استرداد 90 ألف فدان و19 مليون متر مربع.. حكاية نصف قرن من التعدى على الأراضى الزراعية
الأحد، 17 نوفمبر 2019 09:00 ص
شكّلت التعديات على الأراضى الزراعية، وعلى حرم نهر النيل ومصادر الرى، من ترع ومصارف وجسور و بحيرات، وكذلك على أملاك الدولة من أراضى وعقارات، حِملاً ثقيلاً وأعباء كبيرة، على الجهاز الإدارى للدولة، وخاصة وزارات الزراعة والداخلية والرى والتنمية المحلية، في وقتٍ من الأوقات، وكان الجميع يتهاون ويُهمل، ويتملّص من المسئولية لسنوات، غير أنه منذ عام 2014، بدأت الدولة تضرب بيدٍ من حديد، على كل من يضع يده على أملاك الدولة، بدون مسوّغ قانونى، أو يتأخر ويتلكأ، في سداد مستحقات وحقوق الدولة، كمالٍ عام يجب عدم التفريط والتهاون في تحصيله، كما فتحت الحكومة باب التقنين لم يرغب أن يتملك أو يحوز في حماية القانون، وضربت مهلة لذلك، وعندما انتهت المدة، كانت الدولة بكل مؤسساتها، حاضرة مُكشّرة عن أنيابها، ضد من يريد أن يلتف أو يتجاوز القانون، وكانت إزالة التعديات، هي اللغة التي يفهمها جيداً كل من تُسوّل له نفسه، استمرار هذه التعديات، وكان بلدوزر الحكومة هو آخر الدواء، كما نقول في المثل الشعبى، "آخر الدواء الكىّ".
فرضت الدولة هيبتها بتنفيذ الإزالات على الأراضى الزراعية
ربع قرن من التعديات والمُصالحات
عندما تجاوزت الأمور، حد المعقول والمقبول، وظن المتعدين على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، أنهم قد أصبحوا بمأمن، ولم يعد هناك رقيب ولا حسيب، لوقفهم وردعهم عن التعديات، شاهدوا بأم أعينهم، أن ما كانوا يظنونه هو خيال في خيال، ففي شهر أغسطس من هذا العام، كشف تقرير للإدارة المركزية لحماية الأراضي، بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، عن فقدان مصر، لأكثر من 53 ألف فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، بسبب التعديات، منذ يناير 2011 وحتى 18 أغسطس الماضى.
وأضاف التقرير، إن حجم التعديات، في تلك الفترة، بلغ مليونا و941 ألفا و605 حالة، على مساحة من الأراضي الخصبة، بلغت 87 ألفا و14 فدانا، وتمت إزالة 594 ألفا و727 حالة، على مساحة 33 ألفا و421 فدانا.
وأشار التقرير، إلى أن عدد الحالات، التي لم يتم إزالتها وقتها، بلغ مليونا و346 ألفا و878 حالة، على مساحة من الأراضي الخصبة، بلغت 53 ألفا و592 فدانا.
وقال رئيس الإدارة المركزية، لحماية الأراضي بوزارة الزراعة وقتها، المهندس محمد صلاح، في تصريحات صحفية، إن الإدارة، تتخذ جميع الإجراءات، للتصدي لمخالفات التعديات على الأراضي الزراعية، سواء بالبناء أو التشوين أو التجريف، ورصد حالات التعدي فور وقوعها، والتنسيق على الفور، مع أجهزة الحكم المحلي والأجهزة الأمنية، لإزالتها في المهد قبل تطورها.
التعديات على الأراضى الزراعية
التعديات على الأراضى ولعبة الانتخابات
طوال السنوات السابقة، كانت المصالح الانتخابية، ولعبة التوازنات الحزبية هى من تقرر تنفيذ الإزالات على الأراضى الزراعية أو التصالح فيها، وفي أكتوبر عام 2018، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الإدارة المركزية لحماية الأراضي، أن إجمالي المساحات المستقطعة من الأراضي الزراعية، والتي تم التعدي عليها بالبناء أو أقيمت عليها مشروع نفع عام أو خاص، أو أضيفت إلى الحيز العمراني للمدن والقرى والعزب والنجوع، منذ صدور القانون 116 لسنة 1983 وحتى 14 أكتوبر عام 2018، بلغت 299 ألف فدان، منها 160 ألف فدان تعديات، و57 ألف فدان لإقامة مشروعات عامة وخاصة، و82 ألف فدان للحيز العمراني.
وذكرت الوزارة، في بيان لها وقتها، أن عدد حالات التعديات على الأراضي الزراعية، خلال الفترة من 25 يناير وحتى 14 أكتوبر 2018، يصل إلى مليون و900 ألف حالة تعد، بإجمالي مساحة 84 ألفا و664 فدانا، وأوضحت الوزارة، أن إجمالي المساحة التي لم يتم تنفيذ إزالة التعديات عليها، بلغت أكثر من 56 ألفا و602 فدانا، بإجمالي مليون و394 ألف حالة تعدى، مقابل إزالة التعديات على مساحة 28 ألف فدان فقط، بنسبة 33% من إجمالي مساحات التعديات.
تطبيق القانون على الجميع
وأضاف تقرير رسمي، أصدرته الوزارة أن إجمالي مساحة التعديات على الأراضي الزراعية، منذ صدور القانون رقم 116 لسنة 1983 وحتى 24 يناير 2011، بلغ 103 آلاف و267 فدان، تم إزالة 58 ألف فدان منها، موضحا أن إجمالي التعديات على الأراضي الزراعية، منذ عام 1983 وحتى أكتوبر 2018، يقترب من 160 ألف فدان.
وفيما يتعلق بمساحة مشروعات النفع العام، والتي تمت الموافقة عليها بالبناء، على الأراضي الزراعية للمصلحة العامة، خلال الفترة من عام 1983 وحتى قيام ثورة 25 يناير، فقد بلغت 21 ألفا و884 فدانا، بالإضافة إلى الموافقة بالبناء على الأراضي الزراعية، لأغراض النفع العام بعد 25 يناير 2011 وحتى 14 أكتوبر 2018، بمساحة بلغت 7 آلاف و567 فدان، ليصل إجمالي مساحة الأراضي، التي تمت الموافقة بالبناء عليها، لإقامة مشروعات نفع عام، منذ عام 1983 وحتى عام 2018، حوالي 29 ألفا و451 فدانا بمختلف المحافظات.
القانون هو القانون على الجميع
أراضى لمشروعات النفع الخاص
وأضاف التقرير، أن إجمالي المساحات التي تمت الموافقة عليها بالبناء على الأراضي الزراعية، لأغراض النفع الخاص، خلال الفترة من 1983 وحتى أكتوبر من عام 2018، بلغت اكثر من 31 ألف فدان، منها 27 ألفا و777 فدانا، خلال الفترة من 1983 وحتى يناير 2011، مشيرا إلى أن مساحة الأحوزة العمرانية الحديثة، للمدن والقرى والعزب والنجوع، التي تمت الموافقة على إضافتها إلى كوردون البناء، بلغت 81 ألفا و976 فدانا، منها 16 ألفا و262 فدان، تم إضافتها إلى الحيز العمراني للعزب والنجوع، و4384 فدانا للقرى و177 فدانا للمدن.
وأوضح التقرير، أنه على الرغم من أن معدل التعديات تناقص، بسبب زيادة نسبة الإزالات، عقب توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتصدي للتعديات، وخاصة على أملاك الدولة، إلا أن حملة الإزالات، التي تنفذها الدولة، لمواجهة التعديات، تأثرت بسبب ما أثير في وسائل الاعلام وقتها، من طرح أعضاء مجلس النواب، لمشروع قانون التصالح على مخالفات البناء، وهو ما أدي إلى بطء شديد، في استصدار قرارات الإزالة من المحافظين، وتقاعس الأجهزة المعنية في المحليات، في تنفيذ قرارات الإزالة، ولفت التقرير إلى أن صدور قرار رئيس مجلس الوزراء، رقم 231 لسنة 2017، والذي يسمح بتوصيل المرافق للمباني، بطرق غير قانونية "مخالفة" على الأراضى الزراعية، تسبب في التأثير على حملات الإزالة، التي تقوم بها الدولة، لمواجهة مخالفات البناء على الأراضي الزراعية.
وحدد التقرير وقتها، نسبة إزالة التعديات على الأراضي الزراعية، بحوالى 9.7% خلال عام 2011 ، ارتفعت إلى 17.2% عام 2012، ثم انخفضت في عام 2013، لتصل إلى 13.9%، ثم ما لبثت أن ارتفعت معدلات الإزالة للتعديات إلى 32.9% عام 2014، مشيرا إلى أن نسبة الإزالات عام 2015 بلغت 56%، ثم انخفضت في العام التالي 2016 لتصل إلى 54%، ثم ارتفعت إلى 64.7% عام 2017، وواصلت الارتفاع، لتصل إلى 76.6% خلال عام 2018
أملاك الدولة وحرم النهر والترع والمجارى المائية خط أحمر
قوات إنفاذ القانون
واصلت قوات إنفاذ القانون، أعمال الموجة الرابعة عشر لإزالة التعديات على أراضى الدولة، تحت إشراف اللجنة العليا لاسترداد أراضى الدولة، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية.
وأوضح بيان رسمي للجنة، أن قوات إنفاذ القانون، تمكنت بالتنسيق بين وزارات الدفاع والداخلية والتنمية المحلية والمحافظات، من إزالة 2594 حالة تعدى، منها 892 حالة تعدى على أراضى زراعية، بمساحات وصلت إلى 90 ألف فدان، منها 81 ألف فدان بالمنيا، التى تعمل قوات إنفاذ القانون فيها بشكل مستمر، لاسترداد كافة المساحات المُتعدى عليها، والتى لم تُثبت جدّية فى التقنين.
وأضافت اللجنة، أنه فيما يتعلق بالتعديات، على أراضى بالبناء، فقد تم إزالة 1702 حالة تعدى، بمساحات وصلت إلى 19 مليون و360 ألف متر مربع، وهو مايساوى 4 آلاف و 750 فدان، منها حوالى 18 مليون و 920 متر مربع بالقاهرة وحدها، حيث تم استرداد المساحة الأكبر منها فى منطقة القطامية.
ووفقا للبيان، تواصل قوات إنفاذ القانون أعمالها، في إطار الضوابط، التى حددتها اللجنة العليا، وفي مقدمتها الحالات الـ 6، التى تستهدفها موجة الإزالة، والتى تخص من لم يتقدموا، بطلبات تقنين أو غير الجادين فى التقنين، أو من لم تتوافر لهم الشروط القانونية للتقنين.
وشددت اللجنة، على الاستمرار في موجات الإزالة دون توقف، وتطبيق القانون على الجميع، واسترداد حق الشعب، في كل المحافظات والمدن والقرى، مع الالتزام التام بالقانون.
إزالة التعديات على الأراضى الزراعية
وأكد تقرير الأمانة الفنية للجنة، برئاسة اللواء عبد الله عبد الغنى، أن عمليات إزالة التعديات، تشمل كافة المحافظات، وأن هناك متابعة مستمرة، من جانب غرفة العمليات بوزارة التنمية المحلية، للتأكد من الالتزام بضوابط الإزالة، وكذلك تحقيق المستهدف، وأكد التقرير، على التنسيق بين كافة الجهات التنفيذية بالمحافظات، لتنفيذ موجة الإزالة، والتصدى بحسم، لظاهرة التعدى على أملاك الدولة، ولم يتم رصد، أى حالات خروج عن القانون، خلال تنفيذ أعمال الموجة، وأشار التقرير كذلك إلى تعاون كافة جهات الدولة، فى تنفيذ الموجة واسترداد الأراضى، المتعدى عليها، وتسليمها إلى المحافظات، لوضع خطط تأمينها، من عودة التعدى مرة أخرى.