أوهام المصالحة.. حلم يراود تنظيم الحمدين
السبت، 23 نوفمبر 2019 03:00 م
امتلأت سماء الخليج العربي الأيام الماضية بأحاديث متواترة عن قرب حل الأزمة القطرية، وهناك من حدد وقتاً لذلك، وجاءت كل هذه التكهنات بعد قرار السعودية والإمارات والبحرين المشاركة في "خليجي 24" التي ستقام في الدوحة، واعتبروا القرار تأكيداً لما يقولونه عن قرب المصالحة.
واليوم خرج علينا عراب الخراب، حمد بن جاسم، الضلع الرئيسي والمحرك لتنظيم الحمدين، بمجموعة من التغريدات محاولاً من خلالها الإيحاء بأن الحل بات قريباً، ومرتدياً زي الواعظ الذي لا يليق بمثله، فقال ابن جاسم أن "ما يتم تداوله هذه الأيام عن الصلح المنتظر يحتاج إلى تقييم مدى الضرر من جميع الأطراف وأن يكون هذا الحل للأزمة والحصار الذي فرض علينا والذي أصاب المنطقة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وأن يكون عبرة بحيث إنه لا تتكرر مثل هذه السياسات التي لم تؤد إلى نتيجة إلا الخلل لمجلس التعاون الخليجي، أنا مع الصلح غير المشروط والذي يحفظ كرامة وسيادة الدول ويجب أن يكون هناك بحثا عميقا من قبل أعضاء مجلس التعاون الذي جُمّد في هذا الخلاف والمنطقة في أشد الاحتياج لمثل هذا التكتل".
بهذه التغريدات يحاول ابن جاسم الهروب من الحقيقة، وتصدير صورة مغايرة للواقع الكارثي الذي تعيشه المنطقة بسبب السياسات القطرية العابثة في أمن الدول العربية، فرئيس وزراء الدوحة السابق، الذي كان السبب في كثير من الخراب الذي لحق بعدد من دول المنطقة، يعود اليوم ليلقي بالمسئولية على الدول التي أيقنت حقيقة الخطر القطري، وحاولت تجنبه، وهو القرار الذي أزعج تنظيم الحمدين، وجعله مكشوفاً أمام الجميع.
نعود مرة أخرى إلى تكهنات إنهاء الأزمة القطرية، فمن خلال استقراء ما حدث طيلة الأيام الماضية من تصريحات ومتابعات إعلامية وصولاً إلى ما كتبه اليوم حمد بن جاسم، يمكن القول إن ما يقال بشأن إنهاء الأزمة القطرية ما هي إلا أمنية تراود خيال تنظيم الحمدين، لأنه لا يوجد ما يبرر إنهاء هذه الأزمة الآن، وحتى إذا ما نظرنا إلى قرار المشاركة في "خليجي 24" سنجد أنه قرارا لا يلمح إلى أي نتائج مستقبلية، ولا علاقة له بحل الأزمة أو استمرارها، مثله مثل العديد من الاجتماعات الدورية التي عقدت على المستوى الخليجي الفترة الماضية، لكنها لم تحمل أي مؤشر على الحل.
الأمر الآخر الذي يجب أن ننظر له بتمعن هي تصريحات وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد، التي أكد خلالها أن القمة التاسعة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست ستعقد في السعودية باعتبارها دولة مقر لمجلس التعاون الخليجي، ولن تعقد في الإمارات التي من المفترض أن تستضيف القمة هذا العام، وهوما يؤكد أن الأزمة قائمة وأن أبو ظبي رفضت استضافة القمة حتى لا تستضيف مسئولين قطريين على أراضيها، لذلك طلبت من السعودية "دولة المقر" استضافة القمة المقبلة، كما حدث العام الماضي حينما استضافتها السعودية في التاسع من ديسمبر 2018، بدلا من سلطنة عمان، التي اعتذرت عن الاستضافة.
كل هذه الدلائل والمؤشرات تؤكد أن الأزمة ستظل قائمة وموجودة، لأن السبب فيها ليس دول الخليج ولا مصر، وإنما المشكلة في الدوحة التي لاتزال تسير في طريق الأوهام، وترفض حتى الآن الاستجابة لصوت الحق، وأن تكف يدها عن دعم الإرهاب في المنطقة.