«المفعوصة بتصرف علينا»، لم يك لدى الأم العشرينية غضاضة في التباهي بتأجير فتاتها الصغيرة، مقابل 100 جنيه يوميا، فالحبل السري الذي انقطع عن الطفلة، كان إيذانا بفتح باب رزق جديد للمدعوة «الأم»، حد وصفها.
3 آلاف جنيه راتب شهري تتقاضه امرأة نظير تأجير فتاتها لمتسولة، بمنطقة «وسط البلد» لا تغرم في تلك الرحلة سوى تذكرة مترو نظير 14 محطة، أي نحو 5 جنيهات «14 إيابا وذهابا»، حيث تتحرك من منطقة عين شمس، وحين وصولها تتغير هيئة الفتاة بملابس ممزقة.
لا تآبه الأم بذلك، طالما «المفعوصة» تدر ربحًا دون عناء. هناك في شارع الألفي المتفرع من شارع عماد الدين بوسط البلد، حيث منطقة بنوك وهيئات التأمين الاجتماعي- يسميها المصريون فلوس ماشية على الأرض- تمارس المتسولة ما اعتادت عليه، فحين يسمع أصحاب الياقات البيضاء، قصص حزينة منسوجة يخرجون على الفور «اللي فيه النصيب».
ينتهي عمل المتسولة من تلك المنطقة في موعد خروج الموظفين، وإن كان اليوم «ماشي» تستمر لساعات أخرى، قد تصل بها موعد دخول الظلام، لترتاح بذلك الطفلة بضع ساعات ترضع خلالها، وتسقيها الأم لبنًا محملا بمشاعر أمومة مزيفة.
يرى رواد وسط القاهرة، أن المرأة المتسولة مألوفة ويدها تدر دخلا، يحكي أحد عمال الكافيتيريات بشارع الألفي: «تحمل طفل أو طفلة، مش متذكر، على يدها وتستعطف الزبائن على الكافيتيريا، ولا تتحرك حتى تحصل على الأموال، وكانت تتسبب فى إحراج لنا مع الزبائن، ونحاول التصدى لها، لكنها تكرر المحاولة عدة مرات حتى تجمع الأموال، وأحيانًا تبيع سلعا بسيطة كمقبلات وسوداني، وتارة توزع كتبا دينية ومستندات تفيد حاجتها للمال، سواء لعلاجها أو علاج ابنتها الرضيعة- المزعومة.
وفي يوم -تراه المتسولة- لم تطلع عليه شمس، ألقت الشرطة القبض عليها ومن معها، بعد ورود معلومات لضباط إدارة رعاية الأحداث مفادها قيام إحدى السيدات تدعى «سماح.ط» تستأجر طفلة رضيعة وتستغلها فى استجداء المارة وأعمال التسول بشارع الألفى بمنطقة الأزبكية معرضة حياتها للخطر، مما يعد جريمة بالاتجار بالبشر بالمخالفة للقانون رقم 64 لسنة 2010م مكافحة جرائم الاتجار بالبشر والقانون رقم 12 لسنة 1996م المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 2001م من قانون الطفل، وبإجراء التحريات تبين صحة ما ورد من معلومات.
وتدعى المتهمة «سماح.ط» تبلغ من العمر 23 سنة، ربة منزل مقيمة فى منطقة أبو وافية فى الشرابية، ومطلوب التنفيذ عليها فى القضية رقم 1780 لسنة 2014م الموسكى «تسول» والمقضى فيها بالحبس شهر بجلسة 19 يونيو 2014، وعثر برفقتها على طفلة رضيعة تدعى «وعد.و» تبلغ من العمر 9 أشهر، وبحوزتها 300 جنيه وهاتف محمول. تقول: «أعمل فى مهنة التسول منذ عدة سنوات، وسبق صدور حكم ضدى قبل 5 سنوات من الآن، وأتسلل لمنطقة وسط البلد المزدحمة بالمواطنين للحصول على الأموال منهم، خاصة بشارع الألفى الذى يموج بالعديد من الكافيهات التى تجلس عليها الأسر».
لم تتوقف مفاجآت القضية عند تلك المقطة، بل ثبت بالكشف والتحري، أنه بتاريخ 21 مايو 2018، أصدرت محكمة الجيزة حكما قضائيا، بالسجن شهرين، ضد الأم «سماح.م»، 19 عاما، تقيم بناحية مساكن عين شمس، في القضية رقم 5677 لسنة 2018، «تسول».