استشاري نفسي يؤكد: أغاني المهرجانات سبب انتشار جرائم القتل بين المراهقين
الإثنين، 25 نوفمبر 2019 03:00 م
اخذت المشاجرات في الأونة الأخيرة، شكلا مختلفا عن ذي قبل، إذ ارتفعت وتيرة العنف بشكل كبير بين فئة المراهقين، وتطورت بالدرجة التي وصلت إلى أن استخدام الأسلحة هو الحل الأول والأمثل والأوحد على الإطلاق، بعدما كان التلاسن ثم التشابك بالأيدي هو الثمة الغالبة على مشاجرات هذه الفئة العمرية، فمجرد مشاجرة بين طالبين بسبب تعدي أحدهما على فتاة، انتهت بمقتل أحدهما ودخول الثاني إلى السجن، منتظرا مصير مجهول وهو في مقتبل العمر، وأصبحا الطرفان خاسران، الأول فقد حياته والثاني خسر مستقبله وسمعته، لا لشيء سوى لعصبية المراهقة ورغبة الظهور وفرض السيطرة الزائفة.
البنا ضحية تصديه لراجح في المنوفية
وتعد قضية الشاب راجح، وأصدقائه، إحدى أبرز قضايا العنف التي أثارت الرأي العام المصري خلال الأونة الأخير، والتي راح ضحيتها الشاب محمود البنا، بسبب دفاعه عن فتاة كان يعتدي عليها راجح، ولا يزال الـ 3 متهمين يحاكمون أمام محكمة الطفل، ويواجهون اتهامات تصل عقوبتها إلى السجن 15 عامًا.
طالب يسدد طعنة نافذة لصديقه في العياط
بينما في العياط، اعتدى طالب على صديقه بسلاح أبيض، على خلفية مشادة وقعت بينهما، مما أسفر عن إصابته بجرح طعني، كاد أن يفقده حياته لولا تدخل العناية الإلاهية التي أنقذته، بعدما نقله الأهالي إلى المستشفى، والقوا القبض على الطالب وسلموه للشرطة، ووجهت له النيابة تهمة الشروع في القتل وحيازة سلاح أبيض، وأصدرت قرار بحبسه.
بسبب مشادة كلامية طالب يقتل صديقه في المنوفية
فيما سقط طالب في الصف الثالث ثانوي، ضحية على يد زميله في المنوفية، إثر مشادة كلامية وقعت بينهما، على إحدى المقاهي، فسدد أحدهما طعنة نافذة للثاني، مما أسفر عن وفاته، ووجهت النيابة العامة تهمد القتل العمد للأول.
أستاذ علم اجتماع: المهرجانات الشعبية سبب انتشار الجريمة
وفي هذا السياق أكد الدكتور وليد هندي أستشاري الطب النفسي، أن سلوك العنف نتاج عوامل متشابكة وممتدة منذ عشرات السنين، موضحا أن البناء النفسي للطفل والمراهق مشبعين بالعنف، نتيجة عوامل ومدخلات متراكمة عبر عدة سنين، وهو ما يوضح موقف العنف الذي يمارسه المراهق إلا عامل مفجر يعبر عن كل هذه التراكمات.
وأوضح هندي، أن ممارسة ذلك العنف الفج عند المارهقين، يبدأ من مراحل الطفولة المبكرة وعدم الوعي بأنماط التنشأة الاجتماعية السليمة، مثل ضرب الأطفال وتوجيه الإهانة والتوبيخ والسباب، فضلا عن التدليل الزائد الذي يجعل من الطفل شديد العنف وليس لديه أدنى مقاومة نفسية تجاه خبرة الفشل أو الإحباط، وكذلك غياب الرقابة الاأسرية وانحصار دور الوالدين في الإنفاق المادي دون التركيز على بناء الشخصية، إلى جانب أن البيئة المدرسية التي تحتضن الطفل بعد الأسرة غالبا ما تفتقد الأنشطة التي تعمل على التنفيس الإنفعالي لسلوك العنف لدى الطلاب، مضافا إليها المناهج الجافة وطرق التدريس العقيمة التي تطفئ الملكات العقلية المتقدمة لدى الطفل فلا يتبقي له إلا القدرات الذهنية الضعيفة، وغياب الحلول المنطقية واللجوء إلى العنف كأقرب ردود الأفعال، مع اختلاف الصورة الذهنية للمعلم الذي كان قدوة وكاد أن يكون رسولا إلى معلم في أحيان كثيرة غير مؤهل تربويا، لتشكيل سلوك الأطفال بعد أن أصبح شغله الشاغل ستقطابهم للدروس الخصوصية.
وتابع أستشاري الطب النفسي: هناك سبب خطير مستحدث وفاعل في تنامي سلوك العنف لدي الأطفال والمراهقين، وهو ألعاب الإنترنت التي تغرس سلوك العنف في سلوك الأطفال والمراهقين بصورة ممنهجة ومقصودة وتساعدهم على ارتكاب الجرائم المختلفة بأسلوب مدرب ومدروس، بل أن بعضا قد ذهب إلى ممارسة سلوك العنف والإذاء لدى النفس والاقبال على الانتحار وتقطيع الجسد وتعذيبه، وإتيان الجروح به مثل لعبة الحوت الأزرق ومريم وغيرهما، موضحا أن الدائرة اتسعت لتشمل جميع وسائط السوشيال ميديا التي أصبحت مسرحا مفتوحا لعرض مشاهد العنف، وتزايد الإقبال عليها دفع العديد من الشباب ليس لممارسة العنف فقط بل وتوثيقه بالصور والفيديوهات ورفعهما على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، من أجل الحصول على إعجابات وهمية وتعليقات الإشادة الزائفة التي تجعله يشتشعر أهميته وعظمة ما يفعله، فيقبل عليه مرة أخرى بتجويد وبصورة أعنف، حتى يشبع لديه الحاجة إلى إثبات الذات والشعور بالاستقلال، وهما من أهم الحاجات النفسية والفسيولوجية في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة وبدايات مرحلة المراهقة.
وأوضح هندي، أن الإعلام وبرامج التليفزيون وأفلام السينما، أصبحوا يقدمون نماذج من الأبطال الذين يشار إليهم بالبنان على الرغم مما يقدمونه من أعمال بلطجة فجة تغزو عقول الشباب وبيوت الأسر المستقرة.
دكتور وليد هندى
ولفت إلى أن هناك بعد أخر يفسر السلوك العنيف والغير مسبوق في مرحلة الطفولة والمراهقة، وهو النزول بسن الإدمان في مصر، فاصبح هناك العديد من الأطفال والمراهقين، يقبلون على التدخين وتناول المخدرات وعقاقير الهلوسة التي تحدث ارتباكا في العمليات الإدراكية للعقل وخللا في كمياء المخ، وتؤثر على عمليات الإدراك واتخاذ القرار وتفصل المتعاطي عن الواقع تماما، ومنها الفودو والاستروكس وغيرهما، ويضاف إلى ذلك مجموعة من العوامل الغير مرئية او الملموسة، مثل التلوث بأنواعه سواء السمعي مثل أغاني المهرجانات والمرئي مثل تطبيق التيك توك، وبين ارتكاب السلوك العشوائي والعنيف، مشيرا إلى أن التلوث الغذائي والهوائي مسببا أيضا لارتفاع العنف بين الأطفال والمراهقين، حيث ثبت علميا أن ارتفاع نسبة الرصاص الناتج عن عوادم السيارات وغيرها من أسباب التلوث، يؤدي إلى انخفاض نسبة الذكاء وممارسة السلوك العنيف.
وحذر وليد هندي من ضرورة عدم إغفال دور التغذية في ممارسة سلوك العنف، فجميع الدراسات أثبتت أن نقص الزنك والحديد وفيتامين ب، خلال الـ 3 سنوات الأولى من حياة الطفل تجعله يمارس سلوكا عدوانيا في سنوات العمر المتتالية، كما اشارت دراسة جديدة في بريطانيا أجريت على 17 الف شخص وجدوا أن 69% منهم ارتكبوا جريمة واحدة على الأقل، كانوا يتناولون الشيكولاتة والحلويات الملونة والمشروبات الغازية مرة واحدة يوميا على الأقل، في مراحل الطفولة المبكرة.