بعد قرار حظر استيراده..أزمات الأرز تسيطر على اجتماعات خبراء الزراعة المصريين والأفارقة
الخميس، 12 سبتمبر 2019 07:00 ص
سيطرت قضيّة وملف زراعة الأرز، على اجتماعات خبراء الزراعة والفلاحين والمزارعين، والقيادات والاتحادات والنقابات الزراعية والأعضاء، خلال الأيام الأخيرة، وكان فى القلب منها، مصرياً وإفريقياً البحث عن حلول، لزيادة مساحة زراعة وإنتاجية الأرز، وإيجاد آلية للتعاون بين مصر ومركز الأرز الإفريقي، من خلال تدشين شراكة واستراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى الاكتفاء الذاتى إفريقياً، من الأرز، وعدم الاحتياج إلى الاستيراد من الخارج، وداخلياً كانت أزمة المخزون من المحصول، علاوة على كميات الاستيراد الكبيرة، وهو ما أحدث "تخمة" فى السوق المحلى، ويهدد بانهيار أسعاره، وخسائر كبيرة، ومتواصلة للمزارعين والفلاحين، غير أن الحكومة تداركت ذلك، وأصدرت قراراً بحظر استيراد الأرز.
زراعات الأرز
27 دولة و50 خبيراً زراعياً
ففى القاهرة، عُقد اليوم الاجتماع التشاورى الحادى عشر، لمركز الأرز الافريقى، والذى يشارك فيه 50 من الخبراء ورؤساء مراكز البحوث الزراعية، من 27 دولة إفريقية، وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع، الذي يُعقد لأول مرة في القاهرة، قال الدكتور محمد سليمان، رئيس مركز البحوث الزراعية، إن هذا الاجتماع سوف يبحث كيفية إيجاد آلية للتعاون بين مصر ومركز الأرز الإفريقي والدول الافريقية، من خلال بدء شراكة طويلة الأمد، تهدف إلى زيادة الإنتاج، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأرز، فى القارة الإفريقية، وإجراء تنمية مستدامة، من عدة محاور، وتتلخص فى تطوير ونقل التكنولوجيا، حيث إن استغلال وتبادل الخبرات فى المجالات المختلفة، والموجودة فى كلٍ من مركز البحوث الزراعية ومركز الأرز الافريقى، سوف تساعد على زيادة الإنتاجية، وحل كثير من المشكلات، وعدم وجود ازدواجية فى العمل، والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الموجودة وتقليل النفقات، إضافة إلى التدريب والإرشاد، ووضع برامج تدريبية مشتركة بين مصر ومركز الأرز الإفريقى، لرفع كفاءة الباحثين فى الدول الإفريقية ووضع آلية لنقل التكنولوجيا الحديثة، للباحثين والمزراعين بالدول المختلفة، من خلال المزراع المصرية المشتركة مع الدول الإفريقية، وكذلك المشروعات البحثية المشتركة، إضافة إلى البحث عن مصادر للتمويل، حيث إن التنسيق والعمل المشترك بين مركز الأرز الإفريقى ومصر، سوف يشجع المانحين على تمويل مشروعات بحثية مشتركة، بين مصر والدول الإفريقية ومركز الأرز الافريقى، وفى هذا الإطار يجب استغلال ثقل مصر على المستوى الدولى والإقليمى، وكذلك مركز الأرز الإفريقى، فى فتح قنوات اتصال مع المانحين، لتمويل مشروعات بحثية مشتركة.
نقيب الفلاحين يتابع عمليات جمع وحصاد الأرز
معوقات إنتاج محصول الأرز
وأضاف الدكتور سليمان، أن العمل المشترك مع الشركاء الأفارقة والإقليمين والدولين، سوف يساهم بشكل فعال فى حل كثير من المشكلات، ورفع الإنتاجية وتحقيق الرفاهية للمزراعين، فى ظل تحديات كبيرة وصعبة، تواجه زيادة الإنتاج مثل ندرة الموارد المائية، وملوحة التربة والمياه، وتغير المناخ، وهى أشد معوقات إنتاج محصول الأرز.
ومن ناحيته، أكد الدكتور علاء خليل، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية، على أهمية عقد هذا الاجتماع في مصر، لأنها الدولة الأولى عالمياً في إنتاجية الأرز، بحوالي 10 طن في الهكتار، ونعمل على زيادته إلى 12 طن، كما أن وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، هو حالياً رئيس المركز الإفريقي للأرز، وأضاف الدكتور علاء خليل أن هذا الاجتماع سوف يبحث التعاون المشترك بين الدول الأعضاء، وأيضا تبادل الخبرات مع الدول الآسيوية وشرق آسيا، لما لها من أهمية كبيرة في إجراء البحوث التطبيقية، التي تسهم في زيادة إنتاجية الأرز، كما أنه إعداد للاجتماع الوزاري، الذي سوف يُعقد في يناير القادم، برئاسة وزير الزراعة المصري ومشاركة وزراء الزراعة في الدول الأعضاء بمركز الأرز الإفريقي.
خبراء الزراعة المصريين والأفارقة والمنظمات الزراعية العالمية
وقال رئيس معهد بحوث المحاصيل الحقلية، إن المعهد يقوم بإنتاج كل احتياجات مصر من تقاوي الأرز، كما تم استنباط 8 سلالات جديدة عالية الجودة، وترشد استخدام المياه، وتقاوم الأمراض والظروف المناخية، بالإضافة إلى إنتاج الهجن الجديدة من الأرز اليابانى، ذات الحبة العريضة، حيث تعتبر مصر ثانى دولة بعد الصين، فى إنتاج هذا النوع من الأرز، والذى يتميز بالإنتاجية العالية، وأضاف الدكتور علاء خليل، أن المشاركين في الاجتماع من الخبراء الأفارقة، سوف يقومون بزيارة ميدانية للحقول الإرشادية والبحثية، لمشاهدة الهجن الجديدة من الأرز على أرض الواقع.
قرار حظر استيراد الأرز تأخر كثيراً
وفى الشأن المحلى، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إنّ قرار حظر استيراد الأرز، جاء متأخراً وإن كان سيُخفف من الأزمة، لكنه لن يحل مشكلة انخفاض أسعار الأرز عن سعر التكلفة، ويرجع ذلك إلي زيادة المعروض من الأرز حالياً، مقابل تراجع الطلب علي الشراء، ولفت أبوصدام، إلى أن مزارعي وتجار الأرز، سيتعرضون لخسائر كبيرة هذا العام، جراء انخفاض أسعاره بعد زيادة المساحات المزروعة من الأرز، وتخلي الدولة عنهم بسبب اتهام الأرز باستهلاكه الكبير للمياه، واتجاه وزارة التموين لاستيراد كميات كبيرة من الأرز.
وتابع أبوصدام قائلاً:إن المساحات المزروعة بالأرز علي أرض الواقع لعام 2019، زادت عن المطلوب والمسموح به، حيث وصلت لحوالى مليون و800 ألف فدان تقريباً، على الرغم من أن المسموح به من قبل الحكومة، كان مليون 74 ألف فدان فقط، وذلك بسبب تقليص مساحة زراعة القطن هذا العام، لفشل تسويقه عام 2018 وعدم جدوي زراعة الذرة اقتصادياً، وهو ما دفع بعض المزراعين لزراعة الأرز بالمخالفة مضطرين، رغم تحذيرات الحكومة وفرضها للغرامات القاسية، وهوى ما يعني أن المساحة المزروعة أرزاً فعلياً عام 2019، توفر الاكتفاء الذاتي والتصدير أيضا، وأشار نقيب الفلاحين إلي أن وقف استيراد الأرز، جاء بعد فوات الأوان، والحل الآن يكمن في فتح باب التصدير للأرز، قبل انهيار أسعار الأرز المحلي، وإصابة مزارعيه بأضرار جسيمة.
الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية
إغراق السوق المحلي بالأرز
وأضاف أبوصدام، أنه على الرغم من أن الأرز محصول استراتيجي وأساسي، وأن الدستور يلزم الحكومة بشرائه من المزارعين بهامش ربح، فهناك تهميش متعمد، لوضع سعرٍ عادلٍ للأرز، عقاباً لمن زرعوا الأرز بالمخالفة، ورغبة حكومية في تقليص زراعته، لاتهامه باستهلاك كميات كبيرة من المياه، حيث تم إغراق السوق المحلي بالأرز المستورد، علاوة علي دخول كميات أرز أخري بطرق غير شرعية، تُباع بأسعار محروقة وهى أقل من الطبيعي، وبما يؤدي إلي انهيار أسعار الأرز المحلي، ويضر بمزارعي الأرز وبالاقتصاد الزراعي المصري، وقد ظهر ذلك فعلياً، في تراجع أسعار الأرز الشعير، من 4 آلاف و500 جنيه للطن، إلى 3 آلاف جنيه في فترة وجيزة.
وأكد عبد الرحمن أبوصدام، أن مزارعي الأرز الذين التزموا بزراعته، طبقا لقرارات وزارتي الزراعة والري، مهددين بخسائر فادحة، بسبب الانهيار المحتمل لأسعار الأرز، ونتيجة لإغراق السوق بالأرز المستورد، وزيادة الإنتاج المحلي، كما أنهم مطاردون من وزارة البيئة، في حالة حرقهم لقش الأرز ،أمّا مزارعو الأرز الذين خالفوا القرارات، واضطروا إلي زراعة الأرز فى غير الأماكن والمناطق المحددة، نتيجة عدم الجدوي الاقتصادية للزراعات الصيفية البديلة للأرز، فهم مهددون بغرامات قاسية وعقوبات صارمة، وهو ما يجعل كل مزارعي الأرز في وضع لا يُحسدون عليه هذا الموسم.
العلماء والخبراء المصريين والأفارقة فى أبحاث الأرز