مصر تحمى حقوق «شعوب أفريقيا» وتنجح في إجبار «الكاف» على تطهير نفسه
الأحد، 17 نوفمبر 2019 12:00 صمحمد أسعد
الاتحاد الأفريقى لكرة القدم يوجه ضربة قاضية لفساد «BEIN SPORT» القطرية وينهى احتكار «لاجاردير» الفرنسية لحقوق البث
جهاز حماية المنافسة لعب الدور الأكبر فى كشف علاقة «لاجاردير» بالمجموعة القطرية وحصل على حكم قضائى بتغريم عيسى حياتو
جهاز حماية المنافسة لعب الدور الأكبر فى كشف علاقة «لاجاردير» بالمجموعة القطرية وحصل على حكم قضائى بتغريم عيسى حياتو
بعد سنوات عديدة، لعبت فيها مصر دورا أساسيا من أجل وقف وإلغاء التعاقدات الحصرية الفاسدة لحقوق بث بطولات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، والتى أجرها الاتحاد إبان تولى عيسى حياتو رئاسته، أعلن «الكاف»، فسخ التعاقد مع شركة «لاجاردير» الفرنسية لحقوق البث التليفزيونى لبطولات الاتحاد الأفريقى، لينهى بذلك احتكار الشركة الفرنسية لحقوق البث الممتد منذ 2008 وحتى 2016 الذى تم تجديده حتى 2028.
امير نبيل
معاذ حجى، السكرتير العام للاتحاد الأفريقى، قال إن قرار فسخ العقد جاء تنفيذا لـ«العدالة المصرية»، وجاءت تلك التصريحات لتعبر عن مسيرة قضائية طويلة خاضتها مصر لإثبات فساد تلك الصفقة، ومخالفاتها لكل القوانين، وكاشفة للعلاقات المشبوهة بين شركة لاجاردير ومؤسسة بي . إن سبورت القطرية، وكان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قد لعب الدور الأساسي في إثبات ذلك، بناء على التحقيقات التى أجراها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، سبق وأصدرت المحكمة الاقتصادية أحكاما نهائية بتغريم كل من عيسى حياتو، الرئيس السابق للاتحاد الأفريقى لكرة القدم (الكاف) وهشام العمرانى، سكرتير عام الاتحاد السابق، وذلك بسبب المخالفات التى ارتكبها الاثنان، لقانون حماية المنافسة، ووقائع الفساد التى تورطوا فيها ببيع حقوق البث الخاصة بالاتحاد لشركة لاجاردير الفرنسية، التى منحتها لشبكة بى إن القطرية، والإضرار بالمشاهد المصرى.
أحكام المحكمة الاقتصادية استندت إلى التحقيقات التي أجراها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إثر بلاغ مقدم من رئيس الشركة المصرية لخدمات إعلانات الأقاليم «بريزنتيشن» ضد الاتحاد الأفريقي لكرة القدم فيما يتعلق بالممارسات الاحتكارية التى يمارسها والمتعلقة باستغلال حقوق البث الخاصة بالبطولات التي ينظمها الاتحاد الأفريقى، ومخالفة قانون حماية المنافسة، حيث منح حق الاستغلال التجارى لحقوق البث الخاصة بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم على مستوى العالم إلى شركة لاجاردير الفرنسية حتى عام 2028، ودون إتباع نظام طرح تنافسي يضمن تحقيق شفافية وعدالة التنافس بين المتنافسين المختلفين، وذلك كله بالمخالفة للقانون.
وكشف جهاز حماية المنافسة عن العلاقة بين شركة لاجاردير الفرنسية، وشبكة بى إن سبورت القطرية، حيث تبين للجهاز حينها قيام مؤسسة «بى إن» بطرح باقاتها المتعلقة بكأس الأمم الأفريقية في السوق المصرية، وهو ما يؤكد أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قد باع فعليا حقوق البث الخاصة بالسوق المصري لمؤسسة بى إن الإعلامية، وهو ما أضاف دعما وتقوية للوضع المسيطر لمؤسسة بى إن الإعلامية فى السوق المصرية دون وجه حق، لعدم لجوء الاتحاد الأفريقى لنظام المزايدة عند طرح حقوقه.
عيسي حياتو
وكشفت حيثيات حكم المحكمة عن امتناع المتهمين عن التعاقد مع شركة بريزنتيشن على حق الاستغلال التجارى للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكل الوسائل الإعلامية للبطولات دون مبرر واضح، على الرغم من تقدمها بعرض جدى ويزيد على القيمة المالية المتعاقد عليها مع شركة لاجاردير، فضلا عن إصرارهما على إبرام التعاقد على بيع حق الاستغلال التجارى للحقوق المتعلقة بالبث المباشر للبطولات وتعليقها على شرط شرائها مجمعة وعلى كل الوسائل الإعلامية وبجميع المناطق الجغرافية بأنحاء العالم، على الرغم من عدم توافر التماثل بين البطولات أو المناطق الجغرافية أو الوسائل الإعلامية المختلفة.
وتبين كذلك قيام مسئولى الاتحاد بتمييز شركة لاجاردير سبورت فى التعاقد معها على حق الاستغلال التجارى للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكل الوسائل الإعلامية للبطولات دون مبرر موضوعى، بأن تعاقدا معها على بيع الحقوق بطريق الإسناد المباشر لمدة 12عاما وبسعر أقل، متجاهلين طرح الحقوق فى مزايدة علنية وشفافية يراعى فيها حرية المنافسة بين الأشخاص المعنية بالحقوق.
كما قام الاتحاد الأفريقى لكرة القدم بمنحها حق البث المباشر لبطولات الاتحاد الأفريقي حصريا منذ عام 2008 وحتى 2016، ثم جدد التعاقد مع ذات الشركة التى تقوم بمقتضاه بالاستغلال التجاري لحقوق الاتحاد بما فيها حقوق البث المباشر على مستوى العام ابتداء من 2017 وحتى 2028 لتصل مدة تمتع تلك الشركة حصريا بتلك الحقوق لـ20 عاما متصلة بحلول عام 2028.
الاتحاد الأفريقى وقتها لم يتبع نظام طرح تنافسى يضمن تحقيق شفافية وعدالة التنافس بين المتنافسين المختلفين، وذلك بالمخالفة للقانون، وهو الأمر الذى منع منافسى شركة لاجاردير من الحصول على فرصة عادلة للمنافسة وتقديم عروض تنافسية أفضل للاتحاد، وقام بخلق وضع مسيطر يتحكم بصورة تامة على سوق بث البطولات الأفريقية التى تحوز اهتمام قطاع عريض من الشعب المصرى، كما أن الفترة الزمنية الطويلة تسببت فى حدوث منع كلى لوجود منافسة حالية أو مستقبلية لهذا الكيان فى سوق بث فعاليات تلك البطولات.
ولم يكن هناك أى مبرر لعدم تقسيم بيع الحقوق على أساس المناطق الجغرافية المختلفة وقيام الاتحاد ببيعها بصورة مجمعة وبيعها فى إطار باقة واحدة تضم البطولات الدورية والموسمية بل وتضم أيضا الحقوق الحصرية لبث فعاليات تلك المباريات عبر الوسائل الإعلامية المختلفة كالبث التليفزيونى والبث عبر الإنترنت، وهو ما أدى لحرمان قطاع كبير من الاستثمارات فى هذا المجال من المنافسة، ودفعهم إلى الخروج من السوق.
ومن بين الوقائع المثبتة كذلك أن الاتحاد الأفريقى قام بتفضيل شركة لاجاردير، حيث قام بالاتفاق معها منذ شهر يوليو 2015 على تجديد منحها الحقوق التى تبدأ فى عام 2017 ثم قام بتنفيذ التجديد والتعاقد النهائى فى سبتمبر 2016، أى أنه اتفق معها قبل حوالى عام ونص من انتهاء الحقوق السارية وقام عمدا بتجاهل عدة مطالبات بطرح بيع هذه الحقوق فى إطار مزايدة علنية تراعى قواعد المنافسة العادلة والشفافة بين المتنافسين، وقامت مؤسسة بى إن القطرية بطرح باقتها المتعلقة بكأس الأمم الأفريقية فى السوق المصرى وهو ما يعضد ما انتهى إليه جهاز حماية المنافسة من الاستحالة العملية لوجود أى منافسة لشبكة بى إن داخل السوق المصرية لارتباطها بمجموعة لاجاردير، وهو ما يعني أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قد باع فعليا حقوق البث الخاصة بالسوق المصرية لمؤسسة بى إن الإعلامية، وهو ما أضاف تدعيما وتقوية للوضع المسيطر لمؤسسة بى إن فى السوق المصرية دون وجه حق.
من جهته رحب الدكتور أمير نبيل، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، بالبيان الصادر عن الاتحاد الافريقي لكرة القدم «الكاف» بشأن فسخ التعاقد مع شركة لاجاردير الفرنسية لحقوق البث التليفزيونى لبطولات الاتحاد، تنفيذا لقرارات الجهاز والأحكام القضائية الصادرة فى هذا الشأن.
وقال إن قرار فسخ التعاقد جاء ليؤكد على سلامة وصحة التحقيقات والإجراءات التى اتخذها الجهاز خلال السنوات الماضية ضد ممارسات الكاف أثناء تولي الكاميرونى عيسى حياتو رئاسته، واشتراكه مع هشام العمراني سكرتير عام الاتحاد السابق، فى مخالفة قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصرى.
وأكد الدكتور أمير نبيل، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أن الجهاز مستمر فى مواجهة أى ممارسات احتكارية تضر بالاقتصاد المصرى وبمصالح المواطن المصرى وحقوقه، سواء تم ارتكابها داخل مصر أو خارجها، وسيوالى الجهاز مكافحة أساليب بعض الاتحادات الرياضية فى القيام ببعض الممارسات الاحتكارية التى تؤثر على حق المشاهدة للمواطنين.
كما أكد أن الجهاز مستمر في متابعة ومراقبة مدى تنفيذ الاتحاد الأفريقى لكرة القدم لقرارات الجهاز عند إعادة طرح حقوق تسويق وبث المسابقات الرياضية لكرة القدم في أفريقيا، واتباع أساليب وإجراءات تضمن الشفافية والعدالة بين المتنافسين من جميع وسائل البث التليفزيوني والإذاعى المختلفة، ولعدم تكرار المخالفة، حيث إن عدم الالتزام بقرارات الجهاز الصادرة في هذا الشأن ستُعد مخالفة جديدة ينبغي التعامل معها وفقا للقانون.
وجاء قرار فسخ التعاقد كذلك ليؤكد على ما ذكره الجهاز مرارا وتكرارا من خضوع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري شأنه في ذلك شأن كل الاتحادات الوطنية والأفريقية والفيفا، وذلك كله بحسب الاختصاص القانونى، حيث إن العبرة بطبيعة النشاط الذى تمارسه الجهة وليس طريقة إنشائها، ويجب على الاتحاد الأفريقى لكرة القدم أن يمارس أنشطته بالتوافق مع تلك الالتزامات القانونية، واتباع أساليب وإجراءات تضمن الشفافية والعدالة بين المتنافسين بالشكل الذي يحافظ على حقوق المشاهدين ولا يضر بالاتحادات الوطنية الأعضاء فى الاتحاد.
وشهدت هذه القضية تعاونا كبيرا بين الجهاز ومفوضية المنافسة بمنظمة الكوميسا «وهو التجمع الاقتصادي لدول شرق أفريقيا»، وذلك لآثارها السلبية على حرية المنافسة في سوق منح حقوق البث للبطولات الرياضية فى نطاق السوق المشتركة لدول الكوميسا.
ويفتح هذا الحكم الباب على مصراعيه للاستثمار في مجال الإعلام الرياضى الذى يعد مجالا واعدا وقاطرة استثمارية فى القطاع الإعلامى كما هو الحال فى بقية دول العالم، وذلك بعد أن كان القطاع حكرا على كيان بعينه نتيجة ممارسات الاتحاد الأفريقى الاحتكارية.