فتش عن أحداث 11 سبتمبر.. متى تحولت التنظيمات الإرهابية لصاروخ عابر القارات؟
الأربعاء، 11 سبتمبر 2019 09:00 م
على الرغم من مرور 18 عاما كاملة على أحداث 11 سبتمبر، إلا أنها مازالت تلقى بظلالها على الكثير من الأحداث الدولية، سواء فى الداخل الغربى أو على مستوى العلاقات الدولية، حيث أنها ساهمت بصورة كبيرة فى زعزعة استقرار النظام الدولى، والذى كانت تنفرد بقمته الولايات المتحدة، فى توارى نفوذ منافسيها الدوليين، وعلى رأسهم روسيا، والتى كانت تعيش فى تلك الحقبة، تداعيات انهيار الاتحاد السوفيتى، إثر الحرب الباردة، بينما أعلنت تلك الأحداث ميلاد قوى جديدة فاعلة ربما يمكنها تغيير المشهد العالمى، بعيدا عن الدول، وهو ما يمثل تهديدا صريحا بزعزعة استقرار مجتمع الدول.
ولعل إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الإبن فشلت فى إدراك الخطر الحقيقى لمثل هذه التنظيمات، حتى بعد الحدث الجلل الذى هز العالم فى 2001، حيث تبنت حربا دولية ضد الإرهاب، بدأت بأفغانستان بعد أسابيع قليلة من الهجوم الدموى، والذى أسفر عن مقتل الألاف من الأمريكيين، بينما امتدت بعد ذلك إلى العراق، والتى سعت خلالها إدارة بوش فرض إرادتها، بذريعة الإرهاب، بالإضافة إلى ادعاءات أخرى تعلقت بامتلاك نظام الرئيس السابق صدام حسين أسلحة دمار شامل، لتأكل تلك الحروب من مكانة واشنطن الدولية، بالإضافة إلى تكبدها مليارات الدولارات، ساهمت فى تراجعها الاقتصادى، فى الوقت الذى تصاعدت فيه قوى أخرى، لتزاحم بعد سنوات قليلة موقع واشنطن على قمة النظام الدولى.
يبدو أن الحروب الأمريكية على الإرهاب، والتى حملت شعار "من ليس معنا فهو ضدنا"، والذى أرساه بوش، فشلت فى القضاء على الإرهاب، بينما نجحت فى زيادة نفوذ تلك التنظيمات، والتى تحولت من مداها "الإقليمى" لتصبح "عابرة للدول"، حيث كان الهجوم الإرهابى على برجى التجارة العالميين، ملهما للتنظيمات الإرهابية القائمة، بينما فتحت الباب أمام ظهور تنظيمات أخرى أكثر شراسة، وعلى رأسها تنظيم "داعش" الإرهابى، والذى كرس نفسه ليس فقط لاستهداف دول منطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضا اتجه بقوة نحو مد نفوذه تجاه مناطق أخرى من العالم، من بينها دول الغرب الأوروبى، عبر استهدافها من الداخل.
صعود الدور الذى تلعبه التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، على الساحة الدولية، خلق حالة من التنافس فيما بينها، حول النفوذ، ليتحول المشهد مضاهيا لما يشهده المجتمع الدولى، من صراع بين القوى الدولية والإقليمية للانفراد بقمة الساحة الدولية، وهو الأمر الذى يبدو واضحا فى الصراع الذى اندلع بين داعش والقاعدة، ومحاولاتهما استقطاب كافة التنظيمات الإقليمية الأخرى، والتى اتجه قطاع كبير منها إلى مبايعة داعش، والتى كانت يوما ما جزءا من تنظيم القاعدة، والانقلاب على التنظيم الأم، ربما بسبب طموحات داعش الكبيرة، والتى وضعت حلم "الخلافة" نصب أعينها منذ بزوغ نجمها فى أعقاب حالة الفوضى التى ضربت العديد من دول الشرق الأوسط، بعد أحداث ما يسمى بـ"الربيع العربى".
وفى الوقت الذى تصاعد فيه دور المنظمات الإرهابية على الساحة الدولية، فشلت التحالفات الدولية بقيادة واشنطن فى احتواء مخاطرها، وهو الأمر الذى دفعها إلى التراجع العسكرى عبر الانسحاب، أو على الأقل تخفيف الوجود العسكرى الأمريكى، فى بعض مناطق التوتر، تارة، أو حتى اللجوء إلى التفاوض مع بعض التنظيمات تارة أخرى، وهو الأمر الذى يتجلى بوضوح فى المفاوضات الأمريكية مع حركة طالبان، والتى تهدف إلى فتح الباب أمام انسحاب أمريكى كامل من أفغانستان، فى خطوة تمثل انقلابا خطيرا فى الموقف الأمريكى، وربما يمتد لاحقا للمستوى الدولى فى المستقبل القريب، خاصة وأنها تعد بمثابة اعترافا ضمنيا بنقل التنظيم من خانة "الإرهاب"، إلى خانة السياسة.