هل ينتهي تنظيم «داعش» بعد مقتل أبو بكر البغدادي؟
الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019 09:00 ص
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأحد، خلال مؤتمر صحفي، عن نجاح القوات الأمريكية في قتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي "أبو بكر البغدادي"، في مدينة أدلب السورية، بعد تفجير سترته الناسفة، وعدد من أتباعه، مع إلقاء القبض على آخرين، في حين لم يسقط أي قتلى في صفوف القوات الأمريكية، مؤكدا أن العالم سيصبح أكثر أمنًا بعد مقتله.
ولكن هل ستنتهي الجماعات الإرهابية وتنظيم داعش بعد موت "البغدادي"؟، لقد أعد مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، دراسة حول مستقبل التنظيمات الإرهابية بعد مقتل زعيم تنظيم داعش، وخلصت إلى أن الباحثين انقسموا إلى تيارين رئيسيين، يرى التيار الأول، أن مقتل زعيم التنظيم الإرهابي لن يؤثر على التنظيم، ولن يؤدي إلى اختفائه، ويضربون مثالًا على ذلك بعدم اندثار تنظيم "القاعدة" بعد مقتل زعيمه السابق "أسامة بن لادن" في عام 2011 ، حيث لا يزال لدى "داعش" الكثير من الفروع التي لا تزال نشطة ولديها قدرة على تنفيذ هجمات إرهابية.
ولكن التيار الثاني من الباحثين يرى أن مقتل "البغدادي" سيكون له تأثيرعلى التنظيم لا يمكن إنكاره، ولا سيما في وقت يعاني من مرحلة من الاندثار بعد فقدانه الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، وأنه في ظل الأزمات الداخلية والهيكلية التي تواجه التنظيم، فقد يتفتت، مع توقعات بأن قيادات التنظيم التي جاءت من تنظيم "القاعدة"، ستعود مجددًا له، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى توقع استعادة "القاعدة" نفوذها وقوتها، واستعادتها قيادة التنظيمات الإرهابية، مع خفوت تنظيم "داعش".
إن مقتل أبو بكر البغدادي، سوف يفرض معطيات جديدة سواء فيما يتعلق بالمسارات التي سوف تتجه إليها الحرب على التنظيمات الإرهابية، ولاسيما تنظيم "داعش"، أو فيما يتصل بمدى تماسك التنظيم من الداخل، باعتبار أن غياب البغدادي، يمكن أن يؤدي إلى انقسامه لمجموعات فرعية أصغر، أو ما يرتبط بنمط تفاعلاته مع التنظيمات الإرهابية الأخرى، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة" الذي سوف يسعى، في الغالب، إلى استغلال تلك الخطوة في تعزيز نشاطه وتصدر خريطة تلك التنظيمات خلال المرحلة القادمة.
ومما لا شك فيه أنه بعد مقتل "البغدادي" فسوف يشكل ذلك نقطة تحول بارزة في مسار المواجهة مع التنظيم، باعتبار أنها ستفرض تداعيات مباشرة سواء على تماسك التنظيم من الداخل، أو على نمط تفاعلاته مع المعطيات الجديدة التي ستنتج في مرحلة ما بعد البغدادي.
وفى قرأه لدلالات أخرى في واقعة مقتل البغدادي في أدلب السورية، ظهرت تساؤلات لا تقل أهمية، باعتبار أن النفوذ الأكبر في إدلب، حسب كثير من التقديرات، لا يعود إلى "داعش" وإنما إلى "جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة) التي يمثل التنافس والتوتر سمة رئيسية في العلاقة بينهما، على نحو يوحي بأن وصول البغدادي إلى تلك المنطقة قد لا يكون منذ فترة طويلة، وربما اعتبرها التنظيم محطة انتقالية للوصول إلى مقر آخر يمكن السيطرة عليه وتعزيز إجراءات تأمينه بشكل أكبر، بعد أن فقد القسم الأكبر من المناطق التي سيطر عليها في الأعوام الخمسة الأخيرة.
ومقتل زعيم تنظيم "داعش" في هذا التوقيت يطرح دلالات عديدة، ترتبط بالانتقادات الداخلية التي تعرض لها الرئيس دونالد ترامب بسبب قراره سحب جزء من القوات الأمريكية الموجودة في سوريا، والتحذيرات التي أطلقتها اتجاهات عديدة من احتمال أن يدفع ذلك تنظيم "داعش" إلى محاولة ملء الفراغ الذي يمكن أن ينتج عن ذلك، بالتوازي مع تصاعد المخاوف من هروب عدد من قادة وكوادر التنظيم من مراكز الاحتجاز التي كانت تسيطر عليها ميليشيا قوات "سوريا الديمقراطية" الكردية (قسد)، على ضوء شن تركيا عمليتها العسكرية لتأسيس منطقة آمنة في شمال سوريا وإبعاد الميليشيا الكردية عن الحدود.
وفى تصريح لقائد القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي، في 13 يونيو 2019، قال فيها أن "داعش في أفغانستان ما زال يشكل تهديداً للمصالح الأمريكية"، مشيراً إلى أن "الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب لم تحد بعد من طموحات داعش المتطرفة"، الأمر الذى يؤكد أن داعش لم ينتهى بعد.