الثقافة تأمل فى غلق جرح قصورها.. هذه خطة إيناس عبد الدايم لاستعادة قوة مصر الناعمة
السبت، 04 يناير 2020 08:00 ممحمد أبو ليلة
مع بداية العام الجديد 2020، لا تزال هناك ملفات وتحديات عالقة على أكتاف وزارة الثقافة المصرية ووزيرتها إيناس عبد الدايم، ملفات كثيرة فى الوزارة، تنتظر تدخل الوزيرة فى العام الجديد، لتجد لها مخرجا حتى تعود الوزارة إلى دورها الحيوى والمؤثر، الذى كانت مصر تفخر به فى ستينيات القرن الماضى.
أين قصور الثقافة؟
هناك ملفات عالقة ولا تزال تنتظر تدخل عاجل من الوزيرة، أهمها مشكلة قصور الثقافة، ففى فعاليات اليوم الثانى للمؤتمر الوطنى السابع للشباب بالعاصمة الإدارية الجديدة فى يوليو الماضى، قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إننا نسعى لتحقيق نقلة نوعية فى قطاع الثقافة والإعلام خلال العامين المقبلين، مؤكدا أن قطاعات الدولة لم تكن تسير بشكل مرض، وأن الدولة تسعى لتطويرها من خلال توفير الميزانية اللازمة لتطوير المسرح القومى وإنشاء مسارح جديدة.
وقد أعلن الرئيس السيسى فى فقرة «أسأل الرئيس»، التى تتضمنها فعاليات المؤتمر عن إنشاء أكبر مدينة للثقافة والفنون فى العالم بالعاصمة الإدارية الجديدة، ولفت الرئيس السيسى الانتباه إلى أن الحكومة الحالية واجهت تحديات كبيرة فى شتى المجالات.
600 قصر ثقافة
هذه الرؤية الثقافية التى يتبناها السيسى ضمن رؤيته الشاملة فى ملف بناء الإنسان المصرى عبر مثلث التعليم والصحة والثقافة، لكنه على الرغم من جهود الدولة فى محاولة إعلاء قيمة الثقافة وتطويرها من أجل معركة نشر الوعى، لا يزال أثر ذلك غير مرئى حتى الآن، فالهيئة العامة لقصور الثقافة لديها نحو 600 قصر ثقافة، بالنظر إلى آخر إحصائية كانت فى عام 2016، بالإضافة إلى عدة مواقع أخرى، ينتظر افتتاحها خلال الفترات المقبلة، بمتابعة النشرات الإخبارية الصادرة عن الهيئة، فأغلب تلك المراكز الثقافية، وكل الأقاليم الثقافية المنتشرة فى البلاد، تقوم بمئات الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية يوميا.
كل هذه الأنشطة ولا يزال تأثيرها كامن فى مخبأه، إذن ما هى المشكلة؟ ولماذا باتت الثقافة فى مصر غير مؤثرة إلى هذا الحد؟ لدرجة جعلت النائبة هالة السعيد، وكيل لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب، تتقدم بطلب مناقشة عامة موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيرة الثقافة، بشأن استراتيجية الوزارة بشأن نشر الوعى الفكرى، لاسيما بين الشباب لمواجهة التطرف والأفكار الهدامة، وربما لم تكن النائبة بالبرلمان المصرى، الوحيدة التى ترى ذلك، فهناك العديد من يرى أن الهيئة لديها تقصير فى قيامها بدورها فى نشر الوعى ومحاربة الأفكار المتطرفة.
وتصل الميزانية السنوية المخصصة للهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى ما يقرب من 650 مليون جنيه مصر، وبحسب تصريحات سابقة لرئيس الهيئة الدكتور أحمد عواض، تُقدر قيمة الإنشاءات بـ 108 ملايين، وتصل ميزانية الأجور وحدها إلى ما يقرب من 450 مليونا، يتقاضونها 14 ألف موظف هم عدد العاملين فى الهيئة، فيما تصل ميزانية النشر بعد زيادتها مؤخرا إلى 7 ملايين جنيه سنويا، وبالتالى فإن المخصص للفعاليات والأنشطة يقدر بمبلغ لن يتعدى فى أقصى تقدير 50 مليون جنيه.
كما أن الهيئة مؤخرا أعلنت عن زيادة مخصصات النشر من 5 إلى 7 ملايين جنيه، بهدف زيادة الإصدارات التى من شأنها محاربة الإرهاب والأفكار الظلامية، وبدعم 50 % على جميع الإصدارات، كما أنها أعلنت عن زيادة ميزانية نوادى المسرح، ونوادى الأدب فى جميع المحافظات.
قوة مصر الناعمة مسئولية الثقافة
قوة مصر الناعمة، كانت ولا تزال الحلم الذى يراود الكثيرين، خاصة فى ظل تراجع هذه القوة لسنوات طويلة، لأسباب مختلفة ومتعددة، وهو الأمر الذى انتبهت له الدولة جيدا، ووضعته على قائمة أولوياتها فى العام الجديد، حيث أكد الرئيس السيسى أهمية دور وزارة الثقافة فى سبيل تحقيق رسالة نشر الثقافة والفنون وترسيخ الهوية المصرية وتعزيز القيم الإيجابية داخل المجتمع، موجها بالعمل على تطوير المحتوى الثقافى والفنى من خلال التواصل المباشر مع المواطنين، وكذا إيصال الرسالة الثقافية إلى القرى والنجوع والمناطق الحدودية، بما يساهم بالإيجاب فى استراتيجية الدولة الشاملة لبناء الإنسان المصرى معرفيا وثقافيا.
التوجيهات الرئاسية لوزارة الثقافة فى 2020 تشمل عدة اتجاهات، على رأسها إعادة تأهيل قصور الثقافة على مستوى الجمهورية لتمكينها من تحقيق الأهداف المرجوة منها من ناحية نشر التوعية وتعليم الفنون للنشء، والتكامل مع العملية التعليمية القائمة، وتحصين الشباب ضد الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى التحول الرقمى فى إطار التحديث الشامل للدولة، وكذا إعادة هيكلة الجهاز المركزى للوزارة والمجلس الأعلى للثقافة، فضلا عن برامج تطوير المؤسسات الثقافية على مستوى الجمهورية، بما فيها منظومة القصور الثقافية، وخطة الوزارة للاستفادة القصوى منها وحسن إدارتها.
وتدخل وزارة الثقافة 2020 ومعها الكثير من الملفات التى بحاجة للحسم، ووفقا للوزيرة إيناس عبد الدايم، فإنه تم وضع خطة عمل تضم 7 برامج رئيسية، تتمثل فى تطوير المؤسسات الثقافية، وتعزيز القيم الإيجابية فى المجتمع، وتحقيق العدالة الثقافية، وتنمية الموهوبين والنابغين والمبدعين، وتحقيق الريادة الثقافية (قوة مصر الناعمة)، ودعم الصناعات الثقافية، وحماية وتعزيز التراث الثقافى.
هذه الخطة تم تنفيذ أجزاء منها فى العام الماضى، لكن الغالبية منها لاتزال على أجندة 2020، ومنها تطوير المؤسسات الثقافية، من خلال إحلال وتجديد بعض المنشآت الثقافية، ورفع كفاءة وإعادة تأهيل وتأمين البعض الآخر، بالإضافة إلى إدراج منشآت جديدة ضمن الخدمة الثقافية، فوفقا للخطة الزمنية المعتمدة من المستهدف افتتاح 18 مشروعا بتكلفة مالية قدرها 756 مليون جنيه.
وسيكون على الوزارة فى العام الجديد اختراق ملف فى غاية الأهمية وهو تعزيز القيم الإيجابية داخل المجتمع، والذى يهدف إلى غرس قيم المواطنة فى المجتمع بما يحقق أهداف خطة التنمية المستدامة، والسعى إلى حياة أفضل من خلال بناء شخصية المواطن المصرى، لكى يكون عضوا فاعلا فى بناء اجتماعى متماسك يكافح الفكر المتطرف، ويحافظ على هويته الوطنية، وهذا الملف يترافق أيضا مع ملف آخر لا يقل عنه أهمية، وهو «العدالة الثقافية» الذى يهدف إلى تحقيق عدالة توزيع الخدمات الثقافية على ربوع الوطن دون تمييز عرقى أو إيثار لإقليم بذاته عن غيره عند تقديم هذه الخدمات، حتى تصبح الثقافة حقا لكل مواطن.
وسيكون 2020 مليئا بالفعاليات الثقافية المهمة، خاصة فعاليات القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية، وترتيبات عام مصر- روسيا 2020، وإعداد مشروع فنى باستضافة نجم من مصر أو الوطن العربى لتقديم حفل شهرى على مسرح دار الأوبرا المصرية، تأكيدا على الريادة الفنية المصرية، وعودة الاحتفال بعيد الفن 2020، وكذا تستهدف استضافة مؤتمر وزراء الثقافة للدول الإسلامية 2020 .
ولا يقل عن ذلك مشروع دعم الصناعات الثقافية، والذى يستهدف تحقيق تنمية مستدامة فى مجالات صناعة السينما والموسيقى والكتاب والنشر، وإعادة إحياء الحرف التراثية التى تعد مكونا رئيسيا للهوية الثقافية والحضارية لمصر، حيث تعتبر الصناعات الثقافية أحد الدعائم المهمة التى يمكن استثمارها لكى تسهم فى تنمية الاقتصاد المصرى، فضلا عن حماية وتعزيز التراث الثقافى، والذى يهدف إلى جمع وحماية وتوثيق تراث مصر الثقافى باعتباره جزءا أصيلا من تاريخ هذا الوطن.