الإخوان اختاروا العنف.. ياسر برهامي يفضح خداع التنظيم الإرهابي
الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019 08:00 م
لم يمكن النظر للسلفيين باعتبارهم مختلفين كثيرًا عن الإخوان، فحتى مع انحياز الجماعة الإرهابية للعنف فى مقابل هدوء حذر من جانب التيارات السلفية، يظل المنطلق وجذور الخطاب واحدة لدى الطرفين، مدفوعين بذهنية متطرفة ومحاولات مستميتة لتوظيف الدين فى خدمة التطلعات السياسية والاقتصادية، وربما بفضل هذا التشابه تمثّل شهادة كل منهما على الآخر مدخلا مهما لفهم لعبة التجارة بالدين.
رغم التحالف السابق، وخدمة السلفيين لمخططات الإخوان للقفز على السلطة، ودعم مشروعهم خلال السيطرة على البرلمان، فإن صداما لاحقا وقع بين الجانبين، مع استئثار الإخوان بالإدارة السياسية وإزاحة حلفائهم من الدعوة السلفية خارج المشهد، وبعدما تأكد نزوع الإخوان إلى العنف والاستبداد وتهديد الدولة، تضافرت تلك الأسباب لتدفع السلفيين باتجاه المعسكر الوطنى الرافض لجرائم الإخوان، لكن على العكس من باقى التيارات السياسية كانت علاقات السلفيين بالجماعة الإرهابية وطيدة، وقنوات الاتصال قائمة، بما يسمح لهم بمعرفة كواليس الفترة السابقة على ثورة 30 يونيو، وألاعيب الإخوان ومحاولاتهم خداع الجميع، ومن تلك النقطة تأتى أهمية الشهادة التاريخية التى سجلها ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، على جرائم الإخوان الوطنية والإنسانية والسياسية فى تلك المرحلة المهمة.
واصل ياسر برهامى سلسلة تصريحاته الأخيرة التى يفضح فيها جماعة الإخوان الإرهابية وجرائمها بحق مصر، وأخطاءها فى اعتصام رابعة العدوية الإرهابى، وآخر حلقات شهادته ما كشفه عن ألاعيب الجماعة الإرهابية ومحاولاتها لخداع السلفيين وباقى التيارات الدينية المتطرفة، بشأن مبادرات طُرحت لإنهاء الاعتصام، وناورت الجماعة فى التعامل معها بغرض توريط حلفائها الإسلاميين فى الاعتصام، بينما كانت تخطط للعنف وتصر على إشعال الموقف.
وقال «برهامى» فى سلسلة مقالات نشرها عبر الموقع الرسمى للدعوة السلفية: «جاءتنا دعوة يوم 23 رمضان 1434 هجرية، لمقابلة القيادة السياسية؛ فوجدنا فيها فرصة لعرض فكرتنا فى الحل السياسى، ووازنت بين مواصلة الاعتكاف فى العشر الأواخر، وبين الخروج لهذا اللقاء بنفسى، وقررتُ الخروج؛ لأن إصلاح ذات البين ومنع سفك الدماء أولى بلا شك من الاعتكاف؛ فذهبت مع المهندس جلال مُرّة والمهندس أشرف ثابت والدكتور بسام الزرقا».
وأضاف فى مقاله الذى حمل عنوان «ذكريات»، أن اللقاء استعرض الوضع السياسى والمجتمعى، ونقلت القيادة السياسية خلاله شكوى سكان منطقة رابعة فى مدينة نصر من الاعتصام، وما يتعرضون له من عدم إمكانية الاستمرار فى حياتهم اليومية، وصعوبة الحركة والانتقال، وذكروا أن تلك الآلاف يمارسون حياتها اليومية، من الطعام والشراب وقضاء الحاجة، فى الميدان، متابعا: «أكد ذلك أحدُ إخواننا الحاضرين، أنه مَرّ من هناك ووجد من يعترضون الناس بتشنّج لمطالعة بطاقاتهم، وأنهم فى قلق شديد وتوتر واضح، كما أن الشرطة تراقب بطاقات الناس؛ فالناس فى شِدّة فى تلك المنطقة، وقلنا: إنه لا بد من حل المشكلة، وأمامنا ثلاث سيناريوهات عرضناها بوضوح».
وأوضح ياسر برهامى أن «السيناريو الأول كان الفضّ باستعمال القوة الخشنة وإطلاق النار، وقلنا إن هذا أسوأ الحلول؛ لما يتضمنه أولا من سفك الدماء المعصومة شرعا، وهذا الذى يُحرّكنا أولا، وثانيا للآثار الخطيرة على المجتمع من وجود فئة كبيرة منه لا يمكن إهمالها ولا القضاء عليها، تُعادى المجتمع نفسه، وتُكرّس المظلومية، ثم تصل إلى تكفير المجتمع والدولة، وأن مشكلتنا الآن وليدة ونتاج أزمة الإخوان فى الستينيات، فالشخصيات القيادية الحالية فى الإخوان تتعامل مع المجتمع بخلفية الفكر المنحرف الذى تشرّبوه بلا علم من القيادات القطبية فى ذلك الوقت داخل السجن، وقلنا إننا نخشى أنه حتى بعد حل الأزمة الحالية تتفجر أزمات مماثلة بعد 40 أو 50 سنة من الآن بسبب هذه النوعيات لو دخلت السجون».
واستطرد نائب رئيس الدعوة السلفية: «السيناريو الثانى استعمال القوة الناعمة فى إنهاء الاعتصام من الغازات المسيلة للدموع والهراوات، ونحو ذلك وهذا أقل ضررا بلا شك، ولكنه أيضا يترتب عليه إصابات من قتلى وجرحى بنسبة أقل، ولكن لا بد من أن تكون له آثار سيئة على المجتمع فى الجملة، فكان الجواب: معكم على ذلك أيضا، والسيناريو الثالث كان الحل السياسى، وقلنا هذا أفضل الحلول وأقلها خسارة على البلاد والمجتمع، فكان الجواب الفورى من القيادة السياسية: أيدينا مع أيديكم على الحل السياسى».
مستطردا فى مقاله: «تكلمنا عن إمكانية هذا الحل، فردوا: اعرضوا هذا الحل على القوى السياسية، فإن اتفقتم عليه فنحن موافقون على ما اتفقتم عليه مسبقا وبلا شروط، ففقلنا لبعضنا إذًا الباب مفتوح، وإن لم يكن على مصراعيه إلا أنه ليس مغلقا، ويمكننا تجنيب بلادنا ومجتمعنا مشاكل لا تُحصى، وانصرفنا على وعد بالتواصل، واتصلنا بالدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، الذى تعذّر حضوره الاجتماع، وقلنا له يتصل بالأحزاب والقوى السياسية لعقد اجتماع للنظر فى مستقبل البلاد وحل الأزمة».
وأشار «برهامى» إلى أن مخيون تواصل بالفعل مع القوى السياسية، واتفقوا على دعوة الأحزاب والقوى المختلفة لاجتماع عاجل لبحث الأوضاع، وبالفعل عُقد الاجتماع، وحضر الدكتور يونس وعرض وجهة النظر فى أن أسوأ الحلول هو القوة الخشنة، وأفضلها الحل السياسى، وكانت المفاجأة أن نصف الحاضرين وافقوا، ونصفهم تقريبا رفضوا.
وقال الرافضون: «الإخوان لن ينزلوا ولن يستجيبوا إلا بالدم!»، وظلت المحاولات مستمرة طوال ساعات الاجتماع لإقناع الرافضين بأن الدم أسوأ ما يكون، ولا يصح أن نحل أزمة وقتية ونُصدّر لأولادنا وأحفادنا بعد 40 أو 50 سنة أزمة أعنف منها، ولم يُسفر الاجتماع عن شىء، ولكن فتح الباب لاجتماع آخر يوم الأحد الذى يليه؛ لمحاولة إقناع الرافضين».
وتابع نائب رئيس الدعوة السلفية: «مساء الخميس 24 رمضان كان جون ماكين، زعيم الأغلبية الجمهورية فى مجلس النواب الأمريكى فى زيارة التقى فيها قيادات من كل الاتجاهات، وفوجئت بتصريحات مُخيّبة للآمال بشكل عنيف؛ وضقت جدّا فى هذه الأيام وأنا فى الاعتكاف، وقلت: هو يغازل الإخوان، بل قطعا يُورّطهم ويَدفعهم إلى الحائط ليصطدموا به صدمة عنيفة فظيعة، ويوهمهم أن الأمريكان معهم، ودعوت الله أن يجنب البلاد شرّهم.
وفى صباح الجمعة أرسلت رسالة لزميلنا الدكتور الذى حضر معنا يوم الثلاثاء وأخبرنى أن نتدخل فى الحل السياسى، لأن الإخوان اقتنعوا بأن عودة مرسى والبرلمان والدستور شبه مستحيلة، ويريدون حلا سياسيا، فأرسلتُ له رسالة أطلب سرعة الرد على اقتراحنا بأن يُقدّم مرسى استقالته مع تفويض شخصية يتفق عليها الجميع فى صلاحياته، وفى صلاة الجمعة حضر معى صديق طبيب أقرب إلى السلفية، ولا أظن أنه ينتمى للإخوان، أو لا أعرف انتماءه للإخوان، ومعه صديق من بورسعيد.
وطلب الجلوس معى بعد الصلاة؛ وإذا بهم يحاولون إقناعى بتغيير موقفنا إلى موافقة الإخوان والذهاب لاعتصام رابعة، وأن هذا كفيل بتغيير كل الموازين، فتعجبت للغيبوبة فى التفكير والسذاجة فى وزن الأمور، وتأكدت أن الأمريكان والغرب أوهَموهم بالتأييد؛ فيحتاجون الدعوة السلفية لحسم الأمر فى ظنهم».
واختتم ياسر برهامى شهادته على ألاعيب الإخوان وإصرارهم على العنف وإشعال المشهد، قائلا: «بعد خمس سنوات ونصف من هذا التاريخ قرأت تصريحات لبعض قادة الإخوان أن جون ماكين خدعهم بالتأييد وألبسهم فى الحائط، وهو ما كنت استنبطتّه من تصريحاته يوم الخميس؛ فقلت للرسولين أنا فى انتظار رد على مبادرة للحل السياسى من الإخوان، وانصرفا، وبعد العصر جاءنى الرد الصادم المحبط من زميلنا الدكتور بموقف عكس موقفه الثلاثاء 180 درجة، عبر رسالة على واتساب نصّها: الكل هنا مجمعون على عودة الرئيس والدستور والبرلمان؛ ونحن فى انتظارك هنا على منصة رابعة لتعلن تصحيح اجتهادك؛ ونحن نحملك على الأعناق»، معتبرا أن تلك الرؤية كانت موقف الإخوان الأساسى والدائم، وأنهم حاولوا التلاعب بالجميع لتوريطهم فى أزمة تهدد بإحراق البلاد.