صفعة مصرية لأردوغان: يدعم الإرهاب ويقمع شعبه ويقضي على الحريات ويتهم مصر

السبت، 28 سبتمبر 2019 07:00 م
صفعة مصرية لأردوغان: يدعم الإرهاب ويقمع شعبه ويقضي على الحريات ويتهم مصر
أردوغان
محمود على

تنهار اقتصاديا بعد هروب المستثمرين الأجانب وإغلاق العديد من المصانع ¿ تزايد اتهامات الدول الكبرى لتركيا باستمرار دعم الإرهاب كونها أصبحت الملاذ الآمن لقوى التطرف ¿ توتر علاقة أنقرة بالاتحاد الأوروبى بسبب إصرارها على التنقيب عن الغاز فى «المتوسط»

يبدو أنه حان وقت الرد على تجاوزات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى حق مصر والمنطقة العربية، فبعد سنوات من ادعاءات واهية وخطابات مزيفة وممارسات تحمل مشاعر ضغينة من قبل النظام السياسى التركى تجاه القاهرة، وجهت الدبلوماسية المصرية الصاع صاعين لأردوغان، مقدمة خطابا رسميا موجها إلى كل من رئيس الجمعية العامة وسكرتير عام الأمم المتحدة، كشف أنه من المفارقات الساخرة أن تلك الادعاءات التركية تأتى من شخص مثل الرئيس التركى، على ضوء رعايته للإرهاب فى المنطقة.

وردت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، وفقًا لتعليمات من وزير الخارجية سامح شكرى، على ما جاء ببيان الرئيس التركى أردوغان فى افتتاح الدورة رقم ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة من ادعاءات مرتبطة بوفاة محمد مرسى، وتضمن الرد إعراب وفد جمهورية مصر العربية عن بالغ الاستغراب والاستهجان تجاه تصميم الرئيس التركى على مواصلة ادعاءاته الواهية والباطلة، التى تأتى فى ظاهرها بمظهر الدفاع عن قِيَمْ العدالة، بينما تعكس فى باطنها مشاعر الحقد والضغينة تجاه مصر وشعبها الذى لا يكن سوى كل التقدير للشعب التركى.
 
وشدد كتاب البعثة على أنه من المفارقات الساخرة أن تأتى تلك الادعاءات من شخص مثل الرئيس التركى، على ضوء رعايته للإرهاب فى المنطقة، فضلاً عما يرتكبه نظامه من انتهاكات صارخة فى حق الشعب التركى الصديق، حيث يحاول أن يجعله رهينة لحرية زائفة وعدالة مزعومة، مضيفًا إن ادعاءات الرئيس التركى ضد مصر لا تعدو كونها محاولة يائسة منه لصرف النظر عن تدهور وضع نظامه، والخسائر المتتالية التى يُعانيها سواء على المستوى الحزبى أو على الساحة الداخلية التركية والساحة الدولية.
 
اتصالا بالدور المشبوه فى دعم ورعاية الإرهاب فى المنطقة، أكد الكتاب على تعدّد الممارسات الخبيثة للرئيس التركى على النحو الذى يبدو جليا أمام الجميع من خلال احتضانه لجماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها فى تركيا، وتوفير الدعم السياسى والمنصات الإعلامية لعناصرها الإرهابية بهدف استمرار الترويج لأفكارهم التخريبية فى مصر والمنطقة بأسرها، فضلا عن رعايته للإرهاب فى سوريا، ما أسفر عن طول أمد صراع راح ضحيته مئات الآلاف من أبناء الشعب السورى الشقيق، وتعمد استهداف الأكراد بعينهم بالقمع والقتل والإبادة، وهو ما يدخل فى مصاف الجرائم ضد الإنسانية التى تستوجب المحاسبة والتى لا تسقط بالتقادم، فضلا عن تسهيل مرور العناصر الإرهابية والمقاتلين الأجانب وتقديم الدعم لهم للنفاذ إلى دول المنطقة وأوروبا وأفريقيا وآسيا لزعزعة الاستقرار بها والترويج للفكر المتطرف وانتشاره، واستخدام الإرهاب فى محاولة لتحقيق أغراضه وأحلامه الزائفة فى التوسع وبسط النفوذ والسيطرة خارج حدوده. كما لا يمكن إغفال مواصلته دعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة والميليشيات المسلحة فى ليبيا، عبر توفير كل الدعم السياسى واللوجيستى من أسلحة ومعدات؛ كل ذلك فى سياسة ممنهجة تنطوى على استمرار الدعم للعناصر الإرهابية بحيث امتدت إلى بقاع أخرى فى المنطقة والعالم، ومنها عدد من مناطق القارة الأفريقية وغيرها.
 
كذلك أشار الكتاب إلى أن مصر طالما أدانت استمرار الرئيس التركى، ومن خلال التواطؤ مع دول داعمة للإرهاب والفكر المتطرف، فى التدخل فى الشئون الداخلية لعدد من دول المنطقة بهدف تهديد استقرارها الداخلى والسعى اليائس لفرض الهيمنة والنفوذ عليها، مؤكدا الكتاب فى نهايته أن مثل هذا المسلك الذى يستمر الرئيس التركى فى اتباعه لا يَنُم سوى عن عدم القدرة على إخفاء مشاعر الحقد الدفين تجاه مصر وتقدمها المستمر، وإصراره على مواصلة محاولاته نشر الخراب والدمار فى المنطقة، وأن وفد مصر يرى أنه من المستهجن قيام الرئيس التركى بتنصيب نفسه مدافعا عن قيّم الحرية والعدالة، وهو فى الحقيقة لا يدافع سوى عن فكره المتطرف وأمثاله من الإرهابيين، مؤكدا أنه إذا كان الرئيس التركى يبغى بشكل حقيقى تحقيق العدالة، فإنه يتعين من هذا المنطلق قيام المجتمع الدولى بمحاسبة الرئيس التركى على جميع جرائمه خاصة دعمه للإرهاب وإمداده بالسلاح وإيوائه للإرهابيين وتوفير الملاذ الآمن لهم انتهاكا لقرارات مجلس الأمن، فضلا عن جرائمه ضد شعبه وضد الأكراد.
 
التنقيب غير الشرعى فى «المتوسط» والعداء مع أوروبا
 
دفعت سياسات تركيا العدائية تجاه قبرص الدولة المجاورة لحدودها، بالتنقيب غير الشرعى عن الغاز فى المياه الإقليمية لنيقوسيا، إلى المزيد من التوتر بين دول الاتحاد الأوروبى وتركيا، ولكن الأخيرة تجاهلت هذا التوتر وتداعياته على الداخل التركى، مصعدة من عملياتها التنقيبية قبالة السواحل القبرصية واليونانية، وقدمت شركة البترول التركية الرسمية طلبا للقوات البحرية التركية لتأمين عملية البدء بإجراء البحوث الزلزالية فى المياه الإقليمية لقبرص، وهو ما رصدته السلطات اليونانية أكثر من مرة.
 
وتثير عمليات التنقيب غير الشرعية لتركيا فى البحر المتوسط، غضب الاتحاد الأوروبى، وهو ما تجاهلته أنقرة، الأمر الذى دفع قادة الاتحاد الأوروبى إلى تهديد تركيا بفرض عقوبات عليها فى حال رفضها وقف عمليات التنقيب «غير الشرعية» قبالة قبرص، إلا أن أنقرة واصلت عمليات التنقيب ما دفع الأوروبيين لتنفيذ تهديداتهم وفرض عقوبات عليها.
 
وأقر الاتحاد الأوروبى فى يوليو الماضى سلسلة من العقوبات السياسية والمالية بحق تركيا، ردا على مواصلتها أعمال التنقيب غير الشرعية التى تقوم بها فى المياه الإقليمية القبرصية رغم التحذيرات بوقفها، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى ردا على الممارسات التركية: «تم إقرار إجراءات بحق تركيا»، حيث سيتم اقتطاع مبالغ كبيرة تابعة لصناديق أوروبية من المفترض أن تتسلمها تركيا خلال العام 2020، فيما طُلب أيضا من البنك الأوروبى للاستثمار مراجعة شروط تمويله لتركيا، كما تم تقليص حوار الاتحاد الأوروبى عالى المستوى مع تركيا بشأن انضمامها للاتحاد.
 
ليس هذا فحسب بل إن السلوك التركى فى شرق المتوسط يثير قلق مجموعة من الدول الشريكة بملف الغاز فى المنطقة، من بينها مصر واليونان وقبرص، فيما يواجه ذات السلوك تحفظ أمريكى على الوضع.
 
ويرى البعض أن هدف تركيا من التنقيب غير الشرعى عن الغاز فى قبرص، هى أنها تفتقر لمصادر الطاقة، لذا قد ترى أنقرة أن الاكتشافات العديدة للدول المجاورة مثل قبرص هى القشة التى ستنقذ اقتصادها من الانهيار.
استخدام فزاعة الأكراد لاحتلال مناطق عربية 
 
لا يمكن فصل سياسات تركيا فى الداخل وبناء المعتقلات فى كل أنحاء البلاد عن رؤيتها فى الخارج وانتهاكاتها التى تمارسها فى دول الجوار، لأن الحجة والذريعة واحدة هى الحفاظ على أمن تركيا، ولكن الحقيقة فإن هذه الذرائع باتت واضحة للعلن أنها واهية، والهدف هو مزيد من التوسع واحتلال مناطق داخل دول عربية، كانت تركيا سببا فى دمارها وانهيارها، بيد أنها تستخدم مزاعم خطورة الأكراد على سيادتها مدخلا لتكون دائما حاضرة فى هذه الدول، وتحديدا فى سوريا والعراق. 
 
ومؤخرا رفضت تركيا فى اجتماعاتها مع روسيا وإيران انتشار الجيش السورى فى منبج بريف حلب وشرق الفرات، ما يوضح نواياها فى وضع يدها على الشمال السورى وضمه إلى أراضيها، ويفضح استمرار أطماعها التاريخية فى احتلال هذه المنطقة، حيث كانت وما زالت تعتبر تركيا محافظة حلب بأكملها أراضى تابعة لها تاريخيا وفقا لمزاعمها، وأنه جرى اقتطاعها منها فى وقت سابق عقب انهيار الدولة العثمانية، لتنعش الحرب السورية، نوازع الإدارة التركية فى اقتطاع هذه المناطق لضمها إلى تركيا، فى حين أن مسارات الأزمة السورية وصمود بعض سكانها وخاصة الأكراد منهم كانوا سببا فى الحفاظ على الهوية العربية وإفشال مخطط ضم حلب للإدارة العثمانية الجديدة.
الاقتصاد التركى نحو الانهيار. 
 
فى الوقت ذاته يعانى الاقتصاد التركى من أزمات كبرى فى الآونة الأخيرة، بالتزامن مع فقدان البلاد جميع مقومات جذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذى أدى إلى تجاوز الدين الخارجى لتركيا خلال العام الجارى ليكسر حاجز الـ 600 مليار دولار، فضلا عن ذلك كشفت تقارير اقتصادية دولية كبرى عن انسحاب استثمارات أجنبية تقدر بـ5.2 مليار دولار خلال أبريل الماضى، فيما خرج نحو 4 آلاف مليونير من السوق التركية خلال العام الماضى.
 
وطالت النكسة التى تعرض لها اقتصاد تركيا، مؤخرا، رجال الأعمال والمستثمرين المتعاملين معها، فعلى سبيل المثال خسر بعض رجال الأعمال الأجانب فى قطاع العقارات التركى أكثر من 12 مليار دولار، ما أدى بطبيعة الحال إلى ظهور قضايا اقتصادية حركها هؤلاء ضد الحكومة التركية، فى حين تراجعت أيضا كل عوامل استقطاب الاستثمارات فى تركيا، لتصبح البلاد بلا أمان استثمارى، نظرا لما تعيشه البلاد من انهيار اقتصادى وعجز بالموازنة وتراكم بالديون وزيادة فى حجم معدل البطالة.
 
ومؤخرا بدأت الكثير من الدول تأخذ احتياطها من التجربة التركية لعدم تكرارها فى بلدانهم، حيث أخذ منتدى دور الإعلام فى التوعية بمخاطر الاستثمار الخارجى تركيا نموذجا، لتحذير دول العالم من اتخاذ تدابير وإجراءات لعدم تكرار ما تشهده أنقرة من تدهور اقتصادى، وناقش المؤتمر الذى نظمته هيئة الصحفيين السعوديين مؤخرا بالرياض، عددا من الأرقام السلبية التى آل إليها الاقتصاد التركى، وتناول المنتدى ما كشفته بيانات حديثة أعلنتها وزارة التجارة التركية، عن إغلاق أكثر من 15 ألف شركة محلية وأجنبية فى تركيا خلال عام 2018.
وأكد المنتدى أن العرب يشكلون 80 % من إجمالى المستثمرين الأجانب فى سوق العقارات التركية، وبسبب أن العقار يحتاج لفترة زمنية طويلة ليجنى أرباحه لذلك فهو يتطلب بيئة مستقرة سياسيا وهو ما لا يتوفر فى تركيا، وبحسب إحصاءات هيئة الإحصاء التركية بلغ مؤشر الثقة فى الاقتصاد التركى 80.7 أى أقل من 100 نقطة ويعنى ذلك تشاؤم المستهلكين تجاه الاقتصاد، فالاستثمار يحتاج دوما بيئة مستقرة وآمنة. وقبل أيام، أشار اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركى إلى ارتفاع معدل إغلاق الشركات فى البلاد، خلال مايو الماضى بنسبة 20.94 %، مقارنة بشهر أبريل الماضى، موضحا أنه تم إغلاق 878 شركة، وانخفض عدد الجمعيات التعاونية بنسبة 36 %، وعدد الشركات التجارية التابعة لأشخاص بنسبة 5.85 %، وعدد الشركات المؤسسة بنسبة 0.34 %، فيما تراجع مؤشر الثقة بالاقتصاد التركى بنسبة 11 % على أساس سنوى، خلال يونيو الماضى، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، متأثرا فى ذلك بهبوط عديد من القطاعات الاقتصادية بسبب أزمة الليرة.

 

 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق