مر نحو 6 أعوام على ذكرى فض دنس الجماعة الإرهابية عن أرض ميدان رابعة العدوية، والنهضة بالجيزة، تغيرت خلال تلك الفترة الأوضاع المصرية على كافة الأصعدة، ونجحت الدولة ومؤسساتها في الخروج من دائرة الاستقطاب، ومحاولات الابتزاز، والاختطاف التي مارستها الجماعة عليها، وعلى الشعب المصري ككل، إضافة إلى العديد من النجاحات في مواجهة العمليات الإرهابية.
لكن على الرغم من ذلك لازالت آثار ذلك المستنقع الذى احتل واحدة من أبرز مناطق القاهرة طوال 45 يوما قائمة حتى الآن، سواء فى ممارسات الإخوان وحلفائهم وخطابهم العدائى، أو الجماعات والعناصر الإرهابية الخارجة من عباءتهم، أو مفارز الاعتصام التى ألقت الضوء على وجوه سوداء، كانت تحاول ادعاء البراءة، بالتأكيد لم يتحولوا إلى مجرمين فى ربوع رابعة، لكن الميدان وما شهده من أحداث وتفاصيل كان بطلا فى واقعة كشف إجرامهم.
الجيد في الأمر، أن «بلاعة رابعة» نضحت بما فيها م حشرات طالما تخفت وراء ستار الدين، والدعوة إلى الله، لتكشف حقيقة وخبث من يرتدون قناع التدين، صدر بحق نحو 424 منهم أحكاما قضائية ثابتة تؤكد جرمهم في حق الشعب والدولة، بل في حق الدين الإسلامي أيضا، تُضاف إليهم مئات من العناصر المتطرفة التى خرجت من دوائر الاعتصام إلى حيز الحرب على الدولة، لتشكل عددا من التنظيمات والحركات المسلحة، أبرزها «حسم» و«لواء الثورة»، بدأت أنشطتها التخريبية من تفجير أبراج الكهرباء واستهداف الضباط وأفراد الأمن ومنشآت الدولة فى 2013، ووصلت مؤخرا إلى إراقة دماء الأبرياء فى محيط معهد الأورام قبل أيام من عيد الأضحى.
وبين واقعة تطهير رابعة العدوية من جراثيم الإخوان ومجرميهم، وحلول الذكرى السادسة لانتصار الدولة وإعلان هيبتها وإحباط مخططات جماعة الشر، تُسجّل القضايا وأروقة المحاكم إدانة قاطعة لقادة الإخوان وحلفائهم، ومن ورائهم تمتد الإدانة إلى آلاف من تابعيهم، يتوزعون على مقرات الهروب فى بعض الدول الإقليمية، وعلى داعش والقاعدة، وعلى حركات الإرهاب التى شكلتها الجماعة وتديرها من الخارج.
صحيفة سوابق الإخوان تضم مئات القضايا الموثقة، من اعتداءات على أقسام شرطة وكنائس ومنشآت ومواطنين وضباط، وقبل حلول الذكرى السادسة لفض اعتصام رابعة الإرهابى بعدة شهور، فصلت الدائرة 28 إرهاب، فى 8 سبتمبر 2018، فى واحدة من تلك القضايا، وهى الدعوى المتهم فيها 739 متهما من عناصر الإخوان وحلفائهم، المعروفة بـ«فض اعتصام رابعة»، ينتظرون النقض على أحكام الإعدام والمؤبد والمشدد الصادرة بحق 315 متهما صدرت أحكامهم حضوريا، ويتبقى 424 متهما مطلوبين للعدالة فى ضوء محاكمتهم غيابيا.
فى تمام العاشرة و45 دقيقة من صباح الثامن من سبتمبر 2018، سطرت الدائرة 28 إرهاب، برئاسة المستشار حسن فريد، حكمها التاريخى بحق مجرمى جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائهم من الجماعة الإسلامية وعدد من التيارات، والقاضى بالإعدام شنقا للمتهمين محمد البلتاجى وصفوت حجازى و73 إرهابيا آخرين. وعاقبت المحكمة مرشد الإخوان محمد بديع، وعصام سلطان القيادى بحزب الوسط الخارج من عباءة الجماعة، وباسم عودة و43 آخرين بالسجن المؤبد، والسجن المشدد 15 سنة لـ374 متهما، والسجن 10 سنوات «مشدد» للمتهم أسامة نجل المعزول محمد مرسى، و10 سنوات لـ22 حدثا، و5 سنوات لـ215 متهما بينهم المصور الصحفى محمود شوكان، وانقضاء الدعوى ضد 5 متهمين للوفاة. كما قضت بعزل المتهمين المحكوم عليهم فى قضية فض اعتصام رابعة من وظائفهم الأميرية، ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات، فيما عدا 22 متهما «حدثا»، مع حرمانهم من إدارة أموالهم. حُوكم المتهمون فى القضية وعددهم 739 من جماعة الإخوان الإرهابية وبعض المتحالفين معها، وخلال جلسة النطق بالحكم أكدت المحكمة أن المتهمين المحاكمين حضوريا عددهم 315، ويتبقى 424 متهما حُوكموا غيابيا بعد هروبهم من البلاد، وصدرت بحقهم أحكام غيابية بين الإعدام والسجن المشدد، أبرزهم طارق الزمر وعاصم عبد الماجد ومحمد الفرماوى المحكومين بالإعدام.
جرت وقائع المحاكمة على مدار 68 جلسة، شهدت عرض الاتهامات وما تضمنته الأوراق والتحقيقات من أدلة وقرائن تُدين المتهمين والجماعة الإرهابية وحلفائها، وبدأت المحكمة نظر القضية فى 12 ديسمبر 2015، وكانت جلسة النطق بالحكم فى 8 سبتمبر 2018، وقد شهدت الجلسات عديدا من الأحداث المهمة، منها: تأجيل أولى الجلسات «إدارى» لعدم الانتهاء من توسعة القفص الزجاجى، وحبس محمد البلتاجى سنة بتاريخ 17 إبريل 2018 بتهمة إهانة المحكمة وتعطيله سير الدعوى، وسماع أقوال اللواء أسامة الصغير، وفض الأحراز، وعرض فيديوهات لعمليات الفض وإدانة المتهمين بالجرائم المنسوبة إليهم.
شهدت القضية صدور أحكام بالإعدام ضد عدد كبير من الإرهابيين، وشملت القائمة: عصام العريان، عبد الرحمن البر، عاصم عبدالماجد، محمد البلتاجى، صفوت حجازى، أسامة ياسين، طارق الزمر، وجدى غنيم، أحمد عارف، عمرو زكى، سلامة طايل، إيهاب وجدى، هادى على، محمد مصطفى كامل، أحمد أبوالعز، منصور على، حمودة عبد الهادى، سعد فؤاد، غريب مسعود، عاصم محمد، محمد إبراهيم، أيمن سامى، أنس عامر، علاء عبد الهادى، عمر مصطفى، محمود سلامة، عمار مصطفى، محمد ربيع، أيمن محمد، عمر محمد، شفيق سعد، إبراهيم فرج، إسلام عامر، عبد الرحمن محمد، إبراهيم فوزى، السعيد السيد.
وضمت قائمة المحكومين بالإعدام أيضا: محمد حامد، حسام الدين عبد الله، أحمد محمد إلهامى، يحيى فوزى، إبراهيم بهجت، إسلام أحمد، خالد محمود، محمد سيد نجم، ماجد عبده، حذيفة علوان، أحمد رفعت، محمد صبحى، عمرو على، أبو القاسم أحمد، محمد فوزى، محمد إبراهيم، عمرو جمال، نبوى نبوى، مبروك سيد، محمد حسن، عماد مهدى، حمادة مصطفى، محمد شعراوى، أسامة أحمد، محمد على بسيونى، أحمد عاطف، عبد الله أحمد، محمد عبد المعبود، مصطفى أحمد، محمد السيد، أحمد رمضان، محمد عبدالحى الفرماوى، مصطفى عبدالحى الفرماوى، أحمد فاروق، هيثم سيد العربى، محمد محمود زناتى، عبد العظيم إبراهيم، إسماعيل محمد ياسين إمام.
بعد أيام من صدور الحكم، أودعت المحكمة حيثيات حكمها، مسجلة إدانة موثقة لجماعة الإرهاب وحلفائها، ومشددة على أن «الـدولة المـصرية ستبقى خـالـدة رغــم المـؤامـرات، وســيواصـل شعبها التحدى والصمود والصبر على الابتلاء وتحمل الأزمات، وحائط صد لكل فكر إرهابى مدمر، قصد من ذلك زعزعة أمن واستقرار البلاد».
وأضافت الحيثيات: «مصر لن تركع إلا لله، فهى ذات ثوابت لا يعرفها إلا من قرأ تاريخها، فلها أرض فريدة وجيش جسور من أبناء هذا الشعب ليسوا من المرتزقة، يدافعون عن الوطن، ولها شرطه قوية تحمى الشعب وتدافع عنه فى الداخل، والجيش والشرطة من نسيج هذا الشعب ومن أبناء الوطن ويشربون من نيله. ويُخطئ من لا يرى أن مصر تقود حربا على ما يمكن أن يُوصف بأنه إرهاب دولى مُنظّم، تدعمه دول أو جهات بعينها بقصد إضعاف البلد».
واستطردت المحكمة فى حيثياتها: «الثورة زلزلت عرش حكم الإخوان، فحاولوا الانتقام من الشعب لقيامة بثورة 30 يونيو 2013، التى قضت على آمالهم ونزعت فرحتهم، فخرجوا للتصدى للحراك الوطنى بمخططاتهم الإرهابية التى لم تتوقف، فخرجوا على الشعب بوجههم القبيح، يملأ الغيظ ومرارة الهزيمة صدورهم، ويشهد حالهم بأنهم ما خرجوا إلا ليثأروا»، وفيما يخص الحكم قالت: «انتهت المحكمة إلى إدانة المتهمين بارتكاب الأفعال والجرائم الواردة بأمر الإحالة، وهى من الأفعال المضرة بأمن البلاد، التى تعرض سلامة المجتمع للخطر، فكان على المحكمة لزامًا أن تقضى بحرمان المحكوم عليهم من إدارة أموالهم وأملاكهم والتصرف فيها، وعزلهم من وظائفهم الأميرية، عدا المحكوم عليهم الحدث».
وكانت النيابة قد أسندت للمتهمين اتهامات عديدة، منها: تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية «ميدان هشام بركات حاليا»، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس فى التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع فى القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.