كيف برر السلفيون والإخوان «العنف» باستخدام كتب التراث؟

الأحد، 09 فبراير 2020 09:00 ص
كيف برر السلفيون والإخوان «العنف» باستخدام كتب التراث؟
تجديد الخطاب الديني
محمد أبوليلة

«داعش» يستند لأقاويل «ابن تيمية» عن الجهاد والعنف.. أبوإسحاق الحوينى مُنظر السلفية الجديدة.. حرّم الموسيقى استنادا لعدة أفكار قديمة
 
متى يتحرك الأئمة؟
هذا السؤال بدأ يتردد لأن هناك نصوصا وردت فى كُتب تراثية كثيرة كانت هذه النصوص هى ملاذ السلفيين ومن وراءهم جماعة الإخوان الإرهابية، فى عدد من الأمور الدينية التى انتهت بالمطاف إلى العنف والإرهاب، بسبب التشدد فى بعض هذه النصوص التى دوما يقرأوها مُنظرو الحركات السلفية المعاصرة أمام تلاميذهم وقرائهم، وقت أن كانت زوايا ومساجد مصر مفتوحة لهم، وخطاباتهم تُباع على الأرصفة فى شرائط الكاسيت فى أواخر التسعينيات ومع بداية العقد الجديد من الألفية الثالثة.

تقديس السلفين لـ «البخارى» و«مُسلم»
فى دراسة أجراها المعهد المغربى لتحليل السياسات عام 2019 من أجل تحليل الحركة السلفية المعاصرة فى مصر وجميع البلدان العربية - حصلت «صوت الأمة» على نسخة منها- أكدت أن كتاب «صحيح البخارى» يعتبره السلفيون هو المصدر الأول للأحاديث الصحيحة المنقولة عن الرسول عند أهل السنة، ويضم الكتاب حوالى أربعة آلاف حديث، يليه من حيث الأهمية لدى السلفيين «صحيح مسلم»، الذى يعد أهم كتب الحديث الصحيح بعد كتاب البخارى، لدى أهل السنة، ثم يأتى ثالثا كتاب التوحيد لمحمد بن عبدالوهاب، وترجع أهمية هذا الكتاب لكونه صادرا عن مؤسس السلفية الحديثة والشخصية الأكثر تأثيرا داخل التيار السلفى المعاصر، بعد الشيخ ابن تيمية، وكتاب التوحيد يتضمن لأقوال السلف الصالح، والأحاديث النبوية الصحيحة، لـ تبيان التوحيد فى العبودية والربوبية، من خلال انتقاد ما اعتبر مظاهر الشرك والمدخلات البدعية فى العقيدة الإسلامية.

الحوينى الأعلى تأثيرا فى السلفيين
الدراسة الأكاديمية أوضحت أن أهم الشخصيات المؤثرة فى السلفيين ليس فى المغرب فقط وإنما فى كل الدول العربية كانوا دعاة ورموز دينية من خارج المغرب، ويأتى الشيوخ المصريون المشهورون فى قناة الناس الفضائية فى الرتبة الأولى ضمن الشيوخ الأكثر تأثيرا فى السلفيين المغاربة، وقد احتل الشيخ المصرى أبوإسحاق الحوينى الرتبة الأولى بحوالى 30 فى المائة من مجموع المستجوبين، ثم بعده الشيخ محمد حسان بـ21 فى المائة، وبعده الشيخ الأردنى الألبانى بـ8 فى المائة، لكن هذه الدراسة تدعو للتأمل حول مدى تأثير شخصين مصريين كـأبى إسحاق الحوينى ومحمد حسان.

أفكار سلفية مثيرة للجدل
الحوينى له فتاوى كثيرة مثيرة للجدل، ولا يكف عن ذكرها فى مجالسه وأحاديثه، فهو يعتبر أن كل الموسيقى حرام باستثناء ما تضرب به الجوارى فى الأفراح، فقال الموسيقى حرام كلها حتى الدُّف، إلا فيما يتعلق بالضرب عليه للجوارى فى الأفراح؛ لأن الدفَّ من المعازف، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول كما فى الحديث الذى رواه البخارى معلقا، ورواه البيهقى وغيره موصولا: «ليكوننَّ من أمتى أقوامٌ يستحلُّون الحِرَ- الذى هو الفرج، بمعنى الزنا- والحرير، والخمر، والمعازف».. هذا حسبما يرى الحوينى، لكنه لم يذكر هل هذا الحديث كان ضعيفا أم لا؟ 
 
كما أفتى الحوينى بوجوب ختان الإناث فى الإسلام حيث إنه يأخذ برأى الشافعية فى هذه المسألة، ولا أحد ينكر فتاواه المثيرة للجدل، بعد فتواه الشهيرة المؤيدة لـ«إرضاع الكبير»، عندما أفتى بأن المرأة تستطيع أن تختلط برجل غريب عنها إذا قامت بإرضاعه 5 رضعات، وفى هذه الحالة يجوز اختلاطه بها.
 
وأصدر فتوى جديدة تحرم «خروج المرأة من منزلها للعمل»، وذلك لتفرغها لما أسماه «إعداد جيل التمكين»، حيث قال فى فتوى نشرها على حسابه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك: «إن المرأة يجب أن تكون فى منزلها لتربية أولادها، وإنه لا يمكن أن توفر فرصة عمل لامرأة وتأخذ وظيفة رجل، لا بد من وجود الأم فى بيتها لتربى أولادها تربية صالحة وتسهم فى إعداد جيل التمكين، والوالد يجب عليه أن يقدم عذره لله عز وجل، إذا كان قد فرط هو بسبب تفريط أبيه- هذه فرضية- فلا يفرط فى ولده، فيجب على الأب تربية أولاده.
 
وأضاف الحوينى: أن مِحن الأبناء ما بين الأب والأم تتلخص فى سفر الوالد، أو كثرة عمله وانشغاله عن ولده، وفى عمل المرأة وتركها لمنزلها، ونحن نقول: أدخلوا النساء البيوت مرة أخرى وأعطوهن الراتب وهن فى البيوت، أو أعطوهن نصف الراتب، وخذوا النصف الآخر وأعطوه للشباب ليقوموا مقامهن، وإذا كان العمل موفرا للمرأة ويحرم منه الرجل، فما هى النتيجة؟ تجد الرجل يدور، يريد أن ينفق فيبدأ بالانحراف فينضم لأى عصابة من العصابات، فهذا كله فيه فساد فى المجتمع.

تحريضه على العنف
كما أفتى بأن حل مشكلة الفقر لدى المسلمين هو «الجهاد»، قائلا فى فتواه المثيرة «لو كل سنة نغزو مرة أو اثنتين أو ثلاث.. ونغزوهم ونأخذ منهم أسرى.. كل مجاهد كان بيرجع من الجهاد وهو جيبه مليان.. نغزو ونأخذ أموالهم وأولادهم ونساءهم.. اضرب كل رأس فى 300 درهم.. صفقة مالية كويسة».
 
والشيخ الحوينى كان من مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وأفتى أثناء التصويت على الدستور الذى أعدته الجماعة وهى فى الحكم عام 2012، بأن من يصوت للدستور بنعم «سيدخل الجنة»، ويذكر أن الحوينى، سافر فى الفترة الأخيرة إلى دولة قطر، حيث يعيش فى عاصمتها الدوحة.
 
وطبقا للدراسة الأكاديمية التى نشرها المعهد المغربى لتحليل السياسات عام 2019، اعتبرت مسألة تصورات السلفيين ومواقفهم إزاء مسألة العنف المسلح وتأييد التمردات المسلحة من أبرز القضايا المثيرة للجدل، فنتائج الدراسة الميدانية حول موقف السلفيين من مسألة العنف المسلح تتضمن مجموعة من النتائج الدالة، بحيث رفض أغلب المبحوثين الإجابة عن سؤال الموقف من مسألة الجهاد فى سوريا، تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تم إنجازها قبل النشر فى أواخر وبداية 2014 وهى مرحلة كانت تعرف أوج التعبئة الأيديولوجية للأحداث فى سوريا.
 
 وقد لاحظ مُعدو هذه الدراسة تحفظ السلفيين الذين أجروا معهم البحث الميدانى فى التعبير عن آرائهم إزاء هذا الموضوع، فقد رفض حوالى ثلثى المستجوبين الجواب عن السؤال المتعلق بتأييد الثورة السورية، وكانت ردود أفعالهم إما من خلال الجواب بأنه غير معنى بالسؤال أو يرفض الإجابة، فى حين أن الثلث الذى وافق على الجواب فقط كان غير مرتاح لهذا النوع من الأسئلة، كما أجاب 13 فى المائة من مجموع المستجوبين بكون الجهاد فرض عين، فى حين يعتبر الثلث أنه فرض كفاية، أما فى ما يخص السفر لسوريا للقتال فيها فقد أجاب حوالى 5 فى المائة بأنهم موافقون على هذه المسألة، فى حين يعارضها ربع المستجوبين.

فتاوى ابن تيمية
وتعتبر فتاوى الشيخ ابن تيمية من أهم الكتب التراثية التى يستند إليها السلفيون وجماعة الإخوان المسلمين، فابن تيمية كان ابن عصره الذى عاش فيه وهو القرن الرابع عشر الميلادى- أو ما يمكن وصفه بالقرون الوسطى- وقد خرجت بعض فتاواه بناء على المرحلة التى عشاها والتى شهدت أحداثا جساما مثل غزو المغول وضرورة توحيد المسلمين لقتالهم، وهى ظروف تختلف كثيرا عن أحوالنا الحالية لذا كان من الطبيعى أن يختلف الكثير من العلماء حول فتاواه باعتبار أنها لا تصلح للتطبيق اليوم.
 
ومن بين هذه الفتاوى تقسيم المسلمين إلى فسطاطين أحدهما دار إسلام والآخر دار كفر، وهو ما عرف بفتوى التكفير وأتبعها بفتوى الدعوى إلى الجهاد.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة