اغتيال الجمال الطبيعي.. حكاية أحواض شجر تحولت إلى كتل خرسانية بمحطات القطارات
الإثنين، 22 يوليو 2019 09:00 ص
مثلما كان السفر بالقطارات فى الماضى مُتعة لاتضاهيها مُتعة وخاصة فى المواعيد الليلية، والجلوس على استراحة المحطات تحت ضوء القمر المُختلِط بأضواء الكهرباء انتظاراً لوصول القطار، حيث كان ذلك مُتعة أكبر وأجمل، منذ 30 ــ 40 عاماً، نتيجة لانتشار الأشجار وقتها، على أرصفة المحطات، من خلال أحواض الأشجار والزهور والورود والرياحين، التى كان المسئولون عن المحطات، يقومون برعايتها والعناية بها، وتقليمها بطرق مختلفة، مُربّعة أومستطيلة أو دائرية أو مثلّثة، لتضفى مظاهر جمالية، تريح العين والنفس، لمن يمرّون أو يجلسون على استراحات الأرصفة، علاوة على تسوير المحطات نفسها، بالأشجار ونباتات الزينة من زهور ورياحين، والذى تم استبداله الآن، بكُتل خرسانية واسمنتية وأكشاك، متصلة ومتراصة بعشوائية، تزعج فى مظهرها العيون والأنفس، أكثر مما تُريح.
محطة مصر بالإسكندرية وقد اختفت أحواض التشجير
7 آلاف و50 حوضاً للأشجار
حسب تقارير وبيانات وإحصائيات، الهيئة العامة للسكك الحديدية، يبلغ إجمالى عدد المحطات 705 محطة، تنقسم إلى رئيسية وفرعية ومتوسطة، منها 22 محطة رئيسية، و 59 محطة مركزية، و60 محطة متوسطة، و564 محطة صغيرة، بينما يبلغ إجمالى أطوال شبكة الخطوط الحديدية 9 آلاف و 570 كيلومتراً، منها مسارات ذات خطوط رباعية تبلغ 20 كيلومتراً، وأخرى ذات خطوط مزدوجة، تبلغ 1466 كيلومتراً، ومسارات ذات خطوط مفردة، وتبلغ 3667 كيلومتراً، بالإضافة إلي سكك بالأحواش والورش و المخازن، وكل هذه المسافات طولاً وعرضاً، كانت تحيط بها الأشجار الكثيفة، علاوة على أن كل محطة قطار، كان ينتشر بها، من 8 إلى حوالى 20 حوضاً به أشجار، بما يتجاوز 7 آلاف و50 شجرة، على أقل تقدير، لم يتبق من هذه الأحواض والأشجار إلاّ القليل، نتيجة تجديد وتحديث ورفع كفاءة هذه المحطات، ثم إعادتها إلى وضعها الطبيعى بعد ذلك، ولكن بدون الأحواض والأشجار، ناهيك عن المحطات، التى خرجت من الخدمة، لتوقف خطوط القطارات العاملة عليها، وبالتالى تم تدمير الأحواض والأشجار التى كانت بها.
أحواض الأشجار تختفى من المحطات
التعديات على أراضى السكك الحديدية
ولم يتوقف الأمر، عند تجديد ورفع كفاءة المحطات فقط، بل كشف الدكتور عمرو شعت، مساعد وزير النقل السابق، فى تصريحات صحفية، أن 50% من حجم أراضى السكك الحديدية، الصالحة للاستثمار عليها تعديات، وأغلبها من جهات حكومية بالدولة، ولفت "شعت" وقتها إلى أن أراضى السكك الحديدية الصالحة للاستثمار، تبلغ مساحتها مليون متر مربع فقط، وليس كما يعتقد البعض، أنها تقدر بملايين الأمتار، وتابع: أن 5% فقط من هذه المساحة سالكة، وتعمل الوزارة على استثمارها، والباقى خاضع لتعديات من جهات متعددة، وليست تحت يد الوزارة.
وأضاف مساعد وزير النقل السابق، فى تصريحات له، أنه طلب من الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل، المسئولة عن استثمار أراضى السكك الحديدية، قائمة بحجم التعديات على أراضى الهيئة، وأبرز التعديات والحالات الصارخة من التعدى، واكتشفنا، أن هناك جهات حكومية، متعدية على أراضى السكك الحديدية، وأن هناك مراكز شباب وأندية وموانئ بحرية، مبنية على أراضى السكك الحديدية، متابعاً: "هل تتخيل أن ميناء غرب بورسعيد، مقام على أراضى السكك الحديدية، وهذا نموذج من أراضى السكة الحديد، التى يتهمنا الناس أننا لانستغلها".
وقال مساعد وزير النقل السابق: "أن المميز من الأراضى مستثمر، واللى مش مستثمر عليه تعديات، وفيه تعديات من الحكومة، وأنا طلبت قائمة بالمتعدين والحالات الصارخة، وأن القائمة حاجة تحزّن وتحسسك أن الناس كلها جاية على السكة الحديد، ولفت"شعت" إلى أن حجم أراضى السكة الحديد، يبلغ 190 مليون مترا مربعا، وأن هناك مليون متر مربع واحد منها يصلح للاستثمار".
وأوضح مساعد وزير النقل السابق أن 189 مليون متر مربع من أراضى السكة الحديد، تمثل مساحات المحطات والورش وشريط السكة الحديد ومسارات القطارات، مستطردا: "هل تتخيل الناس كلها بتتكلم عن أراضى السكة الحديد، وفيه ناس بتقول يبيعوا منها ويفكّوا نفسهم، بينما 189 مليون مترا مربعا من إجمالى الـ 190 مليون هذه، خطوط السكة الحديد والمحطات والورش.
محطة مصر بالإسكندرية بعد اختفاء الأشجار وأحواض نباتات الزينة
صيانة وتجديد ورفع كفاءة محطات القطارات
من ناحيته، وجه المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكك الحديدية، الشركة الوطنية للمقاولات، القائمة بتنفيذ أعمال تطوير وتجديد محطات دمنهور والإسكندرية وبورسعيد والمحلة الكبرى، بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير والتحسين، التي تتم بالمحطات، طبقاً للبرامج الزمنية المحددة، وأوضح "رسلان"، خلال اجتماعه مع مسئولى الشركات المنفذة لأعمال التطوير، أن التكلفة الإجمالية لتطوير 47 محطة، من محطات السكك الحديدية، تبلغ ملياراً و 136 مليون جنيها، وقد تم الانتهاء من تطوير41 محطة، وجاري العمل في باق المحطات، بالإضافة إلى تحسين وصيانة 133 محطة، بتكلفة إجمالية 621 مليون جنيها، كما تم الانتهاء من 84 محطة، وجارى العمل في 49 محطة أخرى، بنسبة تنفيذ بلغت 75% .
وأكد "رسلان" أن هذا يأتي في إطار خطط التطوير، التي تقوم بها الهيئة، خلال هذه المرحلة، والتي تتضمن تطوير البنية الأساسية، من نظم الإشارات والمزلقانات وتجديدات وصيانة السكك، وتطوير المحطات، بالإضافة إلى مشروعات الوحدات المتحركة، من جرارات وعربات، وشدد رئيس الهيئة، على سرعة إزالة أي معوقات، قد تؤثر بالسلب على تقدم الأعمال، بالتنسيق مع المحليات، والتأكيد على مطابقة الأرصفة لأصول السلامة بالبنية الأساسية، وذلك لتقديم خدمات أفضل لجمهور المسافرين.
فى محطة دمنهور اختفت أحواض التشجير وظلت بعض الأشجار
غرس وزرع الأشجار على الأرصفة والمحطات
من ناحيته، تمنى الخبير البيئى، المهندس جمعه طوغان، أن تتيح له وزارة النقل، وهيئة السكك الحديدية، أن تصل مبادرته، بزراعة الأشجار والنخيل إلى محطات القطارات، وعلى أرصفة السكك الحديدية، على مستوى الجمهورية، حيث سيعيد ذلك للمحطات، رونقها وجمالها المفقود، نتيجة التجديد والتطوير، والذى أهمل الجانب الخاص، بإعادة عمليات التشجير مرة أخرى، والحفاظ على الأحواض، التى كانت أرضاً خصبة، لنباتات الزينة والزهور والورود، وأشجار الظل، وهو ما افتقدته هذه المحطات منذ سنوات طويلة.