فايز السراج.. ارتحت يا خاين

الخميس، 02 يناير 2020 07:12 م
فايز السراج.. ارتحت يا خاين
محمود علي

لن تمر بداية عام 2020 على الليبيين مرور الكرام، كونها ستمثل نقطة سوداء في ذاكرتهم تتعلق بخيانة حكومة الوفاق الليبية التي تأخذ من طرابلس مقرًا لها ويرأسها فائز السراج لكل الشعب الليبي، بعد توقيع الأخير على اتفاقيتين واحدة أمنية وأخرى لترسيم الحدود مع تركيا- لا يحق له أن يوقعهما؛ لأن هذه الحكومة وفقًا للبرلمان الليبي انتهت ولايتها بموجب الاتفاق الذي وقع عام 2015 في مدينة الصخيرات المغربية. 

ورغم الرفض الشعبي لهاتين الاتفاقيتين، لم يكتف السراج بهما بل وافق على تفعيلهما ما أعطى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصة أن ينفذ تهديده بإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا للدخول في حرب «لا ناقة فيها ولا جمل» لصد هجمات الجيش الليبي الذي بدأ عملية طوفان الكرامة منذ أبريل الماضي لتحرير العاصمة من الميليشيات التي تأخذ طرابلس مقرًا لها وباتت حكومة الوفاق تأتمر بأمرها.

وجاء اليوم الخميس ليوقع البرلمان التركي على جريمة أردوغان، بموافقته بأغلبية أصوات حزب العدالة والتنمية على تفويض الجيش التركي إرسال جنوده إلى ليبيا، في تمثيلية رآها العالم أجمع، ووثقتها وسائل الإعلام والوكالات العالمية، لتكون شاهدة على مشهد جديد ضمن مسلسل تدخل السلطان العثماني في المنطقة العربية.  

لكن من الناحية الليبية فإن رفض استمرار السراج على رأس حكومة الوفاق، بات طلبًا ليبيا عاجلًا، وهو الأمر الذي دفع البرلمان الليبي والجهات الحكومية التابعة له إلى عقد اجتماعات وخوض جولات من أجل سحب الاعتراف الدولي منه، بالاستناد إلى الكثير من المواد القانونية باتفاق الصخيرات التي تؤكد عدم شرعية حكومة طرابلس، فضلًا عن ذلك وصف البرلمان توقيع السراج لهذه الاتفاقيات مع تركيا بالخيانة العظمى، لاسيما وأن النظام التركي وفقًا لكثير من الليبيين معتد على الشعب وداعم للتنظيمات والمليشيات وتحالف معه السراج بهدف تهديد الأمن القومي الليبي والعربي وأمن البحر الأبيض المتوسط بشكل عام.

كما أن الإدانات الدولية لما أقدمت عليه حكومة السراج من اتفاقيات تؤثر بشكل واضح على أمن دول الجوار كانت كثيرة، وهو ما جعل الجامعة العربية تصدر بيانًا تستنكر فيه أي تحركات من شأنها أن تؤدي إلى تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، بالإضافة إلى البيانات المصرية المتعددة التي رفضت فيها القاهرة أي تدخلات تركية في شأن بلد عمر المختار على اعتبار أن الأتراك لهم مطامع في ثروات النفط والغاز الليبي.  

ولا يزال الليبيون يرون أن تركيا غير قادرة على تحقيق أهدافها في ليبيا، مؤكدين أن هذا الاتفاق الذي وقعه السراح معدوم الأثر القانوني، إذ لا يمكن الاعتراف به على ضوء أن المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات السياسي بشأن ليبيا تحدد الاختصاصات المخولة لمجلس رئاسة الوزراء، حيث تنص صراحةً على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل –وليس رئيس المجلس منفرداً – يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية.

وبهذا الاتفاق الباطل يسمح السراج للنظام التركي الداعم للفوضى في الكثير من المناطق العربية، فرصة لاستخدام الأجواء الليبية وكذلك الدخول للمياه الإقليمية من دون أخذ إذن من الجانب الليبي والمؤسسات الشرعية في ليبيا كمجلس النواب، كما يسمح لتركيا إنشاء قواعد عسكرية، ليكون السؤال المطروح على لسان جميع الليبيين إلى السراج الآن «ارتحت يا خاين؟».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق