بعد اختفاء سيارات رش الحشرات.. من يحمي المنازل والمحلات من هجمات الذباب «الغِلس»؟
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2019 11:00 ص
تعانى الكثير من الأُسر داخل وخارج المنازل، وكذلك الباعة، ومحلات السوبر ماركت، من انتشار الذباب بصورة مُزعجة جداً للجميع، نتيجة كِبر حجم الذباب وانتشاره بكثافة كبيرة، وكذلك ارتطامه بالوجوه وسقوطه على المأكولات والمشروبات، وليس مجرد أن يلامسها أو يقف عليها، لدرجة أنه أصبح يُسبب مشكلة وأزمة، في البيت وخارجه، وهو مادفع الجميع، للبحث عن حلول، للتخلص من هذه الحشرة المُزعجة، والتي تقع مسئولية انتشارها وتكاثرها، في المقام الأول، على المواطن نفسه، نتيجة لعدم النظافة وتراكم فضلات وبقايا الطعام والقمامة، ثم على المحافظات والأحياء والمحليات عموماً، والتي كانت تقوم بتوفير عربات وسيارات، تتجول وتطوف الأحياء والشوارع والميادين، لنشر الدخان ضد هذه الحشرات، من ذباب وباعوض وغيره، وأيضا هناك جزء من المسئولية، يقع على وزارة الصحة، من خلال الإعلان عن خطورة انتشار الذباب والباعوض والحشرات، وكيفية الوقاية من لدغاتها أو سقوطها على الأطعم والمأكولات.
انتشار الذباب بصورة مزعجة خلال هذه الفترة
لماذا ينتشر الذباب الآن
هذا السؤال أجاب عنه، الدكتور محمود عمرو، أستاذ الطب البيئى بكليّة طب قصر العينى، ورئيس لجنة السميات بأكاديمية البحث العلمي، في تصريحات صحفية، حيث أكد على، أن الذباب انتشر بكميات كبيرة مؤخراً، بالتزامن مع انتشار القمامة في كل الأماكن، وعدم وجود خطة واضحة للقضاء عليها، حيث تعتبر بيئة مميزة لتكاثر الذباب، وأوضح أستاذ الطب البيئي، أن المناطق الدافئة وأماكن الرطوبة، من أكثر البيئات المناسبة لتكاثر الذباب، ولفت إلى أن الذبابة الواحدة، تلد مايقرب من 4 ملايين بيضة في الأسبوع، كما أنها قادرة على نقل العدوى لعشرات الأشخاص في آن واحد، وأن الذباب المنتشر في الجو، يعمل على التسبب في حدوث الأمراض وتناقلها، كأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الصدرية والجلدية وحدوث الالتهاب الرئوى والشعبى، وتابع الدكتور محمود عمرو حديثه، في أن القضاء على الذباب، من خلال رش المبيدات، لم يعد فعّالا، لأن هناك بعض الأنواع من الذباب قد حصلت على مناعة من رش المبيدات، وتصبح أكثر خطورة، ومواجهتها تكون أكثر صعوبة، وحذّر من الأطعمة المكشوفة في الشوارع، لأنها عُرضة لنقل الأمراض، من خلال تعرضها للميكروبات، التي يحملها الذباب بالملايين.
وشدد الدكتور محمود، على أهمية انتقاء الفاكهة السليمة غير المفتوحة، لأن الذباب يتجمع بكميات كبيرة على أسطح الفاكهة، ويقوم بفتحها ليضع فيها يرقاته، ويلد فيها، ومن ثم تنتقل للإنسان، مضيفًا أن هناك الكثير من المزارع قد أتلفها الذباب، وهو ما تسبب في خسائر بملايين الجنيهات لأصحابها، وأكد أن العلاج الأفضل والذي يتوافر لدى الجميع، هو النظافة، لا سيما النظافة الشخصية، إلى جانب تقليم الأظافر.
القمامة تحاصر مدينة المحلة بالمحافظة الغر بية
أنواع جديدة من الذباب قادمة من السودان
ومن جانبه، قال الدكتور عمر، تمام أستاذ المحميات الطبيعية، إن هناك أنواعا جديدة من الذباب، دخلت على البيئة المصرية مؤخرا، جاءت مع الرياح الجنوبية القادمة من السودان، وأضاف الدكتور عمر أن خطورة تلك الأنواع الجديدة، تكمن في قدرتها على التكاثر في كل الأوضاع الصعبة، إذ أنها لا تشترط بيئة رطبة، فقد تلد وتتكاثر في البيئة الجافة، وأكد أستاذ المحميات الطبيعية، أن الأنواع التي دخلت على البيئة المصرية، لا يوجد لها علاج حتى الآن، حيث أن الميزانيات المخخصة للبحث العلمي، تكاد تكون معدومة، ونوه أستاذ المحميات الطبيعية، إلى أن سبل الحماية الطبيعية من الذباب، والمعروفة بآكلات لحوم الحشرات، مثل السحالي والضفادع، لم تعد موجودة، لأنه لا يتم المحافظة عليها من أخطار الطبيعة، ومن ثم فإن العدو الطبيعي لم يعد موجودا وهو ما يفتح الباب على مصرعيه أمام تكاثر الحشرات، وحذر عمر تمام من نوع جديد من الذباب، قد انتشر في الإسكندرية وهو أشبه بالبعوض ويسمى ذباب الخيل، ويُلقّب بـ"الثاقب الماص"، والذي يقوم بفتح الجلد ويمتص الدم، ويصيب بورم، وأشار عمر تمام، إلى أن رش المبيدات، من مهام المحليات، حيث تتوفر لديها ميزانية مخصصة لذلك، ولديها سيارات مخصصة لرش المبيدت والحشرات، ولكنها لا تقوم بدورها، وشدد أستاذ المحميات الطبيعية، على ضرورة توحيد منظومة البحث العلمي في مصر، من أجل توحيد الجهود، للتوصل إلى مضادات فعالة، تقي الشعب المصري من أخطار الذباب، وأن الاعتماد على رش المبيدات الحشرية غير صحي، لما تسببه من أمراض الرئة، وتكاليفها الباهظة، التى ترهق ميزانية الأسر المصرية.
تكاثر الذباب
التذبذبات الحرارية ما بين الليل والنهار
ومن ناحيته، قال الدكتور محمد علي فهيم، أستاذ التغيرات المناخية، بمركز البحوث الزراعية، أن المُتعارف عليه أن يكون هناك حركة غير طبيعية للذباب بين المواسم، لكن غير الطبيعي هو الكثافة التي يتواجد بها، نتيجة تغيير الجو، وأضاف فهيم أن الذباب، يأتي بين المواسم و لديه حساسات عالية، فالصيف هو الفصل المفضل له، والشتاء غير المفضل، فيكون ظهوره فيه قليلا، وعن سر انتشار الذباب كثيرا بمصر في الفترة الحالية، أكد فهيم أن السبب في ذلك، أن التذبذبات الحرارية ما بين الليل والنهار أعلى ما يمكن، ومع وجود رطوبة عالية، وهذا ما يزيد من نشاط الحشرات، في ظروف مناخية معينة، وتابع فهيم: "الآن هناك زيادة في النشاط لدى الذباب، وانخفاض في التكاثر عكس فصل الصيف، ويكون هناك زيادة في التكاثر، وانخفاض في النشاط، وحاليا النشاط عالي جدا، بسبب طبيعي وغير طبيعي، فالأول نتيجة الفصل بين المواسم، وغير الطبيعي أن يكون هناك تقلبات زيادة في الفرق، بين حرارة الليل والنهار وزيادة الرطوبة، التى حدثت، وكذلك موضوع الأمطار المبكرة في الخريف، والتي كانت من المفروض، أن تبدأ في نوفمبر، مؤكدا أن كل هذه الأسباب تؤدي إلى زيادة في نشاط غير اعتيادي للذباب.
القضاء على مشكلة القمامة
الاهتمام بنظافة المنازل
وعن النظافة داخل المنازل، قال الدكتور محمد علي فهيم، من المفترض، أن يهتم السكان بمنازلهم بشكل كبير، سواء من خلال التهوية، وخفض نسبة الرطوبة، من خلال عدم استخدام مياه كثيرة في المطبح، وفتح الشفاط دائما، والاهتمام بنظافة البيت، لأن الذباب يكون نشيطا ويسعى أن يتغذى عن طريق بقايا الطعام، ونصح "فهيم"، بضرورة اتخاذ الحذر، وعدم استخدام المبيدات الكيماوية، وعلى الأهالى تنظيف الأماكن، التي من الممكن أن يتواجدوا بها ليلا، مثل البالكونة أو النجف أو المراوح وغيرها، وكيفية التخلص من الذباب بمواد طبيعية، وأوضح فهيم أنه يمكن طرد الذباب بعدة طرق طبيعية، بينها استخدام الزيوت العطرية مثل زيت النعناع و القرنفل و شجرة الشاي و الليمون، من خلال إضافة ملعقة من نوعين منها في لتر ماء، ورجها ثمّ رشها لطرد البعوض، كما يمكن استخدام زيت البردقوش والخل والديتول، خاصة في دورة المياه والمطبخ، لأن الروائح التي تخرج منهما تجذب الذباب، في دخول المنزل، كما أن جميع المواد السابقة، طاردة للذباب من المنزل، ولو كان "الهجوم" غير طبيعي من الذباب في المدن، ففي الأرياف الأمر يتضاعف 10 مرات، لأنه بجانب تغير المناخ فهو بداية الموسم الزراعي.
أين اختفت هذه السيارات
نقاوم الحشرات في الحقول وخارج المُدن
وعن دور وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، في مكافحة هذه الحشرات، قال أحمد إبراهيم المستشار الإعلامى للوزارة، إن دور الوزارة هو المكافحة خارج المناطق السكنية، أو في الحقول والزراعات للحشرات والقوارض وغيرها، أمّا داخل المدن والمناطق العمرانية، فهذه مسئولية وزارات أخرى، لأن المبيدات، التي يتم استخدامها في مكافحة الآفات الزراعية، لاتصلح ولايجوز استخدامها في المناطق المأهولة بالسكان، ومع ذلك، إذا طلبت أي وزارة من الوزارات تدخل "الزراعة" فنحن على أتم الاستعداد بعلمائنا وخبرائنا، في مركز البحوث الزراعيه ومعاهده المختلفة.
سيارة رش المبيدات ونشر الدخان ضد الحشرات