هل تتأثر الرجولة بالخلع؟.. خبراء يجيبون
الإثنين، 16 ديسمبر 2019 09:00 ص
- 2800 زوجة صرحن أن فشل تجربتهن فى الحياة الزوجية بسبب عنف الأزواج ورفضهم الإنفاق
- 1400 اعترضوا على لجوء الزوجات لإقامة دعوى خلع بشكل متكرر
- أمهات تصنع المستحيل: الخلع للعجز الجنسى ظلم وإهانة للسيدات
- زوج يشكو: مراتى خلعتنى مرتين خلال 3 سنوات زواج وتستخدم طفلتى لابتزازى للعودة لها
- زوجة: عاقبنى بإشعال النيران فى منقولاتى وحسيت أننى فى سلخانة من كثرة التعذيب
استيقظ الزوج سليم عبد السلام البالغ من العمر 29 عاما، صباحا، ليذهب لعمله كعادته، ولكنه لم يكن يتوقع أن يجد زوجته، منتظره داخل مقر عمله، وتحمل دعوات للاحتفال بطلاقها الوهمي، رغم أنها ما زالت فى عصمته، لتعلن أمام زملائه ذهابها لمحكمة الأسرة بالجيزة، وأقامتها دعوى لتطليقه خلعا، وتبديده لمنقولاتها، ليقف الزوج المحروم من طفلته الصغيرة منذ عام بعد ترك زوجته لمنزله، لا يدرى ماذا يفعل بعد تفننها فى الانتقام منه مستخدمة سلاح قانون الأحوال الشخصية.
وعلى النقيض تماما، وجدت نفسها الزوجة رضوى المصري، محاصرة من أهلها والمحيطين بها بسبب مطالبتها بالطلاق، ليتهمها الجميع بأن أسبابها واهية، رغم أنها طوال عامين ونصف تعانى بسبب إجبارها من قبل زوجها على فقدان وزنها حتى وصلت لـ 40 كيلو، وتدهور جهازها الهمضى وسوء حالتها الصحية، وذلك بسبب مقارنتها بنجمات السينما، لتقرر اللجوء للخلع كملاذ أخير.
وبين قصة معاناة الزوج سليم الذى يمثل آلاف الأزواج الذين يقفون يوميا أمام محاكم الأسرة، ومأساة الزوجة رضوى والعديد من الزوجات المعنفات، نقف حائرين ونحن نسمع عن مطالبات لإعادة النظر بقانون الخلع الصادر سنة 2000، ووضع شروط وضوابط له، حيث تعتبره السيدات مكتسبا لا يقبلن التنازل عنه، فى حين أن الرجال يوجهون أصابع الاتهام له ويعتبروه العدو اللدود وسلاح الزوجات للى ذراعهم والسبب فى تفكك الأسر المصرية، بخلاف أزمة تحديد مدة رؤية الطرف غير الحاضن لأطفاله، ورفع سن الحضانة للأطفال إلى 15 سنة، وسلب الولاية التعليمية من الأب ومنحه للأم الحاضنة، ليقرروا التنديد بالسيدات اللاتى يلجئن لمحاكم الأسرة ووصمهم بالنواشز فى حملات ملئت سماء السوشيال ميديا.
ومن هنا كان على الـ"صوت الأمة" فتح ذلك الملف وما أثير حوله من جدل، وعرض وجهات نظر جميع الأطراف ورصد معاناة الأزواج والزوجات داخل محاكم الأسرة، وترك الحكم للقارئ .
وبالتعليق على تلك الإشكالية أوضح لنا المحامى وليد خلف المختص بالشأن الأسري، بشكل قانونى ما هو الخلع وما هى الحقوق المترتبة عليه للزوجة، وإلتزامات الزوج قائلا:" الخلع هو حق الزوجة فى رفع دعوى تطليق ضد زوجها، حال بغضها للحياة الزوجية، وخشيتها بسبب هذا البغض ألا تقيم حدود الله، لتفتدى بذلك نفسها بإرجاع المهر للزوج والتنازل عن كافة حقوقها المالية الشرعية من مؤخر ونفقة عدة ومتعة".
وتابع: "لا يترتب التنازل عن الحقوق المالية، التخلى عن حق الزوجة للمطالبة بقائمة منقولاتها الزوجية التى تعتبر دين فى ذمة الزوج، بالإضافة إلى نفقة الأطفال ومسكن الحضانة، الذى يعتبر حق لا يسقط إلا بإدائه".
وأكمل: وتحصل الزوجة على حكم نهائى غير قابل للطعن بالتطليق خلعا خلال شهور قليلة، بعد رفضها عرض مكتب تسوية المنازعات للصلح بينهما، ويكفى فقط أن تذكر أن لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية، بسبب خشيتها أن ألا تقيم حدود الله، بخلاف دعاوى الطلاق للضرر التى تستمر لسنوات فى درجات التقاضى من حكم اول درجة واستئناف والطعن، وذلك لصعوبة إثبات الضرر .
وللطب النفسى رايه فى السبب الرئيسى للخلافات الزوجية، لتؤكد الدكتورة مها توفيق استشارى الصحة النفسية، إن السبب الرئيسى لتطور مشاكل الأسرة المصرية وذهابها لأروقة المحاكم للبحث عن الحل يرجع فى الأساس إلى إنكار الزوجين وجود مشكلة وتأجيلهما المواجهة حتى تصبح المشكلة معقدة، فنحن للأسف نعانى من غياب ثقافة النقاش بين الأزواج، فكلاهما عندما تحدث المشكلة لا يستمعان ويبادران بحل الصوت العالى لذلك تفشل معظم الحلول حتى وإن كانت جيدة بسبب غياب صوت العقل".
وأضافت: "أما الرجل فهو من يعانى أكثر بسبب ظنه أن رجولته تأثرت ويدخل فى معركة عند مع المرأة للانتقام، وهنا الأطفال هم الخاسر الأكبر فى تلك المعركة، وتصبح مواجهته للمجتمع أصعب خطوة من الممكن أن يمر بها".
ومن جانبها علقت الناشطة الحقوقية ياسمين محمد أحد مسئولى حملة امهات تصنع المستحيل، أن الخلع شرع الله، أقره الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن تفتدى السيدة نفسها وتتنازل عن كافة حقوقها، فالاسلام نص على أن المعاشرة بالمعروف او التسريح بإحسان، فكيف يتحقق ذلك حين تعيش المرأة مع رجل بالإكراه، وأين رجولته فى ذلك؟ فاغلب حالات الخلع هى حالات طلاق للضرر، ولكن السيدة لا تستطيع إثبات الضرر الواقع عليها.
وتابعت: "الأفضل من وضع قيود على الخلع هو تذليل إثبات الطلاق للضرر، فالخلع حق مكتسب للمرأة فى جميع الدول الاسلامية، فلا مجال للحديث عن تغييره".
واكملت: تحديد الخلع لحالات معينة مثل العجز الجنسي، ظلم واهانة للسيدات، حيث يتم النظر لها كوعاء جنسى فقط، بعد أن اقتصرت الحياة الزوجية فى المعاشرة الجنسية فقط، فماذا عن المدمن والشاذ والزوج الذى يعتدى على زوجته بالضرب.
وأشارت، إلى أن كلام العديد من الأزواج بأن السيدات يستخدمن سلاح الخلع للى ذراع الأزواج غير صحيح، بالعكس فنحن داخل مجتمع يتنمر ضد المراءة المطلقة، لتتعرض لظلم شديد من المجتمع، وأصحاب النفوس الضعيفة من الرجال والسيدات ايضا، فما الذى يدفع الست إلى التنازل عن كافة حقوقها إلا اذا كانت الحياة بينها وبين الزوج شبه مستحيلة.
وأمام مزايا قانون الخلع التى حصدتها المرأة، وما يمكن أن يترتب عليه من ضرر للزواج، خرجت الأصوات المطالبة بإعادة النظر للقانون، ووضع شروط له، ليقول الدكتور محمد الوقاد، مؤسس حملة تمرد ضد قانون الأسرة، أن الخلع حق شرعى للمرأة ولا يستطيع أحد أن يلغى هذا الحق أو يضع شروط معينة يتم على اساسها الخلع، ولكنه يجب أن يتم تطبيق الخلع كما طبقه الرسول عليه الصلاة والسلام، فيجب أن يتم الخلع بعلم الزوج ووجوده وبموافقته، وأن تقوم الزوجة برد جميع مستحقاته وليس ما تم كتابته فقط فى قسيمة الزواج، فيوجد الكثير من المواطنين فى سفر بالخارج للعمل وعند عودتهم يفاجئوا بأنه تم خلعهم دون علمهم، لذا يجب تطبيق الإجراءات الخاصة بالإخطار بأى صورة من صور التواصل أو إعلام أى من أهل الزوج بهذا الأمر فى حال التعذر الوصول اليه، وهو ما أكد عليه عدد من الشيوخ كالشيخ نصر فريد واصل والشيخ أحمد كريمة.
وأشار الوقاد، إلى أنه فى حال تطبيق الخلع الشرعى كما علمه لنا النبى الكريم، حال رفض الزوج أن يطلقها خلعا تحول قضية الخلع الى قضية طلاق للضرر وتطلق بسرعة وتحصل على كل مستحقاته.
وعلقت من جانبها مروة منصور، المتحدث الرسمى لبيوت مصر، أنه بالنسبة للخلع حق شرعى للمرأة ومن الصعب قصره على حالات بعينها، ولكنه أيضا يحتاج الى وضع بعض الحدود والشروط للحكم بالخلع للحد من إساءة استخدامه فى تفكيك الأسر وخاصة أن الخلع يمثل غالبية حالات الطلاق.
وقال أحمد عز، ممثل عن الآباء المتضررين من قانون الأحوال الشخصية، أنه يجب أن يتم الخلع بشكل صحيح، بالإضافة الى رد المهر الحقيقى وليس ما يتم كتابته فى عقد الزواج.
وأضاف، أنه يجب مراجعة هل يستطيع أن يترك الزوج مسكن الزوجية حال طلبها له كمسكن حضانة، أم أنها يجب أن تشارك فى استحضار منزل آخر حتى لا يلقى الزوج فى الشارع هو أيضا.
وعلقت منة وحيد، منسق حملة تمرد سيدات مصر ضد قانون الأسرة، هناك مغالطة كبيرة ولبس فى مطالباتنا بتغيير إجراءات مادة الخلع فى قانون الأحوال الشخصية، فالخلع فى حد ذاته شرعى، ولكن ما يتم تطبيقه الآن والثغرات الموجودة غير مطابقة للخلع فى الإسلام.
وأكدت: الأزمة فى ما يتم به اختلاع الزوجة لنفسها بإعلانات أمريكاني، وبدون علم الزوج حتى أن بعض الحالات تم الحكم بالخلع فيها والزوجة تمارس حياتها العادية فى بيت الزوجية فكيف تم الخلع وبدون علم من بيده عقدة النكاح حتى يستطيع اخذ العوض الذى من المفترض إنه يتم الاتفاق عليه بين الزوج والزوجة وأمام المحكمة.
أما عن الحالات التى تقف يوميا أمام محاكم الأسرة وتجسد معاناة السيدات، فشددت الزوجة منى فارق عيد، على أنها لم تجد حلا يساعدها غير قانون الأحوال الشخصية، بعد أن قررت للوقوف بداخل محكمة الأسرة بمصر الجديدة، تشكو عنف زوجها، وتطلب الخلع والفرار سريعا من جحيم الحياة الزوجية، بعد اكتشافها معاناته من عيب خلقى بعد أيام من زواجها، ومعاقبتها بإشعال النيران فى منقولاتها .
وتابعت: "وقعت ضحية للتعذيب بسبب خداع زوجى وأهله لي، لقبول الزواج، ليعاقبنى بـ"علقة موت"، ويشعل النيران فى منقولاتى بعد 3 أيام من الزواج، لولا تدخل الجيران وإنقاذى من تحت يديه لكان قتلنى، كنت أشعر أننى فى سلخانة من كثرة التعذيب".
وأعترض الزوج هانى حسن، بدوره على قانون الخلع، ليطالب بتعديله ووضع ضوابط على استخدام المرأة له، وقصره فى حالات العجز الجنسي، والمطالبة بتخفيض سن الحضانة إلى 9 سنوات بدلا من 15 لتنتقل الحضانة إجبارياً بعد هذه السن إلى الطرف الآخر، وإلغاء نظام الرؤية الحالى واستبداله بالاستضافة، ليقول والد الطفلة هانيا البالغة من العمر عامين:" مراتى عصبيه خلعتنى مرتين خلال 3 سنوات زواج وتستخدم طفلتى لابتزازى للعودة لها".
وتابع فى دعوى النشوز ضد زوجته، أمام محكمة الأسرة بأكتوبر:" للآسف أدفع ضريبة زواجى منها، بعد أن اكتشفت أننى ارتكبت أكبر خطأ فى حياتي، تسببت فى تدمير سمعتى وصورتى أمام أهلى وأصدقائي، لأعيش سنوات فى صراعات مستمرة".
وتابع: تحملت إهانتها، وتهديدها لى بالحبس بقائمة المنقولات والمؤخر، وابتزازى فى كل خلاف للرجوع لها مرة أخرى، خوفاً من تصرفاتها الجنونية، التى وصلت بالتهديد بإيذاء الطفلة.
وأضاف الزوج: "زوجتى لا تعرف الرحمة، اعتادت على معاقبتى بسبب رغبتها فى السيطرة على المنزل، حتى أخضع لأوامرها، استولت على كافة ممتلكاتى، واجبرتنى على التنازل عن شقتى لها، وتركتنى بعدها مفلس، وأنا عاجز عن التصدى لها من أجل ابنتى الوحيده، خوفا من تهديدها بحرمانى من رؤيتهم، حال رفضى تنفيذ طلباتها".
وأظهرت إحصائيات محاكم الأسرة بكل من " أكتوبر- إمبابة- مدينة نصر-مصر الجديدة-القاهرة الجديدة"، أن 40% من الأزواج الذين يقفوا أمام مكاتب تسوية المنازعات يشتكوا من أستخدام زواجتهم حق الخلع أسباب تافه لا ترقى لطلب الطلاق.
وتابعت الأرقام تبرير 2800 زوجة خلال العام الحالى لجئن لمحاكم الأسرة، أن أزواجهم يفتقدوا للرجولة وسماتها ويوكدن على أن السبب الرئسى فى فشل تجربتهن فى الحياة الزوجية بسبب عنف الأزواج ورفضهم الإنفاق.
وأكدت شكاوى 1400 زوج تعرضهم للوقوف أمام محاكم الأسرة فى أكثر من دعوى خلع بسبب طلب الزوجات للتطليق بشكل متكرر، وشملت الأسباب التى تم كشفها أمام مكاتب التسوية أثناء سؤال الزوجات على "عجز الأزواج-الخيانة-العنف والتعرض للضرب".