كيف أهدرت «مجموعة عز» ملايين من المال العام خلال العقود الماضية؟

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019 06:52 م
كيف أهدرت «مجموعة عز» ملايين من المال العام خلال العقود الماضية؟
أحمد عز


- دعوى قضائية ضد الشركة تهدد بطردها من أراضيها ومخازنها 

- مماطلة الإدارة الجديدة في سداد قيمة أرض "أم زغيو" يهدد بفسخ التعاقد واستعادتها

- الشركة تحوز قطعتي أرض طوال 20 سنة بدون تسجيل العقود أو سداد مستحقات المّلاّك
 
 
 
على مدى أكثر من 20 عامًا تمارس مجموعة حديد عز أساليب المماطلة والتهرب وألاعيب الغريبة، والتي كانت سببا في إهدار عشرات الملايين من المال العام، حيث أدت هذه الممارسات إلى دخول شركة الدخيلة للصلب والتي تملك الدولة حصة فيها، أمام أزمة حقيقية تُهددها بالعصف.
 
وما سلط الضوء مؤخرًا على ممارسات المجموعة الغريبة، دعوى قضائية رفعها  الدكتور وحيد رأفت محمد محمود، ضد الشركة الوطنية للحديد والصلب، المملوكة لرجل الأعمال أحمد عز، وطالب فيها بسقوط حق الشركة في طلب نقل ملكية مساحة الأرض المقدرة بـ29 فدان، التي تم بيعها بعقد ابتدائي في 3 فبراير 1999، نظرًا لأن الشركة لم تقم حتى الآن بسداد قيمة الأرض، رغم مرور 20 عاماً على البيع، مطالباً في الدعوى بإخلاء وطرد الشركة من الأرض الموجودة فى الإسكندرية.
 
هذه الدعوى تكشف بما لا يدع مجالًا للشك، كيفية تعامل المجموعة طيلة هذه السنوات مع الأزمات المحاطة بها، فرغم  مساعي المواطن المذكور الدائمة لحل هذه القضية وإنفاذ التعاقدات القائمة بينه وبين المجموعة،  استمرت مجموعة العز في المماطلة، لتفشل في ترتيب لقاء يجمع الدكتور وحيد رأفت مع رئيس مجلس إدارة المجموعة، أو أى من مساعديه البارزين.
 
ودفعت هذه الطريقة في التعامل مع صاحب الدعوة، الرجل إلى التوجه إلى القضاء للحصول على حُكم باسترجاع أراضيه التي لم يحصل على ثمنها المقرر في العقد، في حين يرى خبراء قانونيون أن الأقرب لحل هذا النزاع هو أن يحكم لصاحب الدعوى، بإخلاء وطرد الشركة من الأرض الموجودة في الإسكندرية، ما يعنى أن المجموعة  تواجه الآن خطرا داهما قد يعصف بأصولها المقدرة بعشرات الملايين، بعدما ماطلت الشركة في حل هذه الأزمة، وتعمد التضحية بمصالح الشركة وحصة المال العام فيها.
 
وتكشف هذه الدعوى كواليس الإدارة الخاطئة للمجموعة، ففي التفاصيل، تعاقدت الإدارة السابقة للشركة على مساحات من الأرض لإنشاء مخازن ومراكز لوجستية، وسددت جانبا من القيمة على أن تستكمل الدفعات مع إنهاء الإجراءات وتسجيل العقود، مشيرة الدعوى  إلى أن الأمر بدأ فى ولاية إبراهيم محمدين رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، بالاتفاق مع مالك الأرض على شراء قطعة أرض فى "أم زغيو"، والاتفاق على بيعهما عبر عقدين: الأول يشمل القطعة المسجلة بأسماء البائعين، والثانى يشمل أرضا مسجلة لكنها تشهد مشكلات حدودية بسبب التنازع فى الحد أو تقادم العقود، وقامت الشركة بسداد قيمة العقد الأول وأبقت 4 ملايين من إجمالى 14 مليونا فى العقد الثانى لحين استكمال الإجراءات وإنهاء التسجيل، واقترحت إدارة الشركة رفع قضية من ابن المالك ضد والده البالغ من العمر 90 سنة، تحسبا من وفاته المفاجئة قبل سريان العقد، على أن تتحمل "الدخيلة" قيمة الضرائب والرسوم عن ازدواج البيع وإجراء عمليتى تصرف على قطعة الأرض نفسها، واتفق القانونيون على انضمام الشركة للدعوى، وطلب الحكم لصالحها مباشرة، باعتبارها الحائز الفعلى للأرض.
 
وبمجرد تحريك دعوى إثبات الملكية توفّى مالك الأرض الأصلى فى العام 2000، وتزامن مع ذلك بيع الشركة وتغيير مجلس إدارتها والمستشار القانونى لها، لتبدأ الإدارة الجديدة ومستشاروها القانونيون المتتابعون مسارا طويلا من التعنت والمماطلة ورفض التعاون لاستكمال الإجراءات وتسجيل الأرض وسداد حقوق الورثة.
 
وكانت خطوة التعنت الأولى من جانب الإدارة الجديدة فى رفض التداخل انضماميا فى الدعوى حتى يصدر الحكم لصالح شركة الدخيلة مباشرة، وفى المقابل اضطر الورثة إلى إدخال الشركة خصما للحصول على حكم لصالحهم ضدها.
 
فى تلك الفترة كانت إدارة الشركة تتمتع بعلاقات قوية ونفوذ سياسى وتنفيذى، فى ضوء قُرب المستثمر المشترى لحصة منها "أحمد عز" من دوائر السلطة فى النظام السابق، وكان من نتاج ذلك منع خبراء وزارة العدل من دخول الأرض أو مخازن الشركة لمعاينة المساحة محل النزاع، ليُنفذ الخبراء المعاينة ظاهريا من خارج الأسوار وإثبات حيازة شركة الدخيلة لها، وبدورها واصلت الإدارة تهربها من سداد باقى قيمة الأرض، لتظل القضية متداولة طوال 20 سنة تقريبا، لم تحاول فيها الشركة إثبات أن حيازتها للأرض مُستمدة من حيازة المدعى، واستكملت الأمر بالتنصل من الاتفاقات محل التعاقد.
 
لاحقا حركت إدارة الشركة دعوى صحة ونفاذ للعقد الأول، لكن الفريق القانونى لها ارتكب أخطاء قانونية تهدد موقف "الدخيلة"، بإثبات بيانات إحدى القطع بدلا من القطعة الثانية، إلى جانب تحريك قضية مفرزة بشأن قطعة الأرض المسجلة مشاعا، وفى ظل تلك المشكلات القانونية وتعنت الإدارة تجاه ورثة البائع، فإن "الدخيلة" لا تستطيع تسجيل حيازتها للأرض، بما يُهدّد تلك الأصول الضخمة بالضياع!،
 

أزمات دائمة في المجموعة
 
 
وبعيدًا عن الدعوى القضائية المرفوعة ضد المجموعة، فهناك كثير من الأزمات التي وضعت المجموعة في وضعًا صعب، فلا تزال ملفات شركة الدخيلة للصلب واحدة من أكثر الملفات الغازا، ولم تكن صفقات البيع الغامضة التي جرت قبل قرابة عشرين سنة، هي الوحيدة التي أثبتت فشل الإدارة، فالكثير من الأزمات كانت بسبب  الصراع بين الإدارات المتتابعة، بشكل بات يُهدد مركز الشركة ومصالحها، ويُمثّل خطرا داهما على أصولها، وبالطبع على حصة المال العام فى الشركة.
 
 
وبات من الضروري، فى ظل الصراعات والقضايا المتداولة في أروقة المحاكم حتى الآن، وتمس مساسا صريحا وواضحا بقائمة معتبرة من أصول الشركة ومخازنها، أن يفتح ملفات السنوات الماضية بشكل كامل، والنظر في الأوراق والحسابات والتعاقدات والأصول المملوكة للشركة، خاصة في واقعة تبررها الإدارة الحالية بأنها ناتجة عن ممارسات الإدارة السابقة وقتما كانت مملوكة للدولة بالكامل، في حين يؤكد أطراف الصراع الآخرون تحايلا من الإدارة الحالية على حقوقهم المُثبتة قانونا بنصوص التعاقدات والالتزامات الشرعية، وبين الرؤيتين تواجه الشركة العملاقة مخاطر خسارة جانب غير هيّن من ممتلكاتها، ويظل مسلسل الإهدار قائما ومفتوح الأبواب على مصراعيها، حتى بعد سنوات طويلة من البيع المريب فى ظروف غامضة.
 

وتنتظر صوت الأمة رد شركة "الوطنية للحديد والصلب" على هذه الدعوى القضائية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة