لن تقتصر تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي على إنجلترا وحدها، بل ستشمل دول أخرى داخل الاتحاد، وهو ما أكده مراقبون، قالو إن الوضع سيكون مؤلما لجميع دول الاتحاد، ومن بينهم إسبانيا.
أسبانيا تتأثر بشكل واضح بالخروج البريطاني، وهو الأمر الذي تحدث عنه الخبير السياسى بمعهد ألكانو الملكى فيدريكو شتنابيرج، بقوله إن القصة لن تنتهى بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، بل سيظل الوضع مؤلما التى ستعانى فى العديد من القطاعات ومنها الزراعة والسياحة وقطاع السيارات، ولذلك فلابد من وجود تفاوض على مستقبل مدريد فى الفترة ما بعد بريكست.
ومن المحتمل أن تتأثر قطاعات أوروبية عدة، منها: قطاع السيارات، حيث اعتبرت شركات تصنيع السيارات حصول بريكست سيكون بمثابة «زلزال»، ستكون تداعياته كارثية، حيث أن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبى يضرب الظروف التجارية للقطاع مع مليارات اليورو من الرسوم التى يمكن أن تؤثر على خيارات المستهلكين على جانبى بحر المانش، وتقدر شركات تصنيع السيارات الأوروبية، بنحو 5.7 مليار يورو الكلفة الإضافية نتيجة الرسوم الجمركية الإضافية.
ومن أكبر المتأثرين، أسبانيا، حيث يستحوذ قطاع السيارات بها على مجموعة من 2.983 مليون في الصادرات إلى المملكة المتحدة بين يناير وأكتوبر 2019، وبخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى سيكون سعر السيارة الإسبانية أكثر تكلفة بأكثر من 300 مليون يورو.
قطاع الأحذية الأسبانية أيضًا سيكون من المتأثرين، فبعدما كانت المملكة المتحدة واحدة من المستهلكين الرئيسيين للأحذية المصنوعة فى أسبانيا عام 2018، انخفضت صادرات أسبانيا من الأحذية إلى بريطانيا بنسبة 10٪ ما جعل مركز المملكة المتحدة على مستوى الدول الاوربية المستهلكة للأحذية الإسبانية يتراجع من المركز الرابع إلى الخامس، وذلك حسبما قال اتحاد صناعات الأحذية الإسبانية (FICE).
صحيفة اكبانثيون المكسيكية، قالت في تقرير لها إن حسب إحصائيات FICE، فإنه فى عام 2018 كانت قيمة صادرات الأحذية الإسبانية إلى أوروبا قد وصلت إلى 120.4 مليون زوج من الأحذية، والتى تترجم إلى القيمة السوقية البالغة 1877.5 مليون يورو، حيث شكلت الصادرات منها إلى السوق البريطانية 10 مليون زوج بما يبلغ قيمته 184.7 مليون يورو (163.6 مليون جنيه استرلينى)، ولكن هذه الأرقام تراجعت بشكل كبير في هذا العام مما دفع بصنّاع الأحذية للبحث عن خطط طوارئ بديلة.
وفي الوقت الحالي تبحث الصناعات الإسبانية للأحذية عن أسواق أخرى خارج أوروبا، حيث حظيت الأحذية الإسبانية بشعبية فى أسواق الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ونمت الصادرات إلى وجهات خارج الاتحاد الأوروبى فى عام 2018 فى أمريكا بنسبة 11 ٪ ، وآسيا بنسبة 12 ٪، وفقًا لـ FICE.
في حين يتعرض قطاع الوظائف لخطر فقدان 70 ألف وظيفة، تقول صحيفة لاراثون الإسبانية، إنه وفقا لدراسة حديثة أجرتها جامعة لوفين الكاثوليكية، فإن فقدان الوظائف سيؤثر على 1.7 مليون شخص، وهو في الوقت الذي ستتضرر فيه قطاع السياحة حتى يونيو، وفقًا لأرقام المعهد الوطنى للإحصاء، وصل أكثر من 8 ملايين زائر من المملكة المتحدة إلى إسبانيا.
معهد ألكانو الملكي، قال إن إسبانيا تمتلك إصدار السياحة الرئيسى فى المملكة المتحدة، حيث أكثر من 22% من الأجانب الذين يزورون البلاد بريطانيين، وبالتالى فإن إسبانيا خسرت 120 الف سائح بريطانى، أى اقل بنسبة 1.4% عن نفس الفترة من عام 2018، كما أنها الوجهة الأولى لعائدات التصدير، وهى الدولة التى تمتلك أكبر حصة استثمارية فى إسبانيا (80.415 مليون يورو فى نهاية 2017)، وسوف يغير البريكست هذه التبادلات، كما أن التجارة الثنائية مع بريطانيا تتباطأ بشكل ملحوظ.
وتنبأ بنك إسبانيا بالفعل فى شهر مارس القادم بتأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الفوضوى، والذى قد يتسبب فى انخفاض الناتج المحلى الإجمالى بمقدار 0.8 % خلال السنوات الخمس المقبلة، وستبلغ التكلفة الاقتصادية حوالى 10 مليار يورو.
في الوقت ذاته، أطلقت إسبانيا والمملكة المتحدة عملية تكييف العلاقات بينهما، فى الفترة ما بعد بريكست ويشمل ذلك تنفيذ اللجان الثنائية التى يجب أن تنفذ الاتفاقات التى تم التوصل إليها بين البلدين لحماية حقوق المواطنين ، وتعزيز التعاون بين الشرطة والجمارك والبيئة فى منطقة جبل طارق، و توجد أربع مذكرات موقعة من إسبانيا والمملكة المتحدة ، حيث يوردان بالتفصيل كيف ستكون عملية العلاقة بعد الاختلاف بين إسبانيا وجبل طارق وكيف ستضمن حقوق المواطنين، لا سيما حوالى 25000 عامل عبر الحدود.