«جهاز المدينة حول حلمهم إلى كابوس».. هل تنتهي الأجواء المظلمة التي عاشها حاجزو دار مصر لسنوات؟
الإثنين، 15 يوليو 2019 06:00 م
- تأخر تسليم الوحدات خلق أزمات لآلاف الحاجزين
- سوء التشطيبات وانهيار المرافق يدفعا السكان للانتفاض
- بلطجة المقاولون وغياب الأمن يحركا المياه الراكدة
- بعد عشرات الوعود الزائفة من المسؤولين.. هل يتحقق الوعد الأخير؟
- أزمة ثقة بين المسؤولين والحاجزين تدفع لتشكيل اتحاد شاغلين
"بمجرد أن وصل إلى موعد انتهاء أعماله الشاقة، أسرع الرجل إلى سيارته متلهفًا العودة إلى مسكنه الآمن، غرضًا في قضاء أمتع الأوقات مع أسرته بالمدينة الفارهة ذات الطراز الحديث التي اشترى بها منزله مؤخرًا، ولم تمر سوى بضع دقائق حتى وصل إلى مقصده، فأبطأ من سرعة القيادة حتى يمكن رجال الأمن من تفحصه، وما أن سمحوا له بالمرور من البوابات الإلكترونية، لم يقدر الرجل على زيادة السرعة مجددًا، رغم كون الطرق ممهدة جيدًا ولا يشوبها أي خطأ إنشائي، إلا أن المظاهر الخلابة قد اجتذبته للتمعن بها بحرص، فسلط عينيه اللتان ظهر عليهما بريق الإعجاب ناحية المساحات الخضراء المنتشرة على جانبي المدينة والزهور الملونة اللامعة اللون المنتشرة في كافة الأرجاء، والمنشآت ذات الطراز العالمي الحديث، وحتى بعد وصوله إلى منزله واسترخاءه على أريكته، لم تنتهي فترة الإعجاب بالنسبة إليه، فظل متأملًا لكافة أرجاء المنزل المصمم ببراعة متناهية تضاهي مواصفات الإنشاء العالمية، وعلى وجهه ابتسامه دالة على الرضا لفوزه بهذا المنزل وقراره شراءه".. هكذا كان الحلم الذي راود الحاجزين بالمرحلة الأولى لمشروع دار مصر بمدينة السادس من أكتوبر عام 2014، إيمانًا بأنهم سيعيشون في مسكن بمواصفات لم يسبق لها مثيل وفقًا للمعايير الموضوعة بكراسة الشروط والمواصفات عند طرح المرحلة للبيع لأصحاب الدخل المتوسط، إلا أنهم استيقظوا على كابوس لا ينتهي أبدًا.
"تسهيلات في الدفع والتقسيط، وحدات سكنية بأعلى مستوى وأفضل مواصفات، حرية اختيار نماذج تشطيب الوحدة السكنية، مساحات خضراء منتشرة بكافة الأنحاء، مرائب سيارات لجميع الحاجزين، مراكز خدمية متنوعة، منشآت تجارية ومراكز تسويق متخصصة، خدمات صيانة فورية لجميع الوحدات السكنية، مرافق منفذة على أعلى مستوى، خدمات أمنية لا مثيل لها، متابعات مستمرة لتنفيذ الأعمال، والتسليم خلال بضعة شهور كحد أقصى".. هكذا كانت أبرز الوعود التي وضعت بكراسة الشروط والمواصفات التي طرحتها وزارة الإسكان من خلال بنك التعمير والإسكان، وأيضًا كانت وعود المسؤولين في جهاز تنمية مدينة 6 أكتوبر، إلا أن جميع هذه الوعود كانت واهية وزائفة.
تباطؤ في تنفيذ الأعمال وتأخر في تسليم الوحدات للحاجزين
الوعد الأول تضمن تسليم المرحلة الأولى كاملة بحلول شهر أكتوبر عام 2015، إلا أنه حتى الأن ومع مرور ما يقرب من 4 سنوات لم يتسلم جميع الحاجزون بالمرحلة الأولى وحداتهم كاملة، ورغم تسليم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أغلب العمارات والوحدات التي تشرف عليها لجهاز المدينة إلا أن مسؤولي الجهاز لم يسلموا لأغلب الحاجزين بسبب تباطؤ تنفيذ أعمال المرافق الخاصة بالوحدات المكتملة والتي ينفذها أحد مقاولي القطاع الخاص بإشراف جهاز تنمية مدينة حدائق أكتوبر.
الحاجزين غير المستلمين وحداتهم طالبوا مرارًا بسرعة التنفيذ والتسليم، مؤكدين أن التأخر تسبب لهم في مشكلات شخصية، إلا أن الجهاز منحهم الكثير من الوعود بشأن توقيت التسليم، ولم يتم تنفيذ أي منها.
يقول أحمد عز، أحد الحاجزين، أنه لم يتسلم وحدته سوى من شهرين فقط، موضحًا أن هذا تسبب في مشاكل شخصية جمةً، نظرًا لأنه كان يستعد للزواج في الوحدة وفقًا للوعود السابقة، ولكن التأخير لسنوات اضطره لتأجير وحدة أخرى ليتزوج بها، ما عاد عليه بإنفاق أموال طائلة.
خلل إداري وتغيير مستمر للمسؤولين في الجهاز
أيضًا من أبرز المشاكل التي لاحقت الحاجزين، كان تغير المسؤولية بعد ذهاب مسؤولية المشروع لجهاز تنمية مدينة حدائق أكتوبر بعد أن انقسم الجهاز المسؤول عن مدينة أكتوبر إلى 3 أجهزة، وكذلك تنحي بعض المسؤولين عن المشروع وتغيير رئيس الجهاز المشرف على المشروع ووكيله مرتين، فكل هذا جعل الحاجزين في حيرة عن تحديد تبعية المشروع لفترة كبيرة، وتسبب في عدم معرفة طريقة التواصل ومخاطبة المسؤول عن المشروع في حال حدوث مشاكل.
تشطيب سيء ومساحات منقوصة
اشتكى عدد كبير من الحاجزين عبر مجموعات التواصل الاجتماعي، من سوء تشطيب الوحدات السكنية، ونشروا صورًا تفيد بالتلفيات في بعض الوحدات، مؤكدين تخاذل المقاولون في أعمال التشطيبات وإهمالهم، فضلًا عن شكاوى أخرى بأن المساحات الفعلية للوحدات غير مطابقة للمساحات المتعاقد عليها.
وتؤكد ياسمين محمد، أحد الملاك، أنها حتى الأن لم تستلم وحدتها السكنية رغم حلول موعد الاستلام الخاص بهذه العمارة منذ شهور، وذلك رجوعًا لملاحظتها سوء التشطيب، وتحرير عشرات الملاحظات ولكنها لم تنجز حتى الأن.
أزمات الخدمات تلاحق السكان
الشاغلين من الذين استلموا وحداتهم يعانون كثيرًا قلة الخدمات في المشروع سواء من الناحية التجارية أو الترفيهية وكذلك الأمنية، وعلى رأس هذه المشكلات انتشار الكلاب الضالة، ما يسبب إزعاج للسكان، وكذلك انتشار الحشرات، وعدم وجود أسواق خدمية لسد حاجات السكان، ما يضطرهم للاستعانة بأسواق خارجية بمدن مجاورة، ورغم مرور 4 سنوات لم يقم الجهاز بطرح الأراضي المخصصة للنوادي والمدارس من أجل خدمة السكان.
واجهات سيئة ومساحات خضراء غير جيدة وسكان مظلمون بالمرائب
شكاوي السكان عبر مجموعات التواصل الاجتماعي، لا تقتصر فقط على الأزمات السابقة، بل كان هناك للمظهر العام الخارجي للمشروع نصيب، فأكد العديد من السكان، أن الواجهة الأمامية للمشروع فقط هي التي تتضمن أعمال زراعة جيدة بينما الداخل أعماله سيئة، فضلًا عن وجود مشاكل في مظهر واجهات بعض العمارات، وأيضًا عدم توافر مرائب سيارات لبعض العمارات.
انهيار المرافق وبلطجة المقاولون وغياب الأمن
ما زاد الطين بلةً لدى السكان والحاجزين في الفترة الأخيرة، كان استيقاظهم على نبأ غرق المدينة بالكامل بسبب انفجار مرافق المياه بالمشروع، وهو ما أثار غضبهم ودفعهم لزيارة المشروع بغرض الوقوف على الأمر، إلا أنهم فوجئوا بتهديدات من المقاول المسؤول عن المرافق بمرأي ومسمع من المسؤولون، ودفع الغفراء للتعدي على السكان والشروع في قتلهم، كل هذا وسط غياب أفراد الأمن التابعين لشركة مكلفة بواسطة جهاز المدينة.
ونشر عدد من الحاجزين والسكان، مقاطع فيديو تظهر لحظات غرق المدينة وتعدي المقاول عليهم باستخدام عربة تشغيل.
احتجاج السكان وتحرك المسؤولين أخيرًا
الأزمات المتلاحقة دفعت السكان للاحتجاج والشكوى لعدد من المسؤولين بوزارة الإسكان ما ترتب عليه، اجتماع رئيس الجهاز الجديد المهندس أشرف فتحي مع السكان، وقراره باستبعاد كافة المقصرين والمتواطئين لوصول هذه الأزمات إلى هذا الحد من متابعة المشروع، وتشكيل لجان لمراجعة جميع الأعمال والتحقق من مطابقة المواصفات لأعمال المرافق، واستبعاد الشركة المنفذة وإيقاف المقاول صاحب واقعة التعدي ومنعه من دخول المشروع.
من جانبه شدد المهندس كمال بهجت نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عقب قيامه بجولة داخل المشروع، على ضرورة متابعة المشروع والتخلص من جميع المشكلات مثل إصلاح أعمال الزراعة والرصف والواجهات وإتمام أعمال الإنارة والملاعب وإتمام الأسواء الخلفية والبوابة الثالثة وتركيب بوابات إلكترونية.
أزمة ثقة لدى الحاجزين وتكوين اتحاد شاغلين
رغم القرارات الأخيرة التي اتخذها الجهاز، إلا أن هناك أزمة ثقة لدى الشاغلين والحاجزين، ما دفعهم للدعوة لعقد جمعية عمومية وإجراء انتخابات لتكوين اتحاد شاغلين لمراقبة الأعمال ومتابعة سير العمل.
وتقول منال حنفي، إحدى الملاك، أنها لا تشعر بالثقة من الجهاز، مؤكدة أن تحركهم جاء بعد 4 سنوات وبعد وصول المشاكل إلى حد لا يمكن السكوت عنه.
وتطالب، الاتحاد المنتظر بمراقبة ومتابعة أعمال الجهاز جيدًا، والتأكد من تنفيذ كافة القرارات.