أملا في تحقيق وهم الخلافة.. أردوغان يحاول السيطرة على دولة جزر القمر
الأحد، 28 يوليو 2019 06:00 ص
يسعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اختراق الدول العربية والأفريقية، وهو ما فعله مع جزر القمر مستخدما وكالته المشبوهة «تيكا» للتستر خلفها تحت ستار العمل الخيري والدعوى، في الوقت الذي يقوم فيه بتجنيد العملاء والجواسيسي بهدف نشر الفوضى، وتمهيد أرض محروقة لسيطرة العثمانيين الجدد.
فمن العراق وسورية شمالًا إلى الصومال وجزر القمر في أقصى الجنوب، يحاول رجب أردوغان أن يخلق لنفسه نفوذًا في الدول العربية في خطة يسعى من خلالها ديكتاتور أنقرة إلى تحقيق وهم «الخلافة الإسلامية».
حكومة أردوغان تعمل وفق خطة محكمة للتدخل في الدول العربية والإسلامية على أمل استعادة وهم الدولة العثمانية البائدة، وتحاول أجهزة الحكومة تنفيذ هذه الخطة بشتى الطرق، مرة بحجج وأكاذيب مختلفة منها المساعدات الإنسانية، والروابط الإسلامية، وغيرها؛ وفي حال رفضت إحدى الدول الدوران في فلك «السلطان الواهم»، يرد نظام «العدالة والتنمية» بتمويل الميليشيات الإرهابية لتخريب الدول الرافضة، وهو ما يحدث في سورية وليبيا التي تنتشر فيها الميليشيات المدعومة من أنقرة.
أردوغان وضع جزر القمر، الدولة العربية الأفريقية القابعة في حضن المحيط الهندي هدفًا له؛ كما فعل مع شقيقتها الصومال التي أقام فيها قاعدة عسكرية، ونشر شركات حكومته فيها لإدارة الموانئ البحرية والمطارات، وتمكن من إخضاع أغلب أجهزتها الحكومية لسيطرته.
جزر القمر التي يبلغ عدد سكانها نحو 800 ألف شخص، ومعروفة بأنها واحدة من أصغر الدول الأفريقية مساحة، مثلت أهمية في القاموس السياسي لحكومة أردوغان، لعدة أسباب، منها عضويتها في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، فضلًا عن عضوية منظمة التعاون الإسلامي التي تتواجد فيها تركيا وتحاول من خلالها تزعم العالم الإسلامي، وبالتالي فإن السيطرة على القرار السياسي يحقق مكاسب لحكومة أردوغان، خلال التصويت في المحافل الدولية.
علاقة أنقرة بجزر القمر تشير إليها وزارة الخارجية التركية، بالقول إنها اعترفت بالدولة الأفريقية العربية بعد استقلالها وأقامت علاقات دبلوماسية معها بداية منذ عام 1979؛ غير أنه لا يوجد حتى الآن سفارات متبادلة بين البلدين، ويقتصر الأمر على قنصليات فخرية في كل من إسطنبول وموروني.
المهام الدبلوماسية لتركيا يتم تسييرها من مقر السفارة في مدينة أنتاناناريفو عاصمة مقديشو، الدولة الجارة لجزر القمر، وبدأت عمالها في 21 أبريل 2010. حكومة أردوغان، وعبر الموقع الرسمي للخارجية التركية، تفصح عن أهمية جزر القمر لأنقرة، فتقول: «إنها عضو في منظمة التعاون الإسلامي، ولذا حافظنا على علاقات وثيقة معها في العديد من المناسبات، كما أن العلاقات الودية القائمة بين البلدين أظهرت نفسها في مختلف المنظمات الدولية».
بعد تصريحات إردوغان بنحو عام فقط، افتتحت الحكومة التركية مكتب «تيكا» رسميًا في العاصمة القمرية «موروني» في أبريل 2017، لتمارس الوكالة أعمالًا مختلفة في مجالات عدة، وحرصت الخارجية التركية للترويج لجميع المشروعات التي تقوم بها الوكالة. بعد إنشاء المكتب بأشهر قليلة، قامت تيكا في أغسطس 2017 بتنظيم رحلة لعدد من رجال الإطفاء في جزر القمر إلى تركيا، وقالت إنها نقلتهم من أجل تلقى «دورة تدريب بالتعاون مع قسم الإطفاء ببلدية قوجه إيلي واتحاد بلديات تركيا».
«بورا أوجي» منسق «تيكا» في جزر القمر، قال إن الدورة التي شملت جانبين نظري وتطبيقي تأتي «في إطار برنامج تبادل التدريب والخبرة بين تركيا وجزر القمر»، وتتضمن الدروس النظرية معلومات عن الحرائق والمخاطر في مكان الحادث ومعلومات عن المواد الخطرة وعمليات البحث والإنقاذ والتدخل في حوادث السير، فضلا عن عمليات البحث تحت الأنقاض ومكافحة السيول والفيضانات والحرائق الناجمة عن الماس الكهربائي.
واستمرت أعمال «تيكا» في جزر القمر، مروجة لمزاعم بأن أردوغان وحكومته يقدمون المساعدات بدون مقابل، وخدمة للسكان المسلمين، بينما كانت المصالح السياسية والاقتصادية حاضرة بقوة، يحاول المسئولون الأتراك انتزاعها على طاولات الاجتماعات الرسمية مع نظرائهم في الدولة العربية.
في أبريل الماضي، وبعد إعصار كينيث الذي ضرب موزمبيق وامتد إلى جزر القمر البلاد وأودى بحياة عشرات الأشخاص لحق أضرارا جسيمة في المنازل والمحال التجارية بالعاصمة «موروني»، استغلت «تيكا» الحدث جيدًا، وحاولت تقديم نفسها بصورة «إنسانية» فقالت إنها قدمت نحو 35 طن أرز لـ 1500 أسرة.
بنهاية يونيو الماضي، حاولت «تيكا» التدخل في مجال الزراعي القمري، فوزعت معدات زراعية وبذور تم تسليمها في العاصمة موروني إلى فروع اتحاد جزر القمر للتعاونيات الزراعية في جزر نجيدجا وموهيلي وأنجوان.
بنهاية يونيو الماضي، حاولت «تيكا» التدخل في مجال الزراعي القمري، فوزعت معدات زراعية وبذور تم تسليمها في العاصمة موروني إلى فروع اتحاد جزر القمر للتعاونيات الزراعية في جزر نجيدجا وموهيلي وأنجوان. وحاول الأتراك التواجد على خريطة المشروعات الزراعية في جزر القمر، وهو المجال الذي تعتمد عليه البلاد اقتصاديًا في المقام الأول، إذ تبلغ حصة الدخل الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 44% ويعمل 53.3% من السكان في هذا المجال.
فضلًا عن الأعمال التي تحاول بها اختراق جزر القمر عبر التواجد في المشروعات التركية المختلفة في هذا البلد، فإن حكومة إردوغان سعت لاستقطاب الطلاب المتفوقين من الدولة العربية وقدمت لهم منح للدراسة بالجامعات التركية ليصل عشرات الطلاب إلى تركيا من أجل نيل درجات علمية في مرحلة التعليم العالي والدراسات العليا.