هل تجد طريقها لإنقاذ "ثروة مصر المهدرة"؟.. سلالات جديدة من القطن المصري
الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 12:00 م
تواصل الحكومة، مُمثّلة في وزارات الزراعة واستصلاح الأراضى، والصناعة والتجارة الخارجية، وقطاع الأعمال العام، جهودها لمحاولة استعادة الجانب المفقود، من بريق زراعة القطن، التي كانت تُمثّل العمود الرئيسى، للاقتصاد المصري، خلال فترة الخمسينات وحتى التسعينات، قبل أن تتراجع مساحة زراعة وإنتاجية الذهب الأبيض، لتصل خلال موسم 2019 ــ 2020 لحوالي 220 ألف فدان فقط، وهى مساحة كانت تزرعها قرية أو قريتين في الماضى.
زراعة القطن
تقليص مساحة زراعة القطن سنويّاً
كان حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، قد أكد في تصريحات صحفية، أن تقليص مساحة زراعة القطن إلى 220 ألف فدان، في عام 2019 بنقص حوالي 100 ألف فدان عن عام 2018 هو قتل متعمد، ولفت إلى أن مصر التي كانت تزرع مليوني فدان في خمسينيات القرن الماضي، عجزت عن تسويق إنتاج 236 ألف فدان عام 2019، ولم تفي الحكومة بشراء القطن من الفلاحين بسعر الضمان، الذي كانت قد أعلنت عنه، وهو 2.700 جنيه لقنطار القطن وجه بحري، و2500 جنيه لقنطار القطن لوجه قبلي، مخالفة بذلك المادة 29 من الدستور، والتي تنص على التزام الحكومة، بشراء المحاصيل الأساسية من الفلاحين، بهامش ربح، واستغل السماسرة والتجار تخلي الحكومة عن القطن، ليقوا بشرائه من الفلاحين بأقل الأسعار، وهو ما أدى لعزوف معظم الفلاحين عن زراعة القطن هذا العام، وهو ما يهدد مستقبل زراعة القطن المصري.
وأضاف أبوصدام، أن مصر كانت تتربع على عرش إنتاج القطن الأبيض، طويل التيلة وفائق الطول، حتى صدور القانون 210 لسنة 1994، بتحرير تجارة القطن، وهو ما أدى إلى خسائر كبيرة لشركات الغزل والنسيج، وإغراقها في المديونيات بسبب زيادة أسعار القطن، نتيجة تحرير سعره في هذا الوقت، وأصبحنا نُصدّر القطن خاماً، بأقل الأسعار، لدول العالم، لتصنعه وتعيد تصديره إلينا، بأسعار تفوق الخيال، ولفت نقيب الفلاحين، إلى أن عودة زراعة القطن ورجوعه لمكانته، التي يستحقها، يلزم أن تدعم الدولة مزارعيه، بكل الطرق المتاحة، من توفير التقاوي والأسمدة والمبيدات والآلات الزراعية الحديثة، لزراعة وجني القطن، مع عودة الاهتمام بصناعة الغزل والنسيج، وتسويق القطن محلياً وخارجياً، كما يجب الاهتمام بالبحوث الزراعة، الخاصة بالقطن، وفرض قيود وجمارك علي استيراده، وتطبيق قانون الزراعات التعاقدية، لضمان تسويق الأقطان.
حلج وغزل الأقطان
انخفاض قيمة القطن بالبورصات العالمية
وأشار أبوصدام إلى أن مصر، تُصدّر القطن إلى 19 دولة وهى، الهند والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وباكستان وتركيا والصين وبنجلاديش وإيطاليا والبرتغال والمغرب ولبنان وسلوفينيا وألمانيا والنمسا واليابان وتايلاند والبرازيل والمكسيك وتايوان، ولفت نقيب الفلاحين، إلى أن زيادة صادرات مصر للقطن، بنسبة 52.6% عن مثيلاتها، في الربع المماثل للموسم الزراعي السابق، نتيجة انخفاض قيمتها بالبورصات العالمية، لزيادة المعروض منها، وتدني الطلب عليها محلياً، حيث انخفضت أسعار القطن المصري بالخارج، بما يزيد عن 30 سنت، مقابل أسعاره العام الماضي، وقد تخلّى السوق المحلي، عن شراء القطن المصري متجها للاستيراد، حيث بلغ إجمالي كمية المُستهلَك، من الأقطان المحلية 36.6 ألف قنطار، مقابل42.2 ألف قنطار لنفس الفترة، من الموسم الماضي، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
وأوضح نقيب الفلاحين، أن انخفاض أسعار القطن المصري ليست صدفة، ولكنه حدث بفعل فاعل، وهو المضاربة السعرية، وعدم وجود جهة تدافع عن المُنتَج، في مواجهة أصحاب المصالح، وأن مقولة أن القطن المصري طويل التيلة لا سوق له في الخارج، ولا يصلح في الداخل، هو قول باطل، هدفه الإضرار بالفلاحين، وحتى تخرج مصر من خريطة الدول المهمة المُصدّرة للقطن.
بداية زراعة القطن
استنباط أصناف جديدة من القطن
من ناحيته، نجح معهد بحوث القطن، التابع لمركز البحوث الزراعية، بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، في إنتاج الأصناف الجديدة، والهجن المبشرة المتميزة، في صفات المحصول والجودة ومبكرة النضج وموفرة لمياه الري، حيث توفر ما لا يقل عن 20% من كميـة ميـاه الري، فترة بقاء المحصول في الأرض، من 150 – 160 يوماً من الزراعة، و بالتالي يمكن زراعة المحاصيل الشتوية، عقب القطن دون تأخير هذه الأصناف، وهي (جيزة 94 وجيزة 95 وجيزة 96)، وقال الدكتور هشام مسعد، مدير المعهد إنه تم التوسع في زراعتها هذا الموسم 2019، في عدد من المحافظات الجديدة، في زراعة القطن، وقد ساهمت في زيادة المحصول وارتفاع المتوسط العام بالجمهورية، من 7.5 قنطار قطن زهر في الأعوام السابقة، إلي 8.5 ق/زهر الموسم الماضي 2018، وأضاف الدكتور هشام مسعد، في تصريحات صحفية، أن المعهد نجح في استنباط عدد من الهجن الجديدة، المبشرة والمتميزة في صفات المحصول والجودة، والتي تناسب الجني الآلي والزراعة الآلية مبكـرة في النضـج، وتوفر في ميـاه الـري ما لا يقــل عـن 20% مثـل الهجيـن المبشـر} (جـ89 X كارشنكي) X جـ86 {X جـ94 حيث من المنتظـر طرحـه للزراعـة العامــة، بالوجــــه البحــري، تحـت مســمى جـ97 وكـذلك الهجـين المبشـر (جــ90 X س ب 58) والهجـين (جـ 83 X (جـ75 X 5844) X جـ80)، وجاري تقييمها استعداداً لتسجيلها وطرحها للزراعة العامة بالوجه القبلي، وأشار مدير معهد القطن إلي نجاح المعهد، بالتعاون مع الشركات العاملة في مجال إنتاج القطن وتجارته، بزراعة إكثارات الأصناف التجارية مثل "بذرة المُربّي وتقاوي الأساس" بمزارع قطاع الإنتاج والمزارع المعاونة، حيث تمتع زراعة مساحة 719 فدان، لإنتاج تقاوي نقية، تكفي لزراعة المساحة المستهدفة، من إكثارات الموسم القادم.
أكياس القطن فى طريقها للمالج
الحفاظ على النقاوة الوراثية للأصناف التجارية
وأوضح "مسعد"، إنه في مجال الحفاظ على النقاوة الوراثية، للأصناف التجارية المنزرعة، وإنتاج التقاوي النقية، فقد تم توفير كمية التقاوي المنتقاة، والتي تكفي لتغطية المساحة المنزرعة من القطن هذا الموسم، حيث تمت زراعة مساحة 230 ألف فدان، بتقاوي منتقاة هذا الموسم 2019، وإنه تم التعاون مع الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، بزراعة الإكثارات الأولية بمناطق تركيز الأصناف، حسب القرار الوزاري رقم 155 لسنة 2019، والخاص بتحديد مناطق زراعة إكثارات الأصناف، حيث بلغت المساحة المنزرعة من الإكثارات 54 ألف فدان.
ولفت مدير معهد القطن، إلي تنفيذ العديد من الدورات التدريبية، لشباب الباحثين بمحطات البحوث الزراعية، بسخا ومقر المعهد بالجيزة، في مجال إنتاج وتكنولوجيا القطن، وكذلك عقد الدورات التدريبية، لمهندسي إنتاج وفحص التقاوي، للتدريب على التعرف على النباتات الغريبة، وكيفية الحفاظ على النقاوة الوراثية لأقطان الإكثار بمراكز التجميع، فضلا عن إصدار النشرات الإرشادية، لأصناف القطن، شاملة التعريف بالأصناف المنزرعة ومواصفاتها.
وأشار هشام مسعد، إلي إنه يجري التعاون مـع منظمـة الأمـم المتحـدة للتنميـة الصناعيـة "اليونيـدو" فـي مشروع القطن المصري "The Egyptian Cotton Project"، ومبادرة قطن أفضل" BCI" Better Cotton initiative، وذلك في إطار التعاون مع المنظمات الدولية، والنهوض بمحصول القطن المصري، فضلا عن تنفيذ عدد من الدورات التدريبية، واللقاءات التنظيمية، لتنفيذ مبادئ مبادرة BCI في مصر، وتنفيذ دورة تدريبية، بالتعاون مع "اليونيدو" بمقر المعهد بالجيزة، خلال شهر مارس القادم، لتدريب الباحثين على مبادئ المبادرة.
زراعة ومساحة القطن فى تناقص
تطوير محالج القطن
وعلى الجانب الآخر، من قضيّة تطوير المحالج، أكد هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، في تصريحات صحفية، أن كل الشركات القابضة، تعمل على تحسين الشركات التابعة لها، بهدف دعمها ومن ثم دعم الاقتصاد المصري، حيث تعمل الشركات القابضة، على إدارة 120 شركة، وتدير ما يقارب من 300 أخرى، بالإضافة إلى 107 شركات تتبع وزارات أخرى، نتشارك معها في المسئولية والقانون 203، وهناك أيضا الهيئات الاقتصادية التي تُصنّف تحت بند المال العام، وأضاف هشام توفيق، خلال لقائه برجال أعمال في الإسكندرية، أن صناعة الغزل والنسيج، تبدأ من القطن المصري، وهي الأهم، لأنها تمتلك روافد أساسية، على رأسها الزراعة وتجارة الأقطان والغزل والنسيج والصباغة وأخيراً صناعة الملابس الجاهزة، ويقدر عدد العاملين بها ما يقرب الـ5 ملايين عامل.
وأشار هشام توفيق، إلى أن آليات التطوير، التي انتهجتها الوزارة، كانت لابد أن تبدأ في الأساس من الزراعة، لأنها العامل والمحرك الرئيسي، لعمل قطاع الغزل والنسيج والشركات العاملة به، والاعتماد التاريخي، بدأ منذ محمد على باشا، والخامات الخاصة بالقطن، وفي ثمانينيات القرن الماضي، كان القطن المصري الأول عالمياً، ومنذ منتصف الثمانينيات، تم تقدير الطلب على الأقطان بـ7%، على مستوى الاحتياج العالمي للقطن، و93% قطن قصير التيلة، والخسارة التي لحقت بالقطن المصري، كانت بسبب رفع الأسعار الخاصة بالقطن، رغم أن مصر تمتلك 5% من الـ 7% من القطن طويل التيلة، والتحول الذي حدث، يعكس الجبروت في التحكم بالأسواق العالمية، والتحول بدأ من اليابان، من تطوير الأقطان قصيرة التيلة، واستخراج نفس المنتج من القطن طويلة التيلة، وتحديث الماكينات، وهو ما تسبب في مزيد من انخفاض الطلب، وهو ما تسبب في نزول الطلب من 7% إلى 1.5% من القطن المصري طويل التيلة، والتحول في التكنولوجيا على مستوى العالم، أثر سلباً في القطن المصري والطلب عليه، وتسبب في نزول عدد الأفدنة المنزرعة إلى 200 ألف فدان العام الماضي.
زراعة وجنى القطن فى مصر
انخفاض الطلب على القطن المصري
وأكد هشام توفيق، على أن انخفاض الطلب على القطن المصري، سببه التحديات التي ظهرت، والمنافسة التي أثرت في انخفاض السعر، والمساحات المزروعة، وطريقة معاملتنا للقطن المصري، من الزراعة والجني الخاص بالقطن وغيرها، بالإضافة إلى الحليج والتجارة الخاصة بالقطن، وتدهور الميكنة، التي تعمل منذ عام 1910، ونقص الاستثمارات بالمحالج، والمنتج النهائي للقطن سيئ جداً.
وكشف وزير قطاع الأعمال العام، عن أن الشركة القابضة للغزل والنسيج، تقدمت بخطة كاملة لإعادة هكيلة تجارة وزراعة القطن، في ظل رفع الحكومة يدها عن التجارة الخاصة بالقطن، وفي ظل وجود وسطاء في المنظومة، يتسبب في تردي جودة القطن، بسبب العوامل الداخلة على القطاع، وبدأنا في تطبيق التجربة ببني سويف والفيوم لموسم 2019، بعد اتفاق لجنة وزارية من 3 وزارات هي التجارة والصناعة وقطاع الأعمال العام والزراعة، وتُدار الحلقات الخاصة بحلج القطن، من خلال الشركة القابضة، ويتم عمل إجراء تدخل فيه شركات التجارة.
وأشار هشام توفيق، إلى أن الآلية التي نعمل بها حالياً، تساعد جميع الحلقات داخل المنظومة، وللأسف لم نجد شركة تجارية واحدة، تدخل لشراء القطن، وقامت الشركة القابضة بشراء ما يقرب من الـ55 ألف قنطار، ورغم انخفاض السعر ووجود طلبات للشراء، بقيمة أقل من المطلوب، ولو استمرت التجربة في النجاح، سيتم العمل بها في منطقة وجه بحري، وأعتقد أن التجربة قريبة من تجربة بورصة القطن القديمة، بورصة "مينا القمح"، ونسعى للتعامل مع اليونيدو وتطوير آليات الزراعة بزراعة القطن، مع وزارة الزراعة والبداية بـ20 ألف فدان وسنصل إلى 100 ألف.
محلج للأقطان
استخدام أحدث التكنولجيا
وعن خطة تطوير المحالج، قال هشام توفيق: "نستخدم في الوقت الحالي أحدث التكنولجيا في الحليج بأحد المحالج بمحافظة الفيوم، وسيتم استقدام 10 محالج أخرى، بالإضافة إلى توريد وتركيب 11 محلجاً، والتي تستهدف عدم دخول العنصر البشري في الحليج، لتحسين جودة القطن وفق التنافسية العالمية، ويجرى تجهيز محلج عالمي سيقوم بافتتاحه الرئيس عبدالفتاح السيسي قريباً، مشيراً إلى أن خطة تطوير المحالج، بلغت تكلفتها 1.5 مليار جنيه، تم تخصيصها لهذا الغرض، بالإضافة إلى نقل محالج خارج الرقعة السكنية، والتصرف في أراضي المحالج القديمة، وبيعها لتوفير التمويل الخاص، لخطط التمويل وتسوية المديونيات التاريخة للقطاع.
وأشار وزير قطاع الأعمال إلى أن هناك 23 شركة للغزل والنسيج و7 للحليج، و10 أخرى في قطاعات تابعة لها، وتعمل الوزارة على دمج 22 شركة في 9 شركات كيانات كبرى، ودمج 9 شركات حليج وتجارة وكبس في شركة واحدة، وتحديد ثلاثة مراكز للتصدير، على أن يتم تخصيص باقي الشركات في "مراحل تصنيع معينة مثل الغزل- والنسيج- والصباغة والتجهيز"، والاستعانة بخبراء واستشاريين عالميين.
زراعة وإنتاجية القطن