجرس الأمريكي حزمة جديدة من العقوبات ضد مشروع ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا "السيل الشمالي"، بحسب صحيفة (Handelsblatt) الألمانية، التي نقلت عن مصادر في الدوائر الدبلوماسية في واشنطن، قولهم، إن العقوبات ستستهدف المستثمرين والشركات المستقبلة للغاز، في حالة استمرار العمل على إنجاز المشروع، وأنه في حال الضرورة قد يتم إقرار العقوبات في وقت مبكر من فبراير أو مارس.
ألمانيا بدورها ترفض العقوبات الأمريكية العابرة للحدود، وجاء ذلك بعد التقارير التي أفادت بعزم واشنطن فرض عقوبات جديدة على مشروع "السيل الشمالي-2" الروسي، حيث أوضح مصدر في وزارة الخارجية الألمانية، أن "الخارجية لا تشارك في التكهنات المرتبطة بعقوبات محتملة، فألمانيا تحافظ على اتصالها مع الولايات المتحدة بشأن جميع القضايا الثنائية والدولية الهامة، لكن موقف برلين معروف، فالحكومة لا تقبل بأي شكل من الأشكال القيود العابرة للحدود.
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية بعقوباتها المتوقعة لردع الشركات الروسية عن إتمام تمديد المرحلة الأخيرة من الأنابيب، بجهودها الذاتية بعد العقوبات السابقة التي تسببت بانسحاب الشركات الغربية والألمانية من المشروع بعد أن وقع الرئيس " ترامب " في شهر ديسمبر العام الماضي، قانونا يفرض عقوبات على الشركات المساهمة في مشروع "السيل الشمالي " وصادق مجلس الشيوخ الأمريكي في 17 ديسمبر، بغالبية ساحقة على فرض العقوبات، وتم إرسال القانون، إلى ترامب الذي وقع عليه.
وبحسب خطة مشروع السيل، فسوف تضخ روسيا عبر هذه الأنابيب 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى ألمانيا، وهو ما يضاعف من سعة خط الإنتاج الحالي لشركة "السيل الشمالي"، وترى الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا الشرقية أن الخط الجديد يمثل تهديداً لطريق العبور الأوكراني القائم منذ عقود، ويمثل عائداً ماليّاً كبيراً لأوكرانيا التي ما انفكت تبتز روسيا بورقة الغاز، مما يعني بعد افتتاح الخط الجديد، اعطاء روسيا القدرة على تجاوز أوكرانيا كممر عبور.
أما المخاوف الأوروبية، من المشروع تكمن في آثاره الاقتصادية والاستراتيجية المتوقعة على دول في وسط وشرقي القارة، والتي تعتمد بشكل شبه كامل على الغاز الروسي، في خلاصة القرارات الجديدة، يوحي التوجه الأمريكي، ببلوغ العجز التقني منتهاه في عرقلة عمل الشركات الروسية، والعقوبات الأمريكية الجديدة، وضعت على الطاولة منذ ديسمبر الماضي، لكن بمجرد تبنيها، تغلق الأنبوب عند المصب، عمليا، مما يوحي باحتمالية تخفيف شروط العقوبات ضمنيّاً أو أن تجد أوربا وسائل جديدة للالتفاف على فحوى العقوبات، يضاف لذلك كله، التساؤل عن مدى استمرار الصمت الأوربي وما كلفة الرفض وتحركات عواصم القرار في ألمانيا وبروكسل ضد الرغبة الأمريكية ومدى انحيازهم للجانب الروسي.