أرقام 2019 المبشرة تدعو للتفاؤل.. «المالية» تتوقع انخفاض نسبة دين أجهزة الموازنة للناتج المحلى إلى 83%
السبت، 04 يناير 2020 06:00 مهبة جعفر
قبل أن يلملم 2019 أوراقه، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى اجتماعا مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، بحضور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، تناول متابعة النتائج الخاصة بالأداء المالى خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر من العام المالى الجارى 2019/2020، حيث وجه الرئيس فى هذا الإطار بمواصلة التركيز على التنمية البشرية والاجتماعية، والاستمرار فى بذل الجهد لخفض الدين العام، مشددًا على ضرورة انعكاس تحسن الأداء الاقتصادى على جودة الخدمات العامة، واستفادة جميع فئات المجتمع من عوائد التنمية، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية.
النتائج التى تحققت فى 2019 مبشرة لما سيكون عليه الحال فى 2020، فقد تمكنت مصر مؤخرًا من تحقيق فائض أولى قدره 2 % من الناتج المحلى فى عام 2018/2019 مقارنةً بعجز أولى بلغ 3.5 % من الناتج فى عام 2015/2016، كما استطاعت مصر خفض دين أجهزة الموازنة العامة من 108 % من الناتج المحلى فى يونيو 2017 إلى حوالى 90 % من الناتج المحلى فى يونيو 2019، أى ضبط مالى بنحو 18 % من الناتج على مدار عامين فقط، وذلك كأعلى نسبة خفض فى دين الحكومة العامة كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى بين كل الدول الناشئة على مستوى العالم خلال العامين السابقين.
كما أشارت النتائج المبدئية للأداء المالى للفترة من يوليو إلى نوفمبر 2019 إلى تحقيق فائض أولى قدره 19.8 مليار جنيه، مقارنةً بفائض أولى قدره 15.9 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها عن العام السابق، فضلًا عن زيادة المصروفات التى تدعم النمو الاقتصادى بمعدل 22,2 % مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضى، وارتفاع جملة الاستثمارات الحكومية بمقدار 13.4% عن الفترة ذاتها خلال العام المالى السابق، بالإضافة إلى زيادة المصروفات التى تدعم برامج الحماية الاجتماعية بنحو 11.4% عن الفترة ذاتها من العام الماضى، لا سيما فيما يتعلق بدعم السلع التموينية والتأمين الصحى والأدوية، إلى جانب قيام الحكومة بتنفيذ حزمة من الإجراءات الاجتماعية الشاملة للعام الحالى بتكلفة أكثر من 60 مليار جنيه، حيث تضمنت زيادة معدلات نمو الأجور بنحو 13 %، خاصةً فى ضوء قرار رفع الحد الأدنى للأجر الشامل للعاملين بالدولة، وزيادة المعاشات، وزيادة أعداد المستفيدين من برنامجى «تكافل وكرامة»، وإجراء أكبر عملية ترقيات فى الجهاز الإدارى لزيادة دخول الموظفين.
تقديرات الأداء المالى بالنسبة للعام المالى 2019/2020، وفقاً لما قاله الدكتور محمد معيط، وزير المالية، من المتوقع أن تشهد استمرار انخفاض نسبة دين أجهزة الموازنة للناتج المحلى من 90 % فى يونيو 2019 إلى 83 % فى يونيو 2020 بالنظر إلى استمرار تحسن المؤشرات المالية وتحقيق فائض أولى، بالإضافة إلى مواصلة انخفاض العجز الكلى فى الموازنة، بحيث يصل إلى معدل 7,2% نسبة إلى الناتج المحلى، فضلًا عن تحقيق الميزان الأولى لفائض أولى للعام الثانى على التوالى، حيث من المتوقع ارتفاع قيمة الفائض المحقق عن العام السابق بنحو 14 % ليبلغ نحو 1.9% من الناتج المحلى.
بالإضافة إلى هذه المؤشرات المبشرة، فهناك الكثير من الملفات التى تحتاج إلى تدخل حاسم من جانب وزارة المالية فى 2020، منها حوكمة المنظومة الضريبية وميكنة إجراءات السداد والتحصيل، وتقديم الإقرارات الضريبية الإليكترونية، للتيسير على الممولين، وبما يضمن للدولة حوكمة إجراءات التحصيل لصالح الاقتصاد القومى، لذلك فإن التحدى الذى يواجه المالية فى العام الجديد هو تكثيف الجهود الجارية وضغط البرنامج الزمنى لتطوير المنظومة الضريبية، وتعميم الاستفادة من النظم الإلكترونية الحديثة للارتقاء بمستوى الأداء الضريبى، وحصر المجتمع الضريبى بشكل أكثر دقة من خلال قاعدة بيانات متكاملة، بما يسهم فى إرساء العدالة الضريبية، ومكافحة التهرب وتشجيع الاقتصاد غير الرسمى على الانضمام للاقتصاد الرسمى، وتحسين مناخ ممارسة الأعمال وتعزيز النشاط الاقتصادى، وتحفيز المستثمرين، بالإضافة إلى إجراءات ميكنة منظومة تقديم الطعون الضريبية، لتكوين قاعدة بيانات دقيقة، ورفع الكفاءة التشغيلية للجان الطعن، وتيسير متابعة الحالات المختلفة للطعون، وسرعة ودقة إنجاز الملفات التى تنظرها اللجان، حيث تم الانتهاء من جرد حوالى 125 ألف ملف، وهو ما أدى إلى إنهاء المنازعات بين الدولة وأصحاب هذه الملفات دون الاحتياج للجوء إلى القضاء أو استمرار إجراءات النزاع بين الطرفين.
ويبقى ملف الديون من الملفات المهمة فى الحكومة، لا سيما الدين الخارجى، ورغم تأكيد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء: أن «أرقام الدين العام لا تقلقنى، فحتى الدول الصناعية الكبرى الدين العام بها يصل لـ70 % من الناتج القومى الإجمالى، فنحن الآن بالخطط التى نعمل عليها بدعم الصناعة ودعم الصادرات سنصل إلى أن يكون الدين العام فى حدود الـ 70 % من الناتج القومى الإجمالى، وهو من الحدود الآمنه عالميا ولا تدعو للقلق، مؤكدا أن الحكومة تعمل على تخفيض الدين العام ليصل إلى 80 % من الناتج القومى الإجمالى عام 2020»، إلا أن الحكومة تتعامل مع هذا الملف بدقة شديدة، فهى تدخل 2020 وعينها على تقليل أرقام الدين العام، مستعينة بشهادات دولية كلها تصب فى اتجاه أن الدولة المصرية لديها القدرة على السداد، وهو ما كشفه البنك المركزى، فى تقرير له عن سداد ديون خارجية مستحقة على مصر بقيمة 33.954 مليار دولار خلال 3 سنوات تزامنت مع برنامج الإصلاح الاقتصادى، حيث أشار البنك المركزى إلى أن الالتزامات الخارجية (الديون) التى جرى سدادها موزعة بواقع 27.335 مليار دولار أقساط لديون مستحقة، و6.62 مليار دولار فوائد. وقال البنك المركزى فى تقريره إنه جرى سداد أكبر مبالغ من الديون الخارجية خلال تلك الفترة فى 2019 بواقع 13.381 مليار دولار، فيما جرى سداد 13.254 مليار دولار فى 2018، ونحو 7.32 مليار دولار فى 2017، كما أعلن البنك المركزى المصرى عن سداد مدفوعات خدمة الدين الخارجى بقيمة 13.4 مليار دولار خلال العام المالى 2018 / 2019، موزعة بواقع 10.2 مليار دولار أقساط مسددة و3.2 مليار دولار فوائد مدفوعة.
ويدعم هذه التوجه أنه على مدار السنوات الـ3 الماضية، تزايدت تدريجيًا أرصدة النقد الأجنبى لمصر، وتحسنت أرصدة البنوك من العملة الصعبة، مع تحرير سعر الصرف، وتوحيد سعر الدولار، والقضاء على السوق السوداء للعملة، ما دعم ثقة الاستثمار الأجنبى المباشر، وغير المباشر، حيث وصلت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المصرية إلى نحو 20 مليار دولار حاليًا، فقد شهد الاحتياطى الأجنبى لمصر على مدار 4 سنوات، ارتفاعًا إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، وبنحو 28.876 مليار دولار، ليغطى نحو 8 أشهر من الواردات، لترتفع الأرصدة من 16.478 مليار دولار فى نهاية يناير 2016، إلى نحو 45.354 مليار دولار، فى نهاية نوفمبر 2019. وخلال شهر نوفمبر 2019، أصدرت مصر سندات بقيمة 2 مليار دولار على ثلاث شرائح « 4 -12- 40 سنة» وبقيم مصدرة تبلغ 500 مليون دولار، ومليار دولار، و500 مليون دولار على التوالى وبأسعار عائد جيدة، وتقل عن أسعار العائد السائدة فى السوق الثانوى للسندات الدولية المصرية وذلك فى ضوء تزايد طلبات الاكتتاب من قبل المستثمرين الدولين لتتخطى 14.5 مليار دولار وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن الطرح من القاهرة.
ونجاح الطرح فى فئة السند بأجل 40 سنة بأقل تكلفة ممكنة، أدى إلى إضافة 10 سنوات إلى منحنى العائد للسندات الدولية المصرية، حيث كان أطول إصدار دولى قبل هذا الطرح 30 سنة، ما يؤكد الإقبال الكبير والمتزايد على السندات الدولية المصرية والذى وصل مع نهاية الطرح إلى 14.5 مليار دولار يمثل نسبة تغطية تتعدى 7 مرات قيمة الطرح والذى بلغ 2 مليار دولار وهو معدل تغطية كبير جدا ويزيد على نسب التغطية التى شهدتها الإصدارت الدولية للعديد من دول المنطقة والدول الناشئة خلال الشهور الماضية مما يعكس ثقة المجتمع الدولى فى جهود ونتائج الإصلاح الاقتصادى والمالى الذى تقوم به الحكومة المصرية.