كتاب «حرمة التكفير ومخاطره»: 4 أسباب.. و8 مخاطر
الأربعاء، 11 ديسمبر 2019 09:00 ص
أصدرت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ضمن مشروعها لتفنيد الفكر المتطرف، كتابا جديدا تحت عنوان «حرمة التكفير ومخاطره»، إذ أصدرت المنظمة ما يقرب من 22 كتابًا، لتفنيد الفكر المتطرف للرد على أفكار الجماعات المتطرفة، كما أصدرت مجلة رقمية باسم (حصاد) لهدم الأساس الفكري الذي تعتمد عليه التنظيمات المتطرفة والتكفيرية إضافة لإطلاق حملة إلكترونية بتقنية الإنفو جرافيك للعمل على تفنيد الأفكار المتطرفة المغلوطة وبيان حقيقتها في 30 حلقة.
ويتضمن الكتاب الجديد للمنظمة العالمية لخريجى الأزهر، تعريفًا لمفهوم الكفر، وجذوره التاريخية، وأسباب التكفير «الجهل بالعلم الشرعي» ـ التأويل الخاطيء للنصوص الشرعية، وتحذير النبى من التكفير، كذا تحذير العلماء من التكفير «اتباعًا لسنة النبى»، بالإضافة إلى خطورة التكفير مثل تفكيك المجتمع ـ تفكيك الأسرة ـ تأجيج التعصب والكراهية بين أفراد المجتمع.
ألف الكتاب الدكتور إبراهيم الهدهد ـ رئيس جامعة الأزهر سابقًا ـ المستشار العلمى للمنظمة، وكتب تقديم الكتاب الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى ـ وزير الأوقاف سابقًا ـ عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف ـ نائب رئيس مجلس إدارة المنظمة. وركز الكتاب على تحذير الإسلام من الحكم على المسلمين بالكفر، حيث لم تترك الشريعة الإسلامية أمر التكفير لأحد أفراد الأمة الإسلامية، ولكن أفردته كشأن من شئون أولى الأمر أو من ينوب عنهم "القضاة أو المفتيين ـ فى العصر الحالى.
قدم الكتاب الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلاً: «فى كل قضية تحتمل تعدد وجهات النظر: يجد المتأملُ نفسَه بين طرفين يقف ٌّ كل منهما على النقيض من مُقابلِه، حيث يقوم كل منهما بنفى الآخر وهدمه هدمًا كاملًا بلا عدل ولا شفاعة، وكيف لا.. وكل منهما لا يرى فى نقيضه ـ بعين السخط ـ إلا سوادًا فوق سواد، وسوءًا فوق سوء، ويفقد الحوار بينهما - يومئذ - مصداقية الحق، وسماحة الإنصاف، وفضيلة الاعتدال!!
وشدد مؤلفى الكتاب على أن الإسلام حذر من الحكم على المسلمين بالكفر أيما تحذير، ولم تكل الشريعة أمر التكفير لأحد، بل هو شأن ولى الأمر «الحاكم"» أو من يُنيبه، وهو فى زماننا موكول إلى القضاء، باعتبار الخروج من الدين جريمة يعاقب عليها القانون، ويوم أن اجترأ أفراد من الأمة على التكفير منذ عام 36 هـ، حيث َّ كفر «الخوارج» سيدنا على بن أبى طالب رضى ﷲ عنه وكرم اﷲ وجهه، وهو صهر رسول ﷲ ﷺ وابن عمه، لأنه قبل التحكيم، ولم يفرقوا بين التحكيم والحكم، وقعوا فيما وقعوا فيه، وتبعتهم طائفة فى هذا الضلال، تموت وتحيا فى كل زمن، فتكون حياتها شرا مستطيرا على الإسلام والمسلمين، ولا حول ولاقوة إلا بالله العظيم.
وحول مفهوم الكفر أكد الكتاب، أنه نقيض الإيمان، والتكفير هو نسبة أحد من أهل القِبلة إلى الكفر، وارتبط ارتبط التكفير باسم "الخوارج"، منذ عام 36 هـــ، وإثبات ذلك معروف فى كتب العلماء، كـ "تاريخ الإسلام"، للحافظ أبى عبد ﷲ الذهبي، وغيره.
كما بين الكتاب أسباب التكفير وهى:"الجهل وقلة العلم، واتباع الهوى، والتأويل الخاطئ للنصوص الشرعية، وذلك أنهم عمدوا إلى آيات أنزلت فى الكافرين فجعلوها فى المؤمنين"، مؤكدًا تحذير النبى ﷺ من التكفير، حيث وردت أحاديث فى التحذير من التكفير، لخطر ذلك، منها قول النبى ﷺ: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما"، كما حذر العلماء من التكفير، موضحًا مثالا لقول العلامة ابن حجر الهيتمي: "الذى صرح به أئمتنا أن من تكلم بمحتملٍ للكفر لا يحكم عليه حتى يُستفسر".
ونقل الكتاب عن حُجّة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالى قوله: "والذى ينبغى أن يميلَ المحصل إليه: الاحترازُ من التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإن استباحة الأموال والدماء من المصلين إلى القِبْلة المصرحين بقول: لا إله إلا ﷲ محمد رسول ﷲ، خطأ، والخطأ فى ترك تكفير ألف كافر فى الحياة، أهون من الخطأ فى سفك محِجَمة من دم امرئ مسلم, وقال ﷺ:"أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا ﷲ محمد رسول ﷲ، فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءَهم وأموالهم إلا بحقّها".
وبين الكتاب خطورة التكفير، حيث أكد أنه يمزق المجتمع المسلم، ويُغذى الفُرقة والشحناء بين المسلمين، بل ربما أدى إلى إهدار المسلمين دماءَ بعضِهم بعضا، وكل ذلك مخالف لأوامر ﷲ تعالى وأوامر نبينا محمد ﷺ، كما أن تكفير المسلم يبيح قتله ويهدر دمه، فمن المعروف أن الحكم على المسلم بالردة يترتب عليه كثير من الأحكام فى الدنيا والآخرة، أما فى الدنيا فقد روى الإمام البخارى عن النبى ﷺ أنه قال: «من بدّل دينه فاقتلوه»، وقيس على تبديل الدين ُّ كل ما يخُرِجُ المسلمَ من دين الإسلام، لأنه بذلك يكون قد انتقل من دين الإسلام إلى دين الكفر، فالحكم الأول أنه يُهدَر دمُه، أى يجب قتله إن لم يتُبْ، وقد اختلف أهل العلم فى وجوب استتابته قبل قَتْله: هل تجب أم هى مستحبة فقط؟! على قولين، بالإضافة إلى أنه يصير عقد زواجه فى خطر، فعند الحنفية: تَبينُ منه زوجتُه برِدته، أما عند الشافعية: فيحرم على زوجته تمكينُه منها، ويجب عليها أن تحتجب عنه، كما أن المرتد لا يرث من أهله المسلمين، ولا يرثه أهله المسلمون، وإذا مات لا تجوز الصلاة عليه، ولا يُغ َّ سل ولا ى كفن ولا يُدفن فى مقابر المسلمين، كما أنه مخلد فى النار، كما فى صريح الآية السابقة.
واختتمت المنظمة العالمية لخريجى الأزهر الكتاب بالتأكيد على أنه ينبغى على كل مسلم أن يحذر من الوقوع فى هذه الجريمة النكراء، لأن ﷲ تعالى يغار على عباده أن يتهمهم أحد بما ليس فيهم.
ونجحت المنظمة العالمية لـخريجى الأزهر، برئاسة فضيلة د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، فى خطتها خلال العام 2019، من خلال فروعها المنتشرة فى مختلف دول العالم وتغطى محافظات مصر، وكثفت المنظمة من دورها المحورى فى مختلف دول إفريقيا، اتساقاً مع دعوة القيادة السياسية بالاهتمام بإفريقيا، خاصة دول حوض النيل، حيث عملت المنظمة فى اتجاهات عديدة، حيث خصصت العام 2019 ليكون عاماً موجهاً للقارة السمراء، من خلال عقد الدورات التدريبية لأئمة وعلماء إفريقيا، خاصة الدول التى تكتوى بنار الإرهاب وفى مقدمتها، نيجيريا وتشاد والنيجر وكوت ديفوار ومالى.
ووصل عدد فروع المنظمة 20 فرعًا، خلال عام 2019، وعقدتعدة دورات تدريبية لأئمة دول، الهند وباكستان، ليبيا، كردستان العراق، كينيا، نيجيريا، اثيوبيا، كما نجحت فى إطلاق مبادرة عالمية بعنوان «أوطان بلا إرهاب»؛ التى تضمنت أفكارا أكثر شمولية بفعاليات شملت الجوانب الدينية والسلوكية والفكرية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية
وخلال عام 2019 نجحت مجلة نور للأطفال، الصادرة عن المنظمة، فى بادرة الأولى من نوعها فى استضافة أول ورشة عمل لأطفال أفريقيا، والتى استهدفت دعم التقارب بين الشعوب، تزامنا مع تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى، وتم تدشين برلمان سفراء الأزهر للطلبة بمشاركة "120" طالبا وطالبة من جامعة الأزهر، إضافة إلى تدريبات التسويق الإليكترونى بالتعاون مع مؤسسة إنجاز مصر بعدد "16" كلية لـ"2500" طالبا.