نهاية سنوات السبوبة.. لماذا يشن «أردوغان» حملة قمع ضد اللاجئين السوريين؟
الأربعاء، 24 يوليو 2019 02:00 صمحمود علي
يعيش اللاجئون السوريون في تركيا فترة صعبة، لما يمروا به من أزمات كان على رأسها شن السلطات التركية أكبر حملة قمع قاسية في البلاد ضد المهاجرين، أدت إلى المطالبة بترحيل المئات من السوريين فى الأسابيع الأخيرة.
ووفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، فأن حملة السلطات التركية ضد اللاجئيين، تركزت فى إسطنبول، أكبر المدن التركية، والوجهة الرئيسية لهم، وهو ما أسفر عنه إعادة عدد كبير من اللاجئين إلى مناطق فى شمال سوريا، والتى تغرق فى حالة من عدم الاستقرار والعنف، بما فيها محافظة إدلب.
وتمثل عمليات الترحيل الكبيرة للاجئيين التي شهدتها اسطنبول، وفقًا لـ «واشنطن بوست»، تحولا كبيرًا فى تركيا فبعد أن ظلت حكومة رجب طيب أردوغان توظف ملف اللجوء لصالحها في فترة كبيرة خاصة في علاقتها مع أوروبا وأمريكا، انقلبت أنقرة الآن على اللاجئيين بشن حملات قمعية ضدهم، متحركة في أكثر من تجاه لوقف تدفق المهاجرين من خلال تشديد الأمن على طوال الحدود وفرض قيود متزايدة على حركة السوريين فى تركيا.
وتقول دراسات بحثية أن الفترة التي كان يشعر فيها السوريون بالأمان في تركيا انقضت، لاسيما بعد تغير اللهجة الرسمية التركية تجاه اللاجئيين بصفة عامة، لتبقى جمل «حمل حقيبة السفر» و«ما يحمله الغد» عالقة في أذهان السوريين المقيمين بالمدن التركية، وهو ما ناقشته ورقة بحثية أصدرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مؤخرًا.
ووفقًا لمركز المستقبل فأن بعض التيارات وظفت ورقة اللاجئين للضغط على الخصوم السياسيين، الأمر الذي دفع حزب العدالة والتنمية الحاكم لتغيير خطابه السياسي تجاه اللاجئين السوريين، وظهر ذلك في تصريحات عدد من قيادات حزب أردوغان التي تشجع اللاجيئين السوريين على العودة إلى بلادهم في أقرب وقت.
التصريحات الرافضة لاستمرار بقاء السوريين في تركيا، أول من دعمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأحاديث عديدة أكد فيها أنه سيتخذ هو وحكومته خطوات جديدة تجاه السوريين في تركيا، تتضمن التشجيع على العودة إلى بلادهم وترحيل مرتكبي الجرائم ودفع اللاجئين تكاليف رعايتهم الصحية، ما أعطى تاكيدات بأن حملات الكراهية التي تصدرت خطابات الحزب الحاكم ما هى إلا توجيهات حكومية للممارسة ضغوط أكثر على اللاجئيين لحمل حقائبهم والعودة إلى بلادهم.
وتقول الورقة البحثية التي نشرها المركز قبل نحو أسبوع، أن هذه الحملات المناوئة للاجئين السوريين أرجِع بعض المحللين سببها إلى صعود التخوفات من تأثيرهم على الهوية التركية، ومنافستهم للأتراك في سوق العمل في ظل تدهور الوضع الاقتصادي لأنقرة، وانتشار الأخبار الكاذبة والشائعات عن وجود دعم حكومي كبير مقدم لهم، وصعود الصور النمطية السلبية عنهم من خلال الدراما التركية.
ورغم أن بعض منظمات المجتمع المدني تقوم بإطلاق حملات تدعم اندماج اللاجئين السوريين في المجتمع التركي، إلا أن اللافت للنظر وفقًا للمركز البحثي أن حملات الكراهية في تركيا ضد اللاجئيين جاءت بعد سنوات من توظيف النظام التركي لهم كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي، حيث تلقى النظام التركي مساعدات تقدر بـ6 مليارات دولار لدعم مشاريع يستفيد منها اللاجئون السوريون.
ونقل مركز المستقبل عن دراسة نشرتها جامعة «قادر هاس» في إسطنبول في بداية يوليو 2019، نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين في تركيا والتي قدرت بحوالي 67.7٪، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يعكس تزايد الحملات العنصرية ضدهم خلال الفترة الأخيرة، فضلًا عن انتشار الهاشتاجات المناهضة للاجئين السوريين في تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد المركز أن حوادث الاشتباكات بين السوريين والأتراك مثلت فرصة للعنصريين للضغط على السلطات الحكومية لترحيل اللاجئين من مناطقهم، وهو ما حدث في «غازي عنتاب» التي شهدت أواخر عام 2018 مشاجرة بين سوريين وأتراك تبعها تهشيم واجهات المحال للسوريين، ما أسفر عن هذه الواقعة عملية ترحيل جماعي لأكثر من 7 آلاف من اللاجئين السوريين من المدينة إلى مخيمات اللجوء القريبة من الحدود السورية.
فضلًا عن ذلك امتد تغيير اللهجة نحو السوريين إلى سياسات الحكومة أيضًا، حيث قامت الحكومة التركية باتخاذ عدد من الإجراءات التي وصفها بعض المحللين بالمتشددة تجاه اللاجئين السوريين، ومنها التشدد في منح تصاريح العمل، وشن حملات موسعة لإغلاق عددٍ كبير من المحال التجارية المملوكة للسوريين دون منحهم فرصة من الوقت لتقنين أوضاعهم، فضلًا عن ذلك منعت السلطات التركية اللاجئين السوريين من التنقل بين الولايات، وفرضت غرامات باهظة على المخالفين.