متى تتحرك هيئة «المواصفات والجودة» لوقف مخالفات «طفايات الحريق»؟
السبت، 23 نوفمبر 2019 08:00 ممحمد أسعد
«صوت الأمة» تتواصل مع رئيس هيئة المواصفات والجودة.. والأخير يرفض التعليق ويتساءل عن «مصادرنا»
متى تتحرك هيئة «المواصفات والجودة» لوقف مخالفات «طفايات الحريق»؟
خطابات أمام وزارة التجارة والصناعة والهيئة منذ أكثر من 15 عاما تحذر من خطورة المواصفة.. والهيئة تتجاهل وتعدل «سنة الإصدار» فقط
متى تتحرك هيئة «المواصفات والجودة» لوقف مخالفات «طفايات الحريق»؟
خطابات أمام وزارة التجارة والصناعة والهيئة منذ أكثر من 15 عاما تحذر من خطورة المواصفة.. والهيئة تتجاهل وتعدل «سنة الإصدار» فقط
تواصل «صوت الأمة» فتح ملف طفايات الحريق، والبودرة المستخدمة فى إنتاج طفايات الحريق فى مصر، وما أثبتته التقارير الصادرة عن جهات عدة، بأن المواصفة القياسية المصرية فى هذا الشأن مخالفة لكل المعايير والمواصفات القياسية العالمية، وهو ما تسبب فى إنتاج طفايات حريق تعمل على اتساع حرائق المعادن وانفجارها بدلا من إخمادها.
التقارير التى سبق ونشرتها «صوت الأمة»، صادرة عن الإدارة العامة للحماية المدنية بوزارة الداخلية، وكليات العلوم بجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية، والمركز القومى للبحوث، والتى دفعت هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا إلى إصدار تقرير يوصى المحكمة بإصدار حكم نهائى لإلزام الهيئة المصرية للمواصفات والجودة بإلغاء تلك المواصفة، بالإضافة إلى المواصفات القياسية العالمية، التى حذرت جميعها من خطورة دمج الفئة D مع الفئات الأخرى، كما هو حاصل فى الطفايات المصرية.
وتسببت المواصفة القياسية فى أن تصبح مصر الدولة الوحيدة التى تشهد إنتاج طفايات حريق للتعامل مع كل أنواع الحرائق بما فيها حرائق المعادن، والأخيرة حذرت كل الجهات العالمية من خطورة استخدامها مع حرائق الفئات الأخرى، لأنها تتسبب فى تفجير الحرائق واتساعها بدلا من إخمادها، وإصابة الإنسان بالعمى وتآكل الجلد وتدمير الجهاز التنفسى، وإصدار غاز الفوسفين المميت.
التقارير تشير إلى أن المواصفة المصرية سمحت بإنتاج الطفاية لمكافحة 5 أنواع من الحرائق (A.B.C.E.D) بما فيها حرائق المعادن «D»، وهى مخالفة لكل المواصفات القياسية العالمية التى حذرت من استخدام الفئة «D» مع أى فئة أخرى لما تمثله من خطورة كبيرة، وبسبب تلك المواصفة أيضا لا يمكن تدبير أى طفاية لا ينطبق عليها مواد المواصفة سواء بالتصدير، وهو مرفوض لدى كل دول العالم، أو الاستيراد لعدم وجودها أو تصنيعها لمخالفتها القيم الفنية لدى المواصفات القياسية فى دول الإنتاج فى أوروبا أو أمريكا، وأدى ذلك أيضا إلى قيام إحدى الشركات الخاصة باحتكار صناعة الطفايات فى مصر، وتسبب فى زيادة سعر طفايات الحريق وتجاوزها 4 أضعاف مثيلتها فى أوروبا ودول الخليج.
أخذنا التقارير وما بها من رصد، وأطلعنا على موقع شركة بافاريا ألمانيا، وتبين أن هذه الشركة لا تنتج طفايات فى ألمانيا تشمل الفئات الخمس، على عكس ما يتم إنتاجه فى مصر، رغم أن الشركة التى تستحوذ على النصيب الأكبر فى سوق طفايات الحريق فى مصر هى ذاتها الشركة الألمانية.
وحاولت «صوت الأمة» التوصل لأى ردود فنية صادرة عن الهيئة العامة للمواصفات والجودة ترد على التقارير الصادرة عن الإدارة العامة للحماية المدنية أو كليات العلوم بالجامعات السابق ذكرها، لم نجد، فيما تواصلنا مع المهندس أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة، لكنه رفض التعقيب، وبدلا من الرد على التقارير الفنية، اكتفى بالسؤال عن كيفية وصول هذه التقارير إلى «صوت الأمة» متوعدا بملاحقة الصحيفة قضائيا لأنها نشرت تقارير رسمية، وتناسى أن القضية التى تحوى هذه التقارير متداولة أمام القضاء فى جلسات علانية ولا يوجد أى قرار بحظر النشر.
ورغم أن الشبهات أثيرت حول المواصفة القياسية المصرية منذ أن صدرت عام 2008، وتم الإدعاء بتعديلها فى أعوام 2011 و2013، إلا أن هيئة المفوضين أثبتت أنه تم تعديل سنة الإصدار فقط دون تعديل المضمون، وقالت إن ما قامت به الهيئة هو مجرد تعديل المواصفة القياسية 734 لسنة 2008، وتم تعديل سنة إصدارها ولم يشمل هذا التعديل العيوب التى وقعت فيها المواصفة القياسية، حيث تم اعتماد المواصفة 734 لسنة 2013 على أساس صلاحيتها لمكافحة حرائق متعددة للفئات A,B,C,D,E، وهى المواصفة التى رفضتها الدراسات السابق ذكرها وطالبت بمراجعتها والعدول عنها لعدم وجود مثيل لها فى دول العالم، وتؤدى إلى مخاطر بالمستخدمين، ويصيب تلك المواصفة ما أصاب سابقتها من عيوب، وأن مجرد تعديل سنة الإصدار لا يخرجها من كونها تعديلا لمواصفة قياسية قائمة.
وأكدت أن التعديل لم يتطرق إلى العيوب والمخالفات المنسوبة للمواصفة السابقة 2008، بل ظلت كما هى، حيث تسمح باستمرار إنتاج طفايات حرائق متعددة بالمخالفة لجميع المواصفات الدولية والأوروبية، ويترتب على تطبيقها أضرار بالغة بالمستخدمين، بما يقطع بأن إخراج المواصفة رقم 734 لسنة 2013، بهذا الشكل وبعد كل ما حذرت منه كل الدراسات والتقارير العلمية التى أجريت فى هذا الشأن، وإصرار الهيئة على عدم إتباع معايير الجودة فى وضعها للمواصفات القياسية يمثل خروجا صارخا على أحكام الدستور والقانون.
وذكرت هيئة المفوضين أن الالتفاف بتعديل سنة المواصفة وبعض بنودها يعد سبيلا للهروب من مظلة المشروعية، وتكميما لصوت العدالة بتفريغ محل النزاع من محتواه وما هو إلا تكريس لمنظومة تصم أذانها عن كل ما ينهض بالصناعة، وجودتها رغم أنها القائمة على مراقبة ذلك بل وعلى ردع من يخالفه، كما أكدت أنه يقوض من صناعة مهمة كأجهزة إطفاء الحريق والتى لا يخلو أى منزل أو مصنع أو مكتب أو سيارة أو طريق منها، ويقلل كفاءتها، ويستغل ذلك فى قتل المنافسة وتسهيل الاحتكار ووأد الصناعة، كما أنه من متطلبات الأمن القومى عدم إصدار مواصفات قياسية معيبة وإلصاق صفة الجودة بها، والزعم باتفاقها مع المواصفات العالمية على غير الحقيقة.
وترفض هيئة المواصفات والجودة تفعيل القرار رقم 83 لسنة 2005 والذى ينص على أنها هى نقطة الاستعلام المصرية للإمداد بالمعلومات والوثائق فى مجال المواصفات وتقييم المطابقة، فمن خلال تفعيل ذلك القرار يمكن وضع القول الفصل فى مدى جودة المواصفة القياسية الخاصة ببودرة طفايات الحريق من عدمه.
وفى مذكرتها التى قدمتها الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، أمام المحكمة الإدارية العليا قالت إنها صاحبة الاختصاص الأصيل فى إصدار المواصفات القياسية، وكل ما يتعلق بشئون التوحيد القياسى، ولا تُعتبر أى مواصفة قياسية إلا بعد اعتمادها من الهيئة، ويتم ذلك وفقًا لضوابط محددة نص عليها القانون.
أشارت إلى أن ما ورد بتقرير هيئة المفوضين هو عبارة عن محاضرة علمية فى طريقة إعداد المواصفة وإجراء الاختبارات الكيميائية، وهو أمر علمى بحت يخرج كليا وجزئيا عن اختصاص هيئة المفوضين، ويختص به أهل الخبرة العلمية فقط دون غيرهم، مشيرة إلى عقد اجتماع مشترك للجنتين 1/15 و 1/18 لمناقشة بنود المواصفة ووضع التصور النهائى قبل إصدارها.
أضافت، أنه لاستصدار مواصفة أو تعديلها يتم ذلك بموجب قرار وزارى صادر عن وزير التجارة والصناعة بشأن ذلك، ووفقا للضوابط المحددة وبعد دراسة من عدد من اللجان متخصصة تضم عددا من المختصين فى هذا المجال، والمنتجين على ضوء دراسة مستفيضة والهدف من إتباع كل هذه الإجراءات هو تحقيق الصالح العام الذى تهدف إليه كل أجهزة الدولة، وتوفير الأمن وتحقيق صالح جمهور المستهلكين.
أوضحت كذلك أن كل ما سبق قد يتعارض فى بعض الأحيان مع النفع الشخصى لبعض المنتجين أو المستوردين ومنهم الطاعن أمام المحكمة، الذى يهدف من طعنه طلب إلغاء المواصفة رقم 734 لسنة 2008 لتحقيق نفع شخصى وأرباح دون النظر إلى ما يترتب على ذلك من آثار سلبية وأضرار جسمية تضر بالدولة والمواطنين، خاصة أن تلك المواصفة تتعلق بأجهزة إطفاء يدوى.
وقالت فى المذكرة التى قدمتها للمحكمة الإدارية العليا، إن المحكمة أعلم بالآثار الجسيمة التى ترتبها الحرائق حال وقوعها إن لم تتمكن أجهزة الإطفاء، والمواد الكيمائية التى تحتويها من إخماد الحريق، وهذا أمر يتعلق بالأمن القومى للبلاد، وعدالة المحكمة أحرص منا على تحقيق الأمن القومى.
وجاء رد هيئة المواصفات والجودة خاليًا من أى ردود فنية على التقارير الصادرة من الحماية المدنية أو كليات العلوم السابق ذكرها.
وحصلت «صوت الأمة» على مستند أرسله مدير الإدارة العامة للحماية المدنية الأسبق، اللواء عبدالعزيز توفيق، يحوى مذكرة كتبها اللواء محمد جمال شوقى، مدير إدارة المفرقعات الأسبق، والذى ترأس اللجنة التى أبدت رأيها الخاص بالمواصفة القياسية المصرية، وطالبت بضرورة مراجعتها، وأشارت إلى خطورة المادة الكيميائية المصنع منها أجهزة إطفاء الحريق، وأن المواصفة 734 لسنة 2008، لا مثيل لها على المستوى العالمى، بل وتحذر منها كل المواصفات القياسية العالمية، مؤكدا على إصرار الإدارة العامة للحماية المدنية على رأيها الفنى الوارد بالتقرير.
تقرير اللجنة رصد الأضرار الناجمة عن اعتماد تلك المواصفة، وذكرت أن اعتماد مواصفة قياسية بهذا الشكل يترتب عليه حظر الاستيراد أو التصدير من وإلى دول الاتحاد الأوروبى وأمريكا لعدم وجود الخصائص الموجودة بالمواصفة القياسية المصرية، والتى تتعارض مع اشتراطات التصنيع العالمية، فضلا عن أن الموصفة أدت لمنع دخول أجهزة الإطفاء العالمية المطابقة للمواصفات الأوروبية والأمريكية إلى مصر، ما أدى إلى ارتفاع أسعار أجهزة الإطفاء فى السوق المصرية عن مثيلاتها بالدول الأخرى، حيث ارتفعت سعر الطفاية إلى أربعة أمثال سعر الطفاية بدول الاتحاد الأوروبى والدول العربية الأخرى.
المفاجأة التى جاءت فى مذكرة اللواء محمد جمال شوقى، أن هيئة المواصفات والجودة نسبت إليه أنه تراجع عما جاء بتقرير اللجنة، واعتذر عما انتهت إليه، لكن اللواء شوقى نفى ذلك فى مذكرته التى أرسلها لمجلس الدولة، حيث ذكر أنه فى 7 مارس 2013، انعقدت ندوة خاصة بأجهزة الإطفاء ومعدات الحريق فى مقر الهيئة العامة للمواصفات والجودة، بحضوره والعقيد كيميائى خالد عبدالمقصود كممثلين عن الإدارة العامة للحماية المدنية، وبرئاسة قيادات الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، وحضور مستشارين من وزارة الصناعة والتجارة ومستشارين من مصنع صقر للصناعات المتطورة، وممثل عن شركة بافاريا مصر، وممثلين عن شركة حلوان للصناعات الهندسية، وأعضاء اللجان 1/15 و2/18 المعنيين بوضع المواصفات القياسية المصرية لأجهزة إطفاء الحريق التى تعمل بالمسحوق الكيماوى الجاف.
يوضح اللواء جمال شوقى فى مذكرته إنه لم يعتذر ولم يتنازل عن النقاط الفنية الواردة بتقرير اللجنة ورأى اللجنة بضرورة مراجعة المواصفات القياسية المصرية لأجهزة الإطفاء اليدوية بمعرفة اللجنة 1/15 طبقا للمواصفات الأوروبية والتوجه الأوروبى لأوعية الضغط، مشيرا إلى أن محرر محضر الندوة تعمد تغيير الحقائق، ولم يقم بعرضه علينا للتوقيع عليه مثل باقى الموقعين.
كما حصلت «صوت الأمة» على شكاوى وبلاغات مقدمة أمام وزير الصناعة والتجارة، والنائب العام وهيئة الرقابة الإدارية بشأن المواصفة القياسية لإنتاج بودرة طفايات الحريق، وطالبت بالتحقيق فى المخالفات الجسيمة التى شابت لتك المواصفة، وتعريض حياة المواطنين للخطر، حيث ذكرت أن تلك المواصفة وُضعت بمنهجية وأغراض فاسدة لصالح شركة تنتج أكثر من 90% من الاستهلاك بمصر، وهذه المواصفة المعيبة فرضت مادة كيميائية تمثل خطورة داهمة ومدمرة، حيث تعمل على سرعة انتشار الحرائق وامتدادها بإصدارها غازات قابلة للاشتعال والانفجار مثل غاز الهيدروجين الذى يعمل كوقود إضافى يزيد من شدة الحريق، كما أن النتائج الكارثية الأخرى مثل إصدار غازات سامة مميتة مثل غاز الفوسوجين وغاز ثانى أكسيد الفسفور شديد الخطورة على المستخدم بسبب أبخرة حمض الفوسفوريك الحارق الذى يسبب العمى وتآكل الجلد، وذلك بالرجوع إلى القامات العلمية الرفيعة بالجامعات المصرية، والرجوع إلى المواصفات القياسية العالمية مثل كليات العلوم بجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية.