الموت الصامت.. من المسئول عن غرق أطفالنا داخل حمامات السباحة؟
السبت، 17 أغسطس 2019 02:00 مأحمد سامي
يدفع الأطفال حياتهم ثمنًا للإهمال داخل حمامات السباحة غير المرخصة، نتيجة افتقادها لمعايير السلامة والأمان والاعتماد على مجموعة من الهواة عديمى الخبرة فى إنقاذ الأرواح داخل هذه المنشآت، بضع ثوانى تفصل بين الحياة الموت، وتجعل من روح بريئة جثة هامدة بسبب أشخاص دفعهم الجشع وحب الأموال، إلى إنشاء حمامات سباحة غير صالحة للاستخدام الآدمى، وفضلوا شهوة المال الحرام على حساب أرواح الأطفال.
توالت الحوادث داخل حمامات السباحة دون وجود رقيب، حتى أصبحنا نستيقظ كل يوم على خبر غرق طفل داخل حمام السباحة، وكان آخر هؤلاء الضحايا «حازم»، البالغ من العمر 12 سنة، الذى مات صعقًا بالكهرباء، فى حمام سباحة شعبى بمنطقة المرج، نتيجة وجود سلك مكشوف فى ثلاجة كانت موجودة بجوار حمام السباحة، وأثناء خروج الطفل من المياه انزلق على الأرض، وأمسك به السلك، ورغم صيحات وصرخات الطفل لم يجد من ينقذه، ليأتى صاحب حمام السباحة، ويقوم بحمله ووضعه فى «توك توك»، ويطلب من الأطفال التوجه به إلى المستشفى لتكون نهايته الموت.
لم يكن موت الطفل حازم هى الواقعة الأولى للإهمال داخل حمامات السباحة، فقد لقى الطفل «محمد. أ» مصرعه نتيجة اصطدامه بأحد الحواجز داخل حمام سباحة بمدينة السلام، ما أصابه بشرخ فى الجمجمة، ونزيف تام أدى إلى وفاته على الفور، دون رقابة من المسئولين أو دون تدخل أحد لإنقاذه، ليلقى حتفه نتيجة لإهمال من باعوا ضميرهم من أجل المال وتاجروا بأرواح الأطفال.
ولم تتوقف حوادث ووفيات حمامات السباحة غير المرخصة، فقد توفت «سندس إسامة»، البالغة من العمر 11 عامًا، فى شهر يوليو الماضى، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة داخل حمام سباحة، غير مرخص بمحافظة الفيوم، عندما كانت تمارس هوايتها فى التدريب على السباحة، بقاعة أفراح مزودة بحمام سباحة غير مرخص، وعقب انتهاء التدريبات سقطت فى القاع، وجرى انتشالها ونقلها إلى مستشفى إطسا المركزى، لكنها كانت قد فارقت الحياة، وتم القبض على صاحب قاعة الأفراح، والمشرفين على التدريب بحمام السباحة.
ياسر عبد الوهاب، عضو مجلس النواب وأمين سر لجنة الشباب والرياضة، أكد أن حمامات السباحة، تحصل على موافقة إنشاء من قبل مديريات الشباب والرياضة، وتراخيص مزاولة المهنة من فروع نقابة المهن الرياضية، ويشترط المرور بلجان تفتيش كل فترة للتأكد من مطابقة المواصفات وعضوية المدربين بالاتحاد، حفاظًا على سلامة المتدربين، لافتًا إلى أن لحمامات السباحة معايير واشتراطات للأمان والسلامة، وهى ألا تقل مساحة المسبح الخاص عن (25) مترًا مربعًا، ولا يجب أن تقل مساحة المسبح المخصص للاستخدام العام والتجارى عن (80) مترًا مربعًا، وأنه يجب تصميم وتنفيذ المسابح بحيث تكون غير منفذة للمياه، كما يجب توفير درجات وسلالم إذا زاد العمق على (60) سم، وتوفير سلم واحد على الأقل لكل (30) مترًا طوليًا من محيط الحوض.
وأضاف عبد الوهاب، أنه يجب أن تكون سلالم الحوض مقاومة للتآكل ومزودة بمواطئ أقدام مقاومة للانزلاق، مع الالتزام بالمواصفات العالمية للتمديدات والتركيبات الكهربائية الخاصة بالمسابح، وتوفير عدد كافٍ من معدات السلامة للأشخاص الذين يستعملون حوض السباحة وبمعدات الإنعاش التى تستخدم الهواء العادى، مع ضرورة وجود أدوية ومعدات إسعاف أولى بالقرب من حوض السباحة.
وأوضح، أن الوحدات المحلية بالمحافظات هى المنوط بها اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لغلق أى حمامات سباحة غير مرخصة، وغير مطابقة لشروط الأمان والسلامة المهنية، حفاظًا على حياة المواطنين، مضيفًا أن هناك حملات تقوم بها المحليات بالتنسيق مع مديرية الشئون الصحية على حمامات السباحة المختلفة، والتأكد من سلامة المياه الموجودة بها من خلال عينات يتم تحليلها بالمعامل المركزية لمعرفة مدى صلاحيتها، لضمان عدم وقوع أى ضرر على المواطنين.
فيما أكد فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن القائمين على حمامات السباحة «غير المرخصة»، هم السبب الرئيسى فى إزهاق الأرواح، لأنها مخالفة للاشتراطات القياسية، وتتسبب فى حالات غرق متعددة، والبعض أنشأ حمامات السباحة لجنى الأموال دون رقيب أو حسيب، مضيفًا أنه يجب على الدولة سرعة التدخل والتفتيش والرقابة على الأندية ومراكز الشباب للحد من هذه الظاهرة.
وأضاف بركات، أنه تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، حول ضرورة الاهتمام بحمامات السباحة بمراكز الشباب والأندية فى المحافظات، للتصدى لظاهرة السباحة فى الترع، بالإضافة إلى وضع حد لحمامات السباحة غير المرخصة التى تتسبب فى إزهاق الأرواح.