عدد من المدمنين المرضى تابعوا حملات العلاج من الإدمان وحكوا مأساتهم مع الإدمان، وطلبوا العلاج بعد أن فقدوا أعمالهم وأسرهم ولفظهم المجتمع.
وبعد تداول قصة مريض الإيدز المدمن «محمد.أ.ط» والذى طرده العاملون بمستشفى كفر الزيات، كانت استجابة من مسؤولى مديرية الصحة بالغربية، وتم نقله لمستشفى حميات طنطا، واتضح أنه أصيب بالإيدز بسبب تعاطى حقن «الماكس». بعد نشر قصة قبوله للعلاج فى مستشفى الحميات، ظهر العديد من شباب وفتيات وكبار سن أصبحوا متعاطين للمخدرات، سردوا قصصهم مع تعاطى المخدرات وكيف مات أصحابهم وإصابة البعض بالإيدز، والكبد الوبائى بسبب تبادل الحقن بالسرنجات «للبيسة» وهى الهيروين الذى يتم إذابته بالماء وتعاطيه عن طريق الحقن، وسعر التذكرة 25 جنيها.
عدد من المدمنين يحكون قصتهم مع الإدمان ويطلبون العلاج ضمن حملات مكافحة الإدمان خاصة أن محافظة الغربية ليس بها سوى مركز واحد لايكفى لعلاج كل المدمنين. ونقدم قصص المدمنين « بأسماء مستعارة»، حفاظا على سمعة أسرهم حيث أعلنوا نيتهم التوقف عن التعاطى.
«م.ا» 43عاما حاصل على دبلوم صناعى يقول إنه انجرف فى طريق الإدمان بعد حصوله على شهادة الدبلوم، حيث سحبه أصدقاء السوء لسكة الإدمان، وبدأ بشرب سيجارة بانجو وتناول دواء مخدر، وتدرج إلى أقراص الترامادول، حتى وصل إلى تعاطى«البيسة» وهى عبارة عن تذكرة الهيروين يتم تذويبها فى مياه وسحبها فى سرنجة وحقنها بالذراع أو بالبطن. ويقول إنه واجه رفضا من أفراد عائلته، ونفر منه إخوته الـخمسة منهم بنات متزوجات ووالدته التى أصابها المرض حسرة عليه. ويقول إنه دخل فى طريق الإدمان منذ 25عاما وأصبح الآن عاجزا أمام المخدرات ولا يستطيع أن يخرج منه. ويؤكد «م» أن جميع أنواع المخدرات بكفر الزيات منتشرة بصورة كبيرة بداية من لفافة البانجو حتى تذكرة الهيروين، التى تُباع بـ20جنيها وأصبحت أرخص من قرص الترامادول، ولا صعوبة فى شرائها.
وأوضح أنه يشتريها من تجار المخدرات ويذيبها ويحقن نفسه بالسرنجة، ويبدأ مفعولها بعد حقنها مباشرة ويستمر لـساعات ويعترف أنه يتعاطى أربع جرعات وينفق حوالى 400 جنيه يوميا.
وتابع «م.ا» أنه كان يعمل مبيض محارة وكان ينفق ما يكسبه على المخدرات حتى ترك عمله واتجه لغسيل السيارات ليوفر فقط ثمن الجرعة، وأنه بسبب الحقن أصيبت أوردته بالتليف وأنه كان يحصل على فلوس العلاج من والدته ليشترى بها مخدرات حتى طرده إخوته وأصبح وحيدا ومريضا. وحاول أن يبتعد وينعزل فى منزله ليتعافى لكنه كان يعود وأصبح تحت رحمة «الإدمان».
يقول «م.ا» إنه اكتشف مؤخرا أنه مريض بفيروس سى، من خلال حملة 100مليون صحة وأكدت له الطبيبة أنه فى مرحلة متأخرة من المرض وعليه أن يُسرع فى الحصول على العلاج ليتعافى من المرض ويضيف: نفسى أنضف واتعالج وابقى إنسان طبيعى، وأرجع لأهلى وأصحابى تانى والجنيه اللى أكسبه أصرفه على حاجة تنفعنى بدل ماشترى بودرة».
أما محمد إبراهيم «اسم مستعار» فأكد أنه يبلغ من العمر 32عاما ودخل فى طريق الإدمان عن طريق أصدقاء السوء الذين سحبوه فى سكة الهلاك، وبدأ بحقنة «نولافين» وكان يشتريها بـ15جنيها من الصيدليات ووصل سعرها لـ100جنيه ثم اختفت، ولجأ إلى الترامادول بديلا عنها حتى وصل إلى «البيسة»، مشيرا إلى أن سعرها 25 جنيها ويجدها بسهولة فى شوارع كفر الزيات.
وأشار إلى أنه مدمن للمخدرات منذ 12عاما، وانقطع عنها 5سنوات بعد أن بدأ فى رحلة علاج بمركز علاج الإدمان بشبراقاص بالسنطة، ولكنه هرب وعاد مرة أخرى للإدمان.
وأوضح أن لديه أشقاء وجميعهم متزوجون ولديهم أسرهم، ووالدته متوفية، ووالده متزوج من سيدة أخرى وتعامله معاملة سيئة، ويعيش معها بعيدا عن أشقائه والعلاقة بينهم منقطعة، مشيرًا إلى أن أشقاءه حاولوا مرات علاجه من الإدمان، وأنفقوا عليه الكثير وحجزوه بالمنزل 5 أشهر ولكنه لم يتحمل وعاد مرة أخرى للإدمان مرة أخرى.
وأضاف أنه كان يعمل استورجى موبيليا ويوفر كل ما يكسبه من عمله لشراء جرعة الهيروين، ويلجأ إلى مسح السيارات فى حالة عدم وجود فرصة متوفرة لعمله الأساسى، لتوفير سعر البيسة، ويتعاطاها فى ذراعية، مشيرا إلى أنه سبق حبسه 3سنوات فى إحدى القضايا فى قضية شروع فى قتل ويشترى الجرعة بسهولة من تجار المخدرات بكفر الزيات، مؤكدا أنه جرب كل أنواع المخدرات وحتى الأستروكس مرة واحدة، وكاد أن يفقد حياته وابتعد عنه واستمر فى تعاطى الهيروين فقط حتى الآن.
وأكد أنه يتمنى أن يتعافى من الإدمان ويمارس حياته بشكل طبيعى، ويعود لأهله وأصحابه، وأنه يعالج من فيروس وحصل على الجرعة الأولى وسيبدأ فى الجرعة الثانية، مؤكدا أن الأمراض تنتشر بسبب استخدام السرنجات بين المدمنين.
أما «ع.ا» فيعمل سائقا ويقول إنه دخل طريق الإدمان منذ 24عاما وبدأه بحقن النيوبان وحقن النالوفين ثم انتهى بطريقه للبودرة، والحقن المخدرة وبعد عدة مرات اعتاد عليها وأدمنها.
ويضيف أن أسرته علمت بتعاطيه للمخدرات وحاولوا إثنائه أكثر من مرة عن طريق الموت، ولكنه لم يستطع أن يبتعد عنها، مشيرا إلى أنه كان يمتلك 4سيارات ميكروباص ونصف نقل، واضطر إلى بيعها لتوفير تكاليف المخدرات، وطلق زوجته بسبب المخدرات وعدم إنفاقه على البيت، مؤكدا أن لديه بنتان تخرجتا من الجامعة، وأنه دخل السجن فى قضية إيصالات أمانة، و خرج من السجن إلى الشارع وأصبح عاطلا، ويقول: أحصل على ثمن تذاكر البودرة من الأقارب والأصدقاء لشراء الجرعة، بـ25 جنيها، ويتعاطى تذكرتين فى اليوم.
وأكد له أشقاء فى وظائف محترمة وأصبح يخجل من التعامل معهم لأنه أصبح عارا عليهم، ووجه رسالة لبناته «ربنا يسترها معاكم وربنا ميجعلنيش عقبة فى حياتكم، وأقول للشباب متغلطوش غلطتى وابعدوا عن سكة الإدمان.. فهى سكة اللى يروح ميرجعش».
وأكد أن هناك حملات أمنية مستمرة على تجار المخدرات لكن اللى بيتقبض عليه بيطلع غيره واحد واتنين وعشرة.
وتلتقط «منى.م» أطراف الحديث وسردت معاناتها مع الإدمان حيث أكدت أنها انجرفت فى طريق الموت منذ عام ونصف، بعد أن تعرفت على شاب كان يتعاطى للمخدرات، وتزوجته وهو من علمها تعاطى «البيسة» حتى أدمنتها وأصبحت لا تستطيع أن تبتعد عنها.
وأشارت إلى أنها أنجبت طفلة وطلقها زوجها وأخذ منها الطفلة لتعيش معه، ولا تجد طريقا أمامها سوى التسول واستجداء المارة لإعطائها المال لشراء المخدرات، وأنها كانت تعانى فى بداية الأمر فى إيجاد الجرعة لكنها أصرت على إيجاد طريقة للحصول على الجرعة حتى وصلت لأماكن بيعها وأصبحت تشتريها بسهولة.
وأوضحت أنها تشترى الجرعة بـ25جنيها، قائلة «أنا بشحت من الناس علشان أشترى الجرعة لأن تعبها وحش»، مؤكدة أنها تتعاطى البيسة «الهيروين عن طريق الحقن».
وأشارت إلى أن والدتها توفت مؤخرا ولديها 3أشقاء ذكور ولكنهم ابتعدوا عنها ولا تعرف لهم طريق بسبب إدمانها للمخدرات، مؤكدة أنها تحلم بأن تتعافى من الإدمان وتعود لممارسة حياتها بشكل طبيعى مرة أخرى.
وأضافت والدموع فى عينيها «الأسبوع الواحد فى المصحة بـ3آلاف جنيه ولو معايا فلوس كنت هبهدل نفسى البهدلة دى؟».
أما «أيمن.ز» 34سنة متزوج وليس لديه أولاد فأكد أنه مدمن للهيروين منذ 11سنة ولم يرزق حتى الآن بأطفال، ويعيش مع زوجته رغم علمها بأنه مدمن للمخدرات، مشيرًا إلى أن أسرته حاولوا علاجه أكثر من مرة ولكن لضيق ذات اليد لم يستطيعوا أن يوفروا ثمن العلاج.
وأضاف أن لديه شقيقان ورغم أنهم يعيشون معه فى نفس المنزل إلا أنه لا يوجد أى تواصل بينهم، موضحا أنه يعمل نقاشا وبعد أن أصبح مدمنا لم يستطع أن يستمر فى عمله وأصبح يعمل فى مسح السيارات فى إشارات المرور ليوفر فقط ثمن شراء تذاكر الهيروين.
وقال« كل ما اجمع حق ضرباية بروح أشترى التذكرة واخدها ولو جمعت تمن 100تذكرة هجيبها والتذكرة وصل سعرها لـ25جنيها ولما بجمع 50جنيها بشترى تذكرتين».
وأشار إلى أن زوجته تعمل موظفة وتنفق على نفسها وتصلى ولا تترك فرضا، موضحا أن صديقه هو من أخذه فى سكة الإدمان وتوفى بسبب تعاطى المخدرات ويقول: أصحابى كل يوم بيموتوا بسبب المخدرات، والظروف المعيشية الصعبة منعتنى من الذهاب لأى مصحة لتلقى العلاج، مؤكدا أن المدمنين ابتكروا طريقة جديدة بخلط قطرة العين مع البودرة وحقنها مشيرا إلى أنه أصيب بفيروس سى واكتشف ذلك أثناء تحليل حملة 100مليون صحة، ولم يتوجه للمستشفى للحصول على العلاج، بسبب إدمانه للهيروين».
أما «محمد.ع» 38عاما، فقال إنه كان يتعاطى الحشيش فقط، ولكن سحبه صديق له فى سكة تعاطى البودرة منذ 18عاما وهو من أعطانى أول جرعة، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتعاطى «البيسة»، مشيرا إلى أنه كثيرا ما ينوى الابتعاد عنها ولكن عندما يجتمع بأصدقائه المدمنين يقوم من تلقاء نفسه بتعاطى جرعة معهم.
وأضاف أنه كان يعمل سائقا والآن يعمل فى الإشارات لمسح السيارات لجمع المال لشراء تذاكر البودرة، مشيرا إلى أنه يشعر بألم شديد فى حالة امتناعه عن تعاطى الجرعة.
وأوضح أن والديه متوفيان ولديه 3 أشقاء بنات، وكان يحاول أن يخفى تعاطيه للمخدرات على والديه خوفا على زعلهم منه ولكن بعد وفاتهما أصبح لا يستطيع أن يخفى ذلك الأمر بسبب حاجته الشديدة فى الحصول على جرعة المخدرات، قائلا «اخواتى البنات كل واحدة فيهم مع جوزها وعيالها ومحدش بيسأل عليا حتى قرايبى بيشفونى فى الإشارات وبتكسف أسلم عليهم»، موضحا أنه يتعاطى 4جرعات فى اليوم.
وأكد أنه سبق حبسه على ذمة قضية سرقة إبان أحداث ثورة 25يناير، بعد أن تم القبض عليه فى أحداث الشغب، مؤكدا أنه لم يكتشف حتى الآن إن كان أصيب بأمراض بسبب تعاطى المخدرات من عدمه.
وأوضح أن زميله وصديقه والذى يقضى طوال اليوم معه توفى مؤخرا بسبب جرعة مخدر زائدة، ويتمنى فى أن يتعافى نهائيا من الإدمان ويصبح إنسانا ذو قيمة فى المجتمع.
أما «عبد الناصر.ا.ع» 56 سائق ومهنته الأساسية حداد مسلح، فأكد أنه يتعاطى للمخدرات منذ عام 1986حيث أخذ أول حقنة ماكس وهو فى السجن، وبعد خروجه اعتاد على الحقن المخدرة حتى أصبح مدمنا للمخدرات وحقن الماكس حتى الآن.
وأشار إلى أنه متزوج ولديه ولدان وبنت ويتمتعون بسمعة طيبة بين الجيران، وجميع أفراد عائلته يعرفون بأنه مدمن مخدرات ويتعاطى حقن الماكس، مشيرا إلى أنه يعمل سايس فى جراج بكفر الزيات وما يقوم بتحصيله من مبالغ يشترى منه تذاكر البودرة ينفق منه على أسرته.
وأكد أنه يحلم بأن يتعافى من هذه الكارثة الحقيقية ويصبح إنسانا طبيعيا بعيدا عن طريق الموت البطئ وهو إدمان المخدرات.
من جانبه، أكد الدكتور عبد القادر كيلانى، وكيل وزارة الصحة بمحافظة الغربية، أن المحافظة لا يوجد بها أى مستشفيات لعلاج حالات الإدمان، مشيرا إلى أن المركز الوحيد الموجود بالمحافظة هو مركز علاج الإدمان بقرية شبرا قاص ولا يتبع مديرية الصحة بالغربية، ولكن يتبع أمانة الصحة النفسية بوزارة الصحة.
وأوضح أن مراكز علاج الإدمان تتواجد بالقاهرة وليس لدينا بالمحافظة أى مصحة أو مستشفى تختص فى علاج المدمنين.