اعتداءات وتعنيف.. «سكاكين الجزارين» تهدد الأطباء البيطريين

الإثنين، 02 ديسمبر 2019 09:00 م
اعتداءات وتعنيف.. «سكاكين الجزارين» تهدد الأطباء البيطريين
التعدى على الأطباء البيطريين خلال ممارسة عملهم جريمة
كتب- محمد أبو النور

يتعرّض الأطباء البيطريون، من وقتٍ لآخر، وخلال ممارسة عملهم، لأنواع كثيرة من الضغوط والمشاكل، التي تصل في بعض الأحيان، إلى التعدى عليهم بالسب والقذف والشتم، وقد تصل في أحيانٍ أخرى إلى الضرب المُؤدّى للإصابة، وقد يتعرضون للموت، وخاصة أنهم في الغالب، يتعاملون مع الجِزارة و الجزارين، وفى الأسواق والسلخانات والمجازر القديمة والآليّة، وقد اشتكى الأطباء البيطريون كثيراً، للنقابة ولوزارة الزراعة، والهيئة العامة للخدمات البيطرية، لوضع حلٍ لهذه المُشكِلة، إلاّ أن الوضع مازال على حاله.

بالقانون واللوائح، تُعدّ نقابة الأطباء البيطريين، هي جهة ومظلّة الحماية لأرباب هذه المِهنة، وخاصة أن عددهم حالياً، كما يقول الدكتور خالد العامرى، النقيب العام للأطباء البيطريين، وخاصة المُعينين بالجهات الحكومية، حوالى 9 آلاف طبيب بيطرى، وفى خلال 5 سنوات من الآن، سيصبح عددهم 4 آلاف فقط، نتيجة لتوقف إجراءات تعيين الخريجين، منذ عام 1995، وأشار العامرى، إلى استمرار فتح كليات للطب البيطرى، حتى بلغت أعدادها 19 كلية، وأن هناك أكثر من 65 ألف طبيب بيطرى، يعملون فى الوظائف والقطاعات والمؤسسات الحكومية، بينما يعمل بقيّة الأطباء البيطرين، فى مجالات تسويق الأدوية البيطرية وغيرها.

حادث الاعتداء على طبيب بيطرى
حادث الاعتداء على طبيب بيطرى

من وقتٍ لآخر، نسمع ونقرأ ونتابع، حوادث الاعتداء على الأطباء البيطريين، خلال ممارسة عملهم، سواء في المجازر أو في الأسواق أو خلال الحملات البيطرية، لضبط اللحوم المخالِفة للمواصفات، أو غير الصالحة للاستهلاك الآدمى، فمنذ سنوات، تم التعدى على أطباء بيطريين، في أحد الأسواق بمحافظة قنا، من قِبل أحد الجزارين بالسوق، كما تتكرر كل فترة، عمليات الاعتداء على الأطباء البيطريين، خلال ممارسة عملهم، وأيضا خلال الحملات البيطرية، ولولا وجود قوات الأمن مع البيطريين، خلال هذه الحملات، لتعرّض العشرات من الأطباء البيطريين يومياً، للضرب والإصابة بل والقتل، أثناء ممارسة عملهم،

ففي يوم الإثنين 14 يناير الماضى، لفظ طبيب بيطري بالدقهلية، أنفاسه الأخيرة في العناية المركزة بمستشفى المنصورة الدولي، متأثراً بإصابته باعتداء مجهولين عليه لسرقته، وتمكنت مباحث شرطة أجا من التعرف على اثنين من المتهمين بالاعتداء، وتقديمهما للمحاكمة وقتها، وقد قضت محكمة جنايات المنصورة الدائرة الخامسة، بالسجن المؤبد على الشخصين المتهمين بقتل الطبيب البيطري، وقبلها و في 30 نوفمبر عام 2018، تمكنت مباحث البحيرة من ضبط أحد الجزارين، المتهم بالاعتداء على طبيب بيطري، في مجزر دمنهور، أثناء ممارسة عمله، بسبب محضر حرره المصاب، وجرت محاولة ضبط شقيقه، بتهمة التحريض على الاعتداء على الطبيب.

مجزر
مجزر

وكان اللواء جمال الرشيدي، مدير أمن البحيرة حينها، قد تلقى إخطاراً من اللواء محمد هندي، مدير المباحث في ذلك الوقت، بوجود بلاغ من سالم شعبان، طبيب بيطري بمجرز دمنهور، بتعدي "هـ .أ" 40 سنة، جزار، عليه أثناء ممارسة مهام عمله بمجزر دمنهور، كما اتُهم شقيق الجزار بالتحريض على الاعتداء عليه، و تمكن ضباط مباحث المركز، من ضبط المتهم الأول، واعترف بارتكاب الواقعة، وتخلصه من الأداة المستخدمة، بإلقائها في أحد المجاري المائية، وكلفت إدارة البحث الجنائي في حينها، بضبط المتهم الثاني الهارب، وقال الدكتور حسني عباسي، مدير مديرية الطب البيطري بالبحيرة وقتها، إنه تم إيقاف الجزار المعتدي لمدة شهر، من جانب المديرية طبقاً للقانون.

وتم إعداد مذكرة تفصيلية، ومخاطبة اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة حينها، لمنع المتهم من دخول المجزر لمدة سنة، تمهيداً لإيقافه نهائياً طبقا للقانون، وأوضح شرف الدين فيصل، عضو النقابة العامة للأطباء البيطريين، أن المتهم طعن الطبيب في بطنه بسكين، وهو ما أدى لإصابته بجرح في البطن بطول 20 سم، وتدخل الموجودون في المجرز محل عمله، لمنعه من استكمال الاعتداء عليه، مؤكداً أن النقابة العامة، لن تترك حق زميلهم المُعتدى عليه، وأن مجلس النقابة بالكامل، يدعم الزميل المعتدى عليه في الأزمة.

أبقار نافقة بسبب الأمراض
أبقار نافقة بسبب الأمراض

من ناحيته، طالب حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، بعودة التكليف للأطباء البيطريين، المتوقف من سنة 1995، للنهوض بالثروة الحيوانية ورعايتها صحياً، وكذلك حمايتهم من التعدى عليهم خلال ممارسة عملهم، موضحاً أن إلغاء تكليف أطباء بيطريين جدد، تسبب في تدهور الثروة الحيوانية في مصر، كما أضعف من دور قطاع الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، في المكافحة والوقاية من الأمراض، وأضاف أبوصدام، في تصريحات صحفية، أن مبررات عودة تكليف الأطباء البيطريين للعمل في الطب البيطري، لمواجهة الكثير من الأمراض المشتركة، التي تصيب الحيوانات والإنسان وهو ما ينذر بالخطر، ويكلف الدولة ملايين الجنيهات، سواء للعلاج عند الإصابة بالأمراض أو في صورة فقدان المواشي، وقِلّة عدد الاطباء البيطريين يزيد الأعباء والتكلفة على المربين، ويزيد فرص نفوق الحيوانات وانتشار الأمراض.

وأوضح نقيب الفلاحين أن تجاهل خريجي كليات الطب البيطري، يهدر ثروة علمية نحن في أشد الحاجة إليها، ويمثّل ظلم لهؤلاء الخريجين الذين كلفوا أسرهم أعباء كبيرة في الإنفاق على تعليمهم الجامعي، على مدار 5 سنوات بكليات الطب البيطري، بمختلف الجامعات المصرية، وأشار أبوصدام إلى أن معظم الخريجين، يعملون حالياً في وظائف مؤقتة، في مجالات أخرى، مثل الدعاية الدوائية البشرية، ومنتجات التجميل أو قطاعات أخرى، بعيدة عن مجال التخصص، ولا تمتّ بصلة للدراسة التي تعلموها، ولا يستفيد بها الخريج ولا تستفيد بها الدولة، وتعاني من نقص في أعداد الاطباء البيطريين العاملين، تزامنا مع خروج العديد من الموجودين حاليا على المعاش.

وشدد أبوصدام على أن عودة التكليف، هي عوده لقيمة المهنة بالكامل في الحاضر وضمان للتنمية في المستقبل، لافتا إلى أن الطبيب البيطري هو أساس التنمية في الثروة الحيوانية، وعودة التكليف مطلب عادل لإنقاذ مهنة بأكملها، وأطباء انفقت عليهم الدولة الكثير، ليحصلوا على لقب طبيب بيطري.

وأوضح نقيب الفلاحين، أن إعادة تكليف الأطباء البيطريين، واجب على الدولة، وحق من حقوقهم، لصناعة مستقبل خالي من الأمراض وطرح منتج حيواني آمن وصحي، وأن توقف التعيينات منذ عام 1995، قلص عدد الأطباء البيطريين إلي 9 آلاف طبيب بيطري فقط مُعينين الآن، وفى خلال 5 سنوات من الآن سيخرج حوالي 5 آلاف منهم للمعاش، ويصبح الأطباء 4 آلاف طبيب بيطري فقط.
 
وأشار أبوصدام إلى أن 150 طبيبا بيطريا فقط، هم معينون بالتفتيش على الأغذية على مستوى مصر، وهو عدد ضئيل يستحيل معه التفتيش على كل الفنادق والقرى السياحية والمستشفيات البشرية، وغيرها. مؤكداً أن عدد الأطباء البيطريين في محافظة القاهرة 8 أطباء فقط، والجيزة 6 أطباء، وهي أعداد لا تكفي لضمان وصول الغذاء للمواطن، مطالباً بتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، لحل هذه الأزمة، قبل أن يصبح مصير الأطباء البيطريين، كمصير المرشدين الزراعيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق