«الحجب» أبرز الأدوات.. كيف تصدى القانون لجريمة نشر الشائعات إلكترونيا؟
الأربعاء، 09 أكتوبر 2019 03:00 م
تجربة الحياة أثبتت أن الحرية المطلقة تُعد مفسدة فى كثير من الأحيان، فإذا كفل القانون وأجاز للأفراد إنشاء الحسابات الخاصة والمواقع الإليكترونية وتثبيت ونشر المعلومات والبيانات من خلالها، فإن مثل هذا الحق لا يمكن أن يكون مطلقا «لكل من هب ودب»، وإلا تحولت الأنظمة المعلوماتية والمواقع إلى فوضى عارمة وأصبحت مرتعا للجرائم والإضرار بالأمن القومي.
خلال الفترة الماضية ، خرجت علينا أبواق جماعة الإخوان الإرهابية والجهات الموالية لها لتنشر وتبث الشائعات والأكاذيب والافتراءات حول عملية تجريم عملية الدخول على الحسابات الشخصية والمواقع والأنظمة المعلوماتية، باعتبار أن الأمر يُعد بمثابة اختراق للحياة الشخصية، ما جعل البعض يستجيب لمثل تلك الدعوات التحريضية والتخريبية من جماعة الإخوان دون التطرق إلى أن قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 قد ناقش الأمر مستوفياَ الشروط والإجراءات حال إجازته.
فى التقرير التالى ، تلقى «صوت الأمة»، الضوء على إشكالية الحق فى دخول «الحسابات الشخصية» أو «المواقع الإليكترونية» أو «الأنظمة المعلوماتية» من الناحية القانونية للرد على أبواق جماعة الإخوان الإرهابية والجهات الموالية لها والتى تحاول نشر الشائعات وبثها عبر قنواتها الفضائية التى تبث من قطر وتركيا وكذا مواقعها وصفحاتها الإليكترونية – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى.
أكد الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى أن القانون تكفل ببيان الأحوال التى يصح فيها دخول الحسابات الشخصية والمواقع، مشيرا إلى أن قانون تقنية المعلومات بين بعض حالات دخول المواقع أو الحسابات الخاصة أو الأنظمة المعلوماتية وذلك فى المواد 2 و 6 و 7 ، قائلا: «ويتضح من استقراء نصوص تلك المواد أن الدخول قد يتم بمعرفة مقدم الخدمة لحفظ وتخزين البيانات والمعلومات المتعلقة بالمستخدم لمدة محددة مع الحفاظ على سريتها وحرمة الحياة الخاصة إلا فى أحوال استثنائية أجاز القانون إفشائها وجميعها تتعلق بالأمن القومى بناء على طلب جهات محددة أو بناء على أمر قضائى مسبب لضبط الجرائم أو لحجب المواقع أو الحساب أو النظام المعلوماتي».
وقال البدوى: «لقد أوضحت المادة الثانية التزامات وواجبات مقدم الخدمة بحفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتى أو أى وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يوما متصلة وحفظها وتخزينها والمحافظة على سريتها وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة – ويشمل ذلك أى بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التى يدخل عليها هؤلاء المستخدمون، أو الأشخاص والجهات التى يتواصلون معها مع تأمينها وعدم خرقها أو إتلافها».
وتابع: «عند وجود حالة الاستعجال لوجود خطر حالى أو ضرر وشيك الوقوع من ارتكاب جريمة، أن تقوم جهات التحرى والضبط المختصة بإبلاغ الجهاز - فى إشارة للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات - ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع أو المواقع وعلى جهة التحرى والضبط المُبلغة أن تعرض محضرا تثبت فيه ما تم من إجراءات على جهة التحقيق المختصة، وذلك خلال 48 ساعة من تاريخ الإبلاغ الذى وجهته للجهاز».
وأشار البدوى إلى أن القانون كما أجاز لمسألة الحق فى دخول «المواقع» أو «الحسابات الخاصة» أو «الانظمة المعلوماتية» من الناحية العملية، فقد تصدى أيضاَ لما يُطلق عليه مسألة «تجاوز الحق فى الدخول»، حيث إن تجاوز حق الدخول يقتضى المكوث فى السيطرة على الموقع أو الحساب الشخصى وهو سلوك مادى إيجابى يرد على محل بعينه وهو موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي، لذا كان فعل التجاوز متصور فى حالتين شطط الجانى فى فعل التجاوز بأن يستغرق فى المكوث فى الموقع أو الحساب زمنا أطول مما قرره القانون.
وتابع : «ليس من الغريب أن يُلزم القانون مقدمى الخدمة بدخول الأنظمة المعلوماتية لحفظ وتخزين بعض البيانات والمعلومات وتقديمها لجهات الأمن والقضاء وأن يمنح القانون لجهات التحقيق والأمن فى أحوال بعينها الدخول إلى المواقع الإليكترونية والحسابات الخاصة لتحقيق أغراض محددة ولمدد معينة، ولكنه فى نفس الوقت راع فى ذات الوقت أن هذا الدخول قد يكون هاتكا للحياة الخاصة لأفراد المجتمع ومن المحتمل إساءة استعمال هذا الحق أو التعسف فيه بالاستمرار فى الموقع أو الحساب مدة زمنية أطول مما ينص عليه القانون أو لغير الغرض المخصص له الدخول أو بعد انتهاء المدة أو الغرض أو قرار السلطة القضائية بإلغاء الدخول».
وأضاف: «ولهذا جرم المشرع فعل تجاوز الحق فى دخول الموقع أو الحساب الخاصة والأنظمة المعلوماتية ورصد له عقوبة جنائية، إذ نصت المادة 14 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 على أن: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل إلى موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتى مستخدما حقا مخولا له، فتعدى حدود هذا الحق من حيث الزمان أو مستوى الدخول، ثم نص المشرع على عقوبة العزل كعقوبة تبعيه متى كان من تجاوز حق الدخول موظف عام أثناء وبسبب تأدية وظيفته».
وقال: «التجاوز يعد من جرائم الفاعل المطلق إذ لا يشترط صفة خاصة فى فاعلها، ويلزم أن يرد فعل التجاوز على محل بعينه وهو إما موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي، والنظام المعلوماتى هو مجموعة برامج وأدوات معدة لغرض إدارة ومعالج البيانات والمعلومات، أو تقديم خدمة معلوماتية أما الموقع فيعنى نطاق أو مكان افتراضى له عنوان محدد على شبكة معلوماتية، وأما الحساب الخاص فهو: مجموعة من المعلومات الخاصة بشخص طبيعى أو اعتباري، تخول له الحق دون غيره الدخول على الخدمات المتاحة أو استخدامها من خلال موقع أو نظام معلوماتى ومن ثم لا تتحقق النتيجة إن انصب التجاوز على بيانات ومعلومات اليكترونية».