سر «مضبطة الطب الشرعي» في «تشريح الجثث»
الثلاثاء، 20 أغسطس 2019 04:00 ص
من الناحية العملية ينبغى أن يتولى مسؤولية الحالات الصعبة أو الحساسة «المشرح» - الشخص الذى يؤدى مهمة تشريح الجثة وإعداد التقرير الكتابى - موضوعى، متمرس، جيد العدة والتدريب، لا ينتمى لأى جهة أخرى سوى المنوط بها، كى يحظى على ثقة أصحاب الشأن أو المعنيين بالتحقيق فى الأمر.
في التقرير التالى نلقى الضوء من خلال علوم مسرح الجريمة على أهمية المضبطة المتعلقة بتشريح الجثث ودورها فى البت فيها لمنع عملية التلميح والظن الذى قد يأتي نتيجة عدم تقديم ردود على الاستفسارات المطروحة في معرض التحقيق في وفاة يحوم حولها الشك، أو تقديم ردود جزئية أو واهية، ومن هى الجهات والأفراد المستفيدة من تلك المضبطة - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.
طريقة كتابة المضبطة
ينبغى للمشرح، عند إجرائه أى تحقيق شرعى فى حادث وفاة، أن يجمع المعلومات التى تثبت هوية المتوفى ومكان وفاته وزمانها وسببها وكيفية أو طريقة حدوثها - هل كانت قتلا أم انتحار أم إثر حادث أم وفاة طبيعية - ولا بد من أن يكون التشريح الذى يعقب وفاة مشبوهة، تشريحا كامل النطاق، كما ينبغى أن تكون عملية توثيق نتائج التشريح وتسجيلها كاملة هى الأخرى ليتسنى الاستفادة بهذه النتائج، وينبغى الحيلولة، ما أمكن، دون إسقاط أية تفاصيل أو وجود تفاوتات، إذ قد يستغل أصحاب التفسيرات المختلفة للقضية أى قصور يلاحظونه فى التحقيق.
اختلاف الأعراف فى مسألة تشريح الجثث
كما أنه لابد أن تستوفى عملية تشريح الجثة عقب وفاة مشبوهة بعض المعايير، إذا ما أريد أن يقدم تقرير مفيد ومقنع عن التشريح من قبل المشرح أو الهيئة أو الجهة الحكومية القائمة على عملية التشريح أو أى شخص آخر يحاول الاستفادة من النتائج أو الاستنتاجات التى انتهى إليها التشريح، وقد وضعت هذه المضبطة النموذجية لتستخدم فى حالات شتى.
يضاف إلى ذلك أن الأعراف الاجتماعية والدينية تختلف اختلافا كبيرا فى جميع أنحاء العالم، فتشريح الجثث إجراء متوقع وروتينى فى بعض المناطق فى حين أنه ممقوت فى مناطق أخرى، وبالتالى، قد لا يتسنى للمشرح دائما أن ينفذ جميع الخطوات الواردة فى هذه المضبطة أثناء قيامه بعملية تشريح الجثة.
وضع الجثة تحت تصرف المشرح لمدة لا تقل عن 12 ساعة
ومن الأهمية بمكان وضع الجثة تحت تصرف المشرح لمدة لا تقل عن 12 ساعة لضمان إجرائه فحصا وافيا ومترويا، إذ تفرض على المشرح أحيانا قيود أو شروط غير واقعية من حيث المهلة المسموح بها للفحص أو الظروف المسموح فيها إجراء هذا الفحص، وإذا فرضت شروط، ينبغى أن يكون باستطاعة المشرح أن يرفض إجراء فحص عرضة للشبهة، وينبغى له أن يعد تقريرا يشرح فيه هذا الموقف.
وينبغى ألا يفسر هذا الرفض على أنه دليل على أن الفحص كان غير ضرورى أو غير مناسب، أما إذا قرر المشرح أن يمضى قدما فى الفحص، على الرغم من صعوبة الشروط أو الظروف، ينبغى للشخص المشرح عندئذ أن يورد فى تقرير التشريح شرحا لهذه القيود أو العقبات، وقد تم التأكيد فى هذه المضبطة النموذجية على بعض الخطوات بوضع خط تحتها وهى تمثل أكثر عناصر المضبطة ضرورة.
المستفيدون من مضبطة التشريح
1- باستطاعة الطبيب الشرعى المتمرس الأخصائى فى علم الأمراض وبخاصة الفحوص بعد الوفاة أن يعمل وفقا لهذه المضبطة النموذجية لتشريح الجثث لضمان الفحص المنهجى وتيسير النقد المفيد، الإيجابى منه والسلبى، من قبل المراقبين فى وقت لاحق.
2- يستطيع الطبيب العام الأخصائى فى علم الأمراض «وبخاصة من يجرى الفحوص بعد الوفاة» وغيره من الأطباء الباطنيين الذين لم يتدربوا فى مجال الطب الشرعى ولكنهم ملمون بالتقنيات الأساسية للفحص اللاحق للوفاة أن يستكملوا إجراءاتهم المعتادة فى تشريح الجثث بهذه المضبطة النموذجية، ويمكن لهذه المضبطة أن تنبههم أيضا إلى حالات ينبغى لهم فيها أن يلتمسوا الاستشارة، إذ أن المواد المكتوبة لا يمكن أن يستعاض عنها بالمعرفة المكتسبة من خلال الخبرة.
3- باستطاعة الخبراء الاستشاريين المستقلين، عندما يستعان بخبرتهم الفنية فى مراقبة عملية تشريح أو القيام بها أو مراجعتها، أن يستشهدوا بهذه المضبطة النموذجية ومعاييرها الدنيا المقترحة، كأساس لإجراءاتهم أو آرائهم.
4- يمكن أن تستعمل هذه المضبطة من قبل السلطات الحكومية، والمنظمات السياسية الدولية، وأجهزة إنفاذ القوانين، وأسر المتوفين وأصدقائهم، وممثلى المدعى عليهم المتهمين بمسئوليتهم عن حادث وفاة، وذلك لإقرار الإجراءات المناسبة للفحص اللاحق للوفاة قبل القيام به.
5- وباستطاعة المؤرخين، والصحافيين، والمحامين، والقضاة، وسائر الأطباء، والنواب عن الجمهور أن يستخدموا هذه المضبطة النموذجية أيضا كمقياس لتقييم علميات التشريح ونتائجها.
6-وباستطاعة الحكومات أو الأفراد استخدام هذه المضبطة النموذجية عند محاولة إنشاء نظام طبى شرعى للتحقيق فى الوفيات أو تحسين النظام القائم، وذلك كدليل مرشد بشأن الإجراءات والأهداف التى يجب أن يتضمنها النظام المثالى للطب الشرعي.