تامة وشائعة.. تعرف على كيفية تقسيم المال والمواريث الشائعة
الجمعة، 18 أكتوبر 2019 04:00 م
من المسائل الشائكة التي تتسبب في نشوب الألاف إن لم يكن الملايين من الأزمات بين الأهل والأقارب، هي مسألة تقسيم التركات المواريث، ما يؤدي إلى ازدحام المحاكم بالدعاوى القضائية بين الأسرة الواحدة حيث يرد إلينا العديد من الأسئلة القانونية، وبالأخص المتعلقة بتقسيم المال الشائع، وذلك للإجابة عليها قبل الوقوع في المحظور بين أطراف الأسرة الواحدة، ومنها على سبيل المثال:
«نحن سبعة أشقاء ولنا العديد من العقارات والمنقولات التي آلت إلينا جميعا بطريق الإرث من والدنا ولكننا نعانى من مشكلة عدم القدرة على تقسيم هذا الإرث علينا على الرغم من أننا جميعا متفقين على مبدأ القسمة العادلة لهذا الارث كل حسب نصيبه الشرعي، فماذا نفعل كي يحصل كل وارث منا على حقه في هذا الإرث؟».
الملكية تنقسم لـ «تامة» و«شائعة»
وللإجابة على هذا السؤال، يقول الخبير القانوني والمحامي محمد رضا: الملكية تنقسم إلى قسمين «مليكة تامة» بمعنى أن شخص يملك عقار أو منقول بالكامل، وهناك نوع أخر من الملكية يسمى «الملكية الشائعة»، والتي نص عليه المشرع في المادة 825 من القانون المدني التي جاء فيها: «إذا ملك اثنان أو أكثر شيئا غير مفرز حصة كل منهم فيه، فهم شركاء على الشيوع، وتحسب الحصص متساوية إذا لم يقم الدليل على غير ذلك».
المورث يترك للورثة مجتمعين ملكية شائعة
وبناء عليه - بحسب «رضا» في تصريحات صحفية- إذا توفى مورث وترك تركة أيا كانت ماهيتها فإن الورثة يتملكون هذه التركة ملكية شائعة، وذلك كلا حسب نصيبه الشرعي الثابت في اعلام الوراثة الخاص بمورثهم إذا توفى مورث وترك منقولات وعقارات فجميع الورثة يملكون هذه الاعيان، وذلك كل بحسب نصيبه الشرعي، ودائما في الواقع العملي نجد اختلاف بين الورثة أو عدم قدرتهم على تقسيم المال الشائع القسمة العادلة فيما بينهم، ونحن من ناحيتنا نحاول هنا بيان كيفية اجراء القسمة العادلة للمال الشائع بحيث يتحول المال الشائع إلى مال مفرز بحيث يكون لكل وارث ملكية تامة مفرزة للجزء من اعيان التركة الذي آلت إليه.
كيفية تقسيم المال الشائع القسمة العادلة
ولا يغنى عن البيان أنه إذا وجد بأعيان التركة ما هو جدير ببقائه على الشيوع لمصلحة الشركاء فإنه بناء على ارادة الورثة تقسيم جزء من التركة وابقاء جزء منها على الشيوع إذا كان يدر ريعا مثلا على الشركاء ومثاله إذا كان المورث يملك عقارات كما يملك مصنعا يدر ارباحا، وبالتالي فيمكن أن تتم تقسيم العقارات على الورثة ويبقى المصنع على الشيوع فيما بين الورثة كل منهم يملك حصة فيه وملكيتهم لهم جميعا، ويحصل كل وارث منهم على نصيبه الشرعي في الارباح.
عقد القسمة الاتفاقي أو العرفي
ويمكن أن يصاغ كل ذلك سواء تقسيم كل أعيان التركة أو بعضها في عقد يبرم بين الورثة الشركاء على الشيوع في هذه التركة هذا العقد يسمى عقد قسمة اتفاقية أو عرفية أو قسمة رضائية هذا العقد يبرم بين كافة الورثة، وذلك استنادا لنص المادة 835 من القانون المدني التي جاء فيها: «للشركاء إذا انعقد اجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان من بينهم من هو ناقص الأهلية وجبت الاجراءات التي يفرضها القانون»، وبالتالي فالطريقة القانونية للقسمة الاتفاقية كما سلف الذكر تكون عن طريق ابرام عقد قسمة اتفاقية بين الشركاء ويسمى أيضا بعقد قسمة رضائية – الكلام لـ «رضا».
كيفية كتابة عقد القسمة الاتفاقي
في هذا العقد يبين جميع الشركاء أنهم ورثة المرحوم كذا بموجب اعلام الوراثة رقم كذا لسنة كذا، ويبينون بالعقد تفصيلا اعيان التركة كما يتفقون على قسمة اعيان التركة فيما بينهم القسمة العادلة على النحو الذى يتفقوا عليه، ويبرم فيما بينهم بهذا العقد فمثلا إذا ترك شخص عقار مكون من 5 أدوار وكل دور يحوى على شقة واحدة وترك 5 أبناء فإنه وفقا للقانون يكون هذا العقار مملوك للخمس اشقاء على الشيوع بمعنى أن كل ابن وارث له جزء غير مفرز في هذا العقار، ففى هذا العقد يتم تحويل الملكية من شائعة إلى مفرزة بمعنى يتم الاتفاق بين هؤلاء الأبناء بأن تؤول لكل ابن شقة محددة في هذا العقار بمعنى أن يؤول مثلا للابن الأول الشقة الكائنة بالدور الأول ويؤول للابن الثاني الشقة الكائنة بالدور الثاني وهكذا.
4 ملاحظات هامة فى تقسيم المال الشائع
هذه هي طريقة تحويل المال الشائع إلى مال مفرز ويمكن أن تتم على باقي اعيان التركة بذات الكيفية، هذا ويجدر بنا هنا إلى أن نشير لعدة ملاحظات هامة كالتالي:
أولا: إنه لا يشترط تقسيم كل اعيان التركة فيمكن الاتفاق على تقسيم جزء وابقاء جزء أخر على الشيوع إذا كان يدر ريعا مثلا أو كان من قسمته ما فيه ضرر للشركاء على الشيوع، ومثال ذلك مصنع أو شركة تدر ارباحا فإن قسمتها أو تصفيتها قد تلحق ضرر بكل الشركاء لذا يتفق في عقد القسمة الاتفاقية في ابقائها على الشيوع مع بيان كيفية توزيع ارباحها الدورية على الشركاء مثلا.
ثانيا: إذا فرض وكان هناك قاصر من بين الورثة فإنه وفقا للقانون يجب مراعاة ما نص عليه القانون في هذا الصدد وهنا يجب أولا الحصول على إذن من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال لإجازة هذا العقد، لذا وجب تقديم عقد القسمة أولا إلى النيابة والمحكمة بدورها قبل الموافقة تندب خبيرا متخصصا لبيان عما إذا كان هذه القسمة عادلة وفى مصلحة القاصر أم أنها ضارة به فإذا ثبت للمحكمة أن القسمة عادلة توافق على هذا العقد، لأنه فيه مصلحة للقاصر وإذا رأت أن في عقد القسمة ثمة ضرر على القاصر فإنها ترفضه.
ثالثا: عند إجراء القسمة الاتفاقية يفضل أيضا أن يقوم الورثة بإبرام عقد وكالة رسمى أو توكيل رسمي عام مخصص لصالح كل شريك آلت إليه نصيب مفرز فى التركة.
بمعنى إذا طبقنا ذلك على المثال السابق أن شخص توفى وله عقار مكون من خمس ادوار وكل دور يحوى على شقة سكنية وله خمس أبناء آل إليهم هذا العقار بطريق الارث، وبالتالي فقبل ايقاع القسمة الاتفاقية كان كل ابن يملك حصة شائعة فى كل شقة من شقق العقار تعادل الخمس وبموجب عقد القسمة الاتفاقية يحصل كل ابن وارث على شقة سكنية مفرزة وبالتالي يفضل لمن الت اليه ملكية الشقة ملكية مفرزة ان يبادر باقي الورثة بإبرام عقد وكالة رسمة له في الشهر العقاري يتنازلون فيه عن حصتهم الشائعة فى نصيبهم الشائع الذى كانوا يملكونه قبل ايقاع القسمة الاتفاقية، وبالقياس على ذلك يقوم باقي الورثة بإبرام عقد وكالة رسمي لصالح الوارث الأخر يتنازلون له عن حصتهم الشائعة فيما آل إليه من جزء مفرز بمعنى يتنازلون له عن حصتهم الشائعة فى الشقة السكنية التي آلت له بموجب عقد القسمة الاتفاقية.
رابعا: يتعين عند ابرام عقد القسمة أن يحصل كل طرف في هذا العقد على نسخة أصلية منه بمعنى إذا كان العقد به 5 أو 6 أطراف ورثة، فيتعين تحرير العقد من ست نسخ ويقوم كل طرف بالتوقيع على الست نسخ هذا ويفضل أن يكون هناك نسخة إضافية أيضا موقع عليها من جميع أطراف العقد المقتسمون حيث يتعين اضفاء الرسمية على هذا العقد، وذلك بتسجيل هذا العقد بالشهر العقاري كي يحوز حجية على الجميع بما في ذلك غير أطراف هذا العقد.
فالعقد بحالته يحوز حجية على اطرافه فحسب ولكن بإشهار العقد وتسجيله بالشهر العقاري يحوز حجية على اطرافه والجميع، هذا وإذا تعذر تسجيل العقد بالشهر العقاري فإنه يمكن الاكتفاء برفع دعوى صحة توقيع على عقد القسمة الاتفاقية.
وتجدر الاشارة اخيرا إلى انه إذا تعذرت القسمة الاتفاقية فليس أمام الشركاء هنا بدا سوى اللجوء إلى القضاء لرفع دعوى قسمة قضائية وتسمى دعوى فرز وقسمة وتجنيب ، والهدف منها اجراء هذه القسمة عن طريق القضاء، وذلك لتعذر اتمامها اتفاقا بين الشركاء.