أولياء الله «الغلابة»: مجهولون في الأرض.. معروفون في السماء (صور)
الإثنين، 29 يوليو 2019 05:00 مإيمان محجوب
«إن الله أخفى أولياءه في عباده.. فلا تحتقرن أحدا من عباده، فقد يكون وليا من أوليائه»، فالكثير منهم مجهولين في الأرض معروفين في السماء، ومن هؤلاء الأولياء الصالحين الذين يكسبون رزقهم بعد كد وعناء طوال اليوم، هم أولياء للغلابة يعتبرهم الكثير منهم رمز للكفاح والعمل وعدم الاستسلام لليأس، فكل ما يملكونه عربة صغيرة يمشون بها في شوارع المحروسة يبيعون عليها بعض الفاكهة أو الذرة المشوي أو البطاطا أو الترمس.
على ناصية شارع الثورة بالمهندسين، يقف الشاب «محمد»، الذي قدم من محافظة بني سويف، منذ أسابيع كل يوم التاسعة صباحا وحتى منتصف الليل ليبيع «التين الشوكي» على عربته الصغيرة. يستقبل «محمد» زبائنه بابتسامة عريضة تنم عن الرضى والتفاؤل، يعيش ببساطة كملابسه التي تتكون من جلباب بسيط، وكل أدواته سكين صغيرة لتنظيف التين الشوكي ليكون جاهز لتناوله.
يقول «محمد»، إن موسم «التين الشوكي» يبدأ من أول شهر يوليو وحتى منتصف أغسطس وبعد ذلك يقوم ببيع «الموز»، ويشير إلى أنه يستيقظ من أذان الفجر ويذهب إلى منطقة تحت الكوبري في الدقي القديم يوزع فيها تاجر جملة يدعى «محمد مصطفى» ثمار التين الشوكي على عربات التين، وبعدها ننطلق في الشوارع لبيع الفاكهة للمارين ولأهالي المنطقة.
وعن حصوله على ربح يكفيه من عربة التين، يقول: «على حسب الزبون في بعض الزبائن بتشتري بالسعر اللي بقوله من غير مناهدة وفصال، وفي آخرين بيجوا يتشطروا على الغلابة»، مشيرا إلى أن العربة تكلفه نحو 2000 جنيه، وتصنع عند أي نجار بعد ذلك يشتري لها عجلتين بحوالي 1000 جنيه.
وفي شارع نادي الصيد يقف بائع للذرة المشوي يدعى «عبده» من محافظة أسيوط وأمامه شواية مصنوعة من الصاج وضع بداخلها كمية من الفحم المشتعل، وبيده مروحة من الريش لونه أصبح رمادي من تراب الفحم المتطاير عليها عينيه دائما تتحرك باتجاه السيارات المارة التي ربما تطلب منه الذرة المشوي.
وراح «عبده» يرص فوق الفحم الحمام المشوي «بتاع الغلابة» كما يسميها، قبل أن يقول إنه لم يكمل تعليمه ولم يجد مصدر رزق في محافظته فجاء إلى القاهرة وعمل مع ابن عمه على عربة «ذرة مشوي»، ثم قام بعمل عربة خاصة به ليعمل عليها.
ويشير، أنه يقوم بشراء الذرة من المزارع المنتشرة في المناطق الزراعية التي تقع حول القاهرة والجيزة مثل العياط وإمبابة وغيرها، ويشتري الذرة بالعدد وفيه يباع الـ 6 كيزان ذرة بتكلفة 4 جنيه أي أن كوز الذرة يقف عليه بحوالي 75 قرشا بسعر الجملة من مكان شرائه وبعد تحميل ثمن نقله وثمن الفحم، وتكلفة أدوات الشي وعملية الشي ذاتها بالإضافة إلى ربحه ثم يقوم ببيعه من 2: 3 جنيها.
أما «عبدالله»، بائع السميط والجبنة شاب لم يرمي فشله على الظروف واختار الشقاء من أجل الحصول على رزقه، فطريق الرزق ليس مملوء بالمتع كما يتمنى البعض، بل قد يكلف الكثيرين رحلات طويلة تبدأ منذ الصباح بدوائر السميط المرصوصة بعناية في العيدان مع وجود البيض والجبنة في أكياس أخرى داخل السلة، وينتهي يومه بقليل من الجنيهات تعرف بالرزق الحلال.
«عبد الله» يقول، إنه يمشي حاملا السميط في شوارع وسط البلد منذ سنوات، وعادة ما يكون زبائنه بعض أصحاب المحلات وبعض رواد المقاهي وقليل من المارين، ويشير إلى أنه يذهب إلى الفرن في الفجر ليشتري أقراص السميط وبعد ذلك يرصه بطريقة منتظمة داخل سلته ويضع في المنتصف داخل علب البيض والجبن والدقة.
وعن أرباحه من بيع السميط يقول: «المهم الرزق الحلال وتوفير قوت اليوم.. ليس هناك أرباحا بمعنى الكلمة ولكن كل ما يتمناه الستر وخلاص».