عمره 54 عاماً.. كوبرى منشاة الحاج العُلوى بإهناسيا بنى سويف مُهدد بالسقوط
الثلاثاء، 16 يوليو 2019 07:00 م
يضع أهالى قرى قبلى مركز إهناسيا المدينة محافظة بنى سويف، والذين يستخدمون كوبرى منشاة الحاج العلوى، على بحر يوسف، أيديهم على قلوبهم خوفا من انهيار الكوبرى، الذى تم بناؤه عام 1965، من ارتفاع حوالى 20 مترا، حيث يخدم الكوبرى، أهالى أكثر من 10 قرى فى الوصول إلى زراعاتهم، والتلاميذ والطلاب إلى مدارسهم والموظفين إلى أعمالهم، ناهيك عن السيارات الملاكى والأجرة والنقل الخفيف والثقيل والجرارات والمقطورات الزراعية، وعلى الرغم من عمليات الصيانة، التى طالت الكوبرى منذ 3 أو 4 سنوات، إلاّ أنها لم تُفلح فى حمايته من التهديد بالسقوط، ويبقى الأمل فى وزير النقل، المهندس كامل الوزير، ومحافظ بنى سويف، المستشار هانى عبد الجابر، لوقف هذه الكارثة قبل وقوعها.
إهمال فى عاصمة مصر القديمة
ويربط الكوبرى بين محافظتى بنى سويف والفيوم، وبين قرى مركز ومدينة إهناسيا، أحد المراكز التابعة لمحافظة بنى سويف، و تقع غرب مدينة بنى سويف نفسها، وكانت عاصمة مصر فى عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة، لمدة تقارب القرنين من الزمان، وبالتحديد فى الفترة من 2242 حتى 2452 قبل الميلاد، وعرفت قديماً باسم أهناس أو أهنيس، وقد اشتُق منها اسم أهناسيا، وأصدرت الداخلية عام 1944، قراراً بإنشاء مركز إهناسيا المدينة، وبعد مرور 21 عاماً، صدر قرار جمهورى بتعديل مسمى المركز إلى إهناسيا، كما يُطلِق عليها البعض، لقب أم الكيمان، لوجود كثبان وتجمعات رملية أثرية "كيمان" بالمدينة، وتبلغ مساحة المنطقة الأثرية بأهناسيا 390 فداناً، وبها بقايا معبد الملك رمسيس الثانى، وتمثالين للملك مصنوعين من الكوارتز، ومع كل هذه المناقب التى يزخر بها المركز، إلاّ أنه لم يشفع له، فى الاهتمام بأحد المرافق الحيوية، وهو الكوبرى، فى أن ينال اهتمام المحافظ أو وزارة النقل، وهو كوبرى حيوى، يمثّل نقطة ربط بين القرى وبعضها البعض، طوال هذه السنوات التى تتجاوز الـ 50 عاماً، وفى السنوات الأخيرة بدت على الكوبرى علامات الشيخوخة، فضلاً عن الإهمال الشديد، الذى أصابه، حتى وصل الأمر مؤخراً، إلى أن تحركت عجلاته من القمرات، التى تحمل الكوبرى، وهو ما ينذر بوقوع كارثة، قد يذهب ضحيتها العشرات، من أهالى هذه القرى أو غيرها، خاصة أن الكوبرى تآكلت مداخله تجاه قريتى منهرة ووش الباب، ومنشاة الحاج، وعبد الصمد، وسرق اللصوص الكثير من الحواجز الحديدية، التى تحمى المارة والسيارات من السقوط فى مياه البحر.
محافظ بنى سويف المستشار هانى عبد الجابر
إزالة لافتة حمولة الكوبرى
ومن مظاهر الإهمال فى حق الكوبرى أيضا، أن حمولته منذ إنشائه فى الستينيات كانت 30 طناً فقط، وكان فى بداية مدخل الكوبرى "يافطة" أو "لافتة" (لوحة معدنية)، تجاه مستشفى شاطر زاده وحجز مياه الرى، تحمل تحذيراً للسيارات، التى تتجاوز هذه الحمولة، وما زالت هذه اللوحة موجودة حتى الآن، رغم طمس أرقامها، والإهمال فى تجديدها وتحديثها.
وفى بداية إنشاء الكوبرى، وبعده بـ 10 إلى 15 عاماً، كان هناك التزام بحمولته، قبل أن تظهر الشاحنات وسيارات النقل الثقيل و"التريلات"العملاقة، ومعدات الحفر والتنقيب عن البترول، ومعدات استصلاح الأراضى والمناجم والمحاجر الحديثة، التى أصبحت ــ وفى غفلة من المسئولين ــ تمر على الكوبرى حالياً بحمولة تزيد على 200 طن، ناهيك عن المعدات الثقيلة من لوادر وكراكات ومصفحات ومجنزرات، وهو ما عجل بفصل جسد الكوبرى عن الطرق المؤدية إليه، بل إنّ جسد الكوبرى نفسه، حدثت به الشروخ الكبيرة، من ناحية مدخل قرية منهرة ومنشاة الحاج وهو ما يهدد بسقوطه.
رصد 30 ألف جنيه لصيانة الكوبرى
الأهالى من جانبهم، تقدموا بأكثر من شكوى وعلى مدار السنوات الماضية، للتحذير من الإهمال الذى أصاب الكوبرى، وطالبوا بسرعة صيانته وترميمه حتى لا تقع الكارثة، كما أخبرنا بذلك المحاسب نادى محمود سالم، من منشاة الحاج، والذى أضاف أننا تقدمنا بعشرات الشكاوى للمسئولين، بمجلس مدينة إهناسيا ولمديرية الطرق، ثم شكاوى أخرى لمحافظ بنى سويف، وسمعنا أن الكوبرى مخُصص له مبلغ يزيد على 30 ألف جنيه، ومع ذلك ما زال الإهمال هو سيد الموقف، ويبدو أن المسئولين ببنى سويف لن يتحركوا حتى تقع الكارثة، ويأتوا للمشاركة فى تقديم واجب العزاء فى الضحايا وصرف التعويضات لذويهم.
محمد صلاح ميهوب، بمحكمة أهناسيا المدينة، ومن أهالى منشاة الحاج، يتعجب من استمرار الإهمال فى حق أهالى القرى، الذين يستخدمون الكوبرى ليلاً ونهاراً، ويحذر من أنه لو سقط الكوبرى، فسوف تكون أم الكوارث، لأنه حلقة الوصل بين قرى قبلى إهناسيا والمدينة والمحافظة، ولا يوجد غيره طريقا يربط بين الأهالى ومصالحهم، سواء كانوا طلابا أو موظفين أو مزارعين، وطالب بسرعة الاهتمام به من جانب المحافظة، وهيئة الطرق والكبارى.
مشروعات التنمية
وأشارت صفاء محمد عبد الحليم، من أهالى القرية، إلى أن الإهمال يضرب الكوبرى، من بداية مداخله ناحية الحجز "بوش الباب"، وحتى نهايته فى منشأة الحاج، حيث اعتدت المنازل والمحلات والسوبر ماركت والورش على حرم الكوبرى، والطرق الموصلة إليه، إلى جانب الإهمال فى الصيانة، وعدم وجود دوريات، كما كان فى الماضى، تمنع الشاحنات الثقيلة من المرور على الكوبرى.
حيث كان فى السبعينيات، وأوائل الثمانينات، يقف على الكوبرى دورية، طوال 24 ساعة، لحمايته من سرقة اللصوص للحديد، وفى نفس الوقت لمنع السيارات، التى تزيد حمولتها عن حمولة الكوبرى، من المرور فوقه، وأضافت "صفاء محمد" أنّ الكوبرى يخدم أهالى عشرات القرى، وأكثر من 100 ألف نسمة، من إهناسيا وخارجها، وربط 3 محافظات ببعضها، وهى الفيوم والمنيا وبنى سويف، وتقريب المسافات، وتوفير الوقت والجهد والأموال، منذ إنشائه عام 1965، ضمن خطط الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فى التنمية للنهوض بالريف المصرى، ووضع البنية الأساسية من طرق ومواصلات وكبارى، ووحدات صحية ومدارس وكهرباء، وصرف صحى وغيرها لربط الريف بمميزات وخدمات وإمكانيات الحضر.
نصيب الأسد من الخدمات الريفية
وقد أوقعت الدراسات والبحوث والتخطط الحكومى وقتها قريتى منشاة الحاج ومنهرة بمركز إهناسيا المدينة محافظة بنى سويف فى بؤرة التنمية الريفية وحصلت القريتان على ما يعتبر نصيب الأسد من الخدمات الريفية فى هذا الوقت المبكر من عمر ثورة يوليو عام 1952 وفازت، كما تقول صفاء محمد عبد الحليم، ببناء عدد من المدارس الابتدائية، والوحدات الصحية وخط للسكة الحديد، كان يصل من مدينة بنى سويف إلى قرية منشاة عبد الصمد، والتى لا يفصلها عن القريتين سوى 500 متراً تقريبا، مرورا بالمركز فى إهناسيا المدينة لخدمة أكثر من 10 قرى، غير أن هذا الخط الحديدى، هو الآخر، تم إلغائه من بنى سويف، وحتى قرية اللاهون بالفيوم، كما تم إلغاء خط بنى سويف منشاة عبد الصمد.
كوبرى منشاة الحاج الهلوى بإهناسيا بنى سويف
وأضاف سمير عبد العزيز من أهالى منهرة، أنه كان من ضمن ما حصلت عليه القريتان، أيضا خطة لإنشاء هذا الكوبرى العلوى على بحر يوسف، والذى يربط القريتين منهرة ومنشاة الحاج، علاوة على الهدف الاستراتيجى والتنموى الأسمى، من إنشاء الكوبرى وقتها فى الستينيات، والذى كان يتمثل فى النظرة المستقبلية لأكبر من ذلك بكثير، مثل ربط الفيوم ببنى سويف وربط شرق بحر يوسف بغربه، بما يشمله ويمثله هذا الربط، من نقل تلاميذ وطلاب المدارس والموظفين، والحاصلات والمنتجات الزراعية، واحتياجات الزراعة من أسمدة طبيعية وكيماوية وماكينات رى وجرارات زراعية وغيرها، بعد أن كانت عملية الربط والتنقل بين شرق إهناسيا وغربها من المستحيلات، بل ربما تشبه رحلات الموت، نتيجة استخدام قوارب صغيرة لا تكاد تحمل إلاّ القليل من الأشخاص، وكمية لا وزن لها من الاحتياجات المنزلية، من أكل وشرب وملابس، ناهيك عن تعرّض هذه القوارب للانقلاب من وقت لآخر، فى عرض البحر، وبما تحمله فى أى وقت، خلال رحلتها من شاطىء منهرة إلى منشاة الحاج أو العكس، ثم استُبدلت القوارب بعد ذلك، وفى مرحلة أخرى بما كان يسميه الآباء والأجداد بـ (الصندل) وهو ما يُعرف بالمعديات حاليا.
قبل أن تعود أيام "الصندل" من جديد
وكان (الصندل) أكثر أمنا، كما يقول رجب سعيد سعداوى، مزارع من قرية منهرة، إلاّ أنه كان يحتاج إلى مجهود كبير، من حوالى 10 رجال، لسحب حبل أو جنزير يحرك "الصندل" أو المعدية، عند الشروع فى تحريكه من شاطئ لآخر، وخلال رحلة إبحاره، بما يحمله من أهالى القرى ومتطلبات الأسرة والتقاوى والبذور والسماد والسبخ البلدى (السماد الطبيعى) والركش.
وكان يتم نقل الجرارت الزراعية أيضا فى هذا الصندل، حتى جاء الفرج من عند الله – على حد قول الحاج حنفى محمود سعداوى – الذى أضاف قائلا: بدأنا نشاهد سيارات نقل كبيرة، تحمل زلطا ورمالا وحديدا وأسمنتا ومعدات ثقيلة فى الستينات، وكُنّا قبلها بشهور نسمع أن الرئيس جمال عبد الناصر، سيبنى لنا كوبرى لحل مشاكل هذه القرى والمراكز، وفعلا تحول الحلم إلى حقيقة عندما بدأنا نشاهد وقتها فى الستينيات معدات كبيرة وهائلة، تحمل الحديد والأسمنت والعمال والمهندسين، تتبع شركة مختار إبراهيم، وتم بناء الكوبرى، الذى أصابه الإهمال خلال مرور 54 عاماً، ويهدد بكارثة، وإذا لم تتم صيانته فى أسرع وقت، فسوف نعود إلى أيام القوارب والصنادل والمعديات، وهو ما يعنى أننا سنعود إلى الستينيات من جديد، وتابع الحاج حنفى سعداوى، أنه تم إجراء صيانة للكوبرى، منذ 3 سنوات تقريباً، ولكنها صيانة غير كافية، حيث بدأت عجلات الكوبرى، فى التحرك من جديد من مكانها، وهو مايهدد بسقوطه، ولذلك على مجلس مدينة إهناسيا ومحافظ بنى سويف ووزارة النقل، ممثلة فى هيئة الطرق والكبارى، تدارك هذا الأمر، قبل أن تقع الكارثة ويسقط الكوبرى.